|
في دحض مزاعم علمية القرآن...الحلقة الرابعة
احمد القاضي
الحوار المتمدن-العدد: 4981 - 2015 / 11 / 10 - 18:37
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
"ما من شئ إلا وله قانون" أبقراط
في دحض مزاعم علمية القرآن...الحلقة الرابعة وخلقناكم أطوارآ
في كتابه (القرآن محاولة عصرية للفهم) يورد الطبيب المصري الراحل د. مصطفى محمود هذه الآيات من سورة "المؤمنون"، ضمن أشياء أخرى عديدة كدليل على ما يسمى بالإعجاز العلمي في القرآن وهي*:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ۚ-;- فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14)} * ثم يعلق متعجبآ:{كيف يخطر على ذهن نبي أمي مشكلات وقضايا وحقائق لا يعرفها عصره؟.. ولا تظهر إلا بعد موته بأكثر من ألف وثلاثمائة سنة؟}..وعلى خطى أستاذه مصطفى محمود يمضي الدكتور زغلول النجار، صاحب المؤلفات العديدة في ما يسميه بالإعجاز العلمي في القرآن، ليصف الآيات ذاتها في صحيفة (الأهرام) بتاريخ 22 نوفمبر 2004 العدد 43085 :[بالنص القرآني المعجز] الذي على حد زعمه [وصف مراحل الجنين في الإنسان بهذه الدقة العلمية المتناهية] ثم يضيف متعجبآ كتعجب مصطفى محمود:{وكان ذلك في زمن لم يتوافر للإنسان أي علم بمراحل الجنين ولا بتتابع الخلق في مثل هذه الأطوار مما يقطع بأن القرآن الكريم لا يمكن أن يكون صناعة بشرية, بل هو كلام الله الخالق "سبحانه وتعالى"}...وعلينا أن نضع خطين تحت زعمهما بأن الآيات المعنية كشفت عن مراحل تطور الجنين، في زمن لم يتوافر فيه أيّ علم بها!...أحقآ هي دقة علمية متناهية؟ وهل حقآ جاء ت هذه الآيات بشئ لم يكن معروفآ في زمانها ؟...لقد فات على الدكتورين ان مفهوم تطور الجنين في مراحل واطوار كان معروفآ قبل الف سنة من ظهور الاسلام في حدود ما اتاحته معارف ذلك الزمان.
إستنساخ علم الأجنة اليوناني
فعلى نقيض ما يقوله المذكوران، فإن الحضارات التي سبقت ظهور الإسلام عرفت أن الجنين يتخلّق وينمو في اطوار برحم أمه ...ولقد ترك الهنود والاغريق تحديدآ تراثآ علميآ في هذا المضمار، شكّل ما يعرف بعلم الأجنة القديم... ومن أبرز رموزه أبقراط وأرسطو وجالينوس، الذين ارتادوا اولى المحاولات العلمية القائمة على الملاحظة والمنطق، للكشف عن كيفية نشأة الأجنة ومراحل تطورها واطوارها، وقد سادت مؤلفاتهم ونظرياتهم العالم القديم وظلت مهيمنة على الساحة العلمية حتى بزوغ فجر العلم الحديث، الذي صحح ما استشكل عليهم بكشوفاته القائمة على التجريب والفحص المعملي، وأقام علم الأجنة الحديث...فابقراط له مؤلفه:[الاجيال: في طبيعة الطفل] ولارسطو:{في اجيال الحيوان } ولجالينوس:[في السائل المنوي] ...ومن يطّلع على هذه المؤلفات سيكتشف أن الآيات القرآنية سالفة الذكر مستنسخة منها بعلاتها وعللها ..وهذا يعني أن مضامين علم الأجنة اليوناني وصلت الى محمد ليحاكيها تمامآ في تلك الآيات التي يمكن القول انها تشكل علم الأجنة الاسلامي... وهنا ستأتي العقلية الاسلامية المتهافتة لتقول: كيف عرف محمد الأمي راعي الأغنام ما سطره عباقرة اليونان، وذلك إعتقادآ بأن الأمي لا قبل له بإكتساب المعرفة ...ودون ان ندخل في التفاصيل، فإن فك طلاسم الأبجدية ليس سوى واحدة من الوسائل المتعددة لإكتسابها... فلو لم يكن الامر كذلك، لما تمكّن العميان الثلاثة: هوميروس والمعري وطه حسين من إكتساب المعرفة، ثم إنتاجها بما يعجز عنه المبصرون.
آثار الثقافة الهيلينية في الجزيرة العربية
ولا غرابة في أن يكون علم الأجنة الاسلامي حسب ما ورد في قرآن محمد، إنعكاسآ وترديدآ للتراث اليوناني في علم الأجنة...فالجزيرة العربية لم تكن أبدآ بمنأى عن الثقافة الهيلينية والرومانية وأخبارها، التي إنتشرت وسادت مصر وآسيا الصغرى والهلال الخصيب منذ فتوحات الاسكندر الأكبر، التي وصلت حتى مشارف الهند....ودون ان نذهب بعيدآ، فالقرآن نفسه لهو اكبر دليل على ذلك التأثير الواضح، حيث ان سورة كاملة فيه تحمل اسم (الروم) وتتضمن ما يفيد بأن عرب الجزيرة كانوا يتابعون الحروب السجالية بين الفرس والروم ....وبالاضافة الى ذلك، يحتوي على أخبار (ذي القرنين) الذي يرجّح المفسرون الكلاسيكيون أنه الأسكندر الأكبر، وذلك من بين شخصيات أخرى محتملة...وحتى قصة {نيام إفسوس السبعة {The Seven ers of Ephesusالتي كتبها باللغة الاغريقية راهب بيزنطي في القرن الخامس الميلادي على الارجح، ليبين الإضطهاد الذي تعرض له المسيحيون في عصر الامبراطور الروماني ديسيوس، وصلت الى مكة ووجدت طريقها الى قرآن محمد.في سورة تحمل اسم (الكهف) ومن الأدلة أيضآ على قوة ذلك التأثير، ما أورده المستشرق الروسي بولشاكوف في دراسة له بعنوان:(المدينة العربية في القرون الوسطى) حيث يقول أن نظام تقسيم الغنائم في القرآن يتطابق بشكل مدهش مع القواعد المرعية في تقسيم الغنائم في الجيوش الرومانية حينذاك... ويشير كذلك، إلى أن قياسات الشوارع في مدينة الكوفة تتوافق تمامآ مع قياسات الشوارع الرئيسة والشوارع المتعارضة في المدن الرومانية [(دراسات في تاريخ الثقافة العربية ــ القرون 5- 15) دار التقدم موسكو] وكانت قد بنيت بشكل مخطط بأمر من الخليفة عمربن الخطاب، الذي حدد قياساتها باربعين ذراعآ للشوارع الرئيسة وثلاثين ذراعآ للشوارع الثانوية...وكل هذا لم يأت من فراغ، بل هي أدلة حاسمة على أن الجزيرة العربية على بداوتها كانت بها نخبة على صلة وثيقة بالحضارات والثقافات المحيطة ببلدها، وهي التي زوّدت محمدآ بالمعارف المختلفة، ومنها تلك التي تعود أصولها الى اوربا.
طب جالينوس في قلب الصحراء
حسنآ!...إذا كان الامر كذلك، فهل غاب علوم اليونان عن الجزيرة العربية وعن محمد؟.....ورد في العديد من المراجع، منها على سبيل المثال كتاب (تاريخ العلوم العام) لمجموعة من العلماء والاكاديميين الفرنسيين بإشراف رنيه تاتون وترجمة:[المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع ــ بيروت] وفي سياق حديث عن الطب العربي القديم، أن الحارث بن كلدة من قبيلة ثقيف بالطائف، التي تقع على بعد ستين كليومترآ ونيف جنوب شرق مكة، كان أول طبيب عربي عرف في تاريخ الجزيرة العربية...ويضيف الكتاب ان هذا الطبيب، الذي كان معاصرآ لمحمد، درس الطب في الهند وفي ايران بمدرسة جندي شابور الطبية الشهيرة Jundishapur تصوروا طالبآ يسافر من قلب الصحراء في ذلك الزمان، ليدرس الطب في الهند ومدرسة جندي شابور الطبية، وهو ما يعادل اليوم السفر لدراسة الطب في احدى الجامعات الكبرى بالمانيا او فرنسا او بريطانيا او امريكا...والمعنى المستخلص من هذا، هو ان رمال الصحراء لم تمنع وصول طب ابقراط وجالينوس الى قلب الجزيرة العربية... كما إنها لم تحول دون معرفة بدو الجزيرة بمدرسة جندي شابور، منارة العلوم الطبية والفلسفية في ذلك الزمان...وقد أنشئت تلك المدرسة الطبية بمنطقة خوزستان الفارسية، المعروفة في المراجع العربية بالأهواز او الاحواز، على يد الامبراطور الساساني شابور الاول في العام 271 ميلادية؛ وكانت تضم إلى جانب المدرسة الطبية، مستشفى ومدرسة للصيدلة ومكتبة تحتوي كتب التراث الفلسفي والعلمي الاغريقي والهندي والفارسي والسرياني وغيره، وبذلك كانت ملتقى لثقافات وفلسفات وعلوم أمم عديدة... وفيها تمت اولى الترجمات لكتب العلوم والفلسفة اليونانية الى السريانية ...وظلت مزدهرة عبر قرون من الزمان، حتى سلبتها عاصمة الخلافة العباسية بغداد مكانتها وشهرتها، بعد أن استنسخ الخليفة المأمون مركزآ علميآ سماه {بيت الحكمة} اضطلع بترجمة تراث اليونان في الفلسفة والعلوم والطب، وحشد له العلماء والمترجمين من كل فج عميق، ومنهم من كان يعمل أصلآ في مدرسة جندي شابور الطبية وانتقل للعمل في {بيت الحكمة}بعاصمة العباسيين.
