|
المرأة المصرية من ايزيس الى أم أيمن
منى يسري
الحوار المتمدن-العدد: 4975 - 2015 / 11 / 4 - 14:40
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
أخته من قدّم الرعاية له وبسط عليه الحماية . دفعت عنه الأعداء وجنبته مهاوي حظه العاثر . دحرجت خصومه بتمتمات السحر التي رتلتها شفاهها . وتحرك بها لسانها المجرب وفمها الذي لاتنتهي كلماته . ايزيس صاحبة السلطة وروح العدل حمت أخاها ، بحثت عنه بلا كلل ؛ ولا أقعدها عناءْ . بدموع جارية طافت كل البلاد فما استراحت قبل لقياه ! ظللت جسد بريشها ورفت فوقه بجناحها ! نعم ايزيس ! ايزيس التي شدّت أزر أخيها . ونفخت فى جسده المتلاشي العزيمة . ايزيس التي تلقت بذوره في بطنها وحملت بوارثه فأرضعته في مأمن . • في تشرين الثاني {نوفمبر} وعلى أطلال حقول القمح المصرية على ضفاف النيل ، تأتينا احتفالات الفلاحين المصريين عبر مايزيد عن سبعة الآف عام باالآلهة والأم الكبرى سيدة الخير ، ربة الجمال ((ايزيس )) وهى تطل علينا اليوم من أحد المعابد الأغريقية العظيمة ؛ حاملة سنابل القمح بين يديها الخصبتين ! في مثل هذا اليوم من كل عام يقرع الفلاح المصري الطبول حدادا على الآم ايزيس المقدسة ! في مثل هذا الزمن البعيد اعتلت المرأة المصرية كل المقدسات فكانت الأقدس والأجمل . هذه هى الأم المصرية الأُولى ؛ سيدة الطبيعة والقمح والخير .. لنجد انفسنا وبعد كل ما نالته البشرية من تطور لم تحظى به غيرها من الكائنات الحية على وجه الارض في مؤخرة نساء كل الأمم ! ان المرأة المصرية ومنذ زمن ليس بعيد كانت واقعه بين شريحتين يمثلان الهيكل الاجتماعي للمجتمع المصري ؛ فهى اما فلاحة تزرع الخير الى جانب زوجها في الحقل وينسال خير الوطن من بين ايديها ؛ واما فتاة ارستقراطية تنتسب لاحدى العائلات الاقطاعية ؛ فهى تتحدث بلغات متعددة ؛ تنال قسطاُ هائلا من التعليم ، تُبتعث الى اوروبا في بعثات علمية لتحصيل المزيد من العلم ؛ أو تُجالس الأُدباء والمفكرين والشعراء وتنهال من فكرهم الذي كان يأتي القاصي والداني الى مصر وقتها لينهال منه ! وبعد ثورة 23 يوليو وما نادت به من انهاء للطبقية ومساواه بين جميع أبناء الشعب ؛ كان من الطبيعي ظهور شرائح نسائية جديده لتنضم الي الحاليات . فكانت شريحة كبيرة من النساء العاملات في المصانع والمدارس والمشافي والدواوين الحكومية ؛ لتقف المرأة المصرية جنبا الى جنب مع الرجل في شتى ميادين الحياة الأجتماعية وبهذا لن تتحقق العدالة الاجتماعية بين افراد الشعب جميعا فحسب ؛ بل بين أبناء الجنسين ايضاً . وبالقانون الثوري الجديد الذي يمثل جميع أفراد الشعب حازت المرأة المصرية على الكثير من الحقوق المسلوبة من تعليم وعمل ومساواه مجتمعية لم تحظى بها من قبل ! ثم تلا عصر الحرية والمساواه والعداله عصراً آخر مما يسمى {الانفتاح الاقتصادي} برعاية واشراف الرئيس المؤمن ؛ فكانت نكسة أسوأ وقعاً على المجتمع المصري من نكسة يونيو 67 ؛ نكسة تحويل دولة وليدة عهد اشتراكي وتحول جذري في النظام الاقتصادي الى دولة ذات سوق مفتوح ؛ وكان لهذا الانفتاح متطلباته الاجتماعية التى عمل النظام على تحقيقها والسعي وراء تفتيت انجازات ثورة يوليو وماقدمته للمجتمع المصري مع تحفاظاتنا على اي سلبيات ادت اليها . كان لا بد لتحقيق انفتاح آمن تغيير صبغة هذا المجتمع ؛ فكانت بداية الانفتاح ، انفتاح أبواب المعتقلات أمام سجناء الفكر الوهابي التكفيري تحت اشراف وتقنين من مؤسسة الازهر ((الراعي الاول المستتر خلف الوسطية للتطرف الديني في مصر )) . وباستبدال الأحتلال الأنجليزي باحتلال وهابي أشد خطرًا وتنكيًلا بهذا الوطن من احتلال عسكري ! فاعتلى هؤلاء المنابر والشاشات وصار كل شئ مطهو بنكهة اسلامية وبثقافات لم نكن نعهدها من قبل ، كانت بذور الفتنة الطائفية بين مسلمي مصر ومسيحييها الذين عاشوا معا مئات السنوات آمنين ؛ فرقت تلك الوهابية العمياء المتطرفة أبناء الدين الواحد بعد ان فرقت أبناء الوطن الواحد ! وبالطبع اول ظهور لتاثير هذا المد الوهابي على مصر كان على نساؤه ؛ فالنساء هن مرآة المجتمع أينما كنت ! لقد اتشحت مصر بسواد حالك يزداد يوماُ بعد يوم ! صار عمل المرأة محرم – تعليمها محرم – ووجهها محرم – وصوتها محرم ! فتحولت المرأة المصرية من ايزيس التي ينبت القمح من بين يديها الى ((ام ايمن)) التى تناقش على شاشات الفضائيات زواج القاصرات من ناحية وجوبه ! صارت المرأة المصرية أسيرة بل جارية لاعراف وتقاليد وقيود دينية ومجتمعية ورجال دين ليسوا من أبناء جلدتنا كما يبدوا عليهم ؛ ولا أتوا من حضارتنا التى علمت الدنيا الرقي ! عزيزي الذي لست بمصري / اذا اردت أن تعرف كيف ماعليه نساء مصر دعني اخبرك ان :- • 93.7 % من نساء مصر يتم التحرش بهن . • 92.1 % من نساء مصر يتعرضن للختان في طفولة مبكرة . • 39.8 % من نساء مصر هن العائل الوحيد للأسرة بسبب الطلاق أو هجر الزوج أو هروب الأب ! • 64.3 % من نساء مصر لم يتلقين التعليم الاساسي وهم تحت طائلة جرائم انسانية كبرى ترتكب بحقوقهن من زواج القاصرات وسواها . بالطبع هذه النقاط لم تلخص ماتنطوي عليه الظروف السيئة التى تحياها المرأة المصرية في العصر الحديث ؛ وانما هي عناوين رئيسية لازمات فرعية لاتنتهي ! علينا ان نعي جيداً أن مشكلات المرأة العربية كلها تصب في بوتقة واحدة ، الا أنني بصدد تسليط الضؤ على مشكلة المرأة المصرية بشكل خاص ربما لأنني بشكل او بآخر نلت حظي من هذه المشكلات التى لاتنتهي !
اننا بصدد واقع جديد يهدد المرأة المصرية وتنشطر فيه نساء مصر شطرين أحدهما نقيض الآخر ! امامنا نموذج المرأة المصرية متشحة السواد الكبير ؛ تطل علينا من منابر المساجد أو الفضائيات لتحدثنا عن نكاح الجهاد وطاعة الزوج وعن نقصان عقل المرأة مشتركة مع النظام السياسي في مؤامرته بالسعي لتجهيل هذا الشعب تجهيلاُ ممنهجاً ! وامامنا شطر آخر على البعد المقابل من المجتمع وهم كتل من اللحوم البشرية المعراه على شاشات الفضائيات من الشاطئ الآخر ؛ نساء يقمن بتشويه عمدي ممنهج لصورة المرأة المصرية وافساد هويتها الحقيقية ! وفوق مضاجع السياسيين الذين يسعون لهذا الالتقاء الفريد من نوعه للتناقضات المجتمعية أن يحيا جنباً الى جنب في سلام حفاظاً على كراسيهم ومصالحهم الطبقية . وامام تلك المرأة وهذه الفتاه : تضيع ثالثة تحلم بوطن اكثر انسانية ووعياً وتقدماً ؛ هذه التي لم يعد لها مكان على ارض مصر فهى اما اسيرة المعتقل او دفينة الغربة ؛ او ضحية الاكتئاب الذي ينال من شبابها ! اننا نتراقص كالمجانين في ذات الحلبة كل على ايقاعه ولا أحد يرى سوى قدميه وليس بوسعه ان يرى اقدام الآخرين ! ولسنا ابداً بصدد امر يتطلب الأصلاح ؛ الاصلاح هو من دواعي الفساد ؛ ونحن لسنا امام نموذج فساد متكامل، بل نحن امام عفن متكامل الاركان قد نال من كل شئ ! وأتذكر كلمة هاملت التي ذكرها شكسبير في مسرحيته الشهيره ((ثمة عفن اصاب الدنمارك)) ولم يقل فسادا ؛ لان العفن يتطلب الانتزاع من الجذور ؛ اما الفساد فيمكن اصلاحه ؛ ونحن امام حطام مجتمع واطلال وطن ؛ لايمكن لأعتى المصلحون اصلاحه ! نهاية : اذا اردتم وطناً حراً فحرروا نساءه من قيود الجهل والرجعيه ..
#منى_يسري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصر تحارب الارهاب وتنتخب النواب
-
في حضرة البيه الزبال
-
أمي التي عشقت قيودها .
-
الخلايا الجذعية ومستقبل الامراض المتوطنه .
-
الارواح المتمردة .
-
الثورة عيد الفقراء «١-;-»
-
سلامة موسي والمرأة المصرية «ج١»
-
الإسلام السياسي ونظرية المؤامرة .
المزيد.....
-
وصول امرأة لمشفى العودة اصيبت بنيران آليات الاحتلال قرب مدخل
...
-
وكالة التشغيل تحسم الجدل وتوضح الحقيقة: زيادة منحة المرأة ال
...
-
هيئة تحرير الشام.. قوة أمر واقع تهدد مكتسبات النساء السياسية
...
-
بيدرسون: يجب ان تكون المرأة السورية جزءا من العملية الانتقال
...
-
حـدث تردد قنوات الاطفال 2025 واستقـبل أحلى الأغاني والأفلام
...
-
معاناة النساء في السجون.. وزير العدل يوجّه بتخفيف الاكتظاظ و
...
-
قائد الثورة الاسلامية:على الجميع وخاصة النساء الحذر من اسالي
...
-
قائد الثورة: الزهراء (س) هي النموذج الخالد للمرأة المسلمة في
...
-
الحقيقة وراء تأثير وسائل منع الحمل على وزن النساء
-
قائد الثورة الاسلامية يستقبل الآلاف من النساء والفتيات بمناس
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|