|
إعادة الأمل إلى الفلسطينيين
عماد صلاح الدين
الحوار المتمدن-العدد: 4962 - 2015 / 10 / 21 - 16:38
المحور:
القضية الفلسطينية
إعادة الأمل إلى الفلسطينيين
عماد صلاح الدين 21-10-2015 بحضور المرض والجهل، وغياب الوعي، على مستوى الذات وعلى المستوى الجمعي، لا يؤدي ذلك إلى نجاح لا على صعيد فردي، أو على صعد جماعات المجتمع، المشكلة للشعب الفلسطيني.
هذه حقيقة أخلاقية ومعرفية واجتماعية، يجهلها كثيرون في مجتمعنا الفلسطيني، أو أنهم يتغاضون عن وقع حقيقتها. وحتى حين يلتفت إليها البعض ممن يحسبون على القيادة والنخب وذوي المشورة والرأي، فإنهم يعزون السبب إلى غير ذلك الذي اشرنا إليه في الأعلى؛ يعزون ذلك إلى خلاف الفصائل وجرائم الاحتلال والانقسام، والتخلي عن المقاومة، وتخلي العرب عن الفلسطينيين، وما إلى ذلك كثير وكثير.
وحين تتم المحاولة إلى العلاج، يتم التعاطي فورا مع الكلام المباح؛ من خطابات وشعارات، وعقد جلسات تبويس اللحى، أو يتخذ بعضنا طرائق وأساليب دون تبصر، ودون أن يعرف ماذا يريد، والى أين هو ذاهب.
حدثت وتحدث على ارض فلسطين تضحيات ونزف دماء كثيرة، يكون إعلان السياسيين وأولي الأمر أن هدفها التحرير والاستقلال والقرار الفلسطيني المستقل، لكن على ارض النتائج يكون المر والمرار، وبلا طائل في كل مرة، رغم كل ادعاء، من هنا أو هناك، بغير ذلك.
من المرير على الجنس البشري، إلى درجة الإحباط الملازم، وفقدان الأمل شبه النهائي، أن يجد الإنسان دائما وباستمرار حصاد عمله لاشيء في المحصلة، هذا يؤدي إلى الكفر بالمبادئ وبالإنسان والقيم والأوطان، وربما بالدين كجذوة فطرية في نفوس الناس، الم نسمع كثيرين يصرحون علانية باستفهام استنكاري لمن نضحي ولأجل من !!.
صحيح، أن اليوم هناك حراكا في الضفة الغربية والقدس، في مواجهة إسرائيل وجيشها ومستوطنيها، لكن هذا الحراك مجرد ردات فعل في مواجهة تعديات وجرائم الإسرائيليين المستوطنين الاحلاليين والعنصريين، وبمعنى انه لا توجد مبادرة واعية نضالية على صعيد القيادة والشعب، في مواجهة الاحتلال والعدوان الإسرائيلي، تعرف الصراع وطبيعته، وتنظر إلى تقرير المصير، بمفهوم أخلاقي وسياسي إنساني سليم، خالص من خزعبلات الشعارات الفضفاضة، والالتباسات الدينية التي لا تحكم الصراع أصلا، والتي يكون لها اثر عكسي، في تصليب عود الادعاء الصهيوني، حول العداء للسامية ولليهودي واليهودية، وبما يترجم عمليا على شكل اعتقاد ديني ديباجي، لدى المستوطن الإسرائيلي العادي، الذي ينبغي أن تصل إليه رسالة سياسية واضحة، في الشكل والمضمون، حول طبيعة مشروع دولته الكولونيالي الاستعماري والاستيطاني، وعن عدم حاكمية الدين لهكذا صراع؛ على انه إسلام في مواجهة يهودية، بل شعب محتل في مواجهة مستوطن استيطاني استعماري، لا اقل من ذلك ولا أكثر. وان تقرير المصير يشمل الجميع، بدون مشروع صهيوني احتلالي استيطاني عنصري.
وستبقى هذه المبادرة الفلسطينية الواعية، وذات المشروع النضالي الثوري الشامل غائبة، طالما ظلت مشكلة الإنسان الفلسطيني قائمة، في غياب بنية الإنسان وتأهيله في الحد الأدنى أخلاقيا وثقافيا ونضاليا وحتى صحيا، وضمن منهجية علمية حضارية، توفر هذا الحد من الإنسان القادر، إلى حد ما، على رؤية النضال وتوجيهه الوجهة الصحيحة، بما يخدم، في النهاية، هدف التحرر الوطني، وتقرير المصير.
الوضع الفلسطيني بعد أوسلو، وعلى مدار أكثر من عشرين عاما، ازداد تعقيدا وتركيبية، على مستويات وطنية واجتماعية وأمنية، وميول واتجاهات سلوكية، لا تناسب أوضاع شعب تحت الاحتلال، هذا إلى وجود بنية مهترئة إنسانيا منذ قرون، دلالتها الاشعارية الواضحة، انهيار الدولة العثمانية الحاكمة لهذه البنية الإنسانية، وهي في أحط مراحلها التاريخية، ثم توالي النكبات والنكسات والإخفاقات على هذه البنية الإنسانية، على أوضاعها التي يعرفها الاجتماعي والسياسي، وحتى المؤرخ المختص، إلى يومنا هذا.
