|
الرؤى الإجتماعية في نص احلام فتاة شرقية
سعاد جبر
الحوار المتمدن-العدد: 1363 - 2005 / 10 / 30 - 12:37
المحور:
الادب والفن
قراءة نقدية في نص احلام فتاة شرقية للقاص يحيى الصوفي يشكل المجتمع برؤاه الجمعية ، انعكاساً جلياً لمؤثرات السلوك على مسرح واقعه المتضاد ، وفي الوقت ذاته مادة تراكمية اجتماعية لأسقطاتاته الجمعية ، وتتشكل تلك الإسقاطات في خطوط متقاطعة في أبعاد متنوعة ، ومنها بعد الأنوثة واقعا وحلما ، والرؤى الاجتماعية التي تؤطر حياتها ، بين النمطية وكسر الحواجز في لغة الهروب اللاشعورية ، في متناقضات الأنا التي تسكن الروح في الأعماق ، وتنعكس في متناقضات قيم الجسد ، ومن هنا يطل علينا نص ( أحلام شرقية ) ليعكس لنا حياة حالمة في تراكمات أنوثة ما في مقطع المجتمع ، حيث تدور مادة القص في تتبع رحلتها العمرية باختزال للحظات عابرة عبر ذلك العقد الزمني في حباته المتسلسلة ، حتى بلوغ سن الثمانين ، في الاقتراب تسارعا نحو وداع الحياة ، والنص يكثف بؤرته المركزية في أحلام تلك الصبية الصغيرة في ظل لغة فارس الأحلام ، وتداعيات أسرة أمام المجتمع في ظل أزمة كثرة عدد البنات في الأسرة ونظرة المجتمع لبقائهن بلا زواج وما في ذلك من خدش للأسرة ، إضافة إلى عدم تحمل المجتمع لحقيقة كثرة عدد البنات في الأسرة واعتبارهن عبئا ثقيلا في عين الأسرة ومصدر تهكم المجتمع وسخريته ، ويسلط النص على تراكم تلك الإسقاطات في تماهيات الأمومة في الأسرة ، ومثابرتها في الخروج منتصرة من رؤى المجتمع ، في لغة تزويج البنات وتأهيلهن للحياة ، وهنا تنقدح الجدلية هل هو سلوك في محض الواجب أم الحب والانتشاء أم رد اعتبار قبل إصدار المجتمع أحكامه المتهكمة على الأسرة في لغة العنوسة وعدم الزواج ، في ظل معطيات كثرة البنات في الأسرة . ويعكس النص الرؤى النمطية للزواج واختزاله في مقطع من اللحظات ، غدا من سلم القداسة بين الذكورة والأنوثة ورحلة اعتبار الرجولة ، وتماهيات تلك الرؤى المتضادة التي تعكسها العادات والتقاليد الرثة ، في لغة زخم حراك الرؤى الاجتماعية في خصوصيات الذوات ورحلتها في الحياة في رباط الشراكة الزوجية ، وهنا يبرز لنا عدم عبئ الصبية الصغيرة بتلك التعليمات المنسكبة من الرؤى الاجتماعية ، وتكاثف رؤاها في آبهة الظهور في منصة الزفاف، وتكاتف الأنظار في مطالعة بهاءها الملائكي الأبيض ، وهنا مقطع اجتماعي انفصامي بين الذوات والمجتمع ، وتبرز حدته البالغة مع رحلة الزمن ، حيث يؤول انفصام مع الزوجية في انفصام مع الذات نفسها؛ بين الواقع المنهك بالأسقاطات ، واللاشعور الملتهب الصاخب في الوجود الحر، بعيدا عن الحواجز وجدران الحقيقة الصامته . ويكثف النص سرده حول منظومة الرؤى التي تخترق بينت الزوجية في لغة الشراكة ، وثقل الأعباء التي تكتنف حياة المرأة الشرقية وفق تراكيب النص السردية ، بحيث تشكل تلك المحطة الخط الفاصل بين الواقع في متضادته وأعبائه والأحلام في خطها الساحر الواهم مع فتى الأحلام ، إذ ما زالت ترفرف في اللاشعور ولاتجد لها مكاناً في الوأد الوجودي ، ويتجاوز النص حبات عقد الزمان، ويعكس لنا شخصية " ندى " وقد غدت أماً مثالية ، حيث تحتضن أجنحتها أسرتها الصغيرة ، تتعهدهم ليل نهار ، ويعكس لنا النص حالة الزوج وقد ادهمته الأيام ولغة ذبول الجسد، وخطوط المرض المعمقة في