|
الكندي: تحدي القرآن يصلح للجهال
سامي الذيب
(Sami Aldeeb)
الحوار المتمدن-العدد: 4975 - 2015 / 11 / 4 - 08:45
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
نشرت في مقالي السابق ما قاله الكندي حول تأليف القرآن والتلاعب فيه http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=491022 تفاديا للتكرار، ارجو الرجوع لهذا المقال للتعريف بالكتاب الذي ننقل عنه وهناك ست حلقات حول كتاب الكندي يمكن مشاهدتها من هذا الرابط الموحد http://www.blog.sami-aldeeb.com/?p=59195 انشر هنا ما كتبه الكندي حول تحدي القرآن . نقد الكندي لتحدي القرآن: هذا تحدي يصلح للجهال (انظر آخر فقرة) ---------------- فأخبرني أصلحك اللـه عن قول صاحبك "قُلْ لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً" (الإسراء 88). . أفتقول أفصح ألفاظاً منه؟ فجوابنا لك في هذا: نعم. أفصح منه كلام اليونانية عند الروم، والزوبة عند أهل فارس، والسريانية عند أهل الرها والسريانيين، وعبرانية بيت المقدس عند العبرانيين، فإنَّ كل لسان له كلام فصيح عند أهله من سائر الألسن، ولهم ألفاظ فصيحة يتخاطبون بها، وهي عندك كلها أعجمية. كما أنَّ لسانك العربي الفصيح أعجمي عندهم. هذا إذا أطلقنا قولك إن كتابك أفصح ألفاظاً بالعربية، فصاحب فصاحة الألفاظ هو الذي لا يحتاج إلى استعارة ألفاظ غيره، ولا يستعين بها في خطبه وكلامه، بل يكون مستغنياً بمعرفته وفصاحته عن لسان غيره. ونحن نرى صاحبك قد افتقر في كتابه إلى استعمال كلمات غيره، وهو القائل: "إنَّا أنزلناه قرآناً عربياً" ولكنه استعان من الفارسية بالإستبرق وسندس وأباريق ونمارق، ومن الحبشيَّة المشكاة وهي الكوة، ومثل هذا كثير قد استعمله في كتابه. فنقول إنَّ العربية ضاقت عليه فلم يكن فيها من الاتساع ما ألجأه إلى لسان غيره في هذه الأشياء، سيما وأنت ترى أنها مُنزلة من عند رب العالمين على يد جبريل الملك الأمين. فأنت توقع النقص بالمرسِل أو بالرسول. . فإن كان من عند صاحبك فـوقع النقص به لأنه لم يكن يعرف هذه الأسماء بالعربية، فلذلك أعجزته. فهذه ألفاظ امرء القيس وغيره من الشعراء والفصحاء المتقدمين والمتأخرين الذين لا يُحصى عددهم، وكلام الخطباء والبلغاء الذين كانوا قبل مجيء صاحبك أفصح ألفاظاً منه وأرق وأدق معانٍ بإقراره لأهلها حيث حاجّوه فقطعوه فقال: "بل هم قوم خصمون" (الزخرف 58) لأنهم خصموه فكانوا خصماً بأصحّ حجّة. وكانوا أبلغ في الخطابة منه، وهو القائل "إنَّ من البيان لسحراً". فلا يخلو إذاً أمر هذا الكتاب مما وُضع فيه من الألفاظ الأعجمية من أن يكون قد ضاق على صاحبك اللسـان العربي، مع علمنا أن لساننا العربي أوسع الألسن كلها. أو أن يكون قد أُدخلت فيه الزيادة من قوم آخرين، كما ذكرنا لك في أصل خبره، وأن الأيادي الكثيرة قد تداولته. فأخبرني أي القولين أحببت، فإنه لا محيص لك من أن تقول بأحدهما، وأنت عارف بنتيجة ذلك إذا قلتَه. . فإن قلتَ إنهم لا يقدرون أن يأتوا بمثل تنضيده وترصيعه، قلنا لك إن تنضيد الشعراء لشعرهم ووزنهم له الوزن الصحيح الذي هو أصعب وأدق معنى، واختيار الألفاظ النقية الصافية العربية الخالصة مع اتساق المعنى الحسن أكمل في الأحكام وأصح في الصنعة، لأن كتابك كله سجع منكسر وكلام مختلف وتكبير معان لا معنى لها. . فإن قلتَ: بل هو أصح معاني، سألناك: أي معنى جديد ظفرت به فيه، نتعلمه منك! وأي معنى صحيح وجدته فيه، فأوقفنا عليه! وأي خبرٍ لم نسمعه على غاية التمام والكمال من الشرح والصحة في الكتب المتقدمة، أَفْدنا منه؟ . أليس هو الذي قرأناه ودرسناه، وعرفنا تفسيره، ووقفنا على معانيه، وبحثنا عن أصوله وأسبابه، وفتشنا عن خبره، فصرنا في العلم به أرسخ من كثير من أهله، وأي شيء هذا من الآيات العجيبة التي يعجز فعلها إمكان الآدميين، وتصير حجة ودليلاً على بعثه نبياً يوجب الإقرار له بالرسالة، والنبوة، والإيمان على الوحي، والتبشير من عند الله، حتى يقاس به أو يري فيه آية مثل فلق البحر وإحياء الموتى وسائر آيات الأنبياء العجيبة. وإنما صار هذا كذلك وجاز بالتدليس والبهرجة، ووصفه بالفصاحة وحسن التنضيد، وجود الإعراب. وأن الأنس والجن لا يقدرون على أن يأتوا بمثله. لأنه وقع إلى قوم أميين أنباط عجم علوج، فعظم في أعينهم وكر في صدورهم. وإلا فأنت إذا أصدقت نفسك تيقنت كيف كان أصل القصة في هذا، وأن مسيلمة الحنيفي والاسود العنسي وطليحة أبن خويلد الاسدي وغيرهم، قد عملوا مثلما عمل صاحبك. وأشهد أني قرأت مصحفاً لمسيلمة لو ظهر لأصحابك لرد أكثرهم، إلا أنه لم يتهيأ لهؤلاء أنصار مثلما تهيأ لصاحبك. . وكأني بك قد لجأت فذكرت اللغة واعتددت بها، وجعلتها خيمة لك تستتر تحت فيئها، فأنت تعلم أن حجتنا في اللغة وحجتك واحدة، والأمر بيننا فيها مشاع غير مقسوم، وأننا فيها شركاء. فليس لك علينا فيها فضل، ولا في يدك منها ما ليس في أيدينا، ولا علمك بأنقد فيها من علمنا، وانك لتقر طائعاً أننا معشر العرب نرجع جميعاً في اللغة إلى يعرب بن يشجب بن نابت بن إسماعيل أبينا. وإنما هذه الحجة المبهرجة هي دعوى مدلسة تجوز على الأنباط والأسقاط، والعجم والمغفلين، والأغبياء الذين لا معرفة لهم باللسان العربي وإنما هم فيه دخلاء. فلما ورد عليهم منه ما لم يفهموه صدقوه، وتنازلوا على قدر عجمتهم. فأما العرب العاربة الذين هم البدويون فلسانهم واحد، ولغتهم واحدة، وكل منهم يفهم كلام صاحبه، وأما أهل الحضر ومن نشأ بين الأبيات وخالط العجم والأعلاج، فلعمري لقد أفسد بعضهم كلام الآخر لطول المعاشرة وغلبة العادة. فليست بك حاجة إلى ذكر اللغة ولا لك في ذلك بلغة ولا ملجأ. . فإن قلت أن قريشاً أفصح العرب، وأنهم قوم خصمون بالحجة، وهم فرسان البلاغة والخطابة، عارضناك بما لا تقدر أن تنكره، ولا تجحد صدقه. وهو: أن مليكة بنت النعمان الكِندية حين اقتنصها صاحبك، وصارت عنده قالت: "أمليكة تحت سوقة". فأنت ونحن لا نشك أن قريشاً كانت تجار العرب وسوقتها، وكندة كانوا الملوك المسلطين على سائر العرب. ولست أقول هذا افتخاراً عليك بشرف جنسي من الكندية، ولا لموضع نسبي في العربية، بل لكي تعلم أن كندة كانوا أقوياء، فصحاء بلغاء، خطباء شعراء، رجالاً للملك، وقادة للجيوش، ذوي أنعام وأفضال، حتى لقد كانت العجم من الروم والفرس يرغبون في مصاهرتهم، ويفتخرون بحمل بناتهم إليهم. ولقريش من الفضل في السؤدد والكرم، وخاصة لهاشم، ما لا ينكره إلا من قد أعمى الحسد بصره، وطمس نور عقله. وكذلك قولي في جميع العرب وسائر قبائلهم، لأن لهم الفخر والسبق بالفضل والكرم، تخصيصاً من الله، على سائر العجم . فإن ادعيت أن كلام العرب مدون في الشعر، وأن أخبارها قد قيدت به، فلا نماريك فيه ونسلمه لك ولا نلتفت إليه، وذلك قلة اكتراث لهذا القول وقلة مبالاة به. لأنه قول لا يخفى فساده على ذوي الألباب وتدحض الحجة فيه ولا تثبت عند أهل النظر. لأننا قد نجد كل مشغوف مصروف ودعي أعجمي قد قال الشعر، فإذا نحن قارنا شعره بشعر غيره من العرب العاربة اللسان البدوي الشعر لم نجده مختلفاً عنهم، ولا مجانباً لهم، بل وجدناه سالكاً سلهم، محتذياً منهجهم وإذا كان هذا كذلك فليس تدوين العرب إذا أخبارها وتقيدها كلامها بالشعر حجة في كتب سـرائر الله للقائل بها حجة ناطقة، لأنه لا يؤمن أن يكون قد قيل من الشعر ما قد أشبه به شعر القدماء من العرب بما قد وقع فيه من الفساد والتغيير والزيادة والنقصان. فليس إذا الشعر حجة عند أهل الفحص والنظر ولا دعوى صحيحة، بل هو عند الحكماء والفلاسفة هذيان