بشاراه أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 4974 - 2015 / 11 / 3 - 11:08
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
العنصرية هي تلك المشكلة الإنسانية الكبرى التي تبناها الإنسان وطورها ضد نفسه رغم معاناته منها وتلظيه بنارها. والواضح أنه لم يخلُ أي مجتمع بشري منها في أي زمان ومكان ولو بقدر يسير نسبياً. فهي أكثر مشكلة عانت منها البشرية وتعاني وستعاني منها أكثر فأكثر إن لم تنتبه لخطرها المتزايد وتعمل على مواجهتها وحصرها ثم القضاء عليها. ولكن للأسف فإن شريحة متسلطة من البشرية نفسها هي التي تصر عليها وتطورها وتنوع فيها حتى أصبحت سمة من سماتها العامة, فكلما حاول البعض التخلص منها زادها النفعيون والمتسلطون ثباتاً وتقوية بإصرار وعناد وإستماتة في محاربة كل من يقترب منها أو يحاول المساس بها, وكان قديماً يحكم على أمثال هؤلاء بالحرق أحياءاً بإعتباره هادم للدعائم الأساسية للمجتمع.
وقد تبادل البعض الإتهامات فالذين يريدون بقاءها - لأنها تمثل حماية إستراتيجية أساسية لمصالحهم وتسلطهم - ومن ثم فهم يُسخِّرون كل إمكاناتهم لحمايتها ورعايتها وألتستر عليها بإدعاءهم محاربتها وتجريمها,,, ولكنهم - في نفس الوقت - هم أنفسهم الذين يرعونها حق رعايتها ويصبون الزيد على نارها, ثم بعد ذلك يتهمون بها غيرهم من الذين يطئون جمرها وينكوون بنارها, وقد تحدث الكثيرون عنها ولكن كل حسب هواه, إذ أن أغلبهم يكتفي بالإتهامات والإدعاءات والإفتراءات دون أن يتطرق إلى الحقائق عبر دراسة حقيقية يقدم من خلالها أدلة وبراهين وإحصائيات لما يدعي بل يكتفي بتعويم الموضوع وتشتيت الأفكار وتشكيك الناس في الحقائق التي تكشف تورطهم في ممارسة هذه الضعة العنصرية البغيضة التي يعشقونها ويتميزون بها عن أمثالهم وأقرانهم وأندادهم من البشر الأحرار بالفطرة, فيجعلون المجتمعات قسمين سادة متسلطين "على قلتهم" ومسودين مستعبدين مستغلين مسهوكين مذلولين على كثرتهم.
أنا هنا لا أدعي بأنني قادر "بذاتي" على القضاء على هذا الداء الغبيث الذي لم يخلف للبشرية سوى الذل والخراب, ولكنني سأكشف الحجاب عن برنامج كامل مكتمل وضع الحلول الجذرية لهذه الفضيحة البشرية المخزية ووضع لحلها خارطة طريق واضحة وكفيلة بالقضاء عليها وإبدالها حرية كاملة تسع جميع البشر, ضعيفهم قبل قويهم, وفقيرهم قبل غنيهم,,, وذلك وفق معايير واضحة. ولكن للأسف الشديد أدرك المنتفعون من العنصرية أن مصالحهم وكياناتهم الإستعلائية في خطر داهم فوضعوا هذا البرنامج في أولويات إستراتيجياتهم وأعلنوا الحرب "المفتوحة" ضده لأنه بلا شك سيضرب مصالحهم وتميزهم في الصميم. لذا وجدوا أن أفضل إستراتيجية لحربه والقضاء عليه هو التشكيك فيه حتى يحاربه البسطاء الذين جاء أساساً من أجلهم. وسنؤكد هذا المفهوم فيما يلي.
سنعرض على القراء الكرام حلقة من حلقات الملاحقات والمكايدات للقرآن الكريم من المتربصين به أو الجاهلين بأمره وحقيقته, أو المخدوعين بظاهر المنتسبين إليه والمحسوبين عليه, وسنرى كيف يستميت هؤلاء الشواذ بسيوف من قش يحاولون بها جندلة هذا العملاق الشامخ الذي يعمل بكل هدوء وثقة على إعادتهم دون المربع الأول خائبين خاسرين محبطين.
وسنناقش هنا أحد هؤلاء المتسلطين المتلصصين الذين يبغونها عوجاً لتتسق مع حالهم وأحوالهم المذية وحياتهم الخالية الخاوية بخواء وجدانهم من كل سمات الخير والأخلاق, فهم يهلكون أنفسهم دون طائل كباسط كفه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه, فيزداد غيظهم ومن ثم حنقهم وحقدهم على هذا المارد الذي حكم عليهم سلفاً بحبسهم في أرض التيه الفكري والوجداني يقاتلون ظلهم فينفثون فيه غلهم المتصاعد المتفاقم, ولكن كلما أوقدوا ناراً للفتنة أطفأها الله بأيديهم بتسليطهم على أنفسهم.
لم يتركوا حيلةً ولا تحايلاً أو مسلكاً إلَّا سلكوه وأهلكوا أنفسهم فيه, فسهروا الليالي وبذلوا كل نفيس وغالٍ, وخططوا فرادى وجماعات فما أن يفرغوا منه أو هكذا يظنون يقدم الله على ما فعلوا فيجعله هباءاً منثوراً وقاعاً صفصفاً فلا يجدون أنفسهم إلَّا على كومة من رماد تذروه الرياح. فمثلهم كصفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلداً,, ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.
لقد قلنا لهم من قبل – مراراً وتكراراً – أنه أهون عليهم خرق الأرض أو بلوغهم الجبال طولا من مسعاهم المحبط مسبقاً قبل الشروع فيه, ولكنهم لا يفقهون قول الحق, ونصحنا لهم ولكنهم لا يحبون الناصحين, وذكرناهم بأنهم (في حضرة القرآن الكريم) لن يستطيعوا بلوغ مرامهم ولو إجتمعوا له ولكنهم في غيهم يترددون.
فلم يفدهم اللف والدوران والتمحك والتحايل, فالقرآن لهم بالمرصاد ويحصي عليهم أنفاسهم. فكيف إذاً يريدون تمرير هذه المكائد الهزيلة المكشوفة عليه دون أن يدكها لهم دكاً دكاً؟؟؟. فالقرآن يتحداهم بصورة مباشرة علنية معلنة بل ويحرضهم عليها ليل نهار, تحدياً مفتوحاً, فكأنما يقول لهم قولوا ما شئتم وأفعلوا ما خطر ببالكم فقط أثبتوا لنا صحة وصدق أقوالكم وأفعالكم وإدعاءاتكم بالأدلة والوثائق والبراهين إن كنتم صادقين. فالقرآن لا يُكذَّبُكُم بالنص فقط, وإنما سيُقدِّمُ لهم على كل كلمة وحرف براهين كثيرة وأدلة موثقة فما دمتم قد عجزتم عن إثبات إدعاءاتكم فأنت إذاً تأفكون وتكذبون على أنفسكم أولاً وتدَّعُون لا أكثر,, وهذا وحده يكفي خزلاناً لكم.
والآن جاءنا العمري,, أحد هؤلاء المتربصين وقد إبتكر منهجاً جديداً, أطال فيه قُطْرَ الدائرة التي قرر الدوران فيها لعله يجد منفذاً يخترق به هذا السد المنيع المضروب حول كتاب الله (المستهدف) دوماً من قبلهم, فلم يزدد من غايته إلَّا بعداً وغوراً, وقد حاول الكثيرون قبله, أمثال طريف سردست, وعباس عبد النور, والقبنجي, والقصيمي, والمعري,,, فلم يظهروه ولم يجدوا له نقباً, فلنبدأ أولا ولنتابع معاً الكيفية التي إبتكرها العمري وأعدها ليلج بها هذا السد المنيع - الذي عجز عنه من سبقوه إليه ومن لحقوا به وسيلحق خَلَفَهُم بسَلَفِهِم تباعاً - وذلك عبر مشروع مبتكر سماه "جذور العنصرية العربية".
ولنر الآلية التي إتبعها عادل حتى يجعل الموضوع عَرْضَاً طبيعياً يناقش به أموراً عامة مطروقة ليؤصلها ويبين جذورها, ثم يعمل فيما بعد على تضييق الخناق شيئاً فشيئاً عبر الفقرات العديدة المرصودة والمكررة مرات ومرات ومرات, تمهيداً للإقتراب من الهدف الأساسي بطريقة سلسة خادعة حتى ينفرد بضحيته بطريقة قد تبدوا - للعامة وأنصاف المثقفين أو حتى كثير من المثقفين في مجالات أخرى متخصصة – بأنها دراسة علمية نزيهة شفافة تَمَّتْ بغرض توصيل الحقيقة للقراء بعد محاصرة العنصرية وبلوغ جذورها.
فجمع جمعاً وحشد غيره من كل حدب وصوب فضم نتاج التعيس على حطام خائب الرجاء فكان هذا الركام من المتناقضات والمغالطات والإدعاءات الكاذبة التي تعكس بجلاء الروح المظلمة التي تقف خلق هذا العمل الذي يعكس نموذجاً حياً للعمل على رعاية العنصرية ثم الأحقاد والتشفي والكيد لكل من يحاول المساس بها. وسنرى كيف سخرت القدرات التي يتمتع بها صاحب الموضوع ومن يقف وراءه ويسانده ويهش له لإبعاد الشبهة عن العنصريين ثم إلصاقها بكل من يحاول محاربتها.
ولكننا قد آلينا على أنفسنا أن ننحاز للحق أينما وحد ونُمَلِّك القراء حقيقة الحقائق, ونكشف لهم الغاية الأساسية من هذا الموضوع المغرض ليس تخميناً أو إفتراضات منا, وإنما سنجعل الكاتب نفسه يوصلنا إلى تلك الغاية عبر تحليل ومناقشة ما صرح به في هذا الموضوع الذي أسهب فيه كثيراً بلا عقل ولا منطق, وبذل فيه مجهود مقدر خليق به أن يحقق أهدافه التي رسمها له بإجتهاد وعناد, لولا أنه إختار مواجهة خصم متين, فسلك طريقاً وعراً لن يوصله إلَّا إلى سراب بقيعة كما سنرى من خلال هذه الدراسة التي سنضع أقواله وأفكاره جنباً إلى جنب مع ما وثقه القرآن الكريم والسنة النبوية المؤكدة, ثم نقدم الأدلة والبراهين على إخفاق الكاتب في إلتزام الشفافية والتجرد والموضوعية في كل ما إدعاه, وأنه في حقيقة الأمر قد ساعدنا في كشف الحقائق للقراء لا أكثر من ذلك.
الموضوع الذي إختاره عادل لا يختلف إثنان في أنه موضوع مطروق وهام ويمثل مشكلة المشاكل البشرية والإخفاقات الإنسانية القديمة المتجددة, خاصة أنه قد أصبح الشماعة التي يعلق عليها العنصريون داءاتهم ثم بهت ضحاياهم بها مسخرين في ذلك النفوذ والقوى الإستراتيجية التي يتمتعون بها والتي إقتنصوها من أهلها وأصحابها. بجانب الأحلاف السياسية والعسكرية والتكتلات العنصرية التي تتمركز في الغرب وأوروبا بصفة خاصة وفي المطبلين لهم من عرب وعجم بصفة عامة, ولكن المتهمين بها دائماً وأبداً هم ضحاياهم الذين يتهمونهم بما هو فيهم ويبرءون أنفسهم منها وهم أهلها. بالطبع لن يكون الأمر غريباً أو مستهجناً أو مشبوهاً إذا سأل العمري أو غيره سؤالاً عاماً بقوله: (هل توجد عنصرية عربية؟).
