أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة بوحدايد - معطلان من زمرة الشرفاء














المزيد.....

معطلان من زمرة الشرفاء


حمزة بوحدايد

الحوار المتمدن-العدد: 4968 - 2015 / 10 / 27 - 21:46
المحور: الادب والفن
    


معطلان من زمرة الشرفاء
مِن الذي يجلس إلى الأمام لمشاهدة التلفاز، إلى آخر عند زاوية تُشرِفُ على شارع المارة، وهو يقرأ جريدة الصباح(لا نقصد هنا الجريدة بل فترة قراءته للجريدة) كما المعتاد، على إيقاع قهوة روتينية، يتسكع من ورقة لأخرها بحثا عن خبر، قد يفتح له أملا بعد أن أصبح مقهى "الحاج موسى" منبرا له ولأمثاله من معطلي المدينة، التي أصبحت تنظر بمنظار المدن، بعدما كانت ولسنوات طويلة تقبع في أوحال الضياع والتهميش، لكن شبابََ من أمثال "حَسُو مَاتْشُو" "يَاسِيفْ أَشَمْرَرْ"، رسموا طريقا، بعد أن تمكنوا أخيرا بالالتحاق بالجامعة في مدينة وجدة، غير أن ما كان منتظرا من وظيفة في البلدية أو في أية إدارة أخرى، اصطدمت بواقع آخر فتح على "حسو" "وياسيف" طريق رفع متلازمة المعركة مع الفاسدين والمفسدين في المدينة. في بادية على أقصى المدينة ترعرع "حسو" في أسرة، تتكون من أب صوفي وفقيه في احد مساجد البادية ، بصمات التدين لم تكن لتنتقل لابنه، الذي اختار طريقََ آخر تشبع فيه بأفكار اليسار خاصة بعد أن جمعته الظروف في البحث عن غرفة للكراء في حي القدس بوجدة "بياسيف" ابن المدينة: بورجوازي أثرت فيه سير الكبار من أن يكون إلا رجل الفئات المقهورة، والذي ينتمي لأسرة يكونوا معظمها يقبع في الديار الأوروبية. أزهار العمر على وشك أن تنطفئ، والشابان لم يحققا طرف خبز في مدينة مرقعة "بتريطورات مزيفة".
يوم السبت، الذي كان يومََا تتجمع فيه أصوات المعطلين من كل حدب وصوب، بالقرب من البلدية، لينددوا بسياسات المجلس الفاقد لشرعية كما يعتبرونه والقابعة في أوحال الفساد، "حسو" وكما المعتاد، كان أول الحاضرين، فما دائما صوته يقرع به مسامع "السي الرئيس دْ البلدية" وأعوانه المتملقين بكلام كله كذب، إنه "مجلس الأميين" كما يصفه "حسو"، أما "ياسيف"، كان نظره ممتدا لغايات لا يعلمها إلا هو، وهو الذي دائما كان يحضر متأخرا لتلك الوقفة، غير انه كان صارما في مبتغاه، فكان ينظر بعين الحقد لكل من حوله ، نظراته خاطفة لهؤلاء "الوَطَاوِيطْ"ــ"أعوان السلطة" وذوي" الفخم والركوع" كما يعتبرهم. هكذا كانت تسير حياتهم على أوتار التنديد والنضال ودراسة مستجدات الوطن والحركة ، إلى أن جاء ذلك اليوم المشئوم، الذي لم يعود "ياسيف" يظهر في ساحة المعارك. "حسو" لم يكن كما المعتاد في خطابته المسمومة، التي كان يزجر بها مسامع الرئيس، شيء في نفسه يشغله. بتأكيد هو ياسيف، صديق طفولته و رفيق دربه، الذي جمعتهم كل الظروف في هذا الوجود ليعيد ولو بصيصا من النور لبلدة نـــَـــــخَرَهَا النسيان ــ فأشرق بهما وعي التغيير على مُحَيا قنطرة