أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - رضا لاغة - تونس ما بعد أزمة النداء















المزيد.....

تونس ما بعد أزمة النداء


رضا لاغة

الحوار المتمدن-العدد: 4983 - 2015 / 11 / 12 - 12:50
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


يعتبر الصراع داخل كتلة النداء الحدث الهام في هذه الفترة التي تعدّ مفصلية من الناحية السياسية لأننا نشهد أطوار واقع سياسي متّسم بالأنانية و لا يلائم طبيعة المرحلة التي نحياها؛ و الرهانات الخاصة المعلقة على الأحزاب الحاكمة في بعدها الاجتماعي و الاقتصادي و التربوي و الثقافي تبيّن أن الصراع الذي تأجّج داخل النداء يهتمّ بالتموقع السياسي للروافد في تعارضها النفعي تحت راية العواطف الاعتباطية و المصلحة الشخصية التي لا تقاوم .
إن التحولات الهيكلية الكبرى في الخارطة الحزبية بدأت ترتسم بالمعنى التوكيدي إثر الانفجار الذي قلب اتجاه مكانة النداء و التي سيقود إلى بداية جديدة لا يمكن التفكير فيها إلا على شكل تقدم نحو الوراء، تقدم يسلب النداء حقيقة كونه حزبا أغلبيا و اعتبار حركة النهضة هي البديل المتحقق عدديا . إن الفارق بين أن يكون النداء الحزب الأغلبي أو النهضة هو فارق يمارس تأثيرا فاصلا على كل مظاهر الحياة السياسية . إن هذا يظهر بطريقتين مختلفتين : النهضة حزب أغلبي و حكومة الصيد التي تباشر نظام الحكم تعبير عن إرادة حزب لم يعد أغلبيا . إن صمود الحكومة ، وفق هذا المتغيّر ، ينتهي إلى شكل من أشكال المقايضة كصلة محدودة في تشكيل اللجان الجديدة داخل مجلس النواب.
إن التقدّم الضئيل لحسم الجدل الذي ينخر النداء يعتبر أهم مشكلة تشكّل الحالة الراهنة للواقع السياسي. نحن هنا لا نتحدث عن خيبة أمل جماهيرية أو تباطؤ و عجز في إدارة المرفق العام بأرقى درجات اليقين . يمكننا تفسير هذا العيب الظاهر بالرجوع إلى ملابسات نشأة النداء الذي لا يزيد عن كونه مائدة مصالح . لو لم يكن الحال كذلك ، لم يكن بالإمكان أن نتحدث أصلا عن النداء. إن الصرح لا يضاهي الجذور التأسيسية التي بنيت على أوهام فكان الأمر مغايرا لما هو متوقع. نحن إذن نتحدث عن حزب محل نزاع بالصورة و الصوت . من السهل علينا أن نبرز أن الخلافات الحزبية ظاهرة مألوفة في المشهد السياسي و ذلك يرجع إلى التأثير الضمني لهشاشة المرحلة الانتقالية. ليس غرضي هنا توضيع هذه الحجة و لكنني أحاول تقدير موقف ما في فهم حساسية الظرف السياسي الذي تمر به تونس .؛ فالانقسام يتعلق بحزب يباشر الحكم أي أن تولّي السلطة لا يطرح بما هي غاية بل بما هي وسيلة. نستنتج و الحال على ما هي عليه أن استئناف هذا الصراع ، الذي نعتبره حتميا ، هو مقدمة لشلل في إدارة نظام الحكم .
إن الموضوع يدخل ضمن مشمولات الاعتبارات الحزبية التي لا تأبه بالاستحقاق الوطني . و عندما يجابه طرفي النزاع من المحتمل أن يفصحا عن استياء شديد لممارسات دنيئة ، ما كانوا يتمنون أن يقعوا فيها.
بوسع أي فريق أن يقدّم أي تفسير يروق له حتى يبرّر هذا الانقسام و لكن يمكننا القول من حيث معرفتنا بالطرفين أن استتباعات هذا الصراع مدعاة لمخالفة الواجب الوطني المحاط ببؤرة الإرهاب الذي ينبع من الداخل و الخارج و تعقيدات الوضع الاقتصادي المتردّي الذي يوحي بفوضى اجتماعية كارثية لا يمكن إخمادها. إلى جانب ذلك كله مصادر التقابل المضافة لإتلاف حاكم ينقصه الوئام و محاط بكل أنواع الأطماع المتهافة على خيرات البلد.و لأنه من الأهمية أن نكون قادرين على مقاربة و استنارة المستقبل الذي يتطلّب الاستعداد المسبق لكل السيناريوهات المحتملة لا بد من الإشارة إلى المسائل التالية:
ــ لو حدث الانقسام كواقع معلل لكتلة النداء ( 32 نائبا وهي نسبة مرشّحة للزيادة ) من خلال نفاذ المهلة المقدّرة لتسوية ما ، فإننا نكون قد شخّصنا المشكلة كواقع موضوعي تأتّت عنه خارطة برلمانية جديدة سأستعرضها ( دون احتساب المعارضة بشقيها ) استعراضا سريعا:
* حركة النهضة : 69 نائبا
* نداء تونس : 54 نائبا ( مرجحة أن تنقسم بدورها إلى كتلتين)
* الكتلة المنشقة : 32 نائبا
في المقام الأول نحن نعيد حركة النهضة لتتقلّد المنزلة الأولى في ظرف مهم سيعاد فيه تشكيل اللجان .
في المقام الثاني: إن اللحظة المثمرة جاءت لتزفّ بشكل صادم اللاتوازنات التي قد تتأتّى من استمرار حكومة السيد الحبيب الصيد في أوضح و أحسن معنى : حكومة بدون رافعة سياسية محددة و هي حقيقة تلقّفتها المعارضة منذ لحظة تشكّلها و هو أيضا انطباع حاضر لدى عامة الشعب.إننا هنا نطرح سؤالا: ما الذي يشكّل استحقاقا عند حركة النهضة في ظل هذا المتغير السياسي؟ قد يتساءل القارئ :لماذا حركة النهضة تخصيصا؟ فنجيب ببساطة لأنها الحزب الأغلبي وفق ذات التقدير الذي انطلقنا منه.