ولكن الغريب حقاً هو الغاية التي ينشدها من وراء هذا السؤال, فإن كان الكاتب يقصد به عنصرية العرب "تحديداً" لما إحتاج أن يكتب موضوعاً مطولاً كالكسر الدوري مثل موضوعه هذا, لأن العرب أنفسهم سيردون عليه بتراثهم وثقافتهم وسلوكهم وواقعهم فيقولون له (نعم,, توجد عنصرية عربية), وهو يعلم هذا الجواب مسبقاً قبل أن يسأل سؤاله. إذاً,, ما هي غايتك من وراء هذا السؤال الماكر أيها الكاتب؟, ولماذا أطلت فيه بهذه الطريقة الغريبة كأنك تواجه معضلة في معرفة وإثبات ما أنكره العرب من حقيقتهم وواقعهم كقبائل تتفاخر بالإثنية والجهوية والعرقية علناً؟؟؟
نعم,, هم شتات تجمعه وحدة اللغة (اللسان), وتفرقه الطباع والسلوك والوجدان, ولكن إنما يمهد عادل إلى شيء آخر لا علاقة له بالعرب ولا بعنصريتهم التي لا يشك فيها هو ذاته, بدليل أنه جاوب على سؤاله بنفسه بقوله: (توجد مشاعر عنصرية بين شعوب الأقطار العربية تجاه بعضهم البعض وهناك شعور متبادل بالتعالي والتفوق بين هذا الشعب وذاك بدرجات متفاوتة كما توجد مشاعر وسلوكيات عنصرية في الخليج بالذات تجاه الشعوب الفقيرة في آسيا وأفريقيا.).
فما دام ذلك كذلك,, ترى من ذا الذي غالطه في هذه الحقيقة الدامغة, التي ابتلي بها العالم كله ليس العرب فقط وإنما أكثر الناس إبتلأ بها هم الآخرون من دون العرب بصفة عامة, و الأمريكان والأوربيون والفارسيون والهنود وحتى الأفارقة المنكوين بنارها,, وغيرهم وقد فاقوا فيها كل العرب بعنصريتهم الدامية الإستئصالية التي كانت آخرها الحربين الكونيتين المدمرتين التين تصوران هذه العنصرية التي أنتجوها وإستهلكوها فيما بينهم, ثم النازية, والإستعمار, وتفوق الرجل الأبيض وإستعباده لغيره التي أشهرها عنصرية أمريكا ضد مواطنيهم من أصل أفريقي أو آسيوي أو عربي, وعنصرية جنوب أفريقياً, وعنصرية إسرائيل الصهيونية ضد أصحاب أرض فلسطين أنفسهم،, وأمريكا ضد العرب في العراق وسوريا وليبيا والسودان واليمن,, وعنصرية الأمم المتحدة وحق الفيتو الذي يميز الأقوياء على الضعفاء.
كانت الحنكة والحبكة تقتضي من العمري عدم تعجل الأمور بهذه الطريقة التي كشف بها أوراقه قبل الدخول في الموضوع نفسه بقوله: (ولكن الكلام هنا يتعلق بعنصرية عربية صرف تجاه غير العرب. ويوجد ما يدل على ذلك وخصوصا بين عرب المشرق، حتى من المسيحيين أصحاب الثقافة الإسلامية).
لا يا عمري,, كن عادلاً مع نفسك فلا توبقها,, وليتك ترينا ما علاقة المسيحيين بالثقافة الإسلامية إبتداءاً؟؟؟ ..... فهل هم أصحاب الثقافة الإسلامية حقاً – كما تدعي؟ - ونحن لا نعرف ذلك الواقع أم تقولون على الله ما لا تعلمون؟؟؟ ما هذا الخلط المريع للأوراق يا هذا؟
نراك قد أدخلت العنصرية العربية على العرب "حصرياً" ونسيت أو تناسيت عنصرية غير العرب تجاه العرب أنفسهم,
ثم حصرت العنصرية العربية في "عرب المشرق" كما تقول, أو لعلك تريد أن تقول هنا تحديداً (عرب المدينة المنورة) أو بالأحرى (مجتمع الصحابة ورسولهم), أليس كذلك؟؟؟
حسناً ما دام أنك قلت (يوجد ما يدل على ذلك), فأنت مطالب بهذا الدليل إن كنت من الصادقين. ثم نراك إستعملت عصاة موسى فجعلت المسيحيين هم أصحاب الثقافة الإسلامية حيث تقول عنهم في ذلك بثقة ويقين: (باعتبارهم جميعا أصحاب الإسلام وحاملو الرسالة الأبدية وأصحاب اللغة التى نزل بها القرآن) فهل المسيحية نزلت باللغة العربية لغة القرآن) ... ويحك ما خطبك, وما كل هذا الإفك الفج! ما هذا الخلط والترقيع والهزيان يا رجل؟؟؟
على أية حال,,, لا أدري لماذا يورط الناس أنفسهم في الحديث عن أمور بعيدة عن مداركهم ومفاهيمهم, إما لجهلهم إياها حتى باتت منهم كالثريا أو الطارق, أو لجهالتهم وإستخفافهم بعقول الناس. مثلاً: من قال لك يا عادل إن القرآن كتاب "العرب" المقدس؟؟؟ فإن كان ذلك كذلك كما تدعي, فكيف تفسر لنا عداوة الكثير من العرب للقرآن ومحاربته قديماً وحديثاً؟, بل وأن أغلب المسلمين اليوم ليسوا من العرب في الأصل؟؟؟ وإن كان ما تقوله حقاً وحقيقةً, فلماذا خرج النبي من بلده "مكة" وهاجر إلى المدينة المنورة وبقي هناك حتى أكمل رسالته بالتمام والكمال, ثم توفاه الله تعالى, وقد كانت مكة أحب القرى إلى نفسه وقلبه وما كان ليخرج منها أبداً لو لا أن أخرجه العرب منها؟؟؟ ..... وإن كان الأمر كما تقول, فلماذا نجد أعتى الملحدين والعلمانيين والليبراليين والكتابيين من العرب دون سواهم؟
لا يا عمري,, أترك خصلة خلط الأوراق جانباً وإستعمل المنطق والموضوعية والأمانة العلمية والشفافية حتى تحافظ على مصداقيتك التي نراك قد وضعتها قاب قوسين أو أدنى من الضياع وإعلم أن "العرب" شيء و "الأعراب" شيء و "اللغة العربية" شيء آخر, ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
أما العرب, فهم أمم وقبائل وبطون وأفخاذ,, يجمعهم اللسان العربي ويفرقهم التعصب للقبيلة وللجهة و للأسرة,,, فهؤلاء لم يأت ذكرهم في القرآن مطلقاً لا بمفردة "عرب" ولا بمفردة "العرب", ولكن ورد ذكر "الأعراب" في عدد من السور والآيات.
فالأعراب هم البدو, وهؤلاء في بعضهم خصال الشر والنفاق والكفر والإعتداء على الغير,,, على أية حال, فإن كل هؤلاء وأولئك قد نزل القرآن بسبعة أحرف من ألستنهم وهو اللسان العربي المبين, راجع الرابط التالي:
http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=50947
فأنظر ماذا قال الله تعالى في الأعراب, في القرآن الكريم:
1. ففي سورة التوبة قال تعالى: (وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ « الْأَعْرَابِ » لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ 90), فهل هؤلاء جديرون بحمل لواء الإسلام وهم ليسوا مأمين عليه في داخل المدينة وأمام العين؟ ..... ثم قال عنهم: ( « الْأَعْرَابُ » أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ 97), وقال عنهم أيضاً: (وَمِنَ « الْأَعْرَابِ » مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ 98)، ثم مستثنياً بعضهم, قال: (وَمِنَ « الْأَعْرَابِ » مَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ 99).
وقال عنهم أيضاً: (وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ « الْأَعْرَابِ » مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ « مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ » لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ 101), وقال سبحانه: (مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُم مِّنَ « الْأَعْرَابِ » أَن يَتَخَلَّفُوا عَن رَّسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ 120). فهل هؤلاء الذين إدعاهم الكاتب العمري "أهل الإسلام" – وهو يجهل قدرهم ودورهم – هم الذين نشروا الإسلام في بقاع الأرض؟؟؟
ثم أنظر أيضاً كيف وصفهم الله في سورة الحجرات, حيث قال تعالى: (قَالَتِ « الْأَعْرَابُ » آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ 14).
وفي سورة الفتح, قال عنهم: (سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ « الْأَعْرَابِ » شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعًا بَلْ كَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا 11), وقال وتعالى: (قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ « الْأَعْرَابِ » سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِن تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا وَإِن تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُم مِّن قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا 16),
هذا,, وفي سورة الأحزاب قال تعالى: (يَحْسَبُونَ الْأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِن يَأْتِ الْأَحْزَابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُم بَادُونَ فِي « الْأَعْرَابِ » يَسْأَلُونَ عَنْ أَنبَائِكُمْ وَلَوْ كَانُوا فِيكُم مَّا قَاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا 20).
فبعد أن علمت أن العرب لم يرد ذكرهم في القرآن بلفظة (عرب) أو (العرب) بإعتبارهم أمة أو قوم أو قبائل إثنية أو عرقية,, وإنما ذكرت الأعراب منهم, وأن كلمة "عربي" إنما قصد بها (اللسان) وليس الإنسان. وأما قداسة القرآن فهي في آياته وسوره وحروفه نفسها, وليست في اللغة العربية "كلغة بيان" مكونة من ثمانية وعشرين حرفاً كل حرف منها يمثل باباً له عدد من الأصوات, وليس كما قد يظن كثير من الجهلاء. فإن كانت القدسية في اللغة العربية ذاتها لما إتفق أن تكتب بها عبارات الشرك والإلحاد, ولما تسنى لك أن تحارب وتلاحق بها القرآن بالأباطيل والبهتان من خلال هذه المواضيع المفبركة الجائرة كما تفعل أنت في هذا الموضوع.
إذاً, فالقدسية ليست في اللغة وإنما في كلام الله تعالى الذي أنزله بأكمل لغة بيان عرفها الإنسان لما تمتاز به عن غيرها من الثراء والعطاء الغزير من الأصوات phonetics, والتي تعد بالمئآت وليست ثمانية وعشرين حرفاً كما يظن الظانون الجاهلون بعلم الأصوات, .
كما إدَّعى عادل انَّ القرآن (كتاب العرب المقدس), ثم صدق هذا الإدعاء الغريب الذي ليس لديه أي دليل أو برهان يستند إليه سوى الظن والترمم في المواقع واللهث وراء المبطلين المكذبين الأفاكين, ولكن الظن لا يغني عن الحق شيئاً. فإختلطت عليه الأوراق وتشربكت الخيوط أو تعمد الخلط والشربكة ليطيل أمد اللف والدوران,,, وأشكلت دونه الحقائق فبات يخلط فيها بلا هوادة ولا ريادة.
فاللغة العربية هي اللغة الوحيدة التي يمكنها تصوير كلام الله تعالى للبشر, فكان القرآن "عربي مبين", لأن اللغة العربية هي لغةٌ مُبِيْنَةٌ بثرائها ومرونتها وكثرة وتعدد أصواتها وآلية إشتقاقاتها من مصدر الكلمة, فتتكاثر المشتقات وتتناغم الأصوات "موسيقياً". وسنبين بالدليل المادي كيف أن اللغة العربية "حصرياً" يستحيل أن يعز عليها صوت فلا تصوره بأكمل وأبلغ صورة يبدعها اللسان البشري مطلقاً متضمنة موسيقاه وترانيمه الفريدة وأثلوبه الخاص في القصص والأمثال والحجج المفحمة.
فإن أخذت تدرج الصوت في الإعتبار وأردت أن تحاكيه أو تصوره على المدرج الموسيقي لعرفت ما قصدناه, فمثلاً إذا رسمت مدرجاً موسيقياً بخطوطه الخمس, فجعلت الخط الثالث (الأوسط) للحروف الساكنة, ثم الرابع الذي يعلوه للحروف المنصوبة, ثم الخامس الذي يعلوه للحروف المرفوعة (بالضم), ثم جعلت الخط الثاني الذي دون الأوسط للحروف المخفوضة (بالكسر) ثم الخط الأول الذي يسبقه للحروف الممدودة بالياء, لأدركت ما تفعله حركات الضبط بالحروف وأصواتها.
أما القيم الزمنية لكل حرف أو صوت على المدرج فهذا يضبطه المد (حركة واحدة "نوار"), و (حركتين "بلانش"), و (ثلاث حركات "بلانش منقوط"), و (أربع حركات "روندو"), و (ست حركات "روندو منقوط"), و أيضاً (نصف حركة "كروش") كما في حالة القلقلة,,, وهناك السكتات كقيم زمنية هامة صامتة كالتي في قوله تعالى في سورة المطففين: (كَلَّا بَلْ - رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ 14) وهكذا,, هذا بالإضافة إلى الإيقاعات المختلفة.
