محمود جديد
الحوار المتمدن-العدد: 4983 - 2015 / 11 / 12 - 16:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الشروط التعجيزية عدوّة الحلّ السياسي
محمود جديد
إنّ اعتماد النظام المستبد مقولة تأجيل الحل السياسي حتى دحر الإرهاب هي بحد ذاتها شرط مسبق ، وذريعة للتهرّب من استحقاقات الدخول في مرحلة انتقالية تؤمّن مشاركة حقيقية في عملية التغيير الوطني الديمقراطي الشامل القادرة على إعادة لمّ شمل الشعب السوري ، وإعادة ترميم وبناء سورية من جديد على أسس المواطنة المتساوية بعيداً عن التعصّب القومي ، والطائفي ، والمذهبي .. ولا أعني بكلامي هذا التوقّف لحظة واحدة عن مكافحة الإرهاب ، ولكنّ دحره قد يحتاج إل سنين طويلة من جهة ، ولأنّ الحلّ السياسي أصبح ضرورة ملحّة من جهة ثانية ، لأنّه يخلق الأجواء المناسبة لوقف العنف بين أبناء الشعب السوري ، ويوحّد جهودهم في مواجهة الإرهاب ، ويحدّ من النزيف البشري لشباب سورية وثرواتها ومن الدمار والخراب ،ويزرع الأمل في النفوس في إمكانية خروج سورية من مأساتها ، ويساعد على فرز القوى والعناصر المناوئة لهذا الحلّ من أجل مواجهتها وتفكيكها ومعالجتها بأقل الخسائر ، كما يؤمّن شروطاً أفضل لتحسين الأوضاع الاقتصادية فيها ، وإنهاء الحصار الاقتصادي الظالم المفروض على القطر ، ويحدّ من تدفّق الإرهابيين إليه..
وفي الوقت نفسه، فهناك بعض فصائل المعارضة ، أو المجموعات المسلّحة بتسمياتها المختلفة تضع شرطاً تعجيزياً آخر يشير إلى ضرورة تنحّي رأس النظام بشكل مسبق قبل الجلوس على طاولة الحلّ السياسي .. وهنا نقول : إنّ النظام عندما يستطيع دحر الإرهاب بشكل نهائي لن يأبه للحلول السياسية ، ولا أحد سيكون قادراً على فرضه عليه .. وبالمقابل إنّ مٓ-;---;-----;---نْ يستطع من المعارضة إجبار بشار الأسد على الرحيل سينفرد بالسلطة، ولن يفتّش عن حلّ سياسي ...ومن هنا ، فإنّ حجم الكارثة البشرية والاقتصادية والعسكرية ، وهول الدمار والخراب تفرض على كل وطني حرّ شريف الابتعاد عن وضع الشروط التعجيزية غير القابلة للتطبيق ، والعمل بكلّ السبل لدفع الأمور باتجاه الحلّ السياسي دون إبطاء .
ولذلك كلّه ، يصبح تزامن مكافحة الإرهاب مع السير الجدّي على طريق الحل السياسي هو الخيار الصحيح الذي يلبّي متطلبات المرحلة الصعبة التي تعيشها سورية في هذه الأيام المريرة ويساعد على تجاوزها بأقصر الآجال ، وهو الذي يفسح المجال للشعب لقول كلمته عبر انتخابات ديمقراطية حرة وشفافة وبرعاية الأمم المتحدة ، ويفرز السلطة التي تعبّر عن إرادته ، ويعرف كيف يحاسب مٓ-;-ن أساء له ..
وأخيراً ، فإنّ اللهث وراء الحسم العسكري للإستئثار بالحكم أو التثبث به في ظل الأوضاع السورية المعقّدة والمتشابكة والمتعفّنة ليس إلّا سراباً ، ومٓ-;-ن سترجح كفته سيكون خاسراً بامتياز لأنّه لن يرث سوى الخراب والدمار وأنّات الثكالى ، وأفواهاً جائعة ، ومخزوناً هائلاً من الضغائن والأحقاد والثارات ..
في : 12 / 11 / 2015
#محمود_جديد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