تصرّف السيد راشد الغنوشي تصرّفا حسنا و هرع للسيد الباجي تعبيرا عن تضامنه و حرص الحركة على استمرار حكومة الحبيب الصيد. إن هذا التعهّد إن حصل فعلا يعتبر تورطا متسرّعا من قبل زعيم حركة عرف بالدهاء و مرونة التدبير . نقول ذلك لأننا نسأل : هل سقوط حكومة السيد الحبيب الصيد رهين التوافق بين الأحزاب المشكّلة لها أم بعوامل موضوعية تتجاوزهم ؟( نتذكر كيف سقطت حكومات الترويكا بسبب عوامل خارجية طاحنة رغم تماسك الحلف). إن مثل هذا التسرّع من جنس ما وقع فيه السيد رضا بالحاج عندما حذّر من النيل من هيبة رئيس الجمهورية من خلال شجب فكرة الإطاحة بحكومة السيد الحبيب الصيد من قبل خصومه السياسيين داخل نفس الحزب. إننا نعترف بوفاء السيد الغنوشي لتعهّداته مع السيد الباجي و لكننا لو عدنا صراحة أو ضمنا إلى المنجز الذي تحقق في عهد حكومة الحبيب الصيد لوجدنا أنه مخيّب للآمال . إن التعبير عن هذا التحفّز المساند لحكومة الصيد هو تقاسم موضوعي لأعباء الإخفاق. من زاوية أخرى إن الانحياز مع حكومة ساقطة أصلا يبدو موقفا يؤدي مخالفة ما تمليه المصلحة الوطنية و الحزبية لحركة النهضة.
إن تصرّف السيد الغنوشي يبدو مرتبطا تقريبا بفكرة عدم الانحياز التي تمظهرت بمشاركة يتيمة في الحكومة ( حقيبة وزارية ). وهو تقدير لرئيس حركة خرج من دفة الحكم و خسر نفوذ الأغلبية في البرلمان و ينظر بفزع لانكماش الإسلام السياسي في المنطقة لكن اللحظة هنا جديدة : في الخارج تعافي الإسلام السياسي المعتدل الذي تشكّل تركيا رأس حربة له و تلاشي الرأس مال الانتخابي للنداء و زوال كذبة الكفاءة و القدرة على إدارة الدولة . إنها لحظة تقتضي الانحياز بتوفير شروط جديدة للحكم من أجل استيعاب العقبة التي يجب تخطيها في أزمة الحكم و بالتالي الوصول إلى فهم دقيق للخطر المتعاظم المستوحى من دوافع الصراع.
حسب الظرف الموضوعي الحساس الذي سبق الإشارة إليه و من خلال رؤية توافقية أعطيت للتو دلالة واضحة و حازمة و في أكثر أشكالها ابتذالية تبيّن أن الأصداء الحزبية مضرّة بالاستحقاق الوطني حينما تبنى على المحاصصة . إن تجربة الترويكا المنبثقة عن انتخابات 23 أكتوبر و الائتلاف الخماسي المستند إلى تواشج النهضة بالنداء تحمل بداخلها جوهر فنائها . إن عيبها الرئيسي أنها لا تفهم ستاتيكيا كيف تدار المرحلة من خلال الانطلاق من نقطة دراسة متطلبات الواقع الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي كانجاز مترتّب عن توليفة تشاركية لأكبر طيف سياسي . يجب أن نوضّح هنا أن فكرة الحوار الوطني التي جسدها الرباعي الراعي للحوار تعد في مجملها مفتاح لتهذيب جشع الأحزاب في استباحة نظام الحكم و احتكاره. إن محدودية الانجاز ترتكز ، من منظور تقييمي بعدي ، في طبيعة نظام الحكم . هل نحتاج مجددا لحكومة التكنوقراط التي تعاملت ، في ظروف صعبة لكسب رهان تعافي درجة النمو الاقتصادي بأسلوب يرتكز على الكفاءة ؟
في الحقيقة عندما نقيم مقارنة بين حكومة السيد المهدي جمعة و حكومة السيد الحبيب الصيد نسجل فروقا كبيرة . إن المقدمة الأولى للتي يجب إدراكها ، و بعيدا عن الاستغراق في التفاصيل، هي غياب التأهيل الإداري لحكومة السيد الحبيب الصيد . إننا هنا نتحدث عن تواضع الخبرة الذاتية للسادة الوزراء و ضعف الطاقم المسيّر لكل وزارة نظرا لخضوع عملية الانتداب لمنطق الموالاة ، فضلا عن غياب التجانس في الأداء. وهي شروط مشابهة لحكومة الترويكا.
إن حلحلة المأزق السياسي الحالي يجب أن تنطلق دوما من هذه الأسس الواقعية و تطوراتها التي حصلت في مجرى هذا المسار الانتقالي. إن الخطوة مشروطة بإنتاج حياة سياسية جديدة تستند إلى الكفاءة و الانتساب الحزبي . طبعا هذا يتطلب حكومة سياسية أو لنقل حكومة وحدة وطنية تكون نتاج تلقائي لتطور الوعي الحزبي الذي يستبعد منظومة الحكم المنفرد و التي ثبت عجزها في هذا الطور الانتقالي بعكس ما كان يزعم بأننا سندشن بعد انتخابات 26 أكتوبر مرحلة الاستقرار السياسي.
سوف أختم في هذه الإطلالة بصيغة أكثر اكتمالا:
ـــ إن استمرار حكومة السيد الحبيب الصيد في ظل انقسام النداء يعد أمرا خطيرا ينم عن استهانة بالمصلحة الوطنية بذريعة عدم جرح كبرياء رئيس الجمهورية ، و الذي أعتقد أن دوره قد انتهى في الاستحقاق السياسي المقبل سواء انقسم النداء أم لم ينقسم .
ــ إن الخيط الهادي لأي حل سياسي في الأفق يستدعي من جديد الرباعي الراعي للحوار.
ـــ إن الكفاءة أو ما يسمى بالتكنوقراط محددات لا يمكن الاستغناء عنها.
ــ إن الأساس الواقعي للحوار يقوم على تعاقد سياسي حول الحد الأدنى المشترك بين الأحزاب.
ـــ إن انقسام نداء تونس ليس مؤشرا عن خطر وطني و إنما هو تعبير حقيقي عن وهن هذا الحزب . و أن حل التناقض باستمرار حكومة السيد الحبيب الصيد يعرقل أكثر مما يساعد التجربة الديمقراطية المعرّضة للانهيار.
ــ إن حركة النهضة و بدون أي غموض أو عواطف عدائية، جزء من البناء السياسي المتمازج مع أي حل مستقبلي مرتقب.



