|
إبنة هولاكو ..
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4970 - 2015 / 10 / 29 - 21:28
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
إبنة هولاكو .. تسير إبنة هولاكو في شوارع بغداد بعد إجتياحها ، فترى على البُعد جمهرة من الناس تُحيط بأحدهم ، مما لفتَ إنتباهها ،فسألت : من هذا الذي يتجمع حوله الناس منصتين خاشعين ؟! فيُجيبها أحد المُرافقين : إنه عالم (يعني شيخ ) ، فتتوجه نحوه وتسأله (بالعربية أم بالهولاكية المنغولية، أم عن طريق مترجم خاص؟! علم ذلك عند ربي) : ألستم تقولون بأنكم مؤمنين وحقّ على ربكم أن ينصركم ؟ فها نحن (الكفار وعبدة الاوثان ) هزمناكم شر هزيمة ، إلا يدل هذا على حب الله لنا ..؟! لا(يا آنستي) ، سأحكي لك القصة ، هل يكون في قطيع الأغنام بعض الكلاب ؟! نعم ، بالتأكيد . كان جواب الآنسة هولاكو ... وإذا هربت بعض الأغنام ، ماذا يفعل الراعي ؟؟ تساءل العالم ... يُرسل كلابه وراءها لتعيدها الى القطيع ...!! فصمتت الآنسة هولاكو ولم تُحر جوابا ...!! الله، الله عليك يا شيخ يا علام ..!! يتداول الناشطون على صفحات التواصل الاجتماعي (الفيسبوك) هذه القصة الساذجة ، التي تُريد البرهنة على أن المغول هم كلاب (مجازا طبعا) ، أما المُسلمون فهم قطيع من الأغنام (مجازا) ، لكن ، ربي غفرانك ، تُصَوِّر هذه القصة ، الله ، على أنه راعٍ (مجازا بالطبع ، واستغفرُ الله لي ولكم ) ، فيرسل الله كلابه (المغول) لتجميع القطيع الشارد ( المسلمين ) ..!! في الحقيقة، وعلى ارض الواقع فكلاب الراعي تُعيد الأغنام الشاردة الى القطيع سالمةً غانمة ، دون أن تمسها بسوء ..لكن هولاكو وصحبه "ذبحوا القطيع بأكمله " ،إلا الذي له "طولة عُمر " ، من امثال عالمنا الجليل في القصة .. والى المغزى من هذه القصة ،والذي يُريد راويها ،إيصاله الى القاريء والسامع ، وهو بأن ما ينزل بالمسلمين من مصائب ومهانة ،ما هو إلّا لأنهم حادوا عن القطيع ، أو عن الطريق الصحيح ، من وجهة نظر الراوي ، طبعاً..!! منذ أيام الآنسة هولاكو وحتى يومنا هذا ، لم يعرف المسلمون يوماً سعيدا ومجيداً في حياتهم .. اللهم إلّا إذا كان الراوي من المؤمنين بأن الإمبراطورية العثمانية ، كانت (وكما يعتقد البعض) منارةً للعدل ... فهذا شأنه ...!! أما حال العرب والمسلمين ، فلم يطرأ عليه أيُ تحسّن منذ أيام الآنسة هولاكو وحتى يومنا هذا.. فهل يعني هذا بأن المُسلمين كانوا وما زالوا ضالّين مُضّلين ، حتى يتنزل عليهم غضبٌ ،من الله، شديد؟ عٍلما بأن غالبية المسلمين مؤمنون، يؤدون العبادات في اوقاتها ويُجلّونها ، يُصلون ، يصومون ، يزكون ويؤدي من استطاع منهم الى ذلك سبيلا، مناسك الحج . جُلُهم يشهدون الشهادتين ويأملون دخول جنة عرضها السموات والأرض ..إذن أين المُشكلة ؟؟ بحيث لا تجدهم إلا في تراجع ..!! وبناءً على هذه القصة ، فالمسلمون لم يصلحوا حالهم منذ ما يزيد على الألف عام ، ويُسلط الله عليهم(كلاب) الأمم لتعيدهم الى الصواب ، لكن ما من فائدة تُرجى ..(حسب هذه النظرية !!) . ماذا يُمكنُ وصف نظام المملكة العربية السعودية ، هل هو نظام اسلامي ؟ وهل المواطنين فيها هم من المسلمين ؟ وماذا عن باقي الأنظمة في الدول الإسلامية ؟ وهل المسلمون المعاصرون هم مسلمون حقيقيون؟ أم لا تربطهم بالإسلام رابطة ؟ وهل الحكومات الاسلامية هي اسلامية أم كافرة؟ وهل تلك الدول التي تنص دساتيرها على أنها اسلامية المرجعية ،هي اسلامية أم ماذا؟ ولنفترض بأن الأنظمة الرسمية هي انظمة غير اسلامية ، فهل كان نظام طالبان إسلاميا ؟ الشباب المسلم في الصومال ؟ بوكو حرام في نيجيريا ؟ داعش في العراق وسوريا ؟ هل هؤلاء مسلمون حقاً؟ أم أن الإسلام الذي تحدث عنه عالمنا المبجل هو اسلام مجهول .. لأن السعودية تُطبق اسلاما سلفيا حنبليا ، وشمال افريقيا تتبع المذهب المالكي ، ودول المشرق تتبع الحنفية أو الشافعية، بينما ايران وغالبية العراق تتبع الاسلام الشيعي الأثناعشري ، واليمن الزيدية وعمان الإباضية ، وربما نسيتُ البعض من المذاهب الاسلامية ... ورغم إختلاف المذاهب ،إلا أنّ حال المسلمين في هذه البلدان أو تلك ،"يصعب على الكافر" ..!! بل ما هو الإسلام الذي عناهُ العالم الجليل في حديثه مع الآنسة هولاكو ؟هل هو إسلام الدولة العبّاسية التي عاش فيها مثلا ؟ فإذا كان هذا ما عناه ، لماذا هُزم أمام التتار مثلا ؟ وكذا هو الحال مع بقية الكيانات التي كانت تدّعي بأنها إسلامية .. الإسلام أولاً وأخيرا ، هو البشر الذي يعتنقونه ، فإذا كانت أحوالهم الإجتماعية ، الفكرية ، الاقتصادية والعلمية متردية ، كانوا لقمةً سائغة لكل طامح طامع ، ولو أدّوا العبادات كلها وفي مواعيدها الدقيقة ..على إختلاف المذاهب !!
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ألحاخام ألوهّابي..
-
يعيش الرفيق ستالين..
-
بُرجُ عاجٍ دكتاتوري ..؟!!
-
التاريخ : سجّانٌ أم مُعلم ..!!
-
ماذا كان سيقول فكتور فرنكل ؟!
-
نتانياهو -يُبريء ساحة - هتلر ..!!
-
طُنجرة الضغط ..!!
-
تحية للشُجعان ..!!
-
دُموع الفرح وألفيسبوك
-
إضطراب ما بعد الحدث ألصادم ..مُساهمة في الحوار مع الاستاذة ل
...
-
سِكّينٌ وسِكّين ..!!
-
يِنُون مَجال(بالجيم المصرية ) وكمال غبريال ..!!
-
أنا بالصوت والصورة ..!!
-
قُلْ نعم لِلخِتان..؟؟!!
-
-عُلماؤنا- وعلماؤهم !!
-
الكُندرجي* ألبريميتيفي *..!!
-
ماذا كُنتم تتوقعون ؟!
-
سُبحان مُقلّب القلوب ..!!
-
لوْ لَم يَقُم في قلبه ..
-
ألملابس والإعتداء الجنسي ..
المزيد.....
-
بدء احتفالات الذكرى الـ46 لانتصار الثورة الاسلامية في ايران
...
-
40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
40 ألفاً يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
تفاصيل قانون تمليك اليهود في الضفة
-
حرس الثورة الاسلامية: اسماء قادة القسام الشهداء تبث الرعب بق
...
-
أبرز المساجد والكنائس التي دمرها العدوان الإسرائيلي على غزة
...
-
لأول مرة خارج المسجد الحرام.. السعودية تعرض كسوة الكعبة في م
...
-
فرحي أطفالك.. أجدد تردد قناة طيور الجنة على القمر نايل سات ب
...
-
ليبيا.. وزارة الداخلية بحكومة حماد تشدد الرقابة على أغاني ال
...
-
الجهاد الاسلامي: ننعى قادة القسام الشهداء ونؤكد ثباتنا معا ب
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|