أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرحيم التوراني - خبر مرعب














المزيد.....

خبر مرعب


عبد الرحيم التوراني
صحفي وكاتب

(Abderrahim Tourani)


الحوار المتمدن-العدد: 4969 - 2015 / 10 / 28 - 16:09
المحور: الادب والفن
    


صباحا، في شارع بليز باسكال (مولاي عبد الله حاليا) بالدار البيضاء، كان المارة يتجهون بخطى حثيثة إلى عملهم وأغراضهم، وكان هو يحاول الاقتراب من سيدة تتفرج على واجهات المحلات التجارية.
رجل خمسيني، أسمر البشرة، يرتدي بذلة رمادية، وربطة عنق حمراء، وجه عريض بشارب كث، وابتسامة بلهاء كشفت عن أسنان صفراء من إدمان التدخين.
أما هي فكانت تتأبط حقيبة يد متوسطة، باهتة اللون، وترتدي جلبابا دافئا، بدا ضيقا على جسمها المكتنز. طقس بارد، وسماء تنذر بالمطر.
اقترب منها ونطق:
- صباح الخير على الزين...
. التفتت إليه وابتسمت، علامة تشجيع حصل عليها ليتقدم في مسعاه
دخل إلى الموضوع مباشرة:
- عندك الشوفة زوينة.. تبارك الله..
اتسعت عيناها أكثر وردت مبتسمة:
- صحيح؟
- والله يا لغزال أنا معقول وما نعرفش نكذب، واش انتي ما عارفاش الزين اللي فيك...؟
والابتسامة تعلو محياها دائما ردت:
- أخويا الرجال ديال اليوم كلهم كذابين.
- إلا أنا .. .
قالها بقهقهة عالية.
مشى خطوة زائدة ليلتصق بها، كتفا لكتف، أصبحا يبدوان كزوجين أو على الأقل كشخصين يرافقان بعضهما في الشارع.
أخبرته بصوت خفيض:
- أنا راني مرات الراجل
- واشنو فيها.. أنا ما عنديش مشكل..
ضحكت من سذاجته، ضحك هو الآخر وعينه على عقد الذهب والخواتم في يديها.
سألها ما الذي أضحكها؟
سألته هي:
- لم تخبرني أولا هل أنت متزوج أم لا؟
سارع إلى الجواب:
- مطلق.. وحكايتي حكاية طويلة سأرويها لك ذات يوم.
ثم انتقل إلى سؤالها هل هي سعيدة مع رجلها؟
- لم تجبه، بل سألته عن عمله:
- ما قلتيش لي فاش كتخدم؟
- أنا...؟
- لا..
ثم أضافت :
- وأنا مع من كنتكلم؟
رد ضاحكا:
والله حتى دخلت لقلبي، أنت مرا ضحوكية واللي عاشرك ما يشيب..-
سوت خصلة شعرها البادية من تحت الفولار، وحدقت في وجهه، تبحث عن الحقيقة في كلمات الإطراء والتغزل التي تصدر منه.
عادت لتسأله عن عمله. رد وهو يتمتم، كأنه فوجئ بالسؤال:
أنا.. أأ.. أنا.. كنخدم في البيع والشراء..-
- البيع والشراء؟
إييه.. كنبيع.. كنبيع..ونشري في الزرابي....-
حدقت في هيأته من جديد، ثم سألته عن عنوان محل تجارته.
- لا .. أنا لست من كازا.. أنا هنا عطلة فقط، أنا من مكناس..وأنت بلا شك بيضاوية أو دكالية...
- أنا حريزية على بويا وجدي.. احنا من أولاد احريز.. أصل الناس لَحْْقَاقْ ديال كازا ...
- قلتها مع راسي مللي تلاقت عيني مع عينيك الواعرين، قلت هاد الزين ما يكون غير بيضاوي حر.. أنا كنموت على البيضاويات..اللي ما خذا بيضاوية حياتو ضايعة...
غيرت من مشيتها، صارت أكثر مرحا وتدللا. لمعت في رأسها خواطر جميلة. أما هو فدارت في رأسه فكرة أن صنارته نجحت وأمسكت بالسمكة..
مسح شاربه الأشيب الكث معتدا بنفسه وبمهارته وذكائه.
طلبت منه رقم هاتفه:
- خلّي لي نمرة التيلفون وخد نمرتي ونتشاوفو من بعد.. دابا قرّبت لباب الخدمة ديالي.. نتفارقو هنا...
- ولكن أنا غادي نسافر غدا
- خليها مرة أخرى إلى بغا الله..
- ما تقدريش اليوم؟
- ما يمكنش لي
- اتصلي بهم وقولي راك اصبحت عيانة مريضة..
- ما يمكنش
رب صدفة خير من ألف ميعاد... - أنا نخلص ليك سرتفيكا ديال الطبيب
- ضحكت. ووقفت جنب محل بائع الماكياج. تنظر إلى سلعته المعروضة وتفكر:
- اصبر.. نقدر نشوفك ما بين التناش والجوج.. واش عندك فين نمشيو..؟
اتسعت ابتسامته ذات الأسنان الصفراء، أشعل سيجارة ورد عليها:
- كاين أمولاتي الزين فين نمشيو.. غادي نبرعك.. زما يكون غير خاطر خاطرك..
- التناش وربع نلقاك حدا الصيدلية اللي في راس الزنقة اللي قدامنا.. صافي..
- صافي.
افترقا، كل ذهب من طريق. وكل واحد يفكر في الآخر..
في الموعد المحدد جاءت مسرعة للقائه، ولم يحضر هو. بقيت تمشي على رصيف الصيدلية حتى دنت الساعة من الواحدة زوالا.
دخلت إلى بوتيك التيلفون واتصلت به، استقبلتها العلبة الصوتية: "الرقم الذي تطلبونه غير موجود". وضعت السماعة بعنف وانصرفت تلعن في سرها الرجال وما يأتي منهم، أحست بالشماتة وبالغضب، وقفت تنظر إلى هيأتها المنعكسة على الواجهة الزجاجية لدكان لبيع الأحذية النسائية. أحنت رأسها تتفحص حذاءها القديم، ثم رفعت عينيها صوب المارة من الرجال، أحست بالغيرة من النساء المتأبطات أذرع رجال، فكرت في زوجها المعطوب من سنوات إثر حادثة سير، فكرت في حرمانها، رأت أن إخلاصها ليس في محله، قررت أن تتغير وتعيش حياتها وتنتقم لنفسها.
مرت أسابيع نسيت فيها حكاية بائع الزرابي، إلى أن طالعتها صورته على جريدة، إنه هو.. والعنوان المثير: "وأخيرا البوليس يضع حدا لغز جرائم قتل النساء المسنات.. إلقاء القبض على المجرم الخطير"..
أرعبها الخبروأذهلها بقوة، وأرعبها وأحزنها أكثر أنها امرأة مسنة. نطحت المرآة بعنف، سال نزيف دم على وجهها المزوق..