فالعروبة المذكورة في القرآن ليست عرقاً أو نسباً, أو قوميةً أو قبلية أو إثنية أو جهوية,,, يتميز بها أناس معينين عن باقي البشر,,, وإنما هي (لسان مبين), وبالتالي فهي متاحة لكل البشر, فمن أراد إستعمالها ودرسها بقدر كافٍ, فإن أتقنها وعود لسانه على تصويرها ببلاغة صار بذلك اللسان عربياً أو كما يقال "مستعرباً" شأنه في ذلك شأن العرب بتنوعهم وإختلافات حروفهم التي نزل القرآن على سبعة منها لتكتمل وتعم الحجة على الجميع فهماً وتذوقاً.
أما الأعراق والأنساب والإثنيات والقبليات العربية فهي تتنوع وتختلف وتتضارب وتتقاطع،،, في حياتهم وثقافتهم وسلوكهم, أما إستخدامهم للغة العربية الفصحى يجعلهم فصيلاً أو أمةً من الناس قابلة للزيادة والتوسع بالإنضمام إليها مِنْ كل مَنْ أتقن اللسان العربي من الأمم البشرية بالعالم قاطبةً, فمثلاً إمام النحاة "سيبويه" لم يكن عربياً بل كان فارسياً,, والإمام ألبخاري عربي اللسان مع انه من بخارست وسلمان الفارسي, وصهيب الرومي وغيرهم كذلك ,,, الخ, ولا يمكن القول عنهم أعاجم.
أولاً: قولك بأن القرآن أقدس اقداسه لغته البليغة الجميلة التي يفاخر العرب بها الأمم,, هذا كلام خاطيء 100%, فالقرآن ليس هو كتاب العرب كما تدعي أو تظن إبتداءاً فهو "كتاب الله تعالى", لذا حري بك أولاً أن تصحح معلوماتك, لأن القرآن الكريم إنما هو كتاب المسلمين عرباً كانوا و/أو غيرهم من الأمم الأخرى على حد سواء, وقد يتفوق غير العرب عليهم كثيراً إن أتقنوا اللغة وأجادوها أكثر منهم وعملوا بها, كما هو ظاهر الآن, فغير العرب من العلماء المسلمين أكثر عدداً وربما علماً وإلتزاماً بالدين الإسلامي.
أما قداسة القرآن الكريم فهي ليست في لغته العربية الجميلة كما تقول ويقولون, وإنما هي في آياته وسوره التي إختار الله لها اللغة الكاملة لتكون بلسان عربي مبين هذا هو الإعجاز لأن المقصود هو الإبانة المقيمة للحجة على كل البشر على حد سواء, فإذا كان القرآن بلغة أخرى "أقل بياناً" وأضيق سعة من لغات أي من الأمم, فكيف إذاً ستكون آياته حجة عليهم,, فإذا ثبت أن اللغة العربية هي أكمل اللغات وأوسعها بياناً وإبيانا, كان هذا وحده مبرراً كافياً لأن يأتي القرآن الكريم بتلك اللغة التي تفيض بيانا عمَّا باللغات الأقل. ولا شيء يقطع الحجة لدى كل الناس سوى هذا الكمال حتى لا تجده أمة من الناس أقل بلاغة وثراءاً من لغتها التي يتقنونها ويتفنَّنُون فيها.
قال الله تعالى عن العرب في ذلك في سورة فصلت: (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ 44).
وفي سورة النحل أقام الحجة على المكذبين الأفاكين الذين إدعوا أن هناك من كان يعلم النبي فكذبهم بالمنطق والموضوعية, قال مواسياً رسوله الكريم: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ 103), فكيف من كان لسانه عبراني يمكنه أن يعلم صاحب اللسان العربي الفصيح المبين؟؟؟.
وقال تعالى لرسوله الكريم - عن القرآن الكريم - في سورة الشعراء: (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ 191), (وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ 192), (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ 193), ( « عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ » 194), ( « بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ » 195), (وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ 196), ( «« أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ »» 197)؟؟؟ ..... إذاً, كيف عَلِمَهُ علماء بني إسرائيل وهم ليسوا عرباً وإنما أعاجم عبرانيون؟؟؟ ..... ثم مؤكداً هذه الحقيقة بالمقابل, قال: (وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ 198), باللغة العربية الفصحى, وقام الرسول بتبليغ هؤلاء الأعاجم القرآن باللغة العربية التي لا يعرفونها, فهل سيكون كافياً لإفهامهم مراده ومقاصده؟ , لذا قال: (فَقَرَأَهُ عَلَيْهِم مَّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ 199), وهذه نتيجة حتمية ومنطقية, لأنه سيكون – بالنسبة لهم - أقل بلاغة مما لديهم, وعليه قال: (كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ 100) المكذبين المتكبرين.
فهذه الآية تقول صراحة أن الفصاحة والبيان هو أن تبلغ كل أمة بلسانها فالعرب يبلغون باللسان العربي المبين الذي يتقنونه, وغير العرب كالعبرانيين يبلغون بالعبرية لغة نبيهم. وهذا بالطبع لا ولم يمنع أو يقف عائقاً أمام العرب الذين إعتنقوا اليهودية أو النصرانية, ولم يمنع أو يقف عائقاً أمام الأعاجم (الناطقين بغير العربية) أن يعتنقوا الإسلام ويتفقهوا فيه ويكون لهم السبق في ذلك.
فالقرآن الكريم ليس هو هذه الكلمات والحروف والعبارات التي تصور آياته وسوره,,, فهذا أيضاً مفهوم خاطيء ساذج, يدل على ضيق الأفق والسطحية, والتبلد الفطري الذي لا يليق بقاريء القرآن ومتدبره,, فالقرآن الكريم هو كتابٌ آياته وسوره مقروءة لتشير إلى آياتِ قرآنٍ مشاهدةٍ ومحسوسةٍ وملموسة, هي آياته الكونيَّة,
فمثلاً عند قوله تعالى (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا 1), فإن هذه الآية المقروءة تشير إلى آيتين كونيتين هما "الشمس عند شروقها" و "الشمس عند بلوغها وقت الضحى", وعندما يقول تعالى (وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا 2), فإنه بشير إلى ما بعد مغيب الشمس ويجن الليل فيظهر القمر بازغاً, وعندما يقول: (وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا 3), فإنه يلفت بذلك نظر المتدبر إلى كمال دورة كاملة للشمس, وحيث أنه قد فصل الدورة الأولى مروراً بالضحى ليسمح للمتدبر ملاحظة آياته في كل الأوضاع الملموسة التي تكون فيها - من شروقها وإلى غروبها ثم إلى بداية دورتها التالية التي تبدأ بشروقها الذلي يجلي القمر- ثم يأتي الليل مؤزناً بنهاية دورة ثانية كاملة للشمس من شروقها إلى غروبها ودخول الليل, فقال: (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا 4) ,,, الخ. وبهذا يريه "عملياً" كيف (يولج الليل في النهار, ويولج النهار في الليل), والظواهر الكثيرة التي تحدث جراء ذلك التقليب.
وعند قوله تعالى: (وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ 1), فهو يلفت نظر القاريء إلى آيتان كونيتان بينتان, إحداها "السماء" و الثانية "الطارق", وهو نجم عظيم قال عنه لنبيه الكريم (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ؟؟؟ 2),,, هذا الطارق هو: (النَّجْمُ الثَّاقِبُ 3). وهكذا. فالقرآن إذاً ليس إعجازه فقط في بنائه وتركيبه اللغوي الفريد وإنما في بيانه وإبيانه لكل الظواهر الطبيعية المرئية والخفية وإعداد الإنسان - بتوسيع أفقه ومداركه - حتى يفهم الغيبيات ويستوعبها ويتفهمها كأنها مشاهدة أمامه, ليبلغ عظمة الخلق ودقته وإعجازاته ليستحضر في وجدانه كل صفات الكمال والجمال والجلال لمن خلق هذا الخلق البديع.
فمثلاً قوله تعالى للناس في سورة التكاثر- كأنه يريد أن يلفت نظرهم إلى ما معناه, لو وصل إيمانكم بصدق ما أعلمكم الله به "غيباً" – فبلغ حد اليقين بأنه الحق من ربكم, فستعلمون حقيقة الجحيم قبل أو دون أن ترونه بأعينكم, فقال لهم: (كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ 5)؟, ما أخبركم الله به من فظاعة الجحيم فقط من وصفه لكم وصفاً دقيقاً تقشعر منه الأبدان, وكان تصديقكم لقوله يقيناً فإنكم ستحسون كأنكم ترون الجحيم ماثلاً أمامكم عياناً بياناً, قال: (لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ 6) في تصوركم.
أما إن كذبتم أو إرتبتم ولم تبلغوا درجة اليقين, فإنكم يوم القيامة سترونها بأعينكم مباشرةً لأن عدم تيقنكم وإيمانكم لن يغير حقيقتها, قال: (ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ 7), عندها سيكون الحساب عسيراً عليكم, قال: (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ 8).
معنى هذا أن القرآن والإيمان به يزيد الإنسان ملكات إضافية تجعله يتفهم ويستوعب ويستسيغ ويتصور الغيبيات التي وصفها رب القرآن, فيعمل كل ما يبعده عن ذلك الجحيم ويقربه من النعيم الذي في الجنة التي قال عنها: (فيها عين جارية ... الخ. فتتوق نفسه إليها فيعمل بكل جده وجهده ليبلغها أو يبلغ شيء من أمل في بلوغها ولو بعد حين.
ثانياً أما قولك بأن إعجاز القرآن الوحيد هو اللغة العربية – سواءاً أكان ذلك حسب إعتقادهم أو إعتقادك أنت – فهذا إدعاء باطل كاذب عاجز,, لأن إعجاز القرآن الكريم ليس اللغة العربية كما يظن الجهلاء, وإنما نزوله باللغة العربية مستخدماً فيه كل الحروف وأصواتها الكثيرة التي تعد بالمئات, لذا قد أزهل العرب الذين وجدوا أنفسهم حيال سعته وشموليته عاجزين عن مجاراته والإتيان بمثله, مع أنهم يعرفون مفرداته وبلاغتها وروعة تركيبها في القرآن الكريم, وكيف أنه يَسَّر فهمه وإفهامه للغاية المرجوة منه.
لا يا عادل,, ليس العرب هم الوحيدون الذين يستطيعون فهم كنوز القرآن اللغوية, هذا إجتهاد منك غير موفق وبعيد عن الحقيقة والواقع, ولعله إدعاء كاذب, بدليل الواقع المعاش والمشاهد الآن في العالم كله, إذ أنَّ غير العرب قد بلغوا – في تدبر القرآن وفهمه ودراسته وإلتزام تطبيقه وهديه - أكثر بكثير مما فهمه العرب على الرغم من أنه بلغتهم ولسانهم. ولو كنت باحثاً منصفاً متجرداً من الهوى والهوالك والشنآن والتحيز العنصري لأدركت على الفور أن من أهم وأكبر علماء المسلمين وفقهاء الإسلام ليسوا عرباً ولكنهم (عبر فهمهم للقرآن) يعملون على إفهام الكثير من العرب أنفسهم معانيه ومقاصده.
يكفيك إلقاء نظرة عامة على العالم الإسلامي اليوم من حيث تنوعه العرقي والجغرافي الشاسع الواسع والمتباين - فإن كنت تقصد بلوغ الحقيقة بعيداً عن مقاصد الهوى – لأغنتك تلك النظرة الفاحصة النزيهة عن كتابة هذا الموضوع المجحف من أساسه.
أما إستهجانك بالإعجاز العلمي في القرآن الكريم بقولك (ما يُسمى بالإعجاز العلمي), مردود عليك, ولن يبلغ كيدك وبغيك لتشويه الحقيقة مدى سمعك وبصرك, بل وسنواجهك به كتحدٍ مفتوح, وستكون مطالباً من قبل القراء أن تبرهن لهم إدعاءك بأن (برهان "الأصل الإلهي للقرآن" يعتبر برهاناً ضعيفاً) كما تأفك إن كنت من الصادقين, أما إن لم تستطع, بل ولن تستطيع - أنت ومعك الخلق كله - نفي الإعجاز العلمي للقرآن الكريم أو نفي وحيه من الله خالق كل شيء, رب العرش العظيم فالبرهان عندنا وسنقدمه للقراء الكرام على طبق من نور.
أما أولئك المفكرين المسلمين الذين قلت عنهم إنهم يرفضون الإعجاز العلمي للقرآن وينكرونه, دلنا عليهم أو على إدعاءاتهم أو فليدللوا على أنفسهم, وسنثبت لك ولهم - ليس بالدليل المادي فقط وإنما بالبرهان – أنهم لا يعلمون شيئاً عن القرآن ولا يكادون يفقهون حديثاً.
فالعمري قد أوقع نفسه في أخطاء منهجية سافرة, منها أنه " نسب القرآن الكريم للعرب أنفسهم " فأطلق عليهم لقب (أهل القرآن) لعله يطمح لأن يقترب - فيما بعد - من وصمه بالعنصرية العربية التي يسعى بكل طاقته إلى تأكيدها لدى العرب, حتى يدعي بعد ذلك أن أساسها هو الإسلام " ليقرب على نفسه البعيد ", فخلط السمسم بالرمل والسم بالدسم, لذا أصبح موضوعه كله مبني على باطل إما لجهل منه أو لجهالة وتجهيل, عبق دسها وتدليسها وفاحت مقاصده السالبة منها.
أما الخطأ المنهجي الثاني يتمثل في إعتقاداته - التي لا يملك عليها دليل ولا برهان ولا حجة - بأن معجزة القرآن لغوية فقط,, فإن كان لديه شيء من ذلك عليه أن يأتي به على أعين الناس إن كان من العارفين والواثقين الصادقين,, فالمسألة ليست بهذه السذاجة المضحكة,, أنظر وجه التحدي فيما جاء في القرآن الكريم من الله تعالى:
ففي سورة الإسراء, قال: (قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا « بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ » وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا 88), فالتحدي واضح وظاهر ومحدد, فهو محصور في أمرين إثنين هما:
1. المطلوب الإتيان به هو "قرآن", (سور, وآيات), وليس نصوصاً تتضمن الحقائق العلمية والنظم والتشريعات المعجزة التي تضمنا هذا القرآن الذي شهد له الأعداء قبل الأتباع بالتفرد والتميز عمَّا دونه,
2. الإتيان "بمثله", وليس "شبيهاً به" أو قريباً منه أو محاكاة له,, ومعلوم أن "المِثْلَ" غير "الشبَهِ", فالمطلوب (المِثْل) تحديداً.
فهل يستطيع الخلق كله بإنسه وجنِّه أن يأتي بهذا المثل حتى لو كان بعضهم لبعض ظهيراً؟؟؟
وفي سورة هود, قال تعالى: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا « بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ » وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ 13), فالتحدي هنا أيضاً واضح وضوح الشمس, وظاهر للعيان, ومحدد تحديداً دقيقاً, فهو محصور أيضاً في أمرين إثنين:
1. المطلوب من المكذبين الضالين المحبطين - الذين يدَّعون بأن النبي الكريم قد إفترى القرآن من عند نفسه ولم يوحيه الله له – أن يأتوا "بعشر سور" مفتريات, (سور, بآياتها), تتضمن الحقائق العلمية والنظم والتشريعات المعجزة التي تضمنتها هذه السور,
2. أن يكون إفتراءهم "بمثله", وليس شبيهاً به أو قريباً منه أو محاكاة له, ولهم إستخدام اللسان الذي يروق لهم ويحقق لهم هذه الغاية التي يلهثون وراءها كما لعثت ثمود.
لاحظ أن الله تعالى لم يتطرق إلى ذكر "اللغة" ضمن هذا التحدي, لأنه من البديهي أن الذي يريد مجرد محاولة إفتراء مثل القرآن لن يجد أمامه بديلاً للغة العربية الفصحى – وهذه الغاية لن تدرك - مما يعني أن إعجاز القرآن ليس في اللغة العربية, أما إن أراد أن يستخدم لغة أخرى فله ذلك لأن هذا الخيار غير مقيد فالله تعالى لم يشترط – في التحدي والإعجاز – اللغة التي يريد المبطلون المكذبون إستخدامها في إفتراءاتهم.
وفي سورة البقرة, قال: (وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ « مِّن مِّثْلِهِ » وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ 23), فالتحدي أيضاً في الأمرين السابقين معا, ولكنه قد خففه عليهم أكثر فأكثر, إذ طلب منهم هذه المرة الإتيان بسورة واحدة فقط, بنفس الشروط السابقة:
1. بأن تكون "سورة" بآياتها وليس نصاً مركباً مصاغاً من مفردات وعبارات وجمل,
2. أن يكون الذي يأتونه "مثله" في البَيَان والمُبَان والمُبِيْن, وليس شبيهاً أو قريباً أو محاكاة له.
وفي سورة يونس, قال تبارك وتعالى: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا « بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ » وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ 38), فالتحدي هنا أيضاً بسورة واحدة, ولكن يجب ملاحظة ألإختلاف بين الآيتين, ففي سورة البقرة قال (فَأْتُوا بِسُورَةٍ « مِّن مِّثْلِهِ »), أما في هذه السورة قال: (فَأْتُوا « بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ »), بدون التبعيض بالحرف "من".
كما نلاحظ أيضاً أنه قال في سورة الإسراء: (أَن يَأْتُوا « بِمِثْلِ » هَذَا الْقُرْآنِ), وفي سورة هود قال: (فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ « مِّثْلِهِ » مُفْتَرَيَاتٍ), فلم يترك عرضاً وتصوراً للتحدي إلَّا وأتى به وألحَّ عليه,, ولكن الذين كفروا بآيات الله يجحدون.
