حلوة زحايكة
الحوار المتمدن-العدد: 4973 - 2015 / 11 / 2 - 11:55
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
حلوة زحايكة
سوالف حريم
من شرفة بيتي
رأيت هذا الصّباح حمارا يمتطيه عجوز في الجبل المقابل، فعادت بي ذاكرتي إلى أيّام الطّفولة عندما كنّا نقتني الحمير والبغال لا للزّينة، وإنّما لتعيننا على تكاليف الحياة، حيث كنّا نحرث الأرض ونزرعها ونحصد خيراتها، ونمتطي الحمير للوصول إلى أعمالنا ومدارسنا، وكنّا في رغد من العيش يفتقده كلّ من عاشه، وجاءنا الاحتلال على حين غفلة حيث كان العرب نياما، ويبدو أنّهم لن يستيقظوا إلّا بعد فوات الأوان، أي بعد تدمير ما تبقى من أوطانهم وقتل وتشريد من تبقى من شعوبهم، ليعودوا إلى حياة الخيام والتّغني بالإبل، وفوائد بول بعيرها! فصادر الاحتلال الأرض، أو أغلقها بأوامر عسكريّة، ومنعنا من فلاحتها، وحوّلنا إلى "حرّاثين وحطابين" ونحن نبحث عن لقمة الخبز المرّ. فما عاد للحمير دور، وما عاد يقتنيها سوى نفر قليل.
لكنّ الاحتلال الذي أهلك البشر والشجر والحجر، يقوم بين الفينة والأخرى باغلاق شوارعنا بالمكعبّات الاسمنتيّة، ليمنعنا من حرّيّة الحركة، لأنّه يتعامل معنا كرهائن، فلم يعد للحافلات طريق، وهنا فاز من بقي لديه حمار، كصديقي العجوز الذي يمتطي حماره قبالتي في الجبل المقابل، فغبطته على فطنته، واستذكرت ذكاء الحمير التي كنّا نقتنيها، ورأفتها بالأطفال، وصبرها على صلف الانسان وطغيانه، فلم تكن الحمير تعضّ أو ترفس أو تدوس الأطفال والعجزة كما يفعل بعض من يزعمون أنّهم بشر متحضّرون.
2-11-2015
#حلوة_زحايكة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