أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - منزلنا الريفي (93)














المزيد.....

منزلنا الريفي (93)


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 4962 - 2015 / 10 / 21 - 02:09
المحور: الادب والفن
    


لعنات كرزازية
أنا أتمرد إذن أنا موجود
ألبير كامو
****
في الخريف القاحل، التربة مغبرة، والبنية التحتية متردية، والشباب ساخط، بزغت أمنا كرزاز من ماضيها السحيق، وصاحت قائلة :
"قولوا لي من أنا ؟"
قلنا لها : " أنت الأم، أنت الجذر، أنت الوطن، أنت الماضي السحيق، أنت نحن ونحن أنت ." وطفقت تعانقنا بلذة ماجنة، وراحت تسرد آهاتها ولعناتها بكل جوارحها .
****
الممثل : طيلة 18 سنة لم أكن ممثلا لأحد، وإنما مثلت نفسي فقط، طيلة هذه المدة لم أكن أعتبر الكرزازيين ذواتا واعية، بل عبارة عن أشياء تباع وتشترى، وهذا ليس ذنبي، وإنما ذنب هؤلاء الكرزازيين الذين يتهافتون من أجل ورقة زرقاء، أنا بريء من مذلتهم وانحطاطهم، اتركوني و شأني، أنا لست مسؤولا عن أحد. ..
القنطرة : هل فعلا أيها الممثل أن قيمتي تساوي ثلاثة ملايين سنتيم ؟؟ لعلك دستني أكثر من مرة خلال حملاتك الانتخابية ؟؟ ألم يظهر لك انكساري والقطعة الحديدية التي تجثم فوقي ؟؟! أنظر لقد تشظيت فتاتا فتاتا !! لعلك لم تراني مثلما لم تر الطريق المغبرة فوقي والبرك الموحلة على جانبي ! وأطفال المدرسة بسراويلهم المتسخة. مضت أجيال وجاءت أجيال، وكرزاز أمنا تتجرع نفس الإذلال .
الجمعية : أنا النار المستعرة، أنا الشباب التواق إلى التغيير، أنا الوعي المتقد، أنا الفم الذي ينطق لا، أنا الحلم المنشود والمستقبل الموعود. ..
الطريق: مغبرة في الصيف، موحلة في الشتاء، سوف أناضل بلا هوادة وأكون سبيل كل كرزازي نحو الأفق بلا مذلة ولا تبخيس ولا ركوع.
المقبرة: أيها الكرزازيون الأحياء الأموات مرحبا بكم بين قبوري ألم تعلموا أنكم متم منذ سنة 1987، يوم أن بعتم الأرض، لقد صرتم أجسادا بلا روح، حاضرا بلا ماض أو مستقبل ...أنتم لا شيء...في كل سوق انتخابي يحشرونكم مقيدين كالقطيع، أخرجوا من قبوركم وكسروا قيودكم وقولوا نحن أحرار لن يمثلنا إلا من يمثلنا .
المسجد: كل جمعة يزورني حفنة من المنافقين والكذابين والمحتالين... أنا بريء منهم، وبريء ممن يتكالب على طموح الشباب.
المترشح الجديد: راهنت على الكرزازيين كمن راهن على السراب، لن أستسلم، فما أنا إلا دفقة من دفقات الوعي الكرزازي الذي لن يموت!
الملعب : أنا أتواجد قرب المدرسة، لم أعلم أنني انضممت إلى المقبرة حتى رأيت الجرافات والبنائين، كنت دائما أعتبر نفسي رفيقا للشباب والحياة، فإذا بي أجد نفسي مقذوفا بين القبور، وصرخت بملء فم الغضب، فضاع صراخي بين الأشجار والأجداث...اللعنة اللعنة .
الوادي : نهشت المقبرة، والممثل الرابض فوق القنطرة يتفرس ضحكة ماكرة .
سهب خزيت : أنا شاهد على غياب القناطر في بني كرزاز.
المدرسة: منذ تأسيسي سنة 1966، وخلال الفصل الماطر، كان يصلني أطفال كرزازيون بسراويل مبللة، وقمصان متسخة، كم كان ينقبض قلبي كلما هطل المطر بغزارة، كنت أخشى أن يجرف سهب خزيت هؤلاء الأطفال الأبرياء، كم هم مساكين، كم أحن إليهم كما تحن الدجاجة إلى صغارها، آه لو أضمهم جميعاً إلى أحضاني، مسكينة أنا وحيدة بين القبور، أعلم أبنائي فن الحياة، جدراني باتت هرمة تنفث غبارا ساما أخشى أن يضر بأولادي الصغار !!
الحانوت : كفى ثرثرة، كفى هراءا، لقد كرهت الكلام التافه .
السيجارة : لا تدخنونني، افتحوا كتابا لتنوير عقولكم من أجل أن يكبر الإنسان في كيانكم .
****
وبعد أن سردت لنا كرزاز آهاتها، غادرتنا نحو ماضيها البعيد، وقالت لنا : "كونوا أنتم ولا تكونوا غيركم" .
****
أن تتمرد هو أن تخرج من ذاتك وتعانق أفق الغير .
ألبير كامو .
عبد الله عنتار/ بني ملال- المغرب/ 14 شتنبر 2015



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منزلنا الريفي (91)
- منزلنا الريفي (92)
- منزلنا الريفي (89)
- منزلنا الريفي (90)
- خواطر على الشاطئ
- منزلنا الريفي (88)
- منزلنا الريفي (87 )
- أفياء كرزاز
- سفيرة عزرائيل
- إعتراض على إنشاء منتجع سياحي خاص للقنص السياحي بأراضي القناص ...
- قتلتك يا جلادي
- حنين إلى جسد عاهرة
- منزلنا الريفي (85)
- اختفت كلماتي
- منزلنا الريفي (84)
- منزلنا الريفي (83)
- متى تعودين يا عشتروت ؟
- منزلنا الريفي (82)
- أنت أنا وأنا أنت
- تحت الصفر


المزيد.....




- الكويت ولبنان يمنعان عرض فيلم لـ-ديزني- تشارك فيه ممثلة إسرا ...
- بوتين يتحدث باللغة الألمانية مع ألماني انتقل إلى روسيا بموجب ...
- مئات الكتّاب الإسرائيليين يهاجمون نتنياهو ويطلبون وقف الحرب ...
- فنان مصري يعرض عملا على رئيس فرنسا
- من مايكل جاكسون إلى مادونا.. أبرز 8 أفلام سيرة ذاتية منتظرة ...
- إطلالة محمد رمضان في مهرجان -كوتشيلا- الموسيقي تلفت الأنظار ...
- الفنانة البريطانية ستيفنسون: لن أتوقف عن التظاهر لأجل غزة
- رحيل الكاتب البيروفي الشهير ماريو فارغاس يوسا
- جورجينا صديقة رونالدو تستعرض مجوهراتها مع وشم دعاء باللغة ال ...
- مأساة آثار السودان.. حين عجز الملك تهارقا عن حماية منزله بمل ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الله عنتار - منزلنا الريفي (93)