أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق الخولي - دقات منتصف الليل















المزيد.....

دقات منتصف الليل


طارق الخولي

الحوار المتمدن-العدد: 4982 - 2015 / 11 / 11 - 23:10
المحور: الادب والفن
    


دقات منتصف الليل...
اي تطابق او تشابه في الشخصيات أو الاحداث هو محض صدفة.
الي محمد هاشم الحيص
هاشم الصيرفى
محمود العربى
محمودالخولي
اهدي لهم هذه القصة...
لقد عانت الامرّين لتحظي به شريكا لباقي ايام حياتها،وكان يحبها هو ايضا،وكيف لا يعشقها،وكل من رآها تعلق قلبه بها،لبراءتها ووجهها الطفولي الذي يشع نقاء وبياضا،وبريق عيناها الزرقاوين،ورموشها الطويلة،وضحكتها الناعمة الصافية الخالية من كل مكر،نعم لقد عشقها حقا،كان لا يستطيع ان يمر يوم دون ان يراها،وان غابت عنه يوم في ايام الدراسة،بحث عنها كمن يبحث عن ابرة في كومة قش،فان تعذر العثور عليها عرف فورا انها لم تأتي،فيمر بين الفينة والفينة علي باب المنزل،يفعل هذا بكل سذاجة كالمراهقين،ربما سيبقي الحب صامدا،او ربما يذوب بعد كل مادار بينهم..انه الدكتور عبد الرحمن عبد الله،لما كان لايزال في كليه الطب كان الناس يلقبونه بالدكتور،وحتي ابوه الاستاذ عبدالله،كان البعض يلقبه بابو الدكتور،وكان يفرح في قرارة نفسه،لقد تحقق ماكان ينتظره،ومع فقره المدقع وشغله موظف ايام كان الناس يتعيرون بالموظف ويرونه اقل منهم شأنا،ظل يصارع الحياة والعوز،ولا يلبث عبدالرحمن ان يطلب منه شيئا الا لبّاه له علي الفور،لقد حلم كثيرا ان يري ابنه بلباس الطبيب الابيض ،يرتدي البالطو الطويل،كان يتخيله مارا بالمرضي واضعا سماعة في اذنه،يتفقدهم في اسرَّتهم،لقد كان يقطع من قوته ليضحي كما هو الان،يفتح عيادة في طنطا،معلقة عليها لافتة كبيرة مزخرفة،كتب عليها بخط كبير الدكتور عبدالرحمن عبدالله اخصائي امراض النساء والتوليد.لم يتخلص عبدالرحمن من عقدهِ النفسية حتي بعد ما تخرج من الطب واشتغل في مستشفي بقرية تابعة لمدينة طنطا ،حتي انه فتح عيادة اخري هناك،كان يري هؤلاء الفلاحات فيشمئز منهم،حتي عندما يهم للكشف عليهم كانت تبدو عليه ضحكة صفراء،ومع انه يشعر بالكره تجاههم،الا انه لم يستطع ان يظهر هذا الشعور امامهم،انهم مصدر رزقه،بعد راتب المشفي الحكومي الذي لايكفي لاعالة زوجته وابنيه،ووصلت درجة استخفافه بعقولهم انه يعرف جيدا ان نساء الريف يحبذن خلفة الذكور عن الاناث،وربما كان حب الذكور هوحب فطري ،من ايام الجاهلية،هذه الفكرة مستقرة وراسخة في عقول العرب منذ الازل.لذلك كان يقول للمرأة الحامل التي يتفحصها انها ستنجب ولد،كي لا تتركه وتتابع الحمل مع طبيب اخر.
انه الان يقبع داخل العيادة بعد يوم انهكه واستهلكه،الساعة الان تقترب الي الثانية عشر،دقائق وينتصف الليل،جلس علي كرسيه الهزاز،الكرسي المفضل لديه،بعد ان ترك مكتبه الخشبي ،وجلس بجانب النافذه المطلة علي الشارع،يتذكر كيف مرت ثلاث سنوات وهو يتجرع الجحيم،ظل طويلا يجعل الكرسي الجالس عليه يهتز مسندا راسه للخلف ،وهو ينظر الي السقف،كان يري حياته الماضية كشريط سينما يمر امام عينيه،يغمضها تارة،وينظر للسقف تارة،حتي انه لم يلتفت الي الرجل الذي دخل عليه غرفة الكشف كي يقدم له فنجان من القهوة،فتركه الرجل وخرج،بعد ان نادي عليه فلم يجيبه.
كيف آل الحال بينهم الي هذا المآل..لقد كان يعشقها ،تزوجا عن قصة حب حارة وعنيفة،هي طبيبة وهو ايضا طبيب،اخذ يعصر دماغه ويحاول بكل جهد ان يعرف السبب،ان يبحث داخله عن خيط يوصله لنفسه الضائعة،ربما كان هذا الكره يسكنه منذ ان رفضه ابوها أول مرة،بسبب العداوة بينه وبين ابيه منذ ان كانوا جيران في الحقل،وبعد محاولات عدة رضخ ابيها لما رآها تكن له مشاعر حب حقيقية،فهذا الاخير لايمتلك غيرها،ولم يُرزق باطفال الا بعد ان بلغ الاربعين،فحرص طيلة حياته الا يمنع عنها شئ،فزوجها عبد الرحمن،ولكنه ضيّق عليه من جهة اخري،لقد كلفه بفرح في افخم قاعات طنطا،ومهر كبير جعل ابيه يلجأ الي ان يبيع جزء من ارضه التي ورثها عن ابيه،وقائمة بأجهزة منزلية جعلها حول عنقه لو حدث طلاق،ومؤخر كذلك.
