|
حنجرة القمر
عامر سليم
الحوار المتمدن-العدد: 4958 - 2015 / 10 / 17 - 10:23
المحور:
كتابات ساخرة
دراسه نقديه بنيويه للشعر الفيسبوكي الحداثي المعاصر
( الشعر هو اشعال النار في هشيم اللغه) ...اعتقد ولست متأكداً ان هذا القول يعود للفيلسوف الوجودي سارتر والذي كان لايولي اهتماما مذكورا بالشعر رغم انه كتب دراسه يتيمه عن الشاعر الفرنسي العظيم بودلير.. لا اعرف مايعنيه باشعال النار والهشيم واللغه بالضبط! فهل الشعرينتج لغه جديده من رماد هذا الحريق! ام انه يحرق اللغه التي لايوليها اهتماما لانها هشيم يحتاج الى شرارة الشعر! ام انه ينير لنا لغه معرفيه جديده باشعال هشيم اللغه التي صارت تعاني من الشيخوخه غير المنتجه! ام هناك تفسير اخر والذي اتمنى ان يسعفني به قارئي الكريم قبل ان اصير رمادا انا الاخر!
في العالم الالكتروني الافتراضي الذي غرق به البشر ..اصبح الانسان بين ليلةٍ وضحاها موهوبا المعياً متعدد المهارات الفكريه! وكأنه ربط (هارد درايف) بأذنه وصار عقله جبارا يكتب في الشعر والروايه والفلسفه والاقتصاد والدراسات النقديه لكل فروع الادب والفن.. ناهيك عن التحليلات السياسيه والتاريخيّه والدينيه والفلكلوريه والنفسيه والتي صارت كلها عنده اسهل من كبسة زر الكومبيوتر!
في دراستي النقديه هنا سأتناول تسونامي الشعر الذي اصاب معظم الفيسبوكيون وكأنه تقليعه جديده لقصة الشَعَر( مو الشِعْر) !فالحديث يدوربين هؤلاء عادة عن الديوان الجديد ودار النشر التي ستطبعها وعدد اللغات التي ستنشر بها والامسيه القادمه..الخ.. ويعزز المنشور عادةً بالصور الشخصيه التي تضم كوكبه من الشعراء في مطعم (تاجران) الاوروبي البارد مع الكباب والتشريب.. او في مقهى باريسي او برليني مع اقداح الخمره او فناجين القهوه وعلب السكائر المتناثره كتناثر القبعات المزركشه على رؤوسهم المائله لعدسة الكاميرا ! والتي تذكرنا بقصيدة المجرشه الخالده لشاعرنا الشعبي العظيم الملا عبود الكرخي...
ساعه و اكسر المجرشه * بحرگه و اعيط بعيطه و من راسي لأنزع فوطتي * و البس انا البرنيطه دنياك خربطها الوكت * صارت يَوَل خربيطه الگرعه صفت و ام الشعر * حلاقك مساويها
والشاعرهنا يعني جواز الامرين عندما يشير الى (ام الشعر) فقد تعني شعر الرأس او شعر القريحه الشعريه الفيسبوكيه الخصبه الخلاقه!
كل مايحتاجه الشاعر الالكتروني الفيسبوكي هو اختياره لصوره معينه..غروب ..شروق..زهور..طفل يبكي..نانسي عجرم..سكارليت جوهانسن بتنوره قصيره وصدر مكشوف....الخ!... لايهم ومن ثم يعّبر عن هيجان (او نيران) مشاعره بمفردات غريبه عجيبه وغير مترابطه وكبسة (بوست) وتنزل اللايكات من الحبايب تهلل! شنو الموضوع ! وين الحريق! ماهو المعنى! ماذا تريد ان تقول! مو مهم ! المهم اكبس لايك حتى تُرد لك ببوستات ومناشير الافراح والليالي الملاح! لا احد يطلب منك تفسير ماتقوله! بل ان بعضهم يعلق بمفردات منافسه وغرائبيه اكثر وعلى حس الشعر (مو الطبل) فيضي يالقريحه (مو خفّنْ يرجليه) وتجد نفسك في اتون الشعر الذي يحاصرك من كل الجهات وكأنه حريق شب في اشجار الغابات المرتعشه..(بربكم الا يرتقي وصفي هذا الى مصاف قصيدة النثر!) إقرأ معي عزيزي القارئ هذه النماذج العصماء من الشعرالمخلوط !عمودي على حر على قصيدة نثر على شعر تفعيله..يعني شلون ما تحب وما تشتهي مثل كليجة العيد!