الجسد ، وشدة معانات تلك الأمومة في الرعاية والتمريض وبذل التضحيات ، وهنا تبرز عقدة النص الاجتماعية في تراكمات اللاشعور الرافض للغة الواقع ، وتمرد تلك الأنوثة في تصاعدات لغة الرفض والإسقاطات ، إذ ما زال يسكن رسما واهما ما في أحلامها لفتى الأحلام البهي النشط على مسرح الحياة ، لا المقعد العاجز عن الحراك مع رحلة الزمان وضنكها ، وهنا تبرز حدة الصراع الدامي بين الأنا الناطقة والأنا اللاشعورية ، حيث تكون الغلبة للاشعور المتهالك في الرفض وأنانية الذات ، وهنا تتشكل لغة الإهمال في العناية بالزوج وبلوغ مسرح الجريمة ووداع الزوج للحياة لدواعي الإهمال ، وهنا تتساقط في النص لغة التأنيب وتقاطعات الذنب في حياة ندى الأم والجدة تواليك في الحياة ، ولغة الندم في وهم مسرح فتى الأحلام ، وهنا تتشكل يقظة الوعي في كلمات فتى الأحلام لها : ( كنت معجب بك واحترمك وأجلك لأنك امرأة تتمتعين بجمال وفتنة وعفة الملائكة... ولكن سرعان ما أدركت بان الهالة الإلهية التي كانت تحيط بك قد انطفأت بانطفاء من أشعلها بحبه ووفاءه،... وقريبا ستدركين حجم الخسارة بفقدانك الرجل الوحيد القادر على حبك وحمايتك ودفع الأذى عنك حتى وان كان مقعدا...) وهنا تتصاعد اللسعات في اللاشعور ، ورفض لغة التأنيب والركون على تمرد وانانية الذات : (ألا يحق لي أن احلم وأتنفس وأحب وأعيش كامرأة، ؟ كأنثى،...؟ ! – بكل بساطة – كامرأة أنثى ؟ ! ). وهكذا يعكس لنا النص الرؤى الاجتماعية في مقاطع تضادتها وتبعثرها على الواقع ، واسقاطاتها السلبية في مؤثرات السلوك ، وتكثفها في مقطع بين الزوجية ، وانعكاسها على الواقع برمته . ويؤكد النص حجم الهوة التي تصنعها تلك الإسقاطات ، واعتبارها قنبلة موقوتة ، تأكل الأخضر واليابس ، ولكنها ساكنة في المجتمع ، تؤطرها لغة التصاعدات والمزيد من الأستنزافات في مدارات اختلاف الذوات لا التقائها العبق على مسرح الحياة . ولايسعني في نهاية مطاف رحلتي مع النص المبدع ورؤاه الاجتماعية إلا أن أزجي كل تحايا نوراس الإبداع على شواطئ التجليات لمبدعنا القاص الألق : يحيى الصوفي ودامت فراشات انشطارات إبداعه مرفرفة على الصفحات .
#سعاد_جبر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثقافة الحوار : الواقع والأزمات
-
الأنا الذكورية ومشاعر الانوثة المستلبة
-
رصد لحظة التوهج في الإبداعية الأدبية
-
المسكوت عنه والمقموع في النص الأدبي
-
الثقافة والإبداع
-
ندوة العولمة وتغيير المناهج في العالم العربي
-
الديمقراطية والإصلاح السياسي في العالم العربي
-
همسات صحفية 8 : ثقافة الحوار وخرفان بانورج
-
ماهية الحياة في الرؤية السيكولوجية للأدب
-
ثنائية - موسيقى النص ، تيار الوعي - في النص الأدبي
-
سيكولوجية الحرب في مجموعة عطش الماء
-
رؤية نقدية للواقع من منظور نيتشه وجاسبرز
-
رؤية نقدية لواقع الإعلام العربي في ظل معادلة الإبداع
-
رؤية نقدية في المشهد الثقافي السياسي في عالمنا العربي
-
فنيات القص في ادب رابلية / اضاءات على روائع الأدب الفرنسي
-
المرأة والأبداعية الأدبية
-
تماهيات الأدب في لغة السياسة
المزيد.....
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
-
تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر
...
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|