أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمود المفرجي - من يكفل الحريات ومن يطبق الديمقراطية .... ردا على مقالة هرمز كوهاري















المزيد.....

من يكفل الحريات ومن يطبق الديمقراطية .... ردا على مقالة هرمز كوهاري


محمود المفرجي

الحوار المتمدن-العدد: 1362 - 2005 / 10 / 29 - 11:58
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ان الغرض الاساسي من وراء تشريع الديمقراطية وتمريرها على كل شعوب الارض والزامهم باتباعها واعتناقها شاءوا ام ابوا هو لمحاربة الاتجاهات الدينية ، التي ظلت تحكم شعوب الدول الاوربية في القرون الوسطى من عصرنا الحديث وتخاطبهم بلغة الحديد والنار ، والديمقراطية اتت كردة فعل طبيعية من صميم هذه الممارسات الدينية الكنيسية في ذلك العصر لتمتد الى عصرنا هذا .
وبعد ان ترسخت الديمقراطية في الدول الغربية وتوسعت في كثير من دول العالم وصيروريتها واقعا مفروضا ، باعتباره قد عبر مرحلة التنظير الى مرحلة العمل الفعلي وطرحة كحضارة واقعية لابد لها ان تغزو العالم وتسيس دول العالم بسياسة واحدة، وكل هذا مشفوعا بقانون حقوق الانسان الذي ابتدعته الديمقراطية نفسها ، والذي هو قانون لحماية الديمقراطية نفسها اكثر من كونه قانون يحمي الانسان من الدكتاتورية.
وبعد ان توسع الرقعة الجغرافية لهذا النظام ، كان لابد له ان يدخل المرحلة الاصعب ، وهي بعرضه على شكل حضارة جديدة على العالم تنسخ في ذاته كل الحضارات مهما كانت طبيعتها وماهيتها، ولاسيما على الدول التي تعتنق الدين الاسلامي الذي هو من اكثر الاديان السماوية بل اكثرها رصانة وتماسكا من حيث العقيدة والايمان في نفوس معتنقيه.
ومن هذه الناحية فان الديمقراطية سوف تصطدم بواقع مرير سوف يخلق في طريقها كثير من العقبات في داخل هذه الدول (الإسلامية) ، التي ترى من دينها على انه نظام متكامل ومعصوم من أي نقص او خطل. وما يزيد ترسيخ الدين الإسلامي في نفوس معتنقيه هي التجارب التاريخية التي عرض خلالها الدين الاسلامي كدين سلطوي سياسي ممتدا الى حقبة تاريخية عريضة ، مارست خلالها السلطة والحكم .
ان الطرح الإسلامي للدولة لاقى العديد من الإحداث والإرهاصات السياسية الداخلية بفعل تسلط من هم يتبرقعون ببرقع الدين ظاهرا ، مما ولد تصادما بين أنظمة الحكم المتعاقبة وبين ممن يحملون النفس الإسلامي الخالص المتمثل بأئمة أهل البيت (عليهم السلام)، مما ولد مجموعة من الثورات التي سجلها التاريخ بحروف من ذهب ولتقف حجر عثرة بوجه الحكام من بني امية وبني العباس ومن تبعهم. الا ان هذا النظام السياسي الديني ظل محافظا على نفسه ووصوله الى يومنا هذا بكل ما يحمله الوضوح من معنى ، كنظام كامل وشامل ونزيه في نفس الوقت.
وعلى هذا الاساس فمن الطبيعي ان تصطدم الديمقراطية بهذا الواقع الذي لم يتفاجأ منظريها من مواجهته في لحظة طرح الديمقراطية على ارض العالم الاسلامي وخاصة العراق الذي يعيش مرحلة انتعاش ديني لم يعهده من قبل بفعل سرعة ايقاع الحركات الاسلامية التي ظهرت على ارض الواقع ولاسيما في عقدي الثمانينات والتسعينيات من القرن الماضي وتفوقها على الحركات التحزبية السياسية كانت علمانية او اسلامية على حد سواء، بفعل ظهور بعض القادة الدينيين الذين اعادوا طرح المفهوم السياسي الاسلامي بطريقة مماشية لروح العصر بتبنيهم مبدأ (ولاية الفقيه) ، مما ولد تجاذبا ليس له نظير بين هذه القيادات وبين الجماهير التي ساندت هذه الحركات وتبنيها على شكل نظرية رسمت معالمها بصورة مفاجئة وسريعة الى لوحة نضالية ضحى من اجلها ابناء الوطن من اجل تحقيقها .