الموسوسين. . غير أننا معشر العرب نقدم الشعر ونؤثره ونقول بمحاسنه ومفاخره ونذكر فضائله، ونعلم أن ديوان العرب فيه آداب كثيرة وعلوم ظريفة وأحاديث عجيبة، ولا نشـك عند تحملنا الأمور وصدقنا أنفسنا، أنه قد أفسد وأدخل فيه ما ليس منه بالتشبيه والمقايسة. لأنه كلام لا يخطر عليه وإنما هو منثور، وخواطره النفوس الفارغة، ومشاع بين الناس جميعاً، يتناوله من أحب، ويناله من طلبه تقرباً به إلى الملوك للإكتساب والمواصلة إليهم بأسبابه. فلهذا أحتمل أن يدخله الفساد والتغيير والزيادة والنقصان فليس أذن الشعر حجة البتة في شيء من كتب سرائر الله، إلا لغة فاسدة ناقصة العقل فاقدة التركيب. . فلا تظلم، اصلحك الله، عقلك وتبخس تمييزك حقه، بغلبة سلطان الهوى الجائرة والعصبية، فأنه إنما يجوز مثل هذا على الأغمار والجهَّال والآفنين وأهل النقص في الرأي، الذين لا عقل لهم ولا معرفة عندهم ولم يتخرجوا بمطالعة الكتب ومعرفة أصول الأخبار المتقدمة. فهم همج كأجلاف الأعراب المعتادين لأكل الضب والحرباءِ، قد ربوا على الفقر والمسكنة وشقاء العيش في الوادي والبراري، تسقفهم سمائم الصيف وزمهرير الشتاء، وهم في غاية الجوع والعطش والعري، فحيث لوَّح لهم بذكر أنهار خمر ولبن وأنواع الفاكهة واللحم الكثير والأطعمة والجلوس على الأسرة والاتكاء على فرش السندس والحرير والاستبرق ونكاح النساء اللواتي هن كاللؤلؤ المكنون واستخدام الوصائف والوصفاء والماء المعين المسكوب والظل الممدود التي هي صفات منازل الأكاسرة، وقع هذا في خلدهم. . انتهى النص في المقال القادم سوف انقل لكم ما جاء في رد الكندي حول لا اكراه في الدين. . د. سامي الذيب مدير مركز القانون العربي والإسلامي http://www.sami-aldeeb.com طبعتي العربية للقرآن مجانا من هنا http://goo.gl/a6t77b أو ورقيا من موقع امازون http://goo.gl/dEgPU8 كتبي المجانية http://goo.gl/m0lNIK أو http://goo.gl/ZnybpS حلقاتي في برنامج البط الأسود https://goo.gl/AZoTfn حلقتي حول ترجمة القرآن الآليات والمشاكل https://goo.gl/2B6DvM
#سامي_الذيب (هاشتاغ)
Sami_Aldeeb#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الكندي: تأليف القرآن والتلاعب فيه
-
انتقاد الإسلام: هل هناك خط أحمر؟
-
فن الدعاية في خدمة المثقف
-
بنوك اسلامية بنوك حرامية 2
-
بنوك اسلامية بنوك حرامية
-
احمد الله اني ملحد
-
أبناء الزنى كيف صاروا أمراء المسلمين
-
ازرع قرآنا تحصد دمارا وارهابا
-
اكبر خدمة تقدمها للمسلمين التخلص من القرآن المدني
-
هل ظلم محمد عائشة؟
-
هل قتلت عائشة محمد؟
-
هل كانت عائشة مؤمنة بنبوة محمد؟
-
مخالفة القرآن لحقوق الإنسان
-
وزراء العدل العرب دواعش: اين انتم يا مثقفون؟
-
الصراحة امانة في عنق المثقف
-
كارثة القرآن المدني 3 (غير المسلمين)
-
كم سطلا من الخمر شربت يا سامي؟
-
99 % من مثقفينا منافقون
-
هل القرآنيون ملحدون؟
-
كارثة القرآن المدني 2 (المرأة)
المزيد.....
-
الرئاسة المصرية تكشف تفاصيل لقاء السيسي ورئيس الكونغرس اليهو
...
-
السيسي يؤكد لرئيس الكونغرس اليهودي العالمي على عدم تهجير غزة
...
-
السيسي لرئيس الكونغرس اليهودي العالمي: مصر تعد -خطة متكاملة-
...
-
الإفتاء الأردني: لا يجوز هجرة الفلسطينيين وإخلاء الأرض المقد
...
-
تونس.. معرض -القرآن في عيون الآخرين- يستكشف التبادل الثقافي
...
-
باولا وايت -الأم الروحية- لترامب
-
-أشهر من الإذلال والتعذيب-.. فلسطيني مفرج عنه يروي لـCNN ما
...
-
كيف الخلاص من ثنائية العلمانية والإسلام السياسي؟
-
مصر.. العثور على جمجمة بشرية في أحد المساجد
-
“خلي ولادك يبسطوا” شغّل المحتوي الخاص بالأطفال علي تردد قناة
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|