محمود شقير
الحوار المتمدن-العدد: 4969 - 2015 / 10 / 28 - 11:50
المحور:
الادب والفن
اسمها هالة.
رأيتها تمشي في السوق بخطوات واهنة، سلّمت عليها فسألتني: من أنت؟ أخبرتها من أنا، ومشينا معاً، وكان بلاط السوق مبتلاً من زخّة مطر هطلت قبل قليل.
حدّثتني عن حيّ القطمون، عن أيام شبابها هناك، عن البيوت المنهوبة. ثم حدّقت في وجهي وقالت: ولكن من أنت؟ أخبرتها من أنا، ثم أبديت إعجابي بما كتبه أبوها طوال سنوات عن جمال زوجته الأخّاذ، عن تفجّعه على أمّ الأولاد حينما اختطفها الموت، عن اعتنائه بالبنتين وبالولد.
اطمأنّت إليّ وواصلنا المشي، وكان بلاط السوق لا يوحي باطمئنان. قلت لها: احذري الانزلاق. قالت إنها تشعر بالتعب. قلت: نشرب عصير البرتقال في الكافتيريا القريبة.
جلسنا في الكافتيريا مثل صديقين قديمين. أنا أصغي لها، وهي تروي نتفاً من حكايتها. وفي الخارج، مطر خفيف يهطل على رخام المدينة، على مبنى الكافتيريا، على طريق أفتيموس، وعلى كنيسة الفادي الشهيد.
وهي تصمت، ثم تقول إنّ هذا المطر يأخذها إلى ذاك الخريف البعيد.
#محمود_شقير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