#عبد_الرحيم_التوراني (هاشتاغ)       Abderrahim_Tourani#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيدة غرسيف
- قص: المعنى
- إدريس الخوري بخير..
- اعتقال قابيل وإخلاء سبيله
- وسام على صدر -زعيم- المليشيا ( التكريم الملكي للكاتب المغربي ...
- هزيمة حارس المرمى
- اقتراض زنزانة
- شيء من الذاكرة.. حول انتفاضة 20 جوان 1981 الدامية بالدار الب ...
- ق.ق.ج: حساب
- قصة واقعية: حكاية داعشي في قطار فاس - مراكش
- بصدد منع فيلم حول دعارة الخليجيين في المغرب: -الزِّنا اللِّي ...
- (بمناسبة خطبة الوزير الحبيب الشوباني والوزيرة سمية بنخلدون) ...
- عندما يقترف بنكيران -الكلام- وينام عل ضيق ...
- je suis ni charlie.. ni charlot.. stop à lislamophobie
- أغنام وأرانب مغدورة
- مصطفى النهيري.. كاتب من زمن آخر
- بوحمارة في -درب مولاي الشريف-
- النمرة غلط
- قصة نادرة عن البلاد الممسوخة لم يكتبها فرانز كافكا
- رحيل الفنان التشكيلي المغربي فريد بلكاهية: جنازة صغيرة لفنان ...


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرحيم التوراني - خبر مرعب