أما اللغة العربية الكاملة البيان الشاملة الإبيان, (لغة القرآن), لم يقل الله إن إعجاز محصوراً فيها كلغة, وإنما بين أن القرآن المعجز للناس عموماً إنما نزل بهذا اللسان الذي إصطفاه, قال الله تعالى:
في سورة الزمر: (وَلَقَدْ ضَرَبْنَا « لِلنَّاسِ » فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ 27), (قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ 28). وهذا يعني صراحةً بأن القرآن الكريم جاء "باللغة العربية" للناس, كل الناس وليس فقط للعرب كما يظن الجاهلون والمشككون المحرفون, والغاية من ذلك هي ضرب الأمثال لهم لعلهم يتذكرون ما حدث للأمم البائدة والهالكة قبلهم, فكان قرآناً عربياً "غير ذي عوج", لأنه كامل البيان والإبيان بهذه اللغة الثرة للغاية الأساسية للناس وهي التقوى: (لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ).
وفي سورة يوسف, قال سبحانه وتعالى: (الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ 1), (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ « قُرْآنًا عَرَبِيًّا » لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ 2), (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ 3), (إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ 4).
فإذا تدبرت هذه الآيات جيداً وأذن الله لك بفتح فيها,, فإنك ستصل إلى الحقائق التالية بسهولة ويسر:
أولاً: "", أشار إليها بإسم الإشارة " تِلْكَ", فقال عنها إنها " آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ", فما هي هذه الآيات, وما لغة أصحابها؟ ..... هل هم عرب أم عبرانيون؟
ثانياً: القصص التي قصها الله على النبي العربي كانت عن أناس لسانهم ليس عربياً, فماذا لو قصَّ الله على نبيه قصصهم بلغتهم العبرية, وقام النبي بقصها على العرب بالعبرية, هل يتوقع أحد منهم أن يعقلوها؟؟؟ ..... وحتى لو سلمنا جدلاً بأن ذلك ممكناً,, فكيف يستطيع النبي إجادة العبرية التي لا يعرفها أساساً ليؤدي هذه المهمة التي يستحيل أن تبلغ غايتها بالقدر المطلوب... الخ؟؟؟
معنى هذا أن الله تعالى (الذي يعلم ما في السماوات والأرض), قد أخبره بها بلسانه العربي المبين وكفاه شر الترجمة والتقريب في المعنى, والعنت الذي يقع فيه المُبلَّغُ والمُبلغِيْنَ عنه,, فأنظر إلى قوله تعالى في سورة المجادلة: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ « مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ » « وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ » « وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا » - ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ - إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ 7).
فالله إذاً هو نفسه الذي قصها عليه بلسانه العربي المبين الذي يفهمه ويتقنه ويجيده كل الذين بعث إليهم ليخرجهم من الظلمات إلى النور,, وما دام ذلك كذلك فإنه لا يكون للمبلغ عن الله تعالى أي دور سوى التبليغ لما أوحاه الله له, وفي هذا ضمان لكمال صدق المُبلَّغِ من الله تعالى كما أراد.
ثالثاً: أنظر إلى بداية القصة عند قوله تعالى: (إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ 4), فهل قالها يوسف لأبيه هكذا (بلسان عربي مبين) كما حكاها الله عنهم في القرآن بحزافيرها تماماً كما قالها أصحابها بلغتهم العبرية؟,,
وهل قول يوسف لأبيه (بالعبرية) يمكن أن يختلف عن الذي أوحاه الله لنبيه الخاتم الذي بلغه لقومه بلسانهم؟؟؟
فمن المؤكد أنه لو صدق بنوا إسرائيل في تسجيل أحداث وأقوال وأفعال ومواقف هذه القصلة (وهذا طبعاً يستحيل ضبطه في الحياة العملية لإشتماله على غيبيات لا يمكن أن يدركونها إن لم يوحيها الله إليهم وحياً) - عندئذ لإنطبق ما كتبوه وقالوه وحفظوه مع ما قصه القرآن الكريم. لذا فما يقصه القرآن الكريم عن الأمم السابقة هو أحسن القصص التي قصها غيره حتى من أصحابها الذين لهم دور/أدوار مباشرة في أحداثها. لأن الله يعلم دقائق الأمور وغيره ليس لديه شيء من ذلك أبداً سوى الظن والتقريب والترجيح.
إذاً الله تعالى الذي لا تخفى عليه خافية, يعلم ويرى ويسمع كل شيء في السماوات والأرض وما بينهما هو الذي وكان حاضراً ومتابعاً للأحداث وقد حكاها من عنده "وحياً" لنبيه الكريم بلسان قومه حتى تكون أمثالاً حية تجعل الإنسان يراجع نفسه وموقفه ويقيم أعماله وأقواله... فهل يستطيع البشر والجن والخلق كله:
1. أن يسمع ويرى ويعلم كل ما يدور من أحداث وأسرار ونجوى بين الخلق أفراداً وجماعات وكيانات وأشياء, ويعلم حقائق الأمور - صغائرها وعظائمها وخفيها ومعلومها وحاضرها وعائبها - مع الله تعالى أو مثله؟؟؟
2. أن يحكي ما حكاه الله تعالى عن نفسه وخلقه بغض النظر عن اللسان واللغة والأداة التي تمت بها الأعمات والأحداث؟؟؟
وفي سورة طه, قال: (وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا 113).
وفي سورة الزخرف, قال تعالى: (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ 3).
وفي سورة فصلت, قال: (كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ 3), (بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ 4), وقال: (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَّقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ 44).
وفي سورة الشورى, قال: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ 7), (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُم مِّن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ 8).
وفي سورة الرعد, قال: (وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ 37).
وفي سورة الأحقاف, قال تعالى: (وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَانًا عَرَبِيًّا لِّيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ 12).
فهل أدرك العمري الآن أخطاءه المنهجية السافرة, من محاولته الفاشلة " لنسب القرآن الكريم للعرب أنفسهم " فأطلق عليهم لقب (أهل القرآن) وأن الواقع والأدلة والبراهين قد حرمته تماماً من تحقيق مأربه بربط الإسلام بالقبلية والعرقية والجهوية والإثنية العربية مستغلاً في ذلك نزول القرآن بلغة البيان (اللسان العربي المبين), الذي ليس له علاقة بالعنصرية العربية أو الغربية أو الأوربية أو البشرية إطلاقاً.
ولا يزال للموضوع بقية
تحية طيبة للقراء الكرام
بشاراه أحمد
#بشاراه_أحمد (هاشتاغ)