ومن هنا يتضح الفرق الشاسع بين السياسة الكنيسية المتعجرفة وبين السياسة الاسلامية السامية، فالاول ولد النفور ضد الكنيسة ، والثاني ولد التجاذب والتعانق مع الاسلام لانه حاكى الفطرة التي فطر عليها الانسان.
وعليه فلا معنى لما يدعيه بعض من منظري الديمقراطية ، بمناداتهم ومحاولتهم فرض النظام الديمقراطي كنظام فوق الاسلام فضلا عن التقليل من شأن العقيدة الاسلامية في نفوس المسلمين. لان النظام الاسلامي هو اول نظام استطاع ايجاد لغة مشتركة مجانسة في تعايش كل الاديان السماوية على ارض واحدة في ظل نظام حكم دستوري كفل الحقوق للاقليات ممن يعتنقون الاديان السماوية من غير المسلمين بفعل تشريعة حرية الاديان كما جاء ببند من بنوده ((لا اكراه في الدين)) .
وقد يعتقد البعض ان الدين الاسلامي قد فرض فرضا على الاقلية المعتاشة في كنف النظام السياسي الاسلامي . وهذا غير صحيح . فلو طبقنا هذه الفكرة على النظام الديمقراطي ، سوف نخرج بنتيجة مفادها: ان الدين الاسلامي هو اول من طبق الديمقراطية باسمى صورها من هذه الناحية ، باختيار الاكثرية المسلمة للدستور الاسلامي ، وهي ممارسة شبيهة في مفهومها شكلا ولبا للممارسة التصويت على الدستور المعمول بها في هذا العصر. فعليه من البديهي (وحسب المنظور الديمقراطي) ، ان تمرر ارادة الاكثرية على ارادة الاقلية ، وايضا على الاقلية الاذعان لهذه الحقيقة والتعايش معها بكل حرية التي ضمنها الاسلام لهم.
وهذه حقيقة واضحة وردا على ما قاله (هرمز كوهاري) في مقالته الموسومة -الدستور والشريعة- المنشورة في جريدة الحوار المتمدن في عددها (1359) بتاريخ 26/10/2005 في رده على ما اسماها الحجج التي يطلقها الاسلاميون من المذهب الشيعي في العراق الذين يشكلون أكثر من (90 %) من الشعب العراقي الذين يتدينون بدين الاسلام ، في محضر اعتراضه على تثبيت الدين الاسلام كمصدر اساسي في التشريع وليس مصدرا من مصادر التشريع بقوله ((حقوق الاقليات الدينية هي حقوق طبيعية وليست منحة من أحد ، أو من فئة الى فئة أومن الاخ الكبير الى الاخ الصغير!!. إن لائحة حقوق الانسان هي فرض على كل دولة من المجتمع الدولي ، وان كان عدد افراد أية أقلية بعدد أصابع اليد الواحدة !! وليست موضوع سماح وتسامح وأن هذه الشريعة سمحاء وغير سمحاء! حتى إذا وجد فردا بوذيا واحدا أو مجوسيا واحدأ له حقوق ما لغيره تحت بند " المساوات بين العراقيين كافة ، ولم يقل المساوات بين المسلمين وغير المسلمين ، والنص جاء مطلقا بغض النظر الى قوميته أو دينه أو طائفته وليس المساوات في الحقوق فقط بل في الواجبات أمام قانون مدني واحد ، كذلك المساوات في تكافئ الفرص وفق معايير واحدة متساوية أمام النظام والقانون)).
حاول الكاتب بشعور منه او بغير شعور ان يضطهد حق الاكثرية ونسخه في ذات الاقلية، وهو بخلاف ما تدعو اليه الديمقراطية التي هو من ينادي بها. فالمعروف ان أي دستور يكتب في ظل نظام ديمقراطي عليه لزاما ان يمر على حاكم الدولة (الشعب) ليستطيع ان يمر ويطبق كنظام قائم يُلزم به كل افراد المجتمع بشتى اتجاهاتهم الدينية والمذهبية والقومية. وبما ان الاكثرية في العراق هم من يعتنقون الدين الاسلامي، فمن حقهم بل من البديهي ان يختاروا الدين الاسلامي المصدر الاساسي للتشريع( ) .
