أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة الحسن - الشاعر ولتر تونيتو ـ كفن لبلاد الرافدين















المزيد.....

الشاعر ولتر تونيتو ـ كفن لبلاد الرافدين


حمزة الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 369 - 2003 / 1 / 15 - 03:24
المحور: الادب والفن
    



        ـ خاص: الحوار المتمدن

   ولتر تونيتو الشاعر الاسترالي والمحاضر في جامعة واسيدا في اليابان، و مدير المسرح الاسترالي لسنوات، والناقد الادبي في جريدة شرق استراليا فترة طويلة من الزمن، هو الذي يرثي هذه المرة بلاد الرافدين، تلك البلاد التي وضعت على
طاولة المشرحة هذه الايام في انتظار وليمة الذبح والتوزيع على ذئاب تستنكف منها حتى الذئاب، وحولها ضباع تخجل منها حتى الضباع.

ولتر يُفتش في وجوه الموتى، كما يقول، في رسالة الى ناشر قصائده، بحثا عن الامتقاع الذي  يطبع الدم المنسل على الجسد، والعرق الذي ينز بسبب الاجهاد الخارق بغض النظر عن القومية والجنس.  وهذا القول لولتر ذكرني بالمشهد الفاجع الذي أوشك ان يخرب حياتي في حرب الخليج الاولى حين وقفت على جثة  جندي عراقي قتل قبل ساعات في معركة مجنونة،
وكانت ساعته الالكترونية تعزف لحن عيد الميلاد !
لمن تعزفي ايتها الساعة اذا كان الموت هو الموسيقي الوحيد في عالم انطفأ فيه  الضمير أو يكاد؟

لمن تقرع الاجراس، اذا كان العالم يحسب موتانا بالملايين؟ليس مهما ان نموت بالجملة أو بالمفرد، بالغازات أو بالطائرات، لأن موتنا مطلوب لكي  يعري مشهد الكذب لهذه الحضارة العنصرية التي جعلتنا، نحن شعوب الارض، نعيد النظر في معنى الهوية الامريكية والاوروبية، ونؤمن بقناعة الضحية ان الوحش الكامن خلف هذه الاقنعة البراقة مايزال طليقا ومسلحا وجبانا وهو يطلق النار على الموقد والمزرعة والبيت والنافذة والجسر والملجأ ومحطة الوقود والطرق والايام والاحلام؟

  هذه هي الطريقة التي سنتعلم بها على مبادئ هذه "الديمقراطية ". هذه هي صورتنا التي لا يتم رسمها الا عبر الطائرات والصواريخ التي قد تخطيء الهدف وتقتل  الضحايا، ضحايا الدكتاتور، وضحايا من صنعوا له الواجهة، وأوقفوه على قدمين
لسحقنا طوال سنوات.

وحين تأكد لهم اننا لن نموت الى الابد عادوا مرة اخرى تحت القناع نفسه، وبالاسلحة نفسها، وقد طوروها بما يكفي لجعل موتنا اقل ألما لأن الرصاص هذه المرة، كما يقول أحفاد يهوذى الاسخريوطي المحليين، لن يؤذي، وان القنابل الجديدة ستسقط على الحرس والمخابرات لأنها ذكية بما يكفي لكي تعرف الطريق.   هذه هي الحرب.
  هل يمكن اختصارها على هذا النحو ببضع كلمات؟

هؤلاء الناس، يقول ولتر، مثلي ومثلك، وهم يحتاجون حصتهم من العاطفة والطعام، ولديهم رغبات واحلام وحاجات.

ويتابع ولتر:

" خذ اي رجل ميت وانظر الى متاعه، والى المواد المهشمة التي بحوزته والتي تتعلق بالعواطف الابدية: فبين قطع الملابس المتناثرة قد تعثر على بعض الحلوى والفطائر في بدلة الخاكي المعفرة بالتراب، قد تكون مرسلة بمشقة من أم عجوز، اكداس
من بطاقات ورسائل، مغلفة بعناية، وبالطبع صور كثيرة: صور لأحباء، مع صور المحبين، واطفال يرفلون بالحب والحنان، ذكريات عائلية، الاب وهو يرفع طفله بضحكة، نافخا فيها من خارج الاطار لتكتسب الصورة صفرة الاشواق المؤجلة الى مالانهاية.
لقد تجولت ، يقول ولتر، كثيرا بين الناس من مختلف الاقطار والعادات وأربأت بنفسي ان اخدع بصيحة الحرب التي اطلقها جورج بوش ـ الاب ـ الذي تتحدث شفتاه عن العدالة والنظام الدولي الجديد لكنه، كأي متعطش  من قلب هارلم، ينضح
بالبنزين، واذا شاء المرء ان يضيف نأمة من السخرية، فقد يتبين له ان مدمن هارلم على الاقل يسدد ثمن مشروبه الفج، واذا أمعنا النظر في الأمر، فإن حماس الغرب للنفط لم يترجم دائما الى مقاصد شريفة.
انا اتصوره ـ بوش ـ وغدا يمسك ببندقية وصورة اسرته مندسة في جيبه، فالحرب نادرا ما تعني شيئا غير الانحطاط  "لكن من يفكر بأحلام الجنود والضحايا الابرياء، وصورهم المخبأة في الجيوب، ومن يهمه اشواق جنود الخنادق وهم يسعلون من الغبار والحنين والموت القادم من داخل
الحدود ومن خارج الحدود في زمن وحوش بشرية خرجت علينا في هذه الظهيرة الشاحبة من العالم حيث ليس للموتى من يدفنهم سوى الغربان؟

لماذا يراد اقناعنا ان طائرات الاباشي فوق حاملة الطائرات في الخليج هي التي ستشعل لنا موقد العائلة، وتضيء لنا غرف النوم، وتمنح اطفالنا حقائب مدرسية، وان الطيار الامريكي القادم من أزمنة افلام هوليود سيكون هو المنقذ والمخلص،
وان حفنة ملايين موتى غدا، بعد نهاية موسم الامطار، والصحو، وزوال الغيوم، هو ثمن السعادة الجديدة، كأن حريتنا لا تشرق إلا من المذبحة؟

إبك، ياولتر، كفن الشجاعة.
إبك على بلاد الرافدين، كما بكى قبلك ذاك الشاعر العراقي المجهول وهو يرثي حطام مدينته أور وهي تتحول الى انقاض  يسيل فيها الدم ولا يسمع فيها غير نعيق الغربان.
إبك وكالة عنا، لأن دمعنا جف كالاهوار، ولو وضعنا رمحا في بياض العين لغاص الرمح في صحراء لا تنتهي من الرمل.
أبك على هنود سمر يشربون الشاي الان ويشاهدون موتهم الوشيك من شاشات لم تعد تعرض هذه الايام إلا حفل جنازتهم وهم يعانقون اجسادهم لأن موتهم سيكون بلاوداع.
هذا الموت الحيادي اللون المعطر بالغازات والحرائق والجنون.

 

      من قصيدة:   كفن
        الشاعر ولتر تونيتو
      الى: الشاعرة اليزابيث كري


ياكفن الشجاعة الذي لا تنتهي طياته!
غطاء برميل النفاية الملتوي يدور طوال الليل
من زوايا جدران السد التي تحاذي
ممر المطار: كيف تمنع الخثارة والسائل
من الامتزاج بهواء الصحراء الرملي،
هليكوبتر الاباشي
مثل ذكور نحل لا تفتأ تدور حول الملكة، المحور
المحور المحسوب لآلة حرب الحلفاء.
ثم ذُبح الهنود الحمر
سمموا وخنقوا بالدخان.
إسمهم الان يذكرنا
بنوع جسور من طيور الرعد المهاجمة.
     ...............

 

   لا ينسى هذا الشاعر المفعم بالجمال ومشاعر الصداقة ان  يذكّر بأن الحقيقة الوحيدة الباقية رغم الخراب هي ان قيم الحب والسلام والامل هي الباقية لأن" الزهور البائسة تتفتح للحياة وان عطرها غالبا ما ينجم عن رماد"لماذا لا تكون قيامتنا الا من رماد، ايها الصديق؟!

ـــــــــ
ترجم هذه القصيدة الدكتور كاظم سعد الدين. وهناك قصائد عن حرب الخليج
الثانية
قامت مجلة" اللحظة الشعرية"/ لندن بترجمتها.

 




#حمزة_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الروائي الالماني هرمان هيسه ـ اذا ما إستمرت الحرب
- الشاعر عباس خضير ـ الحرب والاعتقال والمنفى والذهول
- الشاعرة اليزابث. ر . كري ـ عشية الحرب
- الشاعر ديفد ري،David Ray ـ الى طفل في بغداد
- الشعر الاجنبي والحرب ـ موسم قتل العراقيين
- القاص مهدي جبر ـ وداعا طائر التم
- الروائي نوري المرادي ـ خضرمة ـ الموسم الخامس.
- إحتفالية بالروائي عبد الخالق الركابي ـ سابع ايام الخلق
- الروائي مهدي عيسى الصقر..و.. ـ أشواق طائر الليل
- الروائي الطاهر بن جلون و ـ تلك العتمة الباهرة
- الروائي المغربي محمد شكري و ـ زمن الاخطاء
- عبد الله القصيمي، المتمرد القادم من الصحراء
- الشاعر أمين جياد و ـ لمن أقول وداعا؟
- الشاعر حسين عبد اللطيف في- نار القطرب-
- احتفالية بالشاعر رعد عبد القادر و- دع البلبل يتعجب
- احتجاجات المثقف والارهاب وغياب تقاليد التضامن - التضامن مع ا ...
- نقد المثلث الأسود / رجل واحد شجاع يشكل أغلبية !
- وثيقة التوجهات السرية!
- صرخة تضامن مع مروان البرغوثي


المزيد.....




- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...
- -هاري-الأمير المفقود-.. وثائقي جديد يثير الجدل قبل عرضه في أ ...
- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة الحسن - الشاعر ولتر تونيتو ـ كفن لبلاد الرافدين