المنهج العلمى و التجربة الدينية بين التشابه و الاختلاف

يوسف شوقى مجدى

الحوار المتمدن-العدد: 4968 - 2015 / 10 / 27 - 01:00
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

الجميع يعلم ان ما يعتمد عليه العلم هو المنهج العلمى و لكن ما هى ادلة صحته ؟! .. البعض يشكك فى صحة هذا المنهج بقولهم ان المنهج يعطى الاهتمام الكبير جدا للتجربة و الادلة التجريبية و لكن رغم ذلك لا يوجد دليل مادى(تجريبى) على هذا المنهج و هنا يظنوا انهم وجدوا المفارقة!.. و بالطبع لا يوجد دليل مادى لأثبات صحة المنهج العلمى و لكن ما هى اذا ادلته؟! .. للاجابة على هذا السؤال ، يجب علينا ان نتأمل فى كل ما يحيط بنا ، فبالتأكيد سنجد تقدما تكنولوجيا و طبيا و فيزيائيا..الخ، كل هذا ما الذى اتى به الينا ؟! .. او ما الطريق الذى سلكه العلماء لاكتشاف و اختراع كل ذلك ؟! .. بالطبع عن طريق المنهج العلمى ، اذا عندما يعطى هذا المنهج الاهتمام للتجربة هذا لا يعنى ان الامر يحتوى على مفارقة ، فالعكس هو الصحيح ، فالادلة على صحة المنهج العلمى هى ايضا ادلة تجريبية ! و لكننا لا نستطيع ان نراها كمادة امام اعيننا ، و لكننا نراها فى كل ما توصل اليه العلم من انجازات عظيمة فى كل المجالات عن طريق هذا المنهج ، و كانت تلك مقدمة بسيطة ، لنغير مجرى الحديث و لنتكلم قليلا عن التجربة الدينية! و لعل القارىء يظن انى مادام ذكرت العلم فى البداية ثم ذكرت شيئا عن الدين ..انى سابدأ بنقد الدين و لكنى لن افعل ذلك .. لو تناولنا التجربة الدينية و نحينا جانبا فكرة صحتها او خطأها ، سنجد انها تشبه المنهج العلمى مع اختلاف معين ، سأتحدث عنه فى مابعد .. فما هى التجربة الدينية ؟!.. عندما توجد فكرة ما ، و تلك الفكرة لها طابع روحى او دينى و بالطبع لا نستطيع ان نختبر صحة الفكرة فى مختبر على سبيل المثال و لكن ماذا لو اثبتت الفكرة نفسها بنفسها ؟! و هذه هى التجربة الدينية ، فالشخص الذى حدث له بعض الاشياء الفوق طبيعية او تغير مسار حياته للافضل نتيجة لتغير موضع اهتمام الانسان و تركيزه و يمكن الاطلاع على كتابات وليام جيمس فى موضوع فائدة التجربة الدينية و لكن هذا ليس موضوعنا ، فتلك التجربة التى حدثت لهذا الشخص جعلته يصدق الفكرة الدينية و ادلة هذا الشخص تجريبية لان الفكرة اثبتت نفسها ، اذا لو اردنا ان نلخص كل شىء .... سنرى ان المنهج العلمى لا توجد ادلة مادية (خارجة عنه) لاثبات صحته و لو قمنا بتجريبه سنرى انه يعمل ، فنصدقه و لو اتجهنا الى التجربة الدينية .. سنرى ان الفكرة الدينية او الروحية المعينة لا توجد ادلة مادية لاثبات صحتها و لكن يمكن لشخص ما ان يجرب تلك الفكرة و نرى نتيجة التجربة كما اوضحنا و بعد هذا يحدث التصديق ، و من هنا نرى ان تجربة المنهج العلمى مشابهة للتجربة الدينية و لكن الاختلاف الجوهرى يكمن فى شيءٍ واحد و هو ان التجربة العلمية (اى تجربة صحة المنهج العلمى) هى للجميع اى يستطيع الجميع رؤيتها و الاستفادة من نتائجها(الجميع يستفيد من العلم ) و لكن التجربة الدينية هى تجربة فردية خالصة اى لا يستطيع الجميع الشعور بها و الاستفادة منها تعود على شخص واحد فقط و هو صاحب التجربة و تكمن تلك الاستفادة فى تغير مسار الحياه و التفاؤل و الامل و هذا نتيجة تغير النقطة التى يرتكز عليها اهتمام الانسان فى حياته.

#يوسف_شوقى_مجدى (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات