أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح زنكنه - واقعة الراعي سعيد ... قصة قصيرة














المزيد.....

واقعة الراعي سعيد ... قصة قصيرة


صلاح زنكنه

الحوار المتمدن-العدد: 4984 - 2015 / 11 / 13 - 02:39
المحور: الادب والفن
    


في هدأة الليل حين راحت الصراصير تصفر والضفادع تنق والكلاب تنبح والناس تغط في النوم تناهى الى سمعه أصوات غريبة هي خليط من الموسيقى والأهازيج والزغاريد والدبكات , ثمة طبل ومزمار يصدران انغاما وايقاعات راقصة وصاخبة ومبهجة , وحين اخذ يصغي بتروِ أكثر راح بالكاد يسمع صوتا ينادي بأسمه .....
سعيد س ... ع ... ي ... د
نهض سعيد من فراشه وهو منتشي بالموسيقى الرائعة وراح يرنو من فوق سطوح البيوتات الطينية , فلاحت له في الأفق البعيد البعيد أضواء ساطعة تبهر البصر, ترك سريره ونزل الى حوش الدار وأنتعل حذاءه وسار متجها صوب الأضواء والموسيقى مجتازا الحقول الخضر .
كان يمشي مختالا مسحورا وهو يقترب شيئا فشيئا من تلك الانوار التي لمحها من فوق سطح داره وصوت الطبل والمزمار يطربه ويغريه بالرقص حد الاغماء .
وما ان وصل الى هناك حتى عقدت الدهشة لسانه وهو يردد مع نفسه مرتبكا متلعثما ....
هؤلاء هم الجان الاشرار والجنيات اللواتي يخطفن الرجال والصبيان حاول ان يهرب لكنهم سرعان ما احاطوه ...
- كيف حالك يا سعيد ؟
- ما الذي جاء بك الى هنا يا سعيد ؟
فرح لانهم يعرفونه وينادونه باسمه , وسرعان ما تبدد فرحه حين خاطبه جني مقطب الجبين :
_ ان من يتجاسر ويقتحم عالمنا لابد ان يموت .
تسأل سعيد بهلع :
_ لماذا ؟
_ لأنك أنسان .
تدخلت أحدى الجنيات وقالت دونما تمهيد :
_ لنأخذه لأمنا الكبيرة .
وأردفت :
_ هيا يا سعيد نذهب الى أمنا الكبيرة وأرضع من ثديها علها تعفو عنك .
بيد ان سعيد كان خائفا مرتعبا لا يقوى على الحراك .
_ هيا يا سعيد لا تخف , أنا مندوز اسمي مندوز .
اطمأن سعيد لمندوز هذه التي تشبه امرأة في ذاكرته , قادته الى الأم الكبيرة تلك الجنية
العملاقة ذات النهدين الهائلين فارشة فخذيها الكبيرين على الأرض قرب قدر ضخم على
نار مستعرة يفوح برائحة الحنطة المطبوخة .
ارتمى سعيد في حضن الجنية ولثم نهدها . فمست رأسه بحنو , حينذاك صاح الجن بصوت واحد :
_ هيه , لقد صار سعيد جنيا مثلنا .
اطعموه من قدر الأم وسقوه شرابا لذيذا منعشا , وشاركوه الغناء والرقص على ايقاع الطبل والمزمار , وخيروه الزواج من أحدى الجنيات الجميلات , فأختار دون تردد مندوز الفاتنة التي انقذته واحتفت به .
نادوا على الحكيم ليبارك زواجه , دهش سعيد حين رأى ( خلفون ) المجنون ابن قريته وهو يرتدي ثيابا نظيفة جديدة , وينطق بالحكمة والشعر ويتحدث بهدوء وعمق عن الحياة والحب والحرية ويبارك زواجه الميمون .
****************
مع اشراقة الشمس الاولى , أيقظ أبو سعيد سعيدا ابنه ليرعى الغنم , لكنه أبى ان يغادر فراشه مادام هذا النهار نهار زواجه الاول .
اعتبر الأب غمغمة ابنه نوع من المزاح والتهكم .
_ استيقظ يا سعيد أي زواج ملعون تتحدث عنه وأغنام الناس بأنتظارك , هيا يا ولدي .
جفل سعيد وأخذ ينظر فيما حوله وهو يردد ( ألعن ابو الناس )
لم يرى سوى وجه أبيه المتغضن , وفراشه خال الا منه , فصاح كالمصعوق :
_ أين مندوز ؟ أين زوجتي مندوز ؟
ضجت القرية بثغاء الأغنام .. باع .. باع .. باع , وكأنها تنادي راعيها لينطلق بها الى المراعي
طفر من فراشه كالملسوع وهو يعتقد تماما ان خلفون وحده يعرف أين هي مندوز , وانطلق يعدو بين الخرائب والاكواخ , والناس تصيح خلفه ....
( الغنم يا سعيد ) باحثا عن خلفون حتى وجده في احدى الزرائب بثوب ممزق بال يكشف عن جسد ضامر يحوم حوله الذباب وبيده كسرة خبز يابسة يقضمها بين حين وآخر .
_ أيها الحكيم خلفون , بالله عليك أين زوجتي مندوز ؟
_ مندوز القحبة ...
_ لا تقل هذا عن عروسي يا خلفون , أنت رجل حكيم .
راح خلفون ينط كالأرنب ويترنم .... أنا حكيم أنا سليم .. أنا خلفون المجنون .
هاج سعيد ولم يعد يتمالك أعصابه وأخذ بخناق خلفون , صارخا به :
_ قل لي يا خلفون أين هي مندوز والا قتلتك ؟
_ مندوز خطفها سلطان .
وأشار نحو الشيخ سلطان الذي كان واقفا مع أهل القرية وهم يتعوذون من الشيطان الرجيم ويرددون بأسى :
_ لقد جن سعيد , لقد جن سعيد .
حدق سعيد في الوجوه الواجمة , وصاح بسرور غامر :
_ هي ذي مندوز .......
لكن أهل القرية أعترضوه قائلين :
_ هذه مريم يا سعيد , مريم زوجة الشيخ سلطان .....
ولم يعد الشيخ سلطان يسمع شيئا مما يسرده سعيد الراعي , فقد بدا الفأر يلعب في عبه , وفار الدم في عروقه وهو على يقين تام ان زوجته الخامسة مريم لم تكن في بيت أبيها ليلة أمس كما أدعت , أنتبه على صوت سعيد يتوسل أهل القرية .. أسألوها .. أسألوها .
لم يدع الشيخ سلطان أحدا ليسألها , اذ أنه في تلك اللحظة القاتمة اخرج مسدسه وافرغ في رأس كل منهما رصاصة واحدة فقط .
1985



#صلاح_زنكنه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نساء في الذاكرة
- زلزال 2003
- في الشأن الثقافي
- شجون الثقافة والمثقفين ...
- الصلاة بوصفه ايمانا زائفا
- مواجع عراقية .... 3 أقاصيص
- حين يبكي الأطفال تتهاوى الطائرات ... أقصوصة
- استدراكات ... 3 أقاصيص
- اغترابات ... أقصوصتان
- تحولات ... 3 أقاصيص
- ميتات عراقية ... أقصوصتان
- 3 أقاصيص
- أقصوصتان
- الرماة العشرة ... قصة قصيرة
- رؤوس أقلام في ثنايا الاسلام
- مكيدة ... قصة قصيرة
- سلام النايترون ... قصة قصيرة
- سيناريو الأغتصاب .... قصة قصيرة
- لماذا جاءوا بك الى هنا ؟ قصة قصيرة
- الوهم ... قصة قصيرة


المزيد.....




- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح زنكنه - واقعة الراعي سعيد ... قصة قصيرة