وهذه بنية، يكون مدارها السكون وتلقي الضربات والاستهداف(القابلية للاستعمار والإذلال وشفط الثروات والمقدرات)، ويكون أقصى ردودها رد الفعل، دون عقل أو توجيه أو هدف، ودون طائل للأسف. هنا يلزم إعادة الأمل والثقة للفلسطيني، لتكون عنده فاعلية ومبادرة عند الحد المقبول إنسانيا؛ أمل يعيد له توازنه بأدوات ثقافية وأخلاقية وعلمية ومعرفية، في غير اتجاه ومنشط إنساني، وهنا لا بد من قدر من العدالة الاجتماعية والمادية بهذا الخصوص. وهنا أيضا لا بد من إعادة تعريف حقيقي ورسمي، في علاقة السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير مع إسرائيل، كدولة فصل عنصري مرفوضة أخلاقيا وإنسانيا وقانونيا، وعلى مستويات محلية وإقليمية ودولية، وفي المقدم منها وقف التنسيق الأمني وتفعيل المقاطعة الاقتصادية والعصيان المدني، في مواجهتها، بالإضافة إلى ملاحقتها حقوقيا وقضائيا لدى الجهات الدولية والقضائية منها. وهنا يلزم مكافحة الاستهلاكية وأدواتها الرسمية منها أو المحلية، والامتناع عن قبول مشاريع دولية في هذا المضمار؛ إذ ينبغي، بالخصوص، توقيف سياسة القروض التأبيدية للإنسان الفلسطيني التي يستمر سدادها، إن كان هناك إمكانية حقيقية لسدادها، لعشرات السنين، والتي تم توريط الفلسطينيين فيها وبفوائد ربوية وبنكية مرتفعة جدا. وهنا يلزم إعادة تعريف وهيكلة مؤسسات السلطة الفلسطينية على أسس وطنية وأخلاقية مهنية، يتخلص من صبغتها العطالية المقنعة، ومن عموميتها الخدمية الوظيفية، وصرف كثير من شاغليها إلى مواضع إنتاجية تفيد الشاغل والمشغلة والمجتمع ككل. إن العقلية الوظيفية والأمنية والاستهلاكية، أدت إلى تفشي كثير من الأمراض النفسية والاجتماعية، والى حالة من الهجس وعدم الثقة بين الناس، بالإضافة إلى خلق مجتمع اتكالي متقاعس، كأسوأ مخرج إنساني تاريخيا.
وهنا يلزم إعادة التوفيق و إجراء مصالحات اجتماعية، تزيل الأحقاد والإضغان، وانتظار تنفيذ الثارات بين أفراد المجتمع الفلسطيني، خصوصا بعد ملرحلة أوسلو الممتدة لأكثر من عقدين من الزمن، وحتى اللحظة. عندها يكون للفعل الانتفاضي، رؤيته ومبادرته وأخلاقيته وإنسانيته وعطاؤه وإنتاجه الوطني، في التحرر والعودة وتقرير المصير.
عندها تتجلى الحقائق والنظر الصحيح، حتى على مستوى رأي عام عالمي كبير، إلى الكيان الصهيوني باعتباره كيان استعماري استيطاني فصلي وعنصري، في ظل مقاومة شعبية فلسطينية عارمة وشاملة للكل الفلسطيني، يقتنع بها الفلسطيني أولا، ومن ثم يتفهمها العالم ثانيا، بأنها مقاومة مشروعه، وبكل الوسائل؛ للدفاع عن النفس والأرض، والتحرر من الاستعمار والظلم، ولم شمل اللاجئين الفلسطينيين المشردين في بقاع الأرض، منذ عقود طويلة.
#عماد_صلاح_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا انفجر الشباب في الضفة الغربية والقدس؟
-
مشكلة الانتفاض الفلسطيني
-
المأزق الفلسطيني المركب
-
التعليم وبناء الشخصية
-
أرجو ألا تستنفدونا أكثر!!
-
بعدك لم أجد حبيبة
-
نخب الرفاه والنضال الفلسطيني
-
حقائق القوة الإنسانية
-
المخيم الفلسطيني وحق العودة
-
عماد صلاح الدين
-
إدراك الذات والعلائق والحضور
-
الشرعية للفعل الوطني وليس للهياكل
-
التعامل بحكمة مع النظام المصري
-
وقف مخطط الاستدراج الإسرائيلي الحلقة الثانية
-
وقف مخطط الاستدراج الإسرائيلي
-
الحتمية التاريخية وممكن الحتمية
-
مخطط تفكيك وحدة القضية الفلسطينية
-
إعادة تأهيل الإنسان الفلسطيني
-
الخوف على الضفة الغربية
-
الدعوات المجردة إلى التدين والتمسك بالهوية
المزيد.....
-
كيف يرى الأميركيون ترشيحات ترامب للمناصب الحكومية؟
-
-نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح
...
-
الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف
...
-
حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف
...
-
محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
-
لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
-
خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
-
النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ
...
-
أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي
...
-
-هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|