حلوة زحايكة
الحوار المتمدن-العدد: 4966 - 2015 / 10 / 25 - 11:29
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
حلوة زحايكة
سوالف حريم
قلب الأمّ
عندما كنت طفلة صغيرة لم ادرك أو أعي مدى خوف أمّي والمعاناة التي كانت تمر بها خوفا على أطفالها الخمسة وعلى نفسها، وهي وحيدة وشابة وجميلة جدا في ريعان شبابها في هذا البيت، بعد استشهاد والدي فيه أثناء حرب حزيران 1967دفاعا عن وطنه، حيث كانت تقوم بأغلاق باب منزلنا الوحيد في تلك المنطقة عندما يحل المساء، كان بيتنا يقع في المنطقة الحدودية في "منطقة الحرام" في سفح جبل المكبر، ولم اعرف سبب كل هذا الخوف، ففي احدى المرات قررت أن أكتشف سبب هذا الرعب الذي يحيق بنا، تسللت بعد أن نام الجميع على أطراف أصابعي وتناولت تنكة ووضعتها بجانب السور، وصعدت عليها انظر ماذا هناك، كانت صدمتي كبيرة جدا عندما شاهدت حافلات الجيش الكبيرة والدبابات ذات الجنازير والمجنزرات تجوب الشارع، تسمرت في مكاني...لم استطع الحركة واذا بيد أمّي تسحبني وتطلب مني عدم اصدار أي صوت حتى لا يطلق الرصاص علينا، اليوم أدرك وأعي مدى خوف أمّي بعد ان أصبحت أمّا، فها هو الزمن يعيد نفسه وها هي الحافلات المدججة والمجنزرات وسيارات المياه العادمة والقنابل الغازية والرصاص الحي والمطاطي والاعدام بسبب وبدون سبب، وتفجير المنازل على أصحابها، أصبحت لا ألوم أي أمّ إن لم تستطع النوم أو يغفوا لها جفن، فها هم يجوبون بين البيوت والحارة تكون متيقظة على وقع صوت بساطيرهم في أي لحظة يدق الباب بأعقاب البنادق والبساطير، وتبدأ عملية قلب البيت رأسا على عقب والاعتقال وإرهاب الرضع والأطفال.
#حلوة_زحايكة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