أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضا لاغة - فقدان الاتجاه أم واقع سياسي جديد في تونس؟














المزيد.....

فقدان الاتجاه أم واقع سياسي جديد في تونس؟


رضا لاغة

الحوار المتمدن-العدد: 4984 - 2015 / 11 / 13 - 14:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


التاريخ متقلب ، ليس فيه استقرار ، يحكمه ضجيج اللاتوازن ، و اللاتماثل ، تمتزج فيه حروب سرّية و علنيّة ، وهو موضوع صفقات و مؤامرات لتمكين الغزاة أحيانا أو معاقبتهم و طردهم أحيانا أخرى . في الوضعية الأولى نحن نتحدث عن تاريخ المنهزمين ، تاريخ خبيث يحمل مطالب التدجين كإطار مرجعي يخترق استقلالية القرار الوطني من أقصاه إلى أقصاه . و في الوضعية الثانية نحن نتحدث عن تاريخ المنتصرين ، تاريخ حافل بالبطولة . فمن أي نقطة سنبدأ ضمن العناصر المشكّلة للمرحلة الانتقالية التي تشهدها تونس؟
نتابع الأحداث و ننظر إلى التحوّل الصريح الذي عمدت فيه قوى غامضة إلى تسريب نوع من التدجين الذي يحرق شعار استقلالية القرار الوطني و هتك وهجه و بريقه و لمعانه مقابل تقوية النفوذ الخارجي .
إن الافتتان بسحرية الفاعل الخارجي كضامن للسلطة يمتدّ و ينتشر بشكل يضيّع مجد تاريخ الأسلاف . إنها لحظة معطوبة صمّمت لنا تاريخا شاحبا كوريث لسلالة متفسّخة متذمّرة من وطن مستقل.
يخلع النداء حقيقته المخبّأة و المشتقّة من انسيابية الدور الخارجي الذي يشكّل مرجعية الحكم ، و بقابلية مزودة بصدمة الانقسام يتحوّل كيري وزير الخارجية الأمريكي إلى تونس ليلتقي السيد الطيب البكوش وزير خارجية تونس للإشراف على أشغال الدورة الثانية للحوار الإستراتيجي التونسي الأمريكي تفعيلا لاتفاقية الشريك غير العضوي لتونس في حلف الناتو و تمهيدا لتنسيق لوجستي مهذّب لتركيز قاعدة عسكرية أمريكية في مثلّث الجنوب الشرقي الذي يربط بين ليبيا و الجزائر و تونس.
إن هذه الخطوة تنسج بكلمات طاهرة و نقيّة من قبيل الدفاع عن التجربة الديمقراطية التونسية من الخطر الداعشي . و هكذا يستكمل التدخل الخارجي توظيف و تشغيل البعد ألاستخباراتي الذي يقترب من فكرة أنطونيو نيغري و مايكل هاردت حين قالا:" تتجسّد الإمبراطورية أمام أعيننا " . هذه الحقيقة الجديدة أصبح يتغنّى بها كل من تحطّمت شجاعته و نزل إلى جحيم الاستعباد ليظهر بمظهر المحنّك الذي يدرأ الشعب من المخاطر الكامنة في منازلة الإمبراطورية . إن التهلّيل بهذه الحقيقة يتنزّل بوصفه " حقيقة إغلاق القنوات المؤسساتية التي تمكّن المواطن من التأثير أو التصدّي لمنطق رأسمال بارد قائم على الربح" .
ورغم ذلك فإن هذا المنحى أصبح بمرور الزمن سببا في جعل الأحزاب الحاكمة أنحف و أكثر فقرا في مستوى جماهيريتها بشكل مادي ملموس . فحزب النداء خسر ثراءه و غناه.
و لا تعود المشكلة في نحاجه في رأب الصدع من عدمه بل في افتضاح فكرة التتابع المنتظم للخلاف بداخله و هو ما ينشأ الخوف لدى الشعب من المستقبل فيفقده اليقين بطبيعة الدور الذي يمكن أن يلعبه في مجابهة الاستحقاقات الاجتماعية و الوصول إلى توازن اقتصادي جديد و مثمر. و ما زالت كذلك حركة النهضة كحزب حاكم فرضية مستنفذة و غير ذات جدوى رغم صلابتها التنظيمية . من الواضح تماما أن المدخل الشكلي ( غير الوظيفي ) لفكرة التشاركية هو ما يبقي لحركة النهضة دورا مرتقبا في الحياة السياسية . بمعنى أن الترابطات السياسية تستبعد إنهاء دور حركة النهضة و لكن مع حسم مبدئي لفكرة أنه لا ينبغي لتجربة الترويكا أن تعاد. من هنا نفهم لماذا تهمل حركة النهضة حقيقة انقسام النداء كمدخل لإزاحته من الحكم. نخطئ إذا كنا نظن أن انقسام النداء ليس أمرا مبهجا للنهضة و لكننا نظل جاهلين بمقتضيات المتغيّر السياسي إن راودنا اعتقاد بأن حركة النهضة ستحاول العثور على اتجاهات ضائعة للحكم من جديد.
إن انقسام النداء ذو قيمة عظيمة و لكن تفشل حركة النهضة لو وضعته في سياق أنه منطلق للحكم من جديد بالمنوال القديم ( الترويكا ). هي تقول لا نفع من إسقاط حكومة السيد الحبيب الصيد كتفسير سببي لعلاقتها بهدف الحكم و لكن هذا التصريح فيه ترشيد لسلوك يجب أن يتّخذ و يتضمّن حكما بخصوص حكومة السيد الحبيب الصيد و الذي أعتقد أنه ينطوي على قرار لم يتّخذ بعض مضمونه تخريب الحكومة قصد إسقاطها من مداخل مغايرة تنطوي على تناقض داخلي لما صرّح به رئيس الحركة . كالتصعيد في قضية جامع سيدي اللخمي أو تسريب موقف تصعيدي لعناصرها في الإتحاد في ما يخص الإضراب حول القطاع الخاص. إن إسقاط الحكومة يصبح مسألة ضرورية خاصة في حال وجدت تسوية داخل أجنحة النداء . لأن ذلك يتناسب مع هدف حقيقي مفاده تآكل مكانة رئيس الجمهورية بوصفه مؤسسا للحزب و بالتالي رهن النداء أبديا للانقسام و بالتالي انعدام وجود حالة مثلى له.
هنا ينكشف جانب آخر من المشكلة يتعلّق بالمعنى الوظيفي لحوار يحقّق مقدارا من الاستقرار و لكنه يشتقّ من معطيين:
ــ معطى أول يطلّ على شخصية عمليّة ناجعة أرجّح أن تغازل السيد المهدي جمعة . و بهذا نفهم لماذا استبعد من حفل رئاسة الجمهورية لنيل الرباعي الراعي للحوار جائزة السلام. وهو نكز بالمعنى الافتراضي فيه توجّس و خشية من قبل رئيس الجمهورية لشخصية منافسة له في القادم من الأيام.
ــ معطى ثان يستوعب تفريعين من المعارضة و ليس كل المعارضة . بمعنى استدعاء الفصيل السياسي المحدد داخل الجبهة الشعبية و الفصيل السياسي المحدد للأحزاب الديمقراطية . إن هذه التوليفة هي التي ستتحكم في توجّهات حركة النهضة . وهو توجّه يهدف إلى تلافي شبهة العمالة التي أضحت صريحة في خيارات النداء عبر استيعاب نسختين أصليتين من المعارضة . و ليس مستبعدا أن تتحقّق هذه التوليفة آنيّا بشراكة فعلية للرباعي الراعي للحوار أو بعديا ( إثر مؤتمر الاتحاد العام التونسي للشغل ) لتموقع حيوي مرتقب في سلطة القرار.
و إذا ما عدنا بعد هذا إلى مناقشة مشروع استقلالية القرار الوطني الذي يتّخذ نقطة انطلاق هكذا حوار، سيصبح واضحا أن الصعوبة الأصلية تكمن في مدى قدرة الأحزاب الوازنة في الرجوع إلى سلطة قرار مستقلة عن التدخل الخارجي أو على الأقل في تقليص نفوذها .