ربما هذه الاحداث كمنت في عقله الباطن فسببت كره دفين لها،حتي انه لم يسمع مرة انها لم تعارضه في هذا كله،بل كأنها كانت توافق ابيها عن كل ما يفعله،وفجأة قفز في ذهنه شئ يحبه منذ ان كان صغيرا،ربما كان الجزء الاكبر في التفرقة بينهما،فالحب وحده لايكفي،هناك غرائز اخري تريد ان تُشبع،فعبد الرحمن كان لديه رغبة جنسية عارمة،مع ضآلة جسده الا انه كان دائما تقفز في ذهنه خيالات جنسية،فقد كان لا يكف عن مشاهدة افلام البورنو،كان يحب الممارسة الجنسية العنيفة،يحب السادية المفرطة،فهناك الكثير من الازواج من يتخذ هذه الاشياء كي يلهوا بها ،او كنوع من التسلية الجنسية،اما تلك الرغبة المتوحشة عند عبد الرحمن فشئ اخر،انه لا يشعر بوجود زوجته الا اذا مارس معها تلك السادية المفرطة،ان يربطها ويصفعها وربما ترك علي جسدها اثارا من تلك الممارسات،فبعد ثلاثة شهور من ارتباطها به، ظهرت لها ميوله الجنسية،عندما طلب منها ان يسبها اثناء اللحظات الحميمة بينهما،ومرة يكون عنيف اكثر من اللازم،كانت تهرب منه بكل طريقة،كرهت انفاسه،وظلت تتحمل ،وتتحمل،فكيف لهذه الرقيقة ان تعرف تلك الاشياء،فمع جمالها الطاغي،الا انها تعاني من جهل جنسي مدقع،وان ما كان يؤرق عبد الرحمن ليس جهلها الجنسي،انما تجاهلها ميوله وتوجهاته ،فربما هو لايعرف انه يحتاج لطبيب نفسي الي الان.
في اخر سنة من الدراسةالجامعية،ظل يفكر طويلا،كيف يري تلك المشاهد،دون ان يأخذه عقله الي شئ ما..في اول مرة دخل علي حالة وضع،في مستشفي حكومي،انه خلف الطبيب الان،يحاول ان يعرف ويتعلم كل شئ،يتمني لو يخلع راسه او ينتقل ما في راسه من علم طبي اليه،لقدحلم طويلا ان يصبح طبيب مشهور،لا يهمه ان يكون طبيباذو خبرة،وان يكون انسانا قبل كل شئ،بل حلم بثروة،يجمعها من دماء الفقراء.
هناك سيدة في العشرينات من العمر،عيناها مفتوحة،لقد حقنوها ببنج نصفي،مما خدّر لها نصفها الاسفل فقط،وضعوها علي سرير ذو غطاء جلدي اسود،الطبيب الان يتفقد النساءالتي ستوضع بعد قليل،فيقوم بوضع اصبع او اثنين في مهبلها،ليعرف حالة الرحم،اهو مفتوح استعدادا لنزول الجنين،ام انها ستحتاج الي حقنة كي تفتحه رغما عنه،وعبد الرحمن خلفه،يري بأم عينيه مايحدث،وبرغم انه قد كانت تقفز في ذهنه مشاهد جنسية منذ قليل،الا انها انقطعت بمجرد صرخة انثي في الجوار،وتتعالي الصرخات،ان الولادة الطبيعية اصعب بكثير،هاهي تصرخ وتتالم ويسمع صدي صوتها يرج العنبر والردهه الخارجية،تلك الصرخات قطعت حبل افكاره،فكر قبلا ان تلك اللحظة ستكون ممتعة ،ولكن المشهد كان غير الذي كان يرسمه له خياله.
امره الطبيب ان يتفحص امراه هناك،كانت تئن من الم في رحمها جراء الحمل،فراح يقترب منها بخطوات بطيئة،كانه يريد ان يفرض عليها سلتطه،ويلقي عليها بمشاعره الشريرة،ويفرغ ساديته عليها،كان انينها يحرك قلبه،ويشعره بشئ من السعادة،شعور لا ارادي،مهما حاول ان يقاوم هذا الشعور اللذيذ عندما يري احد يتعذب لن يستطع....
ذهب احدهم بطفلته يوما،لقد مرضت الطفلة في وقت متأخر من الليل،وقد كانت تمطر،والكهرباء مقطوعة،فلم يجد بدا من ان يذهب الي بيته ،فهو يعرفه بحق،معتوه ومتذاكي ويشعر بالحقد تجاه الاخرين،ولكن ماذا يفعل،ليس امامه سوي الذهاب الي عبد الرحمن كي تتفقدها سميرة زوجته،واقترب من البوابة الحديدية،وضع يده علي جرس الباب،صوت الموتور الصغير يشق صمت المكان،ويضئ الظلام،نظر لنا الدكتور عبدالرحمن من الاعلي مشيرا لي براسه اشارة تعني انه سوف ينزل،ومرت دقائق ودقائق ولم ينزل،تساءل محمود في نفسه عن مدي قلة احترامه للناس كطبيب واحترامه لنفسه وللناس ايضا كانسان،فهو يري دائما نفسه اعلي واعظم قيمة من الناس العاديين،هو يري ان الطبيب مخلص البشرية من اي سوء يحيق بها.

يتبع



#طارق_الخولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليلة شتاء
- حقيقة اعظم دول العالم
- الصعلوك 2
- عقليه الشاعر
- الصعلوك
- دوله من ورق...
- بقايا رجل


المزيد.....




- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق الخولي - دقات منتصف الليل