#رضا_لاغة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحزاب تونسية مفخّمة و مفتولة العضلات، تهوي و تنال دفنا جميلا
- النهضة و النداء يضعان أقدامهما في مرحلة ما بعد التاريخ
- في أروقة النداء: تهجير اليسار أم قصف الحكومة؟
- هل نتجه إلى فراغ سياسي في تونس؟
- مصالحة أم مضاجعة لثورة الكرامة في تونس؟
- تمثلات نقابية و سياسية رابضة في قلب الهوية
- أي مستقبل نريد؟
- اليمن و الكذب المقصود
- و انتصرنا
- يا ناصريين... ثمة شيء إسمه اليمن...
- اليمن و تجاذب القوى في الداخل و الخارج
- هايدغر و الإنتقال من الميتافيزيقا إلى فلسفة الوجود
- آل سعود و النازية الجديدة
- الدولة الوطنية و المصالحة القومية
- العمل النقابي و سلطة الوساطة: قوة كلمة أم قوة نضال؟
- العمل النقابي و التحزب: تسامح أم تنافس؟
- القوى الناصرية : مستلزمات البناء و مهام عاجلة
- حرب اليمن و الغموض الإستراتيجي
- التقاطعية و جسر الهويّات
- شقوة مخبّأة في قفا خربشة جريئة


المزيد.....




- فيديو يكشف ما عُثر عليه بداخل صاروخ روسي جديد استهدف أوكراني ...
- إلى ما يُشير اشتداد الصراع بين حزب الله وإسرائيل؟ شاهد ما كش ...
- تركيا.. عاصفة قوية تضرب ولايات هاطاي وكهرمان مرعش ومرسين وأن ...
- الجيش الاسرائيلي: الفرقة 36 داهمت أكثر من 150 هدفا في جنوب ل ...
- تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL في ليتوانيا (فيديو+صورة)
- بـ99 دولارا.. ترامب يطرح للبيع رؤيته لإنقاذ أمريكا
- تفاصيل اقتحام شاب سوري معسكرا اسرائيليا في -ليلة الطائرات ال ...
- -التايمز-: مرسوم مرتقب من ترامب يتعلق بمصير الجنود المتحولين ...
- مباشر - لبنان: تعليق الدراسة الحضورية في بيروت وضواحيها بسبب ...
- كاتس.. -بوق- نتنياهو وأداته الحادة


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - رضا لاغة - تونس ما بعد أزمة النداء