إتصال بأهل الذكر
والمثير للفضول ان محمدآ كان على معرفة بهذا الطبيب العربي (الحارث بن كلدة) الذي تخرّج في جندي شابور... ففي كتاب {عيون الانباء في طبقات الاطباء} لأحمد بن القاسم بن خليفة بن يونس الخزرجي بن ابي أصيبعة هناك إشارة الى ذلك، إذ جاء فيه أنه نصح بإستدعائه عندما مرض سعد بن أبي وقاص في مكة، حيث قال بعد أن عاده:{ادعوا له الحارث بن كلدة فإنه رجل يتطبب}... ولا مشاحة في أن هذه الصلة تعطينا المفتاح لإدراك السياق الذي جعل وصف القرآن لمراحل تطور الجنين في رحم امه نسخة من علم الأجنة اليوناني، وتحديدآ من نظرية ابقراط وجالينوس...والطبيب الحارث بن كلدة ليس سوى واحد من نخبة رفدت محمدآ بالمعرفة وأثّرت في مسار حياته، ومنها الراهب بحيرى الذي التقاه خلال اسفاره الى الشام للتجارة...وكان الرهبان آنذاك، بالإضافة الى ثقافتهم الدينية، على إطّلاع بالتراث الفلسفي والعلمي اليوناني وتحت ايديهم نسخ من مخطوطاته... فالمخطوطات اليونانية التي جمعت بأمر من الخليفة المأمون لتأسيس (بيت الحكمة) جمعت من الكنائس في بلاد الشام...ومن تلك النخبة أيضآ القس ورقة بن نوفل بن أسد إبن عم زوجته المسيحية الثرية خديجة بنت خويلد بن أسد، الذي كان يجيد العبرية والسريانية، التي ترجم اليها التراث الفلسفي والعلمي اليوناني آنذاك، وقد تعلم محمد على يديه الكثير ... ويتعين ألا ننسى علاقاته الوطيدة بأحبار اليهود في المدينة قبل أن ينقلب عليهم ويعمل سيفه فيهم
نظريات علم الأجنة اليوناني
بعد أن عرفنا المصادر المعرفية التي رفدت محمدآ بعلم الأجنة اليوناني، يستدعي الأمر أن نستعرض بإختصار شديد نظريات كبار رموزه، ابقراط وارسطو وجالينوس حتى نقف على وجه التطابق بينه وبين ما أتى به القرآن. يعد ابقراط اول طبيب وامبريولوجيست ترك تراثآ طبيآ وعلميآ مكتوبآ، وفي كتابه الآنف الذكر يشرح نظريته في نشأة ونمو الجنين في رحم أمه ويقول أنه يمر باربعة أطوار رئيسة ... والطور الاول لتكّون الجنين embryo، هو المرحلة المنوية حيث يمتزاج السائل المنوي للرجل والسائل المنوي للمرأة في الرحم، ويتكثفا في وحدة واحدة بفعل الحرارة، ويتشكل له ثقب للتنفس، ويتكوّن له كيس دائري membrane ليحيط به لحمايته بالإضافة الى وظائف اخرى...ثم يبدأ الطور الثاني بتدفق دم الرحم على السائلين المنويين المتحدين (الجنين) فيتشرّب به مع عملية التنفس، ومن ثم يتخثر الدم و [يزداد حجم هذا الذي سيصير شيئآ حيآ] على حد تعبير ابقراط؛ ويتحول الى لحم...والطور الثالث يبدأ بتخلّق بعض الاعضاء في اللحم، مع ظهور معالم الاعضاء التي في طريقها للتخلّق بصورة غائمة...أما الطورالرابع فيتمثل في نشوء العظام، ويشبّه ابقراط نشوء العظام بالشجرة عندما تخرج فروعها... وفي هذا الطور، حسب قوله، تكتمل وتنفصل وتتمايز الاعضاء الداخلية عن الاعضاء الخارجية، والى جانب هذا، تنفصل الساقين عن بعضهما البعض، وتبرز الرأس على الكتفين، وعندها وحسب تعبيره (لا يعود الجنين جنينآ، بل طفلآ)...وهكذا فان الجنين في نظره، هو نتاج إختلاط ثلاثة اشياء: مني الرجل ومني المرأة ودم رحمها...ولعل من الاهمية بمكان أن نشير هنا الى ان ابقراط كان يؤمن بان السائل المنوي هو نتاج الأمزجة او الأخلاط الاربعة، التي يتوقف على توازنها في الجسم صحة الانسان، واعتدال مزاجه على حد ما ذهب اليه، وهي الدم والبلغم والمرة الصفراء والمرة السوداء ...ولذا إعتقد أن المني مصدره جميع ارجاء جسم الرجل وجسم المرأة، وانه يبدأ رحلته من الرأس نزولآ الى السلسلة الفقرية، ثم الى الكليتين، ثم الى الخصيتين. ومثل ابقراط كان الفليسوف ارسطو الذي ولد بعده بنحو سبعين سنة ونيف احد العظماء في علم الأجنة (الامبيريولجي) ومن مؤلفاته كتاب (اجيال الحيوان) الذي اشار فيه الى أن الجنين ينشأ في خمسة أطوار برحم امه، إلا أن الطور الاول عنده يختلف عما قال به ابقراط ...فقد إنتقد ارسطو رأي ابقراط في ان المرأة تفرز المني، قائلآ بأن برودة جسمها لا تسمح بتحويل الدم الى مني....وذهب إلى أن الجنين يتخلّق من دم الرحم وحده، وان دور مني الرجل ينحصر فقط في تخثيره وإعطائه الشكل والقابلية للنمو، ولا يدخل في بنية الجنين لانه يتبخر وينتهي دوره بإنجاز تلك المهمة، وضرب مثلآ بالمادة التي تستخدم لتجبين اللبن، وقال ان الذي يتجبّن هو اللبن وليس تلك المادة...وبناء على هذا المفهوم، فإن الطور الاول من الجنين عند ارسطو يبدأ بإمتزاج مني الرجل بدم الرحم الذي يتخثر تحت تأثيره، ثم يبدأ الطور الثاني بتحوّل الدم المتخثر الى كتلة لحمية ..وفي الطور الثالث تبدأ الأعضاء بالتخلق في تلك الكتلة اللحمية... ووفق نظرية ارسطو فان القلب هو اول عضو ينشأ في الجنين، ثم تأخذ بقية الاعضاء بالتخلّق تدريجيآ....و الطور الرابع هو مرحلة نشوء العظام التي إعتقد ارسطو انها تتخلق من فضول اللحم، بعد ان تتكون الاعضاء من أجوده ...كما إعتقد أن السلسلة الفقرية هي العظمة الرئيسة التي تنشأ أولآ في جسم الجنين، ومنها تتفرع بقية العظام...والمرحلة الخامسة والاخيرة عند ارسطو هو إكتساء العظام تمامآ باللحم، بعد أن تتغطى اولآ بطبقة من الالياف النسيجية...وقبل أن نغادر ارسطو يتعين ان نشير إلى انه رفض نظرية ابقراط في ان المني مصدره جميع اجزاء الجسم بادئآ من الرأس جامعآ الاخلاط الاربعة، وقال انه ينتج من دم نقي خالص النقاء بفعل الحرارة، ومصدره ظهر الرجل. نجئ لثالث الثلاثة الذين اسسوا علم الاجنة اليوناني وهو الطبيب الأشهر جالينوس، الذي ولد في العصر الروماني بعد ثلاثة قرون ونيف من وفاة ارسطو...يرى العالم البريطاني في علم الاجنة جوزيف نيدهام في كتابه المرجعي (تاريخ علم الاجنة) ان جالينوس بيولوجست لا يشق له غبار، بيد انه أقل شأنآ من ارسطو في علم الأجنة (الإمبريولوجي) ...وتشير المراجع الى انه كتب نحو خمسمائة موضوعة، بقي منها على قيد الحياة ثمانون فقط ... انتقد جالينوس في كتابه {في السائل المنوي} آراء ارسطو القائلة بأن المرأة لا تمني مثل الرجل، وان المني لا يصدر من جميع ارجاء الجسم، وان الجنين ينشأ من دم الرحم فقط، وان دور مني الرجل ينتهي بتخثيره واعطائه الشكل والقابلية للنمو ...ويبدي جالينوس توافقه مع آراء ابقراط في مراحل نمو الجنين برحم أمه.. وطوره الأول حسب إعتقاده هو المرحلة المنوية، حيث قال بإمتزاج السائل المنوي للرجل بالسائل المنوي للمرأة، ليختلطا ويتكثفا ويكوّنا الجنين، الذي يتخلّق له غشاء دائري يحيط به ويحميه، فيندفع بعد ذلك الى فم الرحم ليلتصق بجواره في الأوعية الدموية... وتبدأ المرحلة. الثانية لدى جالينوس بإمتلاء خليط السائل المنوي (الجنين) بدم الرحم الذي يتدفق عليه فيتخثر ويتحول الى كتلة لحمية فيزداد حجمه...ثم تجئ المرحلة الثالثة بتخلّق بعض الاعضاء في الكتلة اللحمية، حيث يقول جالينوس ان اول ثلاثة اعضاء تظهر في هذه المرحلة هي: القلب والرأس والكبد ويسميها بالاعضاء الرئيسة، اما بقية الاعضاء التي في طور التخلّق فتظهر معالمها بصورة غائمة...والمرحلة الرابعة هي الطور الذي يشهد نشوء العظام...وفي المرحلة الخامسة والأخيرة تكتسي العظام باللحم، ويكتمل بناء الاعضاء وتنفصل الاطراف عن بعضها البعض ليصبح الجنين طفلآ.
محاكاة علم الأجنة اليوناني
هل غادر محمد متردم التراث اليوناني؟ وهل فعل شيئآ غير إجترار القدر الذي وصل اليه من علم الأجنة اليوناني؟... كل ما فعله انه ابتسر ذلك التراث في ثلاث وعشرين كلمة في سورة [المؤمنون] وهي: *{ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ} * {ثُمَّ خَلَقْنَا ٱ-;-لنُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا ٱ-;-لْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا ٱ-;-لْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا ٱ-;-لْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ}* ... ويتطابق مضمون هاتين الآيتين حذو النعل بالنعل وما قال تحديدآ ابقراط وجالينوس... فالطور الاول للجنين في القرآن يبدأ كذلك بالمرحلة المنوية ، حيث يقول: (النطفة في قرار مكين) ...وفي سورة أخرى هي سورة [الإنسان] الآية رقم (2) يقول: *{إِنَّا خَلَقْنَا ٱ-;-لإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيه }* وتشرح القواميس العربية كلمة [مشج] بمعنى [خلط] والمشيج هو الخليط...وإتساقآ مع هذا المعنى تفسر امهات كتب التفاسير كالطبري عبارة (نطفة أمشاج) بخليط مني الرجل ومني المرأة... وهذه هي نفس المرحلة المنوية للجنين عند ابقراط وجالينوس كما اسلفنا الشرح. والطور الثاني في قرآن محمد يتمثل في تطور النطفة الى علقة، ولا يقدم القرآن أيّ شرح او تفسير لكيفية تحول النطفة الى علقة مثلما فعل ابقراط وجالينوس... والعلقة في القواميس العربية وامهات كتب التفاسير هي (الدم الغليظ) أيّ الدم المتخثر... أليس هذا هو نفس ما قال به ابقراط وجالينوس بأن دم الرحم يتدفق على خليط السائل المنوي للرجل والمرأة (الجنين) فيتشرّب به مع عملية التنفس ويتخثر ...والطور الثالث حسب الآيات التي اوردناها، هو تحول (العلقة) إلى (مضغة)... والمضغة هي القطعة الصغيرة من اللحم، وفقآ للطبري وابن كثير والقرطبي وغيرهم من المفسرين، بالاضافة الى القواميس العربية ...وجريآ على أسلوب السرد القرآني الذي يفتقر الى وحدة الموضوع، الى جانب التكرار والخلط، فإن آية أخرى في سورة أخرى تخبرنا بان [المضغة] تكون مخلّقة وغير مخلّقة، وهي الآية رقم (5) من سورة {الحج} حيث تقول: *{يٰ-;-أَيُّهَا ٱ-;-لنَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ ٱ-;-لْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي ٱ-;-لأَرْحَامِ مَا نَشَآءُ إِلَىٰ-;- أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاًِ"...." }*... وهنا يكرر محمد نفس نظريات ابقراط وجالينوس وارسطو في تحوّل الدم المتخثر الى لحم تتخلّق وتظهر فيه بعض الاعضاء، بينما تتخلّق بقية الاعضاء بالتدرج...وبطبيعة الحال يتطابق الطوران الرابع والخامس في القرآن، وهما تحوّل اللحم الى عظام ثم إكتساء العظام لحمآ، والنظريات اليونانية السالفة الذكر في علم الأجنة ...وهكذا بمقارنة الوصف القرآني لنشوء الجنين واطوار نموه في رحم أمه بما ذكرناه آنفآ من من نظريات ابقراط وجالينوس يتضح جليآ مضاهاته لها بقضه وقضيضه ....فقد إستنسخ محمد ما نما إلى علمه من علم الأجنة اليوناني وزعم أنه من وحي السماء.
تأويل وتفسير سحري
لا مشاحة في ان العلم الحديث قد كشف خطأ كل نظريات علم الأجنة التي سلفت، كنظريات ابقراط وارسطو وجالينوس، مما يعني بالضرورة خطأ علم الأجنة القرآني المستنسخ منها...وكان مفتتح علم الأجنة الحديث بإكتشاف الطبيب والعالم الفسيولوجي الانجليزي وليم هارفي في النصف الاول من القرن السابع عشر أن إناث الثدييات لها مبايض...ويعد هارفي اول من شكك في صحة علم الأجنة اليوناني ...ثم ما لبث أن شهد علم الأجنة الحديث نقلة ملموسة في ظل التقدم الكبير الذي حدث في علمي البيولوجيا والفسيلوجيا وإختراع المايكروسكوب، ولكن أسرار علم الاجنة لم يتم فضها إلا في القرن التاسع عشر بفضل إكتشاف الخلايا وظهور علم السيتولوجي Cytology، ليضع حدآ فاصلآ بين علم الاجنة القديم وعلم الاجنة الحديث، الذي كشف أن مراحل نمو الجنين في الرحم يجافي تمامآ ما جاء في علم الأجنة اليوناني وعلم الأجنة الإسلامي وغيرهما...فالتلقيح لا يتم بإمتزاج ماء الرجل بماء المرأة كما قال ابقراط وجالينوس والقرآن، ولكن بإختراق خلية منوية واحدة (الحيوان المنوي) من ملايين الخلايا المنوية التي يقذفها الرجل للبويضة الميكروسكوبية ذات الخلية الواحدة، والمنطلقة من أحد مبيضي الأنثى لتلقحها وليتحدا معآ في خلية واحدة تسمى [زيجوت zygote] تحتوي على الكروموسومات التي تحدد جنس ومواصفات الجنين القادم... ويبدأ هذا الكائن العضوي ذو الخلية الواحدة (الزيحوت) في النمو عن طريق الإنقسام المضطرد للخلايا بالمتوالية الهندسية، حتى يصبح كرة مصمتة تسمى {مورلا Morula} ويستمر في النمو بإنقسام الخلايا، إلى أن يصبح كرة مجوفة تسمى [Blastocyst] وفي تجويفها تنمو الخلايا التي تتخلّق الى جنين. بفضل هذه الحقائق العلمية المعملية فند الإمبريولوجيون الاوربيون أخطاء علم الأجنة اليوناني؛ بينما يعجز المسلمون عن رؤية الحقيقة ويروج نخبهم ما يسمى بالإعجاز العلمي في القرآن زاعمين بتوافق التوصيف القرآني لاطوار الجنين وعلم الأجنة الحديث... ولتأكيد زعمهم جاؤوا بسرير بروكروست لتطويع الآيات القرانية المعنية لتتناسب وتتطابق تعسفيآ معه. فعلى الرغم من أن علم الأجنة الاسلامي، يتكون من اربعة مصطلحات فحسب [النطفة والعلقة والمضغة والعظام] ومعانيها معروفة بلا لبس، فإن مروجي الإعجاز العلمي المزعوم في القرآن البسوها كل معاني علم الأجنة الحديث، فـ[نطفة امشاج] بدلآ من معناها الحقيقي وهو خليط مني الرجل ومني المرأة كما هو في امهات كتب التفاسير اعادوا تفسيرها بـــ {البيضة المخصبة Fertilized egg}...والبسوا [العلقة] معنى {الزيجوت Zygote} عوضآ عن معناها الحقيقي وهو الدم المتخثر...اما المضغة التي تعني القطعة الصغيرة من اللحم قاموا بتوأمتها بــ{ {Somite Stage... وهذا التفسير السحري الجديد لتلك المصطلحات المعنية، هو نتاج أكبر عملية تدليس وظفت فيها الدولارات النفطية لشراء اكبر الرؤوس الغربية في الامبريولوجي، لتمنح إعترافها للإعجاز العلمي المزعوم في القرآن
خيانة العلم
في مطلع ثمانينات القرن الماضي إستضافت جامعة الملك عبد العزيز بالمملكة العربية السعودية واحدآ من اشهر أساتذة الامبريولوجي في الغرب ومؤلف الكتاب الجامعي الذائع الصيت [ [The Developing Human البروفسير بقسم التشريح في كلية الطب بجامعة تورنتو كيث مورKeith Moore ، ليدلي برأية في مدى توافق الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تصف تطور الجنين في رحم امه و ما توصل اليه العلم الحديث....ولهذا الغرض كونت الجامعة السعودية المعنية لجنة برئاسة القيادي البارز في حركة الأخوان المسلمين باليمن، عبد المجيد بن عزيز الزنداني مؤسس ما يسمى بــ[الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن] بالسعودية لتشرف على ترجمة جميع آيات القرآن ونصوص الأحاديث التي وردت فيها مراحل تطور الجنين في رحم أمه، ولتضعها امام البروفسير كيث مور، إلى جانب أسئلة بلغ عددها ثمانين سؤالآ...وكان ثمرة ذلك صدور كتاب:{علم الأجنة في ضوء القرآن والسنة} في العام 1982 ...ألفه عبد المجيد الزنداني تحت إشراف ومراجعة وترجمته البروفسير كيث مور، الذي كتب مقدمته وافق على أن يصدر كملحق للطبعة الثالثة من كتابه[The Developing Human Clinically Oriented Embryology] مرجعآ للطلاب المسلمين...ويقول مور في المقدمة التي كتبها: It It has been a real pleasure for me to assist Sheikh Abdulmajeed Azzindani with the preparation of this Islamic Edition of my textbook of embryology. The text is the same as the original, except that numerous references to statements in the Qur’an and Sunnah about embryology have been added. "For the past three years, I have worked with the Embryology Committee of King cAbdulaziz University in Jeddah, Saudi Arabia, helping them to interpret the many statements in the Qur an and Sunnah referring to human reproduction and prenatal development. At first I was astonished by the accuracy of the statements that were recorded in the 7th century AD, before the science of embryology was established. Although I was aware of the glorious history of Muslim scientists in the 10th century AD, and some of their contributions to Medicine, I knew nothing about the religious facts and beliefs contained in the Qur an and Sunnah."[2] it is important for Islamic and other students to understand the meaning of these Qur’anic statements about human development, based on current scientific knowledge. The interpretation of the “verses” in the Qur’an and Sunnah, translated by Sheikh Azzindani, are in my best of my knowledge accurate. I wish the Embryology Committee and textbook every success. وترجمته [لقد أسعدني بحق أن أعين الشيخ عبد المجيد الزنداني في إعداد الملحق الاسلامي لكتابي الجامعي في علم الأجنة. والكتاب هو نفس الكتاب الاصلي، عدا المراجع الهائلة لنصوص القرآن والسنة في علم الاجنة التي أضيفت اليه. ففي الثلاث سنوات التي خلت عملت مع لجنة علم الأجنة بجامعة الملك عبد العزيز بجدة أساعدها بترجمة نصوص القرآن والسنة المتعلقة بأطوار نمو الانسان في الرحم. وقد دهشت في البداية لدقة النصوص التي كتبت في القرن السابع الميلادي، قبل أن يتأسس علم الأجنة. وبالرغم من انني مدرك للتاريخ الرائع للعلماء المسلمين في القرن العاشر الميلادي وبعض مساهماتهم في الطب، إلا اني لا أعرف شيئآ عن الحقائق الدينية والإيمانية في القرآن والسنة. إنه لمن الاهمية بمكان أن يفهم الطلاب المسلمون وغيرهم هذه النصوص القرآنية عن اطوار نمو الانسان المتوافقة مع العلوم المعاصرة. ان ترجمة الشيخ الزنداني لنصوص القرآن والسنة دقيقة على حد علمي.واتمنى للجنة علم الأجنة والكتاب المدرسي كل نجاح] أهــ وفي احدى ندواته بالمملكة العربية السعودية المسجلة في فيديو قال: It has been a great pleasure for me to clarify statements in the Qur’an about human development. It is clear to me that these statements must have come to Muhammad from God, because almost all of this knowledge was not discovered until many centuries later. This proves to me that Muhammad must have been a messenger of God. وترجمته:{لقد أسعدني للغاية أن اوضح نصوص القرآن عن اطوار نمو الانسان،. وانه من الجلي لي أن هذه النصوص لابد أن تكون قد جاءت لمحمد من عند الله، لأن معظم المعارف الواردة فيها لم تكتشف إلا في القرون المتأخرة، وهذا يؤكد لي أن محمدآ رسول من الله.}أ. هــ. وبذلك يكون الدكتور كيث مور قد اقتفى اثر الطبيب الجرّاح الفرنسي موريس بوكايل Maurice Bucaille الذي عمل طبيبآ خاصآ للملك السعودي الراحل فيصل والف كتابآ صدر في العام 1976 عن الإعجاز العلمي في القرآن بعنوان {الانجيل والقرآن والعلم} زاعمآ أن هناك ألفآ ومائتي آية قرانية يمكن تفسيرها على ضوء العلم الحديث،بينما الإشارات العلمية في الإنجيل خاطئة على حد قوله ...ولهذا السبب ظهر في الغرب مصطلح البيوكاليزم Bucaillism نسبة الى موريس بوكايل ويعني الاعتقاد بإن هناك إشارات علمية في الكتب الدينية المقدسة.وقد تم وصف الدكتور كيث مور في الغرب بــ[البيوكالي] من قبل منتقديه. وقد فند التلفيقات التي وردت في كتاب موريس بوكايل {الإنجيل والقرآن والعلم} الدكتور ويليام كامبل في كتابه [القرآن والكتاب المقدس في ضوء التاريخ والعلم] الذي صدر في العام 1992 ...والامر الذي يثير الاستغراب، هوأنه لا الدكتور بوكايل ولا البروفسير كيث مور إعتنق الاسلام بعد تأكيدهما بأن القرآن لا محال منزل من الله، فالدكتور كيث مور قد سئل في احدى ندواته المسجلة في فيديو عما اذا كان قد اعتنق الاسلام، فأجاب بالنفي وقال انه من اسرة مسيحية...أما الدكتور موريس بوكايل لم يترك أية وثيقة صوتية مسجلة او مكتوبة تشير الى إعتناقه الاسلام، ورغم ذلك يزعم المهووسون بالإعجاز العلمي في القرآن انه اعتنق الاسلام، ويؤكد الدكتور ويليام كامبل في كتابه الآنف الذكر انه حسب علمه ان بوكايل لم يعتنق الاسلام، وانه كان غاضبآ على الكنيسة الكاثوليكية حين ألف كتابه الذي جنى منه مبالغ طائلة على حد قوله. وهذا رابط الفيديو الذي يقول فيه دكتور مور انه لم يعتنق الإسلام:: https://www.youtube.com/watch?v=IObOzMAQ3hI وفي الحقيقة ان البروفسير كيث مور لم يكن سوى واحد من نخبة من العلماء الغربيين في مختلف الميادين العلمية، تم إغواؤهم وجلبهم الى المملكة العربية السعودية ليشهدوا بصحة ما يسمى بالإعجاز العلمي في القرآن، ومنهم رئيس قسم امراض النساء والولادة بكلية بايلور الطبية في هيوستن البروفسير جو لي سيمبسون والدكتور في علوم البحار وليم هاي والجيولجي في الجمعية الأمريكية الجيلوجية اليسون بالمر والامبريولوجيست بجامعة جورج تاون البروفسير جيرالد جيورنجر ...وقد وثقت لهذه الفضيحة الصحيفة الامريكية المعروفة { {The Wall Street Journal في عددها الصادر بتاريخ 23 يناير 2002 ميلادية في تقرير كتبه محررها [دانيال قولدن] تحت عنوان {Western Scholars Play Key Role in Touting Science of the Qura...وترجمته :(علماء الغرب يلعبون دورآ رئيسآ في تقريظ علمية القرآن)...وسنعود الى هذا المقال في حلقة قادمة، ولكن ما يهمنا هنا تدليس الدكتور كيث مور بزعمه أن القرآن، الذي هو نص يعود للقرن السابع الميلادي لم يسبقه سابق في ذكر ان الإنسان ينمو في رحم أمه اطورآ، مما يدل على انه موحى من الله كما قال. تصدى للتدليس الذي مارسه الدكتور كيث مور عديدون، منهم البروفسير في البيولوجي بــ(جامعة مينسوتا موريس) بزميرزPZ Myers بمقالة نشرها في موقعه العلمي {فرنقولا} بتاريخ الثالث من نوفمبر 2011 وعنوانها:: Islamic apologetics in the International Journal of Cardiology سخر فيها من الدكتور مور، حيث يقول فيها ما ترجمته [صادفتني غير مرة ظاهرة المؤمنين بمعتقدات قديمة بالية، وهم يقولون أن معتقداتهم صادقة لان فيها اشارت الى بعض المكتشفات العلمية الحديثة نسبيآ، قبل زمن طويل من ظهور العلوم المعاصرة...نحن إذن وكما يحدث دائمآ، أمام ذلك التفسير البالغ الغباء لنص غامض، ما كان له ان يكتسب اية معنى لو لا محاولات توفيقه والعلم الحديث. ومجال الأحياء النمائي الذي هو مجال تخصصي، مبتلى على وجه الخصوص بهذه الخزعبلات... وشكرآ للدكتور كيث مور بجامعة تورنتو؛ إنه مؤلف او مؤلف شريك لعدد من الكتب واسعة الانتشار في علم الأجنة والتشريح، وهي كتب جيدة ومفيدة ولكنه مع ذلك رجل أبله، فقد نشر مزاعم مثيرة للسخرية مفادها أن القرآن يتضمن وصفآ تفصيليآ بصورة غير صريحة عن مراحل نمو الجنين، مستدعيآ بعض المصادر الإلهية. لقد اشرت سابقآ، على سبيل المثال، إلى إن القرآن يزعم في احدى آياته ان الجنين يشبه العلك او المضغة، ودكتور مور يصيح (يا للعجب، انه كذلك، إنه شبيه لذلك) ضاربآ بعرض الحائط كل المعارف التي تحصلنا عليها عن بنية وشكل الجنين الحقيقي، الذي هو ليس بالمضغة. لقد رأيت كل اولئك الحمقى يعرضون صورآ للمضغة والجنين معلنين بانهما متماثلان. انه الجنون انه الوهم المندفع ليغمر العلم الحقيقي من اجل دعم معتقدات خرافية لا قيمة لها] أ. هـــ. ومن العلماء الغربيين الذين فندوا ذلك التدليس الدكتور ويليام كامبل الاستاذ السابق بالمدرسة الطبية في جامعة كيس ويسترن ريزيرف بمدينة كليفلاند في ولاية اوهايو الامريكية، الذي سافر الى المغرب وتونس لتعلم اللغة العربية... وقد كان رده على الدكتور كيث مور بدراسة عنوانها:{العلقة "الدم المتخثر" والمراحل الإمبريولوجية الأخرى في القرآن} يدحض فيها مزاعمه بأن القرآن الذي يعود الى القرن السابع الميلادي سبق الى ذكر أن الجنين ينمو في أطوار، بينما لم تعرف الأمم الأخرى من غير المسلمين هذه الحقيقة إلا في القرن الخامس عشر الميلادي بعد إختراع الميكروسكوب...وفي سياق تفنيده لهذا التدليس إستعرض دكتور كامبل نظريات ابقراط وارسطو وجالينوس عن اطوار الجنين الخمسة في رحم أمه، التي تجاهلها دكتور مور وهو يدلي بشهادته المزورة أمام ما يسمى بــ[الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن] بالمملكة العربية السعودية. يقول الدكتور ويليام كامبل في الصفحة السابعة من دراسته المذكورة ان الدكتور كيث مور لا يعرف اللغة العربية؛ وانه أوضح له في محادثة شخصية إن كلمة (علقة) تعني في العربية {الدم المتخثر} وهي المرحلة الثانية في اطوار الجنين بالقرآن، فرد الدكتور مور حسبما ورد في دراسة دكتور كامبل [إذا كان المعنى الحقيقي لكلمة "علقة" هو "الدم المتخثر" فليس من وجود لها في اية مرحلة من مراحل نمو الجنين]...بهذا التوضيح أراد الدكتور كامبل أن ينبه الدكتور كيث مور الى عدم صحة المعلومة التي تم تزويده بها من قبل المعنيين في لجنة الإعجاز العلمي في القرآن، وهي أن العلقة كائن من الدوديات اسمه بالإنجليزية Leech يعيش على مص دماء الحيوانات التي يعلق بها، وذلك تحت زعم ان احد معاني (العلقة) في القواميس هو التعلق والإلتصاق، متجاوزين المعنى الحقيقي وهو Clot وهو الدم المتخثر، هروبآ من الخطأ القرآني الذي لا ريب فيه، والمتمثل في إعتباره دم الرحم المتخثر المرحلة الثانية من أطوار نمو الجنين....والملاحظ أن كلمة Leech (دودة العلق) كترجمة لمعنى (علقة) في القرآن موجودة في الطبعة التاسعة الصادرة في العام 2013 من كتابه Human Developing ، وتحديدآ في المقدمة التي يستعرض فيها تاريخ الامبريولوجي منذ فجر التاريخ. ولإن التدليس بدون ساقين يقف عليهما، تهرّب الدكتور مور ورفض طلبآ من صحيفة The Wall Street Journal، إحدى كبريات الصحف الامريكية، لإجراء حوار معه، حول مشاركته في أعمال الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن بالسعودية... ذكر المحرر بالصحيفة المعنية دانيال قولدن في ذات التقرير الذي اشرنا اليه آنفآ، المنشور بتاريخ 22 يناير 2002، إنه بعد أن وصل الى مدينة تورنتو الكندية رفض الدكتور كيث مور الحوار متذرعآ بانه مشغول في مراجعة كتابه الجامعي، ومتعللآ بتقادم الزمن بمرور عشر سنوات منذ مشاركته في أعمال تلك الهيئة السعودية.
والزنداني تدليس على تدليس
لم يكتف الشيخ عبد المجيد الزنداني بجلب علماء من الغرب باموال سعودية ليشهدوا زورآ بصحة نظرية القرآن في اطوار نمو الجنين في الرحم ، بل وأوغل في التدليس في كتابه:{علم الأجنة في ضوء القرآن والسنة} الذي الفه بمساعدة وإشراف الدكتور كيث مور، حيث عمل على تطويع الآيات القرآنية المعنية، لتتناسب وتتطابق تعسفيآ وآخر ما وصل اليه الإمبريولوجي ، والبسها كل معاني مصطلحاته الحديثة...فـ[نطفة امشاج] ومعناها خليط مني الرجل ومني المرأة، حسب الطبري والقرطبي وابن كثير والجلالين وغيرهم، جعلها الزنداني {البيضة المخصبة Fertilized egg}التي تسمى بـــ[الزيجوت Zygote] حيث يقول عنها في كتابه المذكور في الصفحة التاسعة عشرة:[وبدخول المنوي في البيضة تتكون النطفة الأمشاج] و[هذه النطفة الأمشاج تعرف علميآ عند بدء تكوينها "بالزيجوت"] أ.هـ....ولما كان من الصعب القفز فوق المعنى المباشر والمستقر لكلمة النطفة والزعم بأن ما يسميه القرآن بنطفة المرأة تعني البيضة، فإن الزنداني لجأ الى حيلة تعينه على الخروج من المأزق، لكنها زادت الطين بلة، ومؤداها ان البيضة من مكونات نطفة المرأة وانها جزء منها تسبح فيها، وأن نطفة الرجل تمتزج بنطفة المرأة... يقول في الفصل الأول من كتابه:{وهكذا يبدأ خلق الجنين من قليل من ماء الاب والأم، ثم يأخذ شكل القطرة في مرحلة التلقيح "الزيجوت"} ويضيف:[وبالتلقيح بين المنوي والبيضة يكون الجنين في شكل نطفة مكونة من اخلاط ماء الرجل وماء المرأة] أ. هــ....وكل هذا محض هراء لإن المرأة لا تمني..وليس لديها مني يختلط بمني الرجل ليحدث التلقيح، فالبيوضة هي التي تتلقح عندما تخترقها خلية منوية واحدة من مني الرجل...وتفرز المرأة عند الجماع سائلآ خفيفآ ابيض اللون غير ذي رائحة مصدره غدة مهبلية تسمى Skene]].وهذا السائل المهبلي ليس بمني...والحالة كما بيّنا، فإن الزنداني لم يجد حيلة كي يبرهن على أن المرأة تمني غير تسمية السائل الذي يحيط بالبويضة في تجويف المبيض بماء المرأة، حيث يقول في الصفحة الثامنة عشرة من كتابه المشار اليه آنفآ {وقد اثبت العلم أيضآ إن ماء المرأة الذي يحمل البيضة يخرج متدفقآ الى قناة الرحم}أ. هــ....ولا مشاحة أن هذا أيضآ محض تدليس، فحسب المراجع في الامبريولوجي ومنها كتاب الدكتور كيث مور The Developing Human فإن السائل المذكور يسمى بــ {Follicular Fluid {بينما يسمى المني بــ[Semen [ ومهمة هذا السائل الذي يحيط بالبويضة في تجويف المبيض هي الحفاظ على خصائص البويضة وسلامتها كبيئة مساعدة على نموها، بالاضافة الى مهمتها في مساعدة البويضة في الإندفاع خلال رحلتها من المبيض الى الرحم عبر قناة فالوب. ويلاحظ أن الزنداني تجاهل تمامآ الحديث عن الآية، التي كشف علم الأجنة الحديث عدم صحتها، وهي تلك التي تحدد مكان صدور المني في الرجل والمرأة، حيث تقول:{فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} والصلب بإجماع كتب التفاسير الكلاسيكية هو الظهر ، اما الترائب فهناك إختلاف في معناها، فحسب الطبري قيل انها موضع القلادة من صدر المرأة، وقيل انها المنطقة ما بين المنكبين والصدر، وقيل انها النحر، وقيل انها اليدان والرجلان والعينان..ويرجح الطبري التأويل القائل انها موضع القلادة من صدر المرأة...ومعنى ذلك أن مني الرجل ومني المرأة مصدرهما جميع انحاء الجسم، وهذا إستنساخ لما سبق أن قال به ابقراط وجالينوس كما ذكرنا آنفآ، ولكن علم الاجنة الحديث كشف أن المرأة لا تمني، وأن خصيتي الرجل هما المعمل الرئيس لإنتاج المني، وبمساعدة إفرازات من البروستاتا والحويصلات المنوية يأخذ شكله الغليظ ولونه المائل للصفرة، فظهر الرجل إذن برئ تمامآ كترائب المرأة من مزاعم القرآن بأنهما مصدر المني. وبنفس الكيفية يمضي الزنداني في تدليسه في الباب الثالث من كتابه، بزعمه ان مرحلة العلقة تعقب مرحلة الـ(Zygote.(...ولا شك انه لا وجود لشئ اسمه العلقة الذي هو الدم المتخثر. في علم الأجنة الحديث، فالــ(Zygote ) يتطور بالانقسام الى Morula وهذه تتطور بالانقسام ايضآ الى Blastocyst وهكذا فإن الجنين في تطور مستمر بإنقسام الخلايا. وحيال هذه الحقائق لم يكن أمام الشيخ الزنداني سوى التلفيق تحت سمع وبصر الدكتور كيث مور، فقام بتجاوز المعنى الكلاسيكي السائد لكلمة العلقة وهو الدم المتخثر حسب الطبري والقرطبي وابن كثير وغيرهم، وذهب الى المعنى القاموسي الآخر وهو دودة في الماء تعلق بالدابة إذا وردت لتشرب وتمص دمها ....يقول الشيخ الزنداني: ان النطفة تتحول من شكلها الدائري الى مستطيل شبيه بالدودة العالقة الماصة للدم، ولذا جاء وصف القرآن لها بالعلقة (الدودة) مطابقآ لشكلها...ويقفز الزنداني هنا ايضآ فوق الحقائق الإمبريولوجية، فالجنين كي يتحول من شكله الدائري، الى شكله المستطيل يمر بحوالي ثمانية اطوار حسب جدول كارنجي الوارد في الصفحات الرابعة والخامسة والسادسة من كتاب الدكتور كيث مور نفسه ..ولكل طور بالطبع مصطلحه العلمي...والسؤال هنا: اين هذه الاطوار في قرآن محمد؟ ولماذا لم يأت بها الشيخ الزنداني اذا كان هناك شئ من هذا؟ هل اكتفى الشيخ الزنداني بذلك؟ بالطبع لا...لقد عز عليه ان يهمل كلام كبار المفسرين عن معنى العلقة، بأنها تعني في الآيات القرأنية المعنية الدم الجامد الغليظ، وقرر انها تصلح ايضآ لوصف الجنين.حيث يقول في كتابه:{وطبقآ لمعنى (دم جامد او غليظ) للفظ العلقة، نجد أن المظهر الخارجي للجنين وأكياسه يتشابه مع الدم المتخثر الجامد الغليظ لأن القلب الأولي وكيس المشيمة، ومجموعة الأوعية الدموية القلبية تظهر في هذه المرحلة. وتكون الدماء محبوسة في الأوعية الدموية حتى وإن كان الدم سائلآ} أ.هـ.... الزنداني هنا يؤكد لنا بنفسه أنه لا وجود لدم متخثر، حيث يقول:[ يتشابه] أيّ أنه لا وجود لدم جامد غليظ في حقيقة الأمر...والجدير بالذكر هنا ان لون خلايا الجنين في هذا الطور يكون بنفسجيآ، الامر الذي يدحض مقولة الدم الجامد الغليظ التي جاءت في أمهات كتب التفسير. يمضي الشيخ الزنداني في تأويلاته السحرية، ويحاول أن يجد لمصطلح (المضغة) أيضآ مكانآ في علم الاجنة الحديث...ودون ان يتلفت قام بتوأمة المضغة التي تعني القطعة الصغيرة من اللحم بحجم ما يمكن مضغه بــ{ {Somite Stage وهي الطور الثامن في علم الأجنة الحديث، وتعني طور الفلقات او الندبات التي تظهر في اليوم العشرين من بداية التخصيب...فالجنين في هذا الطور يتحول شكله من الدائري الى المستطيل، ويظهر صفان متوازيان من الفلقات او الندبات، التي لها دور كبير في تطور الجنين وتشكّل العضلات والقفص الصدري والسلسلة الفقرية وما الى ذلك وحجة الشيخ الزنداني في أن طور (السومايت) هو نفس مرحلة المضغة في القرآن، هي ان هذه الفلقات تجعل شكل الجنين كالمادة الممضوغة (عليها طبعات اسنان فهو مضغة) على حد زعمه، ولكن واقع الحال يكذب حجج الشيخ، حيث ان الجنين في اليوم العشرين يكون طوله بالكاد واحد مليمتر ونصف ووزنه لا يذكر...فأيّ مضغة هذه؟!...والمفارقة الاخرى في حجج الشيخ الزنداني انه فسر معنى العلقة بانها دودة الماء التي تعلق بالحيوانات ، زاعمآ بان الجنين يتحول شكله من الدائري الى الشكل المستطيل كالدودة في مرحلة العلقة في القرآن...والآن يقول لنا ان (السومايت) توافق مرحلة المضغة ...ومرحلة السومايت كما عرفنا هي مرحلة تحول الجنين الى الشكل المستطيل وظهور الفلقات بعد ان كان شكله دائريآ ...فأين الفرق بين العلقة والمضغة، اذا كان الاثنان يتوافقان مع نفس المرحلة في علم الاجنة الحديث وفي الفصل الرابع من كتابه ما انفك الزنداني يواصل التدليس...والتدليس واضح من العنوان الذي يقول:[وصف التخلق البشري طورا العظام واللحم]...وهدفه واضح وهو إيهام قارئه بصحة الآية القرآنية بأن اللحم (المضغة) يتحول الى عظام، ثم يكسيها الله باللحم...وهي نفس النظرية التي قال بها ابقراط وارسطو وجالينوس، وقد دحضها علم الأجنة الحديث بمعطياته الجديدة، ولكن الزنداني يحاول تسويقها وتمريرها بالتلاعب بالكلمات كقوله:[وبهذا ينتقل شكل الجنين من مرحلة المضغة، التي لا تحمل شكلآ آدميآ، إلى مرحلة العظام التي يغلب عليها شكل الهيكل العظمي المميز للإنسان] والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل أخبرنا القرآن كيف تنشأ العظام في الجنين؟ القرآن لم يعطنا غير معلومة خاطئة في ست كلمات فحسب وهي:ٍ[فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا]ورغم هذا فإن الشيخ الزنداني يسود حوالي سبع صفحات كاملة في الفصل الرابع، يتحدث فيه عن انواع العظام ونشأة الغضروف ثم عن حلول العظام مكان الغضروف، كما يتحدث عن الانسجة والخلايا الغضروفية والخلايا العظمية والهيكل العظمي...فهل ذكر القرآن شيئآ من هذا؟...بالطبع لا ...فكل ما فعله الشيخ الزاندي انه نقل حرفيآ معطيات علم الأجنة الحديث بمصطلحاته عن انواع العظام وكيفية نشوئه ومراحل نموه، وعرضها بإسلوب يوحي بأن القرآن قال ذلك متلاعبآ بالكلمات...فلا علقة ولا مضغة ولا يحزنون في علم الأجنة الحديث. بقي أن نقول انه خلافآ لنظريات ابقراط وسقراط وجالينوس والقرآن في اطوار نمو الجنين، فإن علم الأجنة الحديث يرى ان الجنين يمر في نموه بثلاث مراحل رئيسة، ومرجعنا هنا الكتاب الجامعي للدكتور كيث مور: The Developing Human الفصل الخامس.... المرحلة الاولى: الــ Growth أيّ مرحلة التكاثر..مرحلة انقسام الخلايا وتكاثرها. المرحلة الثانية: الــ Morphogenesis أيّ مرحلة تكوّن بنية الجنين ونمو الانسجة والاعضاء. المرحلة الثالثة: الـ Differentiation أيّ مرحلة التمايز...إكتمال التمايز يعني إنتظام الخلايا بصورة دقيقة في انماط محددة من الانسجة والاعضاء قادرة على اداء وظائف معينة. وتنقسم كل مرحلة من هذه المراحل الى عدة اطوار...ويبلغ عدد الاطوار في الثلاث مراحل مجتمعة ثلاثة وعشرين طورآ تم جمعها في جدول كارنجي وينسب الى معهد كارنجي الامريكي وكذلك جدول كيوتو الذي ينسب الى جامعة كيوتو اليابانية Carnegie stage table Kyoto Collection والجدول موجود في نفس كتاب الدكتور كيث مور السالف الذكر ..فليكف الدكتور النجار والشيخ الزنداني ومن لف لفهما وهم كثر في عالم الشبكة العنكبوتية عن الكذب والتدليس...وليكفوا عن استغلال التخلف وانتشار الجهل والأمية وعدم القدرة على الوصول الى المراجع في لغاتها الاصلية
خلط بين المثيلوجيا والعلم
ثمة ملاحظة تستدعي التوقف عندها، وهي أن محمدآ يخلط في قرآنه بين اسطورة خلق آدم في التوراة ، التي جاءت في الإصحاح الثاني من سفرالتكوين على النحو التالي: *{وجبل الرب الاله آدم ترابآ من الارض ونفخ في انفه نسمة الحياة}* وبين القدر الذي عرفه من علم الأجنة اليوناني، عن نشأة الجنين في رحم أمه واطوار نموه ...فمن الواضح أن الأمر قد استشكل عليه، بالرغم من إختلاف السياقات؛ ولذا خلط بين المثيلوجيا وبين العلم خلطآ يفضح اكذوبة ما يسمى بالإعجاز العلمي في القرآن... وبلغ الخلط الى حد أن جعل التراب طورآ من أطوار الجنين... وهي الاطوار التي تواترت اليه من مصادرها اليونانية كما اسلفنا... فعلى سبيل المثال، يقول في سورة الحج: *{يٰ-;-أَيُّهَا ٱ-;-لنَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ ٱ-;-لْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي ٱ-;-لأَرْحَامِ مَا نَشَآءُ إِلَىٰ-;- أَجَلٍ مُّسَمًّى}*... وهنا يحاول الدكتور زغلول النجار ان يجد مخرجآ من ورطة الخلط بين العلم والميثلوجيا، بقوله ان المقصود بالتراب هو الغذاء الذي يأكله الانسان من نبات الارض ليتحول الى مني....وهذا محض تدليس لتبرير حيرة محمد بين التوراة وعلم الأجنة اليوناني، فحسب القرآن في سورة [ص] فإن الله قال للملائكة قبل خلق آدم (إني خالق بشرآ من طين) وهذا دليل قاطع على أن المقصود هو الطين الحقيقي. ولا يقتصر الأمر على الخلط، فهناك التكرار وعدم الإلتزام بقاعدة علمية ثابتة في ذكر اطوار نمو الجنين في رحم امه...فأطوار الجنين تتكرر في اثنتي عشرة سورة هي:[العلق، والحج، والمؤمنون، وغافر، والقيامة، والنحل، والكهف، وفاطر، ويسن، والنجم، والانسان، وعبس] ...ولا تجري الآيات المعنية في السور المذكورة على نسق واحد... فالسورة الوحيدة التي تتضمن كل مراحل تطور الجنين، بالقدر الذي تواتر الى محمد من علم الأجنة اليوناني، هي سورة (المؤمنون) التي تقول: *{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ ۚ-;- فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14)} * أما في بقية السور، فمرة يذكر طورآ واحدآ كما هو الحال في اول سورة الفها وهي سورة "العلق" حيث يقول:(خلق الانسان من علق)... وفي آيات اخرى يشير الى طورين او ثلاثة، الأمر الذي يكشف العشوائية والإفتقار الى منهج علمي. واكثر من ذلك فإن محمدآ كان في مرات كثيرة، يترك جانبآ ما عرفه من علم الاجنة اليوناني عن مراحل تطور الجنين، وينغمس في أساطير الأولين... ففي ست سور هي:[ال عمران، والكهف، والحج، والروم، وفاطر، وغافر] يقول ان الانسان خلق من تراب...وفي ثلاث آيات من سورة (الحجر) يقول انه مخلوق من [صلصال من حمإ مسنون] وفي آية واحدة من سورة (الرحمن) يقول انه مخلوق من [صلصال كالفخار]....بينما يقول في ست سور هي:[الانعام، والاعراف، والمؤمنون، والسجدة، وص، والاسراء] ان الانسان خلق من طين؛ ولا ينتهي الامر عند هذا الحد، بل يقول في سورة اخرى هي سورة (الصافات) إنه خلق من (طين لازب) ...وهكذا نحن امام كوكتيل من مواد البناء التي يقول محمد ان الانسان خلق منها، وهذه المواد حسب ما وردت :: التراب، والطين، والطين اللازب (أيّ الطين اللزج اللاصق) والصلصال الذي اصله من حمأ مسنون ومعناه صلصال من طين منتنة، والصلصال الذي هو كالفخار ومعناه طين يابسة... فأيّ واحدة من هذه المواد خلق منها الإنسان يا ترى؟ّ!... فكيف يكون مرة من طين لازب وهو الطين اللزج اللاصق، ومرة من الصلصال وهو الطين اليابس؟!....حقآ أن محمدآ لا يدري ما يملي، كما قال كاتب الوحي عبد الله بن ابي السرح اثر فراره الى مكة مرتدآ عن الاسلام بعد أن ألف آية استحسنها محمد وقال له اكتبها هكذا نزلت.