اشرب نبيذ رأسي بعد ان سكرت من عصير الجسد فتحت عيني صباحا على روث النجوم السارحه ........................ بالامس هجعَ صوتي وسكن في حنجرة القمر براثن الليل فقعت عيني المتوسله لقطرات الوجد الحنين .......................... على طاولتي في المقهى الباريسي كان رماد سيكارتي يرسم شوارب دالي المزّيته ببقايا قهوتي ................................. اصرخ في وجه امرأه عاريه تفترش رصيف شبقي.. اين الحانة الحمراء؟ تشير باصبعها البنفسجي المنتخِب نحو جدار بعيد غاب في ضباب الليل.. هناك ايها العاهر المجنون! اغادرها وانا ارمي لها قطعة نقود مرسوم عليها وجه الله ................................. في ذلك اليوم القائض..تحسست عشب صدري البري وتعثرت اصابعي بالطين المتكسر اليابس العاطش امتزج عرقي ودمي ليروي عطش الطين السومري المسروق .............................. في مرآة يومي غابت ملامح وجهي اكرر النظر اليها اكرر لأتأكد رباه.. هذا قفاي! .................... سردينة غابت في لجة البحر سنجاب يقضم اظافري حدثني الصمت صارخا اياك ان تتبع السرادين وتداعب السناجب! فللحب رموش طائره تنقر اعماق الارض ...................................
وهكذا تستمرالابداعات الشعريه تعصر نبيذ رأسك..ويبقى القمر المفرده الذهبيه لشعراء الفيسبوك رغم تأكيد علماء الفلك بأنه تابع صخري موحش للارض ومرآة بائسه للشمس ! وليس له حنجره كما ليس للمريخ بلعوم او لفينوس زردوم! قد يحاججك شاعر مكرّش وهو يتجشأ الشعر قائلا: حبيبي.. لاتخلط ان قمر الشعراء ليس هو قمر العلماء..نقول نعرف ذلك يامولانا..فقد غنى حليم (مداح القمر) للشاعر محمد حمزه وكان يعني الحبيبه وهو توظيف شعري جميل للقمر كجمال توظيف مرسي جميل عزيز لاغنية (يامه القمرعلباب) والتي كانت تعني الحبيب والعريس القادم لفائزه احمد..فالقمرقد يكون مذكرا او مؤنثا في الشعر...ولكن لم نقرأ ( لا من قبل ولا من بعد) ان للقمر حنجره!
فلو عرف سارتر ان للقمر حنجره لخرج من قبره وصرخ بأعلى صوته وبقوة حنجرته.. الشعر هو اشعال النار في صفحة الشاعر والقراء وصفحة الفيسبوك الكشره!
ملاحظه لابد منها: المقاطع الشعريه التي وردت في المقال هي من ابداعاتي الخالصه ولكنني واحتراما للحقوق الفكريه (لطشت) بعض المفردات من الشعراء الفيسبوكيون !عليه لايجوز نشر اي جزء من القصائد المذكوره اعلاه او اختزان مادته بطريقة الاسترجاع او نقله على اي نحو او بأي طريقه سواء كانت الكترونيه او ميكانيكيه أو بالتصوير او بالتسجيل أو خلاف ذلك كالنشر في الفيسبوك او المواقع الانترنيتيه الا بموافقه خطيه وكتابيه من عامر سليم وعن طريق الحوار المتمدن !
#عامر_سليم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صديقي دانغوت الشيوعي
-
سلمان بين الباروك والبربوك*!
-
الليالي العربيه السوفياتيه
-
ما سِرْ العَجّه.. في سوق الشورجه ؟
-
* عين واحده .. ام عينانْ
-
الاطفال احبابنا ..لا احباب الله
-
ازمة الفكر بين الواقع العربي و المنظور الكوني.... ماهو الاخت
...
-
المقامات البهلوانيه...... المقامه الثالثه
-
القصر.... بين الوهم والقهر
-
الى سامح ابراهيم حمادي...مع التحيه
-
الى ليندا كبرييل....مع التحيه
-
المقامات البهلوانيه......المقامه الثانيه
-
مقامات الشاطر حسن البهلوان..... المقامه الاولى
-
la putain (ولكن) *
-
عامر .. ك
-
حجي راضي يقرأ مقال!!
-
نزهة المشتاق في اختراق النفاق!
-
المعطف قراءه تفكيكيه بنيويه بسحاق لغوي!!
-
كيف تطبخ مقالا ليبراليا أو نيوليبراليا
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|