أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد النور إدريس - أقفال المصالحة...














المزيد.....

أقفال المصالحة...


عبد النور إدريس
كاتب

(Abdennour Driss)


الحوار المتمدن-العدد: 1360 - 2005 / 10 / 27 - 12:47
المحور: الادب والفن
    


كانت شخصيته قوية وهو يتحدث عن هدم السجون، ربّما أخذت قوتها وصلابتها من الموضوع ذاته، فكلما تحسس بادرة الاهتمام من محدثه يزداد طموحا وحرارة... كان حديثه يأتي ممزوجا بالصراخ والبكاء والغبن...
- السجن آه من هذه الكلمة التي تحيل الدم إلى حجر.. إلى جدار. والمشاعر الدافئة إلى عرائس من ورق...
وبكثير من النحيب الكلامي القريب إلى العويل...
أينما اتجهتَ تجد السجن في الانتظار..خذ مثلا.. وأنت تفتح التلفاز..عفوا ..استسمح، كلمة (تفتح) لا أحبها هنا..فقط أريد التعبير عن الدخول إلى التلفاز.. الدخول إلى سجن مفتوح..البرامج تافهة..و..
أشرت إليه بعيني ألا يتابع فأنا أشم رائحة غير عادية بالمقهى، لقد تولدت لدي حاسة الحذر والشك طيلة جلوسي معه في المدة الأخيرة تلك الحاسة التي كان يصفها مرارا بالحاسة السِّجنية المدنية.
فاجأني بإصراره على المتابعة متجاهلا كل اعتقاداتي الفطرية حول موضوع (الحذر) وتابع ..
- السجن رحلة صمت .. قاموس بدائي من الشتائم اللقيطة.. يحاول خلاله السجَّان كسر وسحق السجين معنويا وجسديا ..إنها لعبة الجسد الصامد...
ثم وهو يهمس في أذني..: إليك سرا خطيرا.. ماذا لو علم السجان أن مباشرته للحراسة والإطعام هي أكبر خدمة وعزاء للسجين.. فكل معاني الصمود لا تحركها إلا بشريته.. ها..ها..ها،...
لم أحسب سوى ثلاث قواطع وضرسين.. إنها زهرة شبابه قد ذابت هناك.. لاحَقَتْ كلماته ، بل رصاصاته شرودي...
- آه ستكون مصيبة السجين كبيرة لو حرسته آلة..لكن مستحيل هذا المنطق حاليا .. السجون مكلفة ..إنها ضريبة المجتمع الحر، ذاك الذي يعيش ديمقراطية القطب الواحد
..صمت رهيب خيم على الحوار، قرأت في عينيه الكثير.. كان يعتصر أحلامه في عيني ..فهمت أن أحلامه (هنا) لم تختلف عن تلك التي (هناك) ثم ولْوَلَتْ أحاسيسه..
- كلُّنا سجين وسجّان..لكن السجَّان له أبعاد كثيرة وأشكال لا متناهية .. منه الظاهر ومنه الخفي وأكثره قسوة الذي يجعل الزنزانة هي كل ما يحيط بك ..هنا..
من صمت الانفعال وظلمة الإحساس لم أعد أذنا فقط بل انفجرت قرب مسامعه..كالجرح الغارق في لعنة التأمل..
- السجن حالة لا تخلو من مفارقة .. من طموح التناقض.. تلهث في المجتمع المتخلف.. تفرخ حالات من التدهور العام.. والنتيجة أن الأغلبية تفضل مهنة الجلاد.. لا شيء محايد بالمعنى الصوفي .. إن حواراتنا العمياء حول أهوال السجن هي التي صنعت السجّان...
لم يجب ، وقف.. غادر المكان وقد كان ينظر إليَّ بعينين قد احمرتا من كثرة النحيب الداخلي..
لم ألتقي به بعد ذلك ..إنه لم يألف السجن ..(هنا).. كان كل ما يراه ..هنا.. أضعف من أحلامه التي صاغها ..(هناك)
لمّا رحل..هرب..غريبا مفجوعا..عرفت لماذا كان يصر على أن تكون العصَّابة ربطة عنقه المفضلة...
عبد النور إدريس
http://abdennour.over-blog.net



#عبد_النور_إدريس (هاشتاغ)       Abdennour_Driss#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة والكتابة بالجسد


المزيد.....




- بوتين يتحدث عن أهمية السينما الهندية
- افتتاح مهرجان الموسيقى الروسية السادس في هنغاريا
- صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا ...
- -القلم أقوى من المدافع-.. رسالة ناشرين لبنانيين من معرض كتاب ...
- ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد النور إدريس - أقفال المصالحة...