|
الطقوس (المراسم) ناغيسا أوشيما:الفرد حالة اجتماعية وحالة اكثر خصوصية
بلال سمير الصدّر
الحوار المتمدن-العدد: 4957 - 2015 / 10 / 16 - 22:27
المحور:
الادب والفن
الطقوس (المراسم) ناغيسا أوشيما:الفرد حالة اجتماعية وحالة اكثر خصوصية فيلم الطقوس هو من أهم الأفلام التي حققها ناغيسا أوشيما خلال مشواره الفني،بدا فيه متوازنا في اسلوبه التعبيري وفكره المضموني وربما أكثر وضوحا في التعبير عن افكاره الفلسفية والسياسية بلمسة فنية من الممكن ان تعرف ب(خصوصية ناغيسا أوشيما) فالتميز في التشكيل السينمائي بدا واضحا جدا. الطقوس 1971 فيلم عابق بدراما استرجاعية مكثفة جدا تحال الى الخاص كالعادة،فالفردية التي تصل للذروة في همومها لتعكس معاناة اجتماعية كاملة ليست لها علاقة بهموم الفرد اطلاقا،أصبحت سمة واضحة من سمات أوشيما الفنية الذي يعتمد على الفرد أولا بوصفه التشكيل الأساسي للمجتمع،كما أنه يضيف هم فردي غاية في الضيق ليضفي على الفرد حالته الخاصة وهو بذلك يعكس هموم اجتماعية من الفرد مشكل هذا المجتمع،بالاضافة الى ان هذا الفرد يعتبر كنموذج خاص جدا يستخدمه اوشيما لعكس افكار فلسفية تخص الفيلسوف الفرنسي جورج باتاي (في هذا الفيلم تحديدا). الطقوس كما قلنا عابق بالدراما المكثفة الاسترجاعية والسوداوية السردية مع تكثيف عالي للدراما يخص الشخصية والحدث معا فالاسترجاع يبدو اسودا على اي حال من الأحوال. إذا (ماسو ساكودا) يتلقى برقية غريبة عن موت صديق طفولته وقريبه (TERUMICHI) فيضطر للعودة الى موطنه الأصلي مع قريبته(RITSUKO) ومن ثم يبدأ المونولوج الداخلي الاسترجاعي من قبل ماسو:من الطفولة ومن اللحظة الأولى التي قابلتها لم اتوقف عن حب ريتسوكو يسألها ماسو...في هذه اللحظة ..في هذا الزمن:ماذا تعتقدين نحن بالنسبة لبعضنا البعض اقارب لايودون بعضهم البعض سوى فقط في الاعراس والجنائز ماسو يسترجع ويعرف نفسه برجل(منشوريا) حيث و في العام 1947عاد الى منزله الأصلي ومنزل العائلة(SAKURADAS) وكان يوم ذكرى وفاة والده السنوية الذي لايعلم ماسو اي شء عنها-أي عن موته-سوى انه انتحر ولايعلم حتى سبب انتحاره وفي ذلك الوقت كان الناس يتحدثون بكثرة عن هذه الأشياء...عن الحرب وعن الجيش وعن الاشخاص المفقودين الاسترجاع عند اوشيما ليس تحقيقي بقدر ما هو سردي...اوشيما لايقصد ان يؤرخ لفترة معينة،فهذا النكوص نحو الطفولة والصبا اساسه عائلي بالرغم من كل شيء،وهذه العائلة سوف تستخدم ككناية للتعبير عندما يكون الموضوع عام،كما انها من الناحية الفردية سوف تعكس هموم فردية للمخرج. هناك الأب والجد معا(كازوميشي) قائد لهذه العائلة المختلطة التي تحمل بين ثناياها أولادا غير شرعيين من عشيقاته كما أن احد أولاده غير الشرعيين منضم للحزب الشيوعي فليس من قبيل العجلة هنا أن نقول ان العائلة برمتها هي رمز لليابان المعاصرة،واوشيما كا في الفيلم السابق-الرجل الذي وضع وصيته في فيلم-يعبر عن المشهد السياسي الفوضوي في اليابان،فمع سقوط الامبراطور سيبرز اوشيما خيبة امله من الجناح اليساري الذي سيسود لاحقا... من المشاهد المهمة في الفيلم،مشهد ماسو في صباه وهو يضع اذنه على الأرض لكي يسمع ما تحتها:لقد دفنوه...دفنو أخي الأصغر...دفنوه رضيعا وكان لازال يتنفس لقد غطوه بالتراب ولكن كان لدي انطباع بانه كان لازال يبكي لذلك وضعت اذني على الأرض حتى اسمع صوته...هذا اشارة الى ماضي حقيقي اليم...لكن ماذا عن الواقع السياسي الحالي؟ تبرز على الفور الخالة(ٍSESTUKO) الذي سيتعترف ماسو بأنها كانت حبه الأول،وسيبرز اوشيما نوعا من الاختلاط الجنسي بين هذه العائلة وشيء من سفاح القربى،واذا كانت هذه الفوضى تحال عند الكثير من النقاد الى الفساد السياسي المستشري في الزمن الأمبراطوري،إلا أننا نحيلها أكثر الى المشهد السياسي الحالي في اليابان. ستسوكو الخالة تعترف بنفسها كالتالي: انا ابنة غير شرعية لاب غير معروف ربما تكون امه هي اخت الجد أي (كازوميشي) على ان هناك احتمال كبير أن تكون ستسوكو هي ام ماسو لوجود علاقة حب بينها وبين والد ماسو المنتحر (KANCHIRO) و(RITSUKO) تؤكد ذلك من ذكريات طفولتها،وبالتالي من الممكن أن تكون هذه ليست سوى اخت ماسو،ومع قبولهما بهذه الحقيقة،إلا أن ماسو يرفض هذه الحقيقةويصر بأن تكون ريتسوكو حبيبه له وليس اخت. كانشيرو يقول في وصيته الأخيرة: عندما تكبرون من المؤكد ان اليابان سوف تنهار تحت الحكم الشيوعي وانتم سوف تجتمعون لمحاربتهم... يقول ماسو:لقد كتبت هذه الجمل عام 1946 حين كان الامبراطور على وشك الاكراه ليعلن امام الشعب الياباني بأنه لاشيء سوى انسان عادي واعتقد والدي بأن هذه سوف تكون نهاية اليابان وقرر الانتحار... كما قلنا فهذه العائلة بمعطياتها الرمزية القوية هي تعبير عن الفوضى التي تمر بها اليابان ولكن ايضا هناك تداخل في اقصة،فالقصة تحتمل الكناية السياسية وفي نفس الوقت تصلح لأن تكون عن شخصيات أو بالاحرى شخصيتان( ماسو وريتسوكو) منغلقتان على احداث الماضي وهما لايعيشان في الحاضر بقدر مايعيشان في الماضي،كما ان الفردية تحمل على المطلق ايضا،لأن اوشيما يعبر احيانا عن فكر خاص غاية في الخصوصية،بل ان فيلم الطقوس بالنسبة لبعض النقاد ليس الا مقدمة لأمبراطورية الحواس،فالثيمة الاساسية لأمبراطورية الحواس من الجنس والموت والانتحار هي ثيم تامة الوضوح في هذا الفيلم،بل يعبر اوشيما بشكل أوضح: يقول TERUMICHI،الذي حدث جماع بينه وبين SETSUKO قبل اربع سنوات: أنا لاافكر بها-اي ستسوكوالتي اعطتني نفسها ولكني فكرت فيها كأمرأة اعطت نفسها بعيدا GAVE HERE SELF AWAY في تلك اللحظة انا دخلت الى نظير الأنثى...لنتأمل قليلا في التعبير اللغوي المستخدم: THAT MOMENT, I LONGED TO FAMALE COUNTERPART أي النظير أو الشيء المتمم ماسو:هل النظير هو شيء مادي؟ T:انت تعتقد ان النظير الانثوي هو شيء مادي فقط...هل زرت عاهرة،لااحد يزور عاهرة ليجد نظير الانثى ريتسوكو:بالتاكيد هناك نظير ايضا للذكر...تكمل: ستسوكو ترغب بالانتحار ألا تعتقد-الكلام موجه الى ماسو-بأن تلك الليلة قبل اربع سنوات هي السبب ...الليلة التي وهبت نفسها فيها الى TERUMICHI من الواضح أن ريتسوكو في كلامها احالة واضحة لنظريات جورج باتاي عن ثنائية الموت والجنس،والنظير المذكور بالأعلى ربما يكون الايروسية الذي فرق باتاي بينها وبين الفعل الجنسي تفريقا معقدا،أو من الممكن ان تكون ايضا هي الموت نفسه بحيث تبدو النماذج الآن هي نماذج لنظريات جورج باتاي ليