أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاطمة ناعوت - تعليم خفيف الظل














المزيد.....

تعليم خفيف الظل


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4981 - 2015 / 11 / 10 - 08:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



ورقة أسئلة وإجابة تخصُّ أحد التلاميذ فى إحدى مراحل التعليم الأساسى. جاء السؤالُ يقول: «ماذا يُقصد بالذهب الأسود». وبعيدًا عن خطّ التلميذ الردىء، جاءت إجابته ركيكة ماكرة: «لا أعلم، وأرجو المعذرة لأنى كنت مع أمى مريضة بالمستشفى». (لاحظوا الخبث والحيلة التى أدرك فنونَها الطفلُ الصغير قبل أن يُدرك معلومات كتابه المدرسىّ!). س: «عدِّد أنواع الأسماك». ج: «سمك مقلى ومشوى وعلى الفحم وسمك بالفرن». (لاحظ مهارة الطفل فى فنون المطبخ وأساليب الطهو قبل تعلمه مهارة قراءة دروسه واستيعابها!) س: «ماذا تعرف عن البحر الميت؟» ج: «كان مريض وبعدين مات والله يرحمه ويرحم أمّة المسلمين جميعًا» (لاحظ العنصرية المبكرة التى تكوّنت داخل الطفل الصغير، قبل أن يتعلم واجبه المدرسى!). س: «ما هى فوائد الجمبرى؟» ج: «يجيب حرارة للجسم، يقوى الركب، يزيد من فرص الإنجاب والخلفة، مفيد للمتزوجين». (لاحظ معلوماته الجنسية المبكرة التى تكوّنت داخل الطفل قبل أن يتعلم كيف يذاكر دروس منهجه!).


ورقة إجابة أخرى تداولتها أيضًا مواقعُ التواصل الاجتماعى، ولكنها هذه المرة خفيفة الظل، تدعو للابتسام قبلما تدعو للحزن والرثاء. س: «بماذا صوّر الشاعرُ البيت الشعرىّ السابق؟» ج: «صوّره بكاميرا جلاكسى نوت تو». س: «ماذا فعل الفُرس بعد خروجهم من البحر؟» ج: «قاموا بتجفيف ملابسهم». س: «للغيب مفاتيحُ لا يعلمها إلا الله. اذكر ثلاثة منها». ج: «أنت تقول لا يعلمها إلا الله، أعرفهم أنا ازاى؟ يا أستاذ يا متعلم!!!».

بعيدًا عن خفة ظل التلميذ وسرعة بديهته فى الخروج من المأزق، وكذلك فراسته التى تنمّ عن ذكاء وإن سار هذا الذكاءُ فى المسار الخطأ، إلا أن الملاحظة العامة أن التعليم فى بلادنا يمر بحال رِدّة وانحطاط يدعو للحزن ويستوجب التوقّف. وهذا شأن التعليم القائم على «حقن المعلومة فى الدماغ» وليس على «كيفية تشجيع هذا الدماغ على العمل والإنتاج الذهنى الخلاق». التعليم النقلى يُكرّس حفظ المعلومات وتردادها كما الببغاء، فى حين التعليم العقلى يعتمد إعمال العقل وإنتاج المعلومة والفكر والابتكار. التعليم فى بلادنا الرجعية يُكرّس حشو الرؤوس بالتواريخ والأحداث والغزوات والحروب وأسماء البشر، وكلّها وأكثر يمكن أن تضمها شريحةٌ إلكترونية صغيرة من النحاس بحجم عقلة الأصبع! بينما لا تستطيع تلك الشريحة أن تستنتج الأفكار والفلسفات التى تكمن وراء تلك الأحداث وفى رؤوس تلك الأسماء التاريخية. بلاد الغرب الكافر يعلّمون أبناءهم كيف «يفكرون»، بينما فى بلانا المؤمنة نعلم أولادنا كيف «يحفظون». لهذا ينتهى الحال بأطفالنا المتوسطين أن يكبروا دون مقدرة حقيقية على التفكير والإبداع والابتكار وتحطيم الشرانق النقلية البالية، وينتهى الحال بأطفالنا الأذكياء أن يكبروا وقد أتقنوا فنون الفهلوة والتذاكى والمكر السلبى غير الصحى. فى ورقتى الإجابة السابقتين، نجد النموذجين بكل جلاء. طالب بليد غير ذكى لجأ إلى الركاكة الفكرية والخبث الساذج. وطالب ذكى خفيف الظل لم يُستفَد من إمكاناته الذهنية. وكلاهما ضحية التعليم المشوش فى بلادنا السعيدة. أسفى على أطفال بلادى ضحايا التعليم القشرى المتدنى.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيوا مصر بتحبك
- السيسي وحده لا يكفي!
- رحلة جمال الغيطاني الأخيرة
- لماذا تسمونها: معركة انتخابية؟
- المُغنّي والزعيم... وشعبٌ مثقف
- عسل أسود
- المال مقابل الكرسي
- جمال الغيطاني... خذلتني
- قانون مكافحة التجهيل العمدي
- هكذا الحُسنُ قد أمر
- ما العلمانية؟
- سجينة طهران
- السلطان قابوس والاستنارة
- حزب النور سنة 1919
- السيف والرمح والقرطاس والقلم
- المراجعات على نهج ناجح إبراهيم
- أرجوحةُ الخَدَر ودولةُ الحاجة
- الأوغاد لا يسمعون الموسيقى
- حوار شامل مع الشاعرة المصرية فاطمة ناعوت حول التيارات المتطر ...
- صباحُ الخير يا زينب


المزيد.....




- -لم يكن من النوع الذي يجب أن أقلق بشأنه-.. تفاصيل جديدة عن م ...
- نجيب ساويرس يمازح وزيرة التعليم الجديدة بالإمارات: -ممكن تمس ...
- كسرت عادات وتقاليد مدينتها في مصر لترسم طريقها الخاص.. هبة ر ...
- من هو جيه دي فانس الذي اختاره ترامب نائباً له في رحلة ترشحه ...
- حرب غزة: قصف لا يهدأ على وسط القطاع وجنوبه وإصابة جنود ومستو ...
- ألمانيا تحظر مجلة -كومباكت- اليمينية المتطرفة
- مكتب نتنياهو ينفي تلقي إسرائيل رفضا من -حماس- بخصوص مواصلة ا ...
- -حماس- تنفي وجود خطط لعقد اجتماع ثنائي مع -فتح- في بكين
- -روسكومنادزور- تطالب Google برفع الحظر عن أكثر من 200 حساب ع ...
- علاج واعد يوقف الشخير نهائيا


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاطمة ناعوت - تعليم خفيف الظل