الصبنيول الهرمة و"غرسيا"، الغابة التي يستنشقون فيها حرية الكلمة، وهي غابة تصدأت مكابحها بين النهوض بالمدينة وماضوية لإقطاعيين متحالفين ببورجوازية مُدَعاة ، فكانت تاريخ. رَسَم فيه العصّرون ومصاص الدماء، كما كانت مقرا سكن فيه الأحرار من الشرفاء ومكان للمخمورين الناعقين من التعفف، لقد جمعت رذيلة الإقطاعيين ورغبة الفاسدين في اجتثاث ملكيتها كما كانت متنفس الأحرار من الشرفاء، لقد كانت "أغاورا لصراع بين الخير والشر" كما وصفها "ياسيف" وهو المطلع على الفلسفة اليونانية وتاريخهم ــ إذن ما الذي حصل "ليسيف"، الذي لم يعود يحضر هذه التجمعات، لم يستطيع "حسو" إكمال كلماته ليترك المجال هذا اليوم فارغا لأحد الرفاق الملتحقين بصف المعطلين حديثا، فسارع "حسو" إلى بيت ياسيف وهو مهرول فاجئه أحد جيران صديقه على جملة "لقد مات ياسيف"، نزلت كالصاعقة على حسو، الذي تجمد في مكانه ولم يحرك ساكنا، وهو يتذكر عنفوان شاب جمعته معه كل خصال الصداقة والتضحية والوفاء، لكن البلدية أو المجلس سميه ما شئت سرق منه حلمهم، لقد قتل" ياسيف"، لم يستفسر كثيرا عن ما حدث ل"ياسيف"، لكنه أمان أن البطالة هي من قتلته، بل لم يبحث حتى هل كان يعاني أية مشاكل عائلية تسببت في وفاته، عاد "حسو" من وسط الطريق حاملا في يده اليمنى وقيده وقنينة بنزين، فأشهر شهادة على طريق الشرفاء ستنهي المعاناة، ستنتهي رهبة الخوف من الموت، فأضرم النار بجسده، وهو يصرخ "ياسيف" على طريق الشرفاء نموت، نعيش كراما أو نموت كراما، صوت الحق بين الاثنين، حلم انبطح في مزبلة الفاسدين، الذين يملئون المكان، حتى في جمعية المعطلين التي كانت لتجمعهم لمصير مشترك، لكنها أذلت جناحه لتصبح لعبة تجتث من طريقها الشرفاء لتفتح بابها للفاسدين، فأصبح حتى من الصعب أن تعرف أين المفسدين حتى في بيت كلمات الشرف هم موجدون، فكانوا حتى في جمعيتنا هذه. هذا ما كتبه "ياسيف" في رسالته الأخيرة قبل أن يُقْدِمَ على إضرام النار في نفسه، لكنه ما أحزنه كثيرا وكصعقة خاطفة، أنه اعتقد أن صديقه ورفيق دربه "حسو" توطئ مع الفاسدين والمفسدين، وهو الذي كان يقسم بدمائه على مبادئه، فجعلت ياسيف ولوفائه أنه لن يجتر بنفسه وراء من تعامل مع الفاسدين والمفسدين ولو كان أعز من عرف.
هكذا أوقع "بحسو" و"ياسيف"، لينهوا هذه المعركة التي بدءوها بأن بنو لهم جريمتان اقترفها المفسدون برغم أنها لم تكون لديهم فيها أي يد مباشرة، في ما فعلا في أنفسهم، مما جعل العدالة تقفل ميزانها على وقع "انتحار"، فسكت صوتان حركتهما رغبة من أجل طرف خبز في وظيفة ولو على ضفاف "واد كرط الحزين"، بمياه لا طالما تمرغت بدماء كل من "حسو" و"ياسيف"، لكنه جفّ منها لتعبر فيه الجيف والأزبال.




#حمزة_بوحدايد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
- -المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة بوحدايد - معطلان من زمرة الشرفاء