القاضي منير حداد
الحوار المتمدن-العدد: 4978 - 2015 / 11 / 7 - 00:55
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إقتنصها المتربصون..
ضحكة بريئة في تشييع الجلبي
القاضي منير حداد
نشرت موافع التواصل الإجتماعي صورة لنائب رئيس الجمهورية نوري المالكي، وهو يضحك مع رضا جواد تقي وصادق الركابي، أثناء مسيرهم، في تشييع أحد الجلبي، الذي كتبت عمودا بعنوان "أحمد هادي الجلبي.. مرثية العراق محررا" نشرته على الصفحات الألكترونية والورقية، بثثت فيه حزنا عميقا على شخصه، الذي فقدناه.
أشعر ان رحيل الجلبي خسارة وطنية، لأن القدر خطفه قبل ان يكمل تحقيق ما تمناه للعراق؛ بعد نجاحه بإصدار قانون "تحرير العراق" لذا أجد الحزن عليه واجبا؛ وأنا أكيد من أن المالكي يشاطرني هذا الإحساس، ويتبناه؛ كمثل كل واعٍ لمجريات ما يحدث في العراق.
موقف نائب رئيس الجمهورية، من الجلبي محسوم، إيجابا؛ فلا خلافات بينهما، وما الضحكة، إلا ردة فعل لعارض ما، قد تتبسم له حتى الأم الثاكل، وهي تنحني على جثة ولدها؛ عندما يخطر حدث مفاجئ يبعث على الضحك تستجيب له، بداهة؛ ريثما تتذكر بالعقل الواعي، فتستعيد المأساة.
الضحكة برئية تماما ليس لها أية دلالة، خارج سياق ردةالفعل غير الواعي لمؤثر ضاحك، عرض لهم لحظتها؛ إلا ان المتربصين إنتهزوها سانحة لتصفية الحسابات الموتورة بينهم وشخص نوري المالكي؛ ليظهوره كما لو يتشمت بالموت، وهم مدركين أنه أوقر من ذلك، وأكبر إنسانيا وأرصن إيمانا من أن يشمت بعدو تحت قدر الله، فكيف بصديق له مثل الجلبي، الذي تشده أليه مواقف وطنية وإجتماعية، من المعارضة الى السلطة، فهما على وفاق لا تضاد فيه، إلا بتباين وجهات النظر، التي تصب توازيا وليس تضادا، في مصلحة العراق.
المالكي مؤمن لا يشمت بقدر الله، له تاريخ من صخور الموت تحطمت على رأسه؛ ما يجعله أخف وطأة عليه، مهما كان شخص الراحل قريبا من وعيه ومشاعره وصلاته الإجتماعية.
لم أرَ في عينيه شماتة بالطاغية المقبور صدام حسين، حين كنت ذراعه اليمين بإعدامه، فكيف يشمت ضاحكا من موت الجلبي، الذي لا خلاف عالق بينهما ولا مشكلة نتشب مخالب الضغينة.. لا سمح الله.. بينهما.
جربته حين إختلفنا، وقد بالغت في بالقسوة، فلم يلجأ الى ضرر قاصم، يدرأ به غلظتي، إنما إحتكم للسياقات القانونية، ريثما إلتقينا، فإمحى كل شيء من خاطره، بمجرد إطمئنانه الى صفاء نيتي.. الرجل طيب، لم تلوثه السياسة؛ لأن إنتماءه للعمل فيها، قادم من منطلقات عقائدية.. دينية ووطنية وإنسانية،...
فأبعد ما تكون عنه الشماتة، وحتى لو إقتربت.. حاشى له.. فلا سبب لها بينه والجلبي.. فهو لا يحمل ضغينة ولا يحتفظ للناس إلا بالخير، ملتمسا لهم العذر، عملا بحديث الرسول: "جد لأخيك سبعين عذرا".
أما الضحكة غير المقصودة، مع رضا.. القيادي في كتلة المواطن، المنبثقة عن المجلس العراقي الإسلامي الأعلى، وهي كتلة الجلبي نفسه، والركابي.. القيادي في حزب الدعوة، والقريب من رئيس الوزراء د. حيدر العبادي حاليا، وليس قريبا من المالكي، فدلالتها أن الأمر لا ينطوي على أبعاد مقصودة.. جاء هكذا عفويا لا قصد وراءه.. فهم ثلاثة متفاوتو الولاءات لا يجمعهم موقف ضد الراحل احمد الجلبي.. رحمه الله.
لكن عار على المتربصين، الذين لم يجدوا مأخذا يطعنون به المالكي، فحاسبوه على توقيت ضحكة بريئة من التأويلات التي حاولوا إطلاءها، فلم تنطلِ على وعي العراقيين الذين يدركون بأن الأصلاء يترفعون عن الشماتة.. لا بالأحياء ولا الأموات.
#القاضي_منير_حداد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