|
لكنها بعيدة ... قصة قصيرة
صلاح زنكنه
الحوار المتمدن-العدد: 4968 - 2015 / 10 / 27 - 14:29
المحور:
الادب والفن
ها أنا الآن في صالة المطار، أشعر بسلام نفسي لم أشعر به من قبل ، أشعر بأنني كائن حر لي كامل الإرادة في أن أفعل ما أشاء ، حقاً لا أحد ی-;-درك طمأنی-;-نة السلام إلا أولئك الذی-;-ن خاضوا غمار الحروب واكتووا بأتونها ، لا أحد ی-;-عرف جی-;-داً نكهة الحری-;-ة إلا الذی-;-ن حرموا منها طوی-;-لاً أجل لقد ولى زمن المحنة، وأطل زمن الانفراج ، وداعاً أی-;-تها الحروب ، وداعاً أی-;-ها الحصار وداعاً وحش الحرمان وأهلاً بحبوحة الحی-;-اة . الآن وأنا على وشك السفر ی-;-غمرني إحساس بالنشوة إحساس بالغبطة والفرح ، فرح خفي طاغ ی-;-ملأ كی-;-اني وی-;-صوغ كی-;-نونتي ، فأجد الحی-;-اة جمی-;-لة وجدی-;-رة بأن تعاش وتستغل لحظة إثر لحظة بالرغم من قساوتها وجفافها وجفائها أحی-;-اناً بل أكثر الأحی-;-ان . بعد ساعة ، ساعة واحدة فقط، أصعد إلى الطائرة ، طائرة الكونكورد العملاقة لتقلني إلى باری-;-س ، كم جمی-;-ل أن تحلق بك الطائرة نحو الفضاء الرحب ، لترى من العلو المدن والعمارات والشوارع والسی-;-ارات وجموع البشر تتضاءل وتتضاءل حتى تصی-;-ر بحجم الكف ، ثم تخترق الغی-;-وم البی-;-ض وتعوفها تحتك، والبحر ی-;-بدو مدهشاً وهائلاً وارئعاً وأنت تتأملها من السماء السابعة البحر واسع وغامض وساحر مثل هذه السمراء التي تجلس قبالتي ، غامضة وفاتنة ومغری-;-ة وقد انحسر الثوب عن ركبتی-;-ها دون أن تعی-;-رذلك أدنى اهتمام ، لا شك هي متقصدة هذا الوضع وتستمتع مثلما أستمتع بعري ساقی-;-ها، لها الحق أن تتبختربفتنة وروعة جسدها الری-;-ان الباذج ترى هي وحی-;-دة مثلي تسافر إلى باری-;-س للمرة الأولى ولعاً بالمغامرة ولی-;-الي الأنس أو لغرض الدراسة ، أم هي ممثلة أو صحفی-;-ة أو فنانة تشكی-;-لی-;-ة تقی-;-م معرضاً فخماً هناك ، قد تكون موظفة في السفارة أو مندوبة شركة تجاری-;-ة ، سكرتی-;-رة ، راقصة جسدها الممشوق جسد راقصة محترفة ، ماذا لو جلست إلى جانبي في الطائرة أسألها عن وجهتها ، هوای-;-اتها ، طموحاتها , أبدي إعجابي بجمالها ، بحی-;-وی-;-تها ، باكتناز جسدها وروعة ساقی-;-ها ، أحكي لها عن ولعي وجنوني بالنساء ، أقول لها هي لی-;-ست مثل كل النساء ، هي طراز خاص ، ممی-;-ز مدهش ، فاتن ، آسر، وحی-;-ن ترتج الطائرة بفعل المطبات الهوائی-;-ة ترتمي عليَّ خائفة ، أحضنها بی-;-ن ذراعيَّ ، أهدهدها ، لا تخافي ی-;-ا أمی-;-رتي ، أطلب لها كأساً من الوی-;-سكي ، هذا ی-;-جعلك أكثر قوة وتحملاً ی-;-منحك الشجاعة ، وحی-;-ن نصل باری-;-س ، نقی-;-م معاً ونمرح معاً ، وتكون لي معها قصة حب، لا، لا، لا قدرة لي على الحب والمتاعب ، أنا بحاجة إلى علاقات سری-;-عة , علاقات مفتوحة ، دون عقد ، دون وجع الرأس ، النساء الباری-;-سی-;-ات هن مبتغاي لكن كی-;-ف أتفاهم معهن وأنا لا أجی-;-د الفرنسی-;-ة ، أتحدث معهن بالإنجلی-;-زی-;-ة ، قد لا ی-;-عرفن الإنجلی-;-زی-;-ة ، لا بد من وجود نساء إنجلی-;-زی-;-ات ، أمری-;-كی-;-ات ، ای-;-رلندی-;-ات ، الای-;-رلندی-;-ات رائعات والتركی-;-ات والإيرانی-;-ات والی-;-ابانی-;-ات ، كلهن رائعات ، كل النساء مدهشات ماذا عن المصری-;-ات والتونسی-;-ات واللبنانی-;-ات ، إنهن كتلة من الفتنة والحلاوة والإغرارء وباستطاعتي أن أتفاهم معهن بالعربی-;-ة ، لكن العراقی-;-ة أكثر ألفة ودفئاً وحمی-;-می-;-ة مثل هذه السمراء ، إنها عراقی-;-ة طبعاً، أمی-;-زها من بی-;-ن نساء الأرض، أعرفها من اعتدادها وشموخها وصهی-;-ل جسدها ، ها هي تدخن وتنظر صوبي أخی-;-راً نجحت في لفت انتباهها، كم هي لذی-;-ذة وهي تدخن ، أشتهي النساء المدخنات لأدخن أنا أی-;-ضاً ، الدخان طقس سحري مثل الجنس ، لا إشباع منهما أبداً ، مثل الموسی-;-قى أخيراً انقطعت الموسی-;-قى ، لا بد أنهم ی-;-دعوننا إلى التوجه نحو الطائرة..... ماذا.....؟ تأجل ... الطيران....... إلى إشعار أخر...... لظرف قاهر... أثی-;-وبی-;-ا..... ماذا ؟ _ هل ثمة حرب أخرى؟! وحملت سؤالي صوب السمراء مباشرة، قالت متأففة. - أجل ، هجمنا على أثی-;-وبی-;-ا ، ألم تسمع ؟ - أثی-;-وبی-;-ا ؟! لكنها بعی-;-دة ! ولا حدود لنا معها ! - انزال جوي ، ألم تخدم في الجی-;-ش ؟ قالت ذلك بسخری-;-ة واضحة ، ونهضت وعافتني وسط دهشتي واستغرابي وغضبي ورحت كالببغاء أتمتم ، إنزال جوي ، إنزال جوي أصرخ وأزعق وألعن الإنزال والهجوم والحرب وأثی-;-وبی-;-ا حتى غامت الدنی-;-ا أمام ناظري واحتجبتا بالدخان والشظای-;-ا والرماد. هكذا وجدت نفسي في مستوصف المطار محاطاً بطبی-;-ب وممرضة ی-;-واسی-;-انني بلطف. - سلامات أستاذ . - اللعنة على الحرب . - أی-;-ة حرب ؟ - حرب أثی-;-وبی-;-ا . - أنت واهم ی-;-ا أستاذ ، لقد اضطرت طائرة ركاب بسبب خلل فني ، أن تهبط في مطار أثی-;-وبی-;-ا هذا كل ما في الأمر. - حقاً ؟ - حقاً . ودون إرادة مني رحت أقهقه والدموع تنهمر من عی-;-ني ، وصورة تلك السمراء الباذخة مازالت راسخة في مخی-;-لتي وتدغدغ حواسي . 2000
#صلاح_زنكنه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قصتان قصيرتان
-
لعنة الحمام ... قصة قصيرة
-
أنهم يبيضون ... أنا أبيض أيضا ..... صلاح زنكنه
-
القيد ... قصة قصيرة
-
عام الخروف ... قصة قصيرة
-
حفنة تراب ... قصة قصيرة
-
جثث لا تعنينا ... قصة قصيرة
-
الصمت والصدى ... قصة قصيرة
-
الخنزير ... قصة قصيرة
-
التماثيل ... خمس قصص قصيرة
-
سأقتل الجنود ... قصة قصيرة
-
واقع حال العراق الآن
-
الظاهرة العنفية في الاسلام
-
بلاد موحشة
-
متواليات عراقية
-
زواج عرفي
-
المقدس والمدنس
-
علامات خراب الدولة المدنية في العراق
-
ساسة العراق الجدد
-
رمضانيون بلا حدود
المزيد.....
-
زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
-
مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور)
...
-
إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر
...
-
روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال
...
-
زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
-
-الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ
...
-
عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع
...
-
تهديد الفنانة هالة صدقي بفيديوهات غير لائقة.. والنيابة تصدر
...
-
المغني الروسي شامان بصدد تسجيل العلامة التجارية -أنا روسي-
-
عن تنابز السّاحات واستنزاف الذّات.. معاركنا التي يحبها العدو
...
المزيد.....
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ أحمد محمود أحمد سعيد
-
إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ
/ منى عارف
-
الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال
...
/ السيد حافظ
-
والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ
/ السيد حافظ
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال
...
/ مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
-
المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر
...
/ أحمد محمد الشريف
-
مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية
/ أكد الجبوري
المزيد.....
|