|
قصيدة بعرض البحر .. ميساء البشيتي
ميساء البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 4969 - 2015 / 10 / 28 - 21:03
المحور:
الادب والفن
قصيدة بعرض البحر آن لهذا الحرف أن يحزن .. أن تترجل القصيدة عن جوادها وتعتكف .. أن تلتزم الصمت في زمن أصبحت الثرثرة فيه زاداً لكل فقيه ، وحجَّةً على الكَلَمِ . يفتش في أوراق القصيد عن قافية أخرى للشتات .. عن بحرٍ لا يأكل لحم مرتاديه .. عن خيمة لجوء لا يأوي إليها كلُّ منتحر ! زجروك وقالوا لا تكتب عن الحزن ؛ فتَهُبَّ شياطينه من حولنا وتنتشر ! أمروك ثم أمروك ثم أجبروك أن تنحني لظلالهم .. أن تستجدي غيومهم الفارغة .. أن تغازل دبيب خطواتهم بابتسامة عريضة الشفتين أو قصيدة عصماء ، أو إحدى المعلقات السبع . أن تستحسن كل ما تَلفَظه عيناك من رؤاهم .. وأن تغضَّ البصَرَ عن عقائدهم ، مذاهبهم ، تضاريس خرائطهم .. وأن تُجَمِّل في أذنيك عذِبَ وكذِبَ كلامهم ، فتنظمه قصيدة ألفية ، أو ديوانٍ شعرٍ .. أو فابقَ كما أنتَ قصيدةً عرجاء ، نكرة الهوية والمولد والنسب ! لقد حضرتَ كثيراً في زمن الغياب .. أشهرت سيف خالد بن الوليد ، وما جاد به ابن الرومي من فضائل وحكم .. رفعت يداً بالعدل ، ويداً بالحق ، فصفعوك .. كم صفعوك فأوجعوك ؟! ثم قاموا إلى حروفك ودفنوها في لحد . لا تلجأ إلى التاريخ .. لا تستنهض شخوصه .. لا تتلُ عليهم قصائد المتنبي .. لا تجمع دموع الخنساء في كفيِّك .. لا تذكرهم بذكاء بلقيس ، ودهاء أخوة يوسف ، لا تحدثهم عن مريم ، والعصا التي فلقت البحر ، والسفينة التي حملت من كل شيء زوجين ، لا تتلُ عليهم مزاميرك ؛ فقد يكفرونك ويقيمون عليك الحد . لا ترحل .. لا تسحب ظلالك من ساحات الشعر .. وتهجر عُكاظ * والمَجَِنَّة * و المِربَد* .. لا تقل كم ستصمد القصيدة العزلاء بوجه السيف ، والروح المتعبة في يد الشانِق .. وأن القصيدة هي قوافٍ حرةٌ ، ليس لها أب ، أم ، أشقاء ، ظلال تنام في أفيائهم وقت الشدة وفي الرخاء ؛ فتعلن إليهم الولاء عن طيب خاطر وجهل .. وإنها حروف طائرة تحلِّق في السماء كلما هاجت ريح غادرتها إلى السماء الأعلى . إن كان لا بدَّ من الرحيل ، ولا مفر .. إن كانت قافية من قوافي الشتات تلوح إليك أن تقترب ، إن ضاقت عليك الأرض بما رحُبَت ، وأثخنتك جراح الرفاق ، وأعيتك مصائبهم ، وفاضت بك قنوات الصبر ، وتراءى لك البحر طوقَ نجاةٍ ، وأمواجه سلالم أمل .. فارحل بسلام .. وابَحِر . وأنت أيها البحر كُن على غير عادتك رحيماً به .. إنه يحمل في قلبه قصيدة لا تكفر ، لا تكذب ، لا تساوم ، لا تستسلم ، لا تموت وإن طعنت في ألف مقتل ، قصيدة تمخض عباب البحر ، تصول وتجول في عرضه ، على موعد مع شتات آخر ، إن شئت يا بحر أم لم تشأ .. فلن تغرق .
ميساء البشيتي
• عُكاظ : في بلاد هوازن في الحجاز قرب الطائف .. أشهر أسواق العرب الشعرية قاطبة ، وهي عامة تجارية واجتماعية وأدبية ، أثرت في لغة العرب وفي توحيد لهجاتها • المِربَد : ضاحية من ضواحي البصرة .. تشبه عكاظ : عامة تجارية وقومية وأدبية، حتى العصر العباسي . • مَجَِنَّة : في بلاد كنانة في تهامة قرب مكة .. عامة تجارية واجتماعية وأدبية (مصغرة عن عكاظ) وهي استمرار لها، يحميها مكانها والشهر الحرام .
#ميساء_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وحدي في أمسية إغريقية
-
إلى أمي .. رسائل
-
الأقصى يسألني عنك
-
هلالك الذي يغيب
-
العهد
-
رائحة البقاء
-
وجوه عابرة
-
رسائل أدبية بعنوان كفانا ابتعاداً ... لن أبتعد
-
- أنا بخير -
-
الغريب
-
لم أعد أنتمي إليك!
-
إرحل يا نيسان
-
غصة اسمها أنت
-
النرجس لا يكذب
-
هديتي إلى نيسان
-
وتموت الكلمة
-
شبعت موتا
-
انكسار يتلوه انتصار
-
حذاء السندريلا
-
عذراً سيدتي ومولاتي
المزيد.....
-
بعد 6 سنوات من وفاة زوجته.. رحيل سيناريست مصري شهير بأزمة قل
...
-
بعد -فيلم نتفليكس المرعب- عمدة باريس تسبح لتبديد الخوف
-
أسبوع النشر بموسكو يستقطب اهتمام كتاب وناشرين مصريين (فيديو)
...
-
تحت مجهر الأدب السويسري: دور المساعدات الإنسانية في أفريقيا
...
-
قبيل أولمبياد باريس.. فيلم يهدد بخطر -السين نهر الدم-
-
ليس في أمريكا بل ببلد خليجي.. مصور يوثق شغف خيالة بثقافة رعا
...
-
جاهزين يا أطفال؟.. اضبط تردد قناة سبيس تون على القمر نايل وع
...
-
ثبت الآن”.. تردد قناة ناشونال جيوغرافيك National Geographic
...
-
المزيد من الـ -Minions- قادمون في فيلم جديد
-
موسم أصيلة الثقافي يعيد قراءة تاريخ المغرب من خلال نقوشه الص
...
المزيد.....
-
الرفيق أبو خمرة والشيخ ابو نهدة
/ محمد الهلالي
-
أسواق الحقيقة
/ محمد الهلالي
-
نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح
...
/ روباش عليمة
-
خواطر الشيطان
/ عدنان رضوان
-
إتقان الذات
/ عدنان رضوان
-
الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد
...
/ الويزة جبابلية
-
تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً
/ عبدالستار عبد ثابت البيضاني
-
الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم
...
/ محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
-
سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان
/ ريتا عودة
-
أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة
/ ريتا عودة
المزيد.....
|