#رضا_لاغة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تونس ما بعد أزمة النداء
- أحزاب تونسية مفخّمة و مفتولة العضلات، تهوي و تنال دفنا جميلا
- النهضة و النداء يضعان أقدامهما في مرحلة ما بعد التاريخ
- في أروقة النداء: تهجير اليسار أم قصف الحكومة؟
- هل نتجه إلى فراغ سياسي في تونس؟
- مصالحة أم مضاجعة لثورة الكرامة في تونس؟
- تمثلات نقابية و سياسية رابضة في قلب الهوية
- أي مستقبل نريد؟
- اليمن و الكذب المقصود
- و انتصرنا
- يا ناصريين... ثمة شيء إسمه اليمن...
- اليمن و تجاذب القوى في الداخل و الخارج
- هايدغر و الإنتقال من الميتافيزيقا إلى فلسفة الوجود
- آل سعود و النازية الجديدة
- الدولة الوطنية و المصالحة القومية
- العمل النقابي و سلطة الوساطة: قوة كلمة أم قوة نضال؟
- العمل النقابي و التحزب: تسامح أم تنافس؟
- القوى الناصرية : مستلزمات البناء و مهام عاجلة
- حرب اليمن و الغموض الإستراتيجي
- التقاطعية و جسر الهويّات


المزيد.....




- الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج ...
- روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب ...
- للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي ...
- ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك ...
- السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
- موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
- هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب ...
- سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو ...
- إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضا لاغة - فقدان الاتجاه أم واقع سياسي جديد في تونس؟