كم هي عدد الظلمات؟
يبدو أن الإعجازالعلمي المزعوم في القرآن لا حد له، فها هو الدكتور زغلول النجار يصف آية أخرى بــ(النص القرآني المعجز) وهي:{يَخْـلُقُكُمْ فِـي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَـلْقاً مِنْ بَعْدِ خَـلْقٍ فـي ظُلُـماتٍ ثَلاثٍ ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الـمُلْكُ لا إلَهَ إلاَّ هُوَ فَأنَّـي تُصْرَفُونَ 6} (سورة الزمر) ويكرر هنا زعمه بأن:[الخالق العظيم قد أشار في كتابه الي هذه الحقيقة العلمية في زمن لم يكن الناس قد اكتشفوا فيه بويضة الثدييات ومسلكها ذاك في أجسام الإناث بعيدا عن العيون]...وهذا محض هراء، لان وصف عالم الجنين.بالظلمات الثلاث ليس سوى تعبير شعري خاطئ عن حقيقة علمية، عرفها الاغريق والهنود قبل عشرة قرون من ميلاد محمد...فقد عرف ابقراط الكيس الامنيوني الذي يحتوي الجنين، وقد وصفه بعد ان رآه رأى العين، في كتابه:[الاجيال: في طبيعة الاطفال] حيث يقول: ان قريبة له تحترف الغناء، وتتجول مع مغنيين جاءته تطلب الإجهاض، كي لا تفقد مهنتها... فطلب منها ان تقف على اطراف اصابعها وتقفز، وأن تقوم بأداء حركات معينة، حتى سقط الجنين... ويضيف ابقراط، ان تلك المرأة قد اندهشت لرؤيته أيما اندهاش، بينما كانت فرصة له ليتفحصه فوجده في كيس دائري يغلفه... وعلى خطى ابقراط أكد ارسطو وجالينوس وجوده، بل أن العالم الامبريولوجي البريطاني جوزيف نيدهام، يقول في كتابه المرجعي (تاريخ علم الأجنة) انهم وصفوا الكيس الامنيوني والمشيمة وصفآ تشريحيآ يكاد يصل حد الإكتمال، كما يقول أيضآ ان هناك اشارة واضحة الى الكيس الامنيوني في الكتاب الهندي (بقافاد جيتا) الذي يعود الى القرن السادس قبل الميلاد... ويعني ذلك بداهة ان اليونان والهنود عرفوا ان الجنين يكون في الكيس الامنيوني، الذي تحيط به المشيمة داخل الرحم، وان الرحم يلي البطن مباشرة ... فما هو الجديد الذي أتى به محمد وهو يصف ذلك بالظلمات الثلاث، غير إستخدام الصور الشعرية للتعبير عن ما ادركه من علم الأجنة اليوناني...وليت مقولة (الظلمات الثلاث) كانت صحيحة، بل أنها خاطئة تماما من الناحية العلمية...تقول أمهات كتب التفاسير كالطبري أن المقصود بالظلمات الثلاث هي ظلمة المشيمة ثم ظلمة الرحم ثم ظلمة البطن .....ولكنها في واقع الامر خمس ظلمات إذا شئنا الدقة العلمية...فالجنين يحيط به مباشرة الـ Membrane ,وهو كيس من طبقتين، الطبقة الداخلية الملامسة للجنين تسمي Amnion، والطبقة الخارجية تسمى Chorion ,وهي الطبقة الملاصقة للمشيمة، ثم تأتي بعد ذلك المشيمة Placenta، ويلي المشيمة الرحم Uterus، والرحم هو الكيس الذي يلي البطن Abdomen مباشرة.... وبذلك فإن عدد الاغلفة او الاكياس هي خمسة بلا ريب...أيّ هي ظلمات خمس وليس ثلاث كما يقول محمد...فأين هو الإعجاز العلمي؟..إنه عجز علمي
على جثـــة العلم والعقل
تواطأ الدكتور كيث مور، الذي أنفقت عليه السعودية الكثير، واستقدمته ليشهد زورآ امام ما يسمى بالهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن بصحة ما ورد في القرآن عن اطوار نمو الجنين، مع الشيخ عبد المجيد الزنداني لإغفال ريادة اليونان في علم الأجنة، وإهمال ذكر مؤلفات أبقراط وارسطو وجالينوس في وصف أطوار نمو الجنين في رحم أمه، حتى لا تنفضح كذبتهم بأن القرآن وحده كشف نمو الجنين في اطوار....ولم ينته الأمر عند هذا الحد، بل ذهب الزنداني ابعد من ذلك في كتابه [علم الأجنة في ضوء القرآن والسنة] الذي الفه تحت اشراف وترجمة الدكتور كيث مور، حيث زعم ان الاغريق لم يعرفوا نمو الجنين في اطوار، ولذا فإن النظرية التي كانت سائدة لديهم وسادت بعد ذلك قرونآ، هي ان الجنين ينمو كاملآ دفعة واحدة من دم الرحم او من ماء الرجل...وقد ردد الدكتور زغلول النجار في مقال له بصحيفة الأهرام بتاريخ 22 نوفمبر 2004 نفس هذا الزعم الكاذب للتجهيل والتضليل بأسم الإعجاز العلمي في القرآن، حيث يقول:{وصف مراحل الجنين البشري من النطفة الأمشاج في القرار المكين, إلي العلقة, ثم المضغة, فالعظام وكسوتها لحما, إلي إنشاء الجنين خلقا آخر. وهذا الوصف المحكم والترتيب الدقيق جاء في زمن سيادة الاعتقاد بتخلق الجنين كاملا دفعة واحدة من دم الحيض وحده, أو من ماء الرجل وحده في صورة متناهية الضآلة في الحجم, ثم بالنمو والزيادة في الحجم يصل إلي حجمه لحظة الميلاد. ووصف القرآن الكريم لتلك المراحل المتتابعة التي تتراوح في أطوالها بين أجزاء من الملليمتر إلي بضعة ملليمترات قليلة, بهذه الأوصاف الدقيقة المحكمة في غيبة تامة لجميع وسائل التكبير والتصوير والكشف هو من أوضح صور الإعجاز العلمي في كتاب الله } أ.هــ.... لم يصدق الدكتور النجار كتلميذه الشيخ الزنداني وفارق الأمانة العلمية...لا شك أن هناك في الاغريق، من كان يؤمن بنظرية الـ preformation، وهي النظرية التي تقول أن الجنين لا يتطور في مراحل، بل يوجد مكتمل التكوين في حجم جرثومة في مني الرجل، وعندما يتم التلاقح في الرحم، فإن كل ما يحدث هو أن يأخذ في النمو الى أن يصبح طفلآ ولا شئ غير ذلك... وحتى في العصور الحديثة، أيّ في القرنين السابع عشر والثامن عشر، كان هناك من يؤمن بهذه النظرية من اصحاب المدرسة الطبيعية...ولكن هناك في الاغريق من آمن بنظرية الــ epigenesis، وهي النظرية التي تقول بتخلّق الجنين على مراحل واطوار في رحم أمه بعد التلاقح... ورموز هذه النظرية بطبيعة الحال، هم الثلاثة الكبار مؤسسو علم الأجنة اليوناني، ابقراط وارسطو وجالينوس، الذين اتينا على ذكر مؤلفاتهم ونظرياتهم اعلاه، وبينا كيف أن محمدآ استنسخ منهم نظرية تطور الجنين على مراحل...واكثر من ذلك، فإن ابقراط وارسطو وجالينوس انتقدوا في مؤلفاتهم سالفة الذكر، نظرية الجنين المكتمل التكوين في مني الرجل ودحضوها. ومن المؤسف ان هذه الترهات يجري الترويج لها تحت يافطة ما يسمى بالإعجاز العلمي في القرآن، والتي تنتشر بصورة مرضية في هذا الجزء المظلم من العالم،الذي يؤمن بأنه لا قيمة للحقائق العلمية اذا تعارضت مع القرآن...فالقرآن دائمآ على حق وإن كان ما يقوله مجرد شطحات وخرافات ...وكل ما يهم المسلم أن لا يتم تخطئة القرآن ولو كان ذلك على جثة العلم والعقل والمنطق.
#احمد_القاضي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في دحض علمية القرآن....الحلقة الثالثة
-
فيلم -سذاجة المسلمين-....الهزل في مكان الجد
-
في دحض مزاعم علمية القرآن...الحلقة الثانية
-
في دحض مزاعم علمية القرآن...الحلقة الاولى
-
زنار مريم........نقد النقد المأزوم
-
اليسار .... الخروج من الأطلال؟
-
مصر العليلة في مستنقع الدين
-
تونس....الدين والتنوير والحداثة
-
نادر قريط وغسيل السيرة المحمدية
-
تديين كارل ماركس!
-
توطين الماركسية بالخرافات الاسلامية !
-
زوبعة دكتور حجي....يا قلبي لا تحزن !
-
الآية التي سطا عليها محمد !
-
متنكر في ثياب التنويريين....او اركلجة الخرافة
-
المثقف المكي الذي هزم محمد
-
محمد يحرق النخيل وعلي يجز الرؤوس !!
-
ابن تيمية ام الضحوك القتّال !
-
اولوية نقد الدين
-
بائع الافيون الفلسطيني
-
هل تراجع د. طه حسين عن اطروحاته في كتاب ( في الشعر الجاهلي )
...
المزيد.....
-
كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
-
“التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية
...
-
بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول
...
-
40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تواصل إشتباكاتها مع جنود الاحتلا
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا للاحتلال في مستوطنة
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|