لم يخفي الكاتب تخوفه من الدين الاسلامي ، بدعوى ان لو شرع الاسلام المصدر الاساس للتشريع ، سوف يسيطر الاسلاميون على الحكم بقوله ((أن الدول أو الشعوب الاروبية عندما فصلوا الدين عن الدولة ربما كان( 95 إن لم نقل 99 % ) من تلك الشعوب يدينون بالديانة المسيحية ! الا أن معركة تلك الشعوب لم تكن ضد الدين بالذات ، بل ضد تدخل و سيطرة رجال الدين في حياة الناس البسطاء أو المتاجرين في الدين كالحكام وغيرهم وفي امور لاتمت الى جوهر الدين بصلة)). وفي مكان اخر من مقالته يقول: ((أن الاروبية لم تتخلى عن الدين ، بدلالة أن أي شخص بإمكانه أن يذهب الى ا لكنيسة أوالجامع أو أي معبد آخر متى ما شاء ، أو يرفض الذهاب اليها بناءً رغبته دون أي تدخل أو أي خوف من جانب الدولة ، أو رجال الدين وذلك إنطلاقا من مبدأ حرية العقيدة والدين وبإمكان أية أقلية مهما قل عددها إقامة شعائرها الدينية على ألا تتعارض تلك الشعائر مع النظام العام ، لان طاعة النظام العام واجب على الجميع ، ولأن بنظر المجتمع أن الدين حق وليس واجبا أو فرضاً أو إكراهاً، إستنادا الى القاعدة الاساسية في كل الاديان وهي: [ لا إكراه في الدين ] لأن الدين إيمان وقناعة ،وإن التظاهر بالدين نتيجة الََضغط والاكراه ، دون قناعة وإيمان ، ليس تديّن بل أقل ما يقال عن ذلك إنه غش وتحايل على الدين و على من أجبره على ذلك . !! وهو كفر بحد ذاته)) .
اقول: ومن باب -الزموهم بما الزموا به انفسهم- هذا ما نادى به الاسلام قبل ان تنادي به الديمقراطية، فالاسلام كفل حقوق الاقلية وامر الاكثرية بعدم التعرض لهم واعطاهم مطلق الحرية بالعيش وممارسة الشعائر والطقوس في الوسط الاسلامي (بشرط ان لا تتعارض مع النظام العام) وحسب قولكم.
اما ما يخص قول الكاتب ((إن تطور شعب ما يقاس بمساحة الحرية التى يتمتع بها ذلك الشعب
والشفافية التي تمنع أو تحد من تسلط فئة حاكمة على الشعب ، سواء كانت حرية سياسية أودينية ، وفي الاخص حرية المرأة . إن هذه الحريات تنظمها القوانين العامة الشاملة لكل المجتمع بغض النظر عن دينه أوقوميته أوطائفته)) .
اقول: القوانين العامة الشاملة للحكومة الاسلامية نصت وكفلت حقوق المرأة من حيث المنظور الاسلامي بالمقدار الذي يلائم الذوق العام الاسلامي والذي قبلته المرأة وانغمست في بودقته وتثقفت بثقافته والتزمت باحكامه وارتضت بحرياته التي وهبها لها من الجانب الاجتماعي والديني. وحية المرأة في المنظور الاسلامي هي اسمى من منظور حريتها في المنظور الديمقراطي الذي يريد من المرأة ان تكون اداة رخيصة لاشباع الغرائز الجنسية للرجل، وهذا قمة الاضطهاد وسلب الحقوق ، وهو عملية تفضيل جنس على اخر ، بل هو مصداق واضح للتميز العنصري الذي يفضل الرجل على المرأة . ناهيك عن الكبد الذي تنتهجه الدول الديمقراطية في مسألة حرية الاديان والممارسات الفاضحة التي قامت بها هذه الدول ، واوضحها هو القرار الذي اقرته الحكومة الفرنسية بمنع الحجاب الاسلامي في الدوائر والمؤسسات الفرنسية.


باحث وكاتب اسلامي



#محمود_المفرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- تأثر مارتن لوثر بالإسلام.. تمرد على الكنيسة والثالوث ورفض ال ...
- إسرائيل.. أوامر فورية للجيش بتجنيد 3 آلاف شخص من يهود -الحري ...
- كيف ترى الصهيونية الدينية الضفة الغربية والقدس؟
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف موقع حيوي في إيلات ...
- حرب غزة: قرار إلزام اليهود المتشددين بأداء الخدمة العسكرية ي ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تضرب هدفاً حيوياً للاحتلال في إ ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن استهداف موقع حيوي في إيل ...
- إلى جانب الكنائس..مساجد ومقاهٍ وغيرها تفتح أبوابها لطلاب الث ...
- بعد قرار المحكمة العليا تجنيد الحريديم .. يهودي متشدد: إذا س ...
- أمين سر الفاتيكان: لبنان يجب أن يبقى نموذج تعايش ووحدة في ظل ...


المزيد.....

- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمود المفرجي - من يكفل الحريات ومن يطبق الديمقراطية .... ردا على مقالة هرمز كوهاري