عدّة المرأة المسلمة .. بين التشريع ومتطلبات المنطق والعصر

راضي العراقي

الحوار المتمدن-العدد: 4981 - 2015 / 11 / 10 - 20:18
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    

اتصلت بي أمرأة كبيرة بالسن توفي زوجها منذ شهر تقريباً وذلك للاستسفار عن امر معين .. سلمت عليها وحاولت ان اعزيها بوفاة ( الحجي ) .. لكن السيدة تركت الهاتف فجأة لتتناوله ابنتها التي بدأت تعتذر لان والدتها نسيت انها مازالت في فترة العدّة ومن غير الممكن ان تتحدث مع رجل غريب .. تفهمت الموضوع واكملت المكالمة مع ابنتها ..
حاولت ان اجد تبريراً لتصرف هذه السيدة العجوز التي يتجاوز عمرها الثمانين عاماً والتي رأت اولاد اولاد اولادها .. ومع ذلك كان يجب عليها ان تحبس نفسها عن مشاهدة الغرباء او الحديث معهم .. فالشرع يحتم عليها الانفصال عن الغرباء لمدة اربعة اشهر وعشرة ايام بناءاً على نص الاية التي تقول {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} .. ويبدو ان هذا التشريع يهدف الى حفظ الانساب كما يذكر المفسرون والتأكد من كون الارملة التي يتوفى عنها زوجها لا تحمل في احشائها جنيناً .. ويسري هذا التشريع على النساء بغض النظر عن اعمارهن حتى وان كانت امرأة عجوز او تبلغ من العمر عتيا .. لكن لم يستطع اهل الافتاء والمفسرون ايضاح السبب وراء هذا الاصرار الغير مبرر على التزام المرأة المسنّة بالعدة المقررة .. ومن يقرأ تفاسير المفسرين لا يجد جواباً مقنعاً لهذا الاصرار .. كما ان منع المرأة من الخروج قد يفقد المجتمع طاقة يمكن ان تكون ركناً مهماً من اركان التنمية والتطور ، فكم من الموظفات والعاملات يصبحن حبيسات البيت اكثر من اربعة اشهر بلا عمل وربما بلا مصدر رزق عندما تكون المرأة تعمل في القطاع الخاص او تعمل بأجر يومي ..
اعود الى السيدة التي اتصلت بي والتي اتمنى ان لايكون صوتي قد كسر قواعد العدة الشرعية وبالتالي قد تكون مضطرة الى اعادة فترة العدة من جديد .. هذه السيدة المسكينة هي بالحقيقة ضحية الاضطهاد الذي يمارسه الدين ضد المرأة ... فالمرأة التي تعيش في مجتمع اسلامي مترع بالتقوى والفضيلة ينبغي ان يحافظ على كرامة المرأة ويحترم خصوصتيها وحزنها على زوجها المفقود لا ان يحبسها خوفاً من مطاردة الرجال ( الاتقياء ) ..ولا ان تكون ضحية الشبق الجنسي الذي ينتاب اهل الصحراء منذ زمن بعيد .. ولا يوجد من حل سوى اخفائها عن عيون الرجال المفترسين ..
نحن بحاجة الى مراجعة تشريعاتنا ( المقدسة ) التي تحط من قدر المرأة وتكشف زيف التقوى والفضيلة التي يتسربل بها المؤمنون .. كما ان بحاجة الى ان نحمي المرأة بقوانين تتناسب ومنطق العصر وتطور البشرية ..

#راضي_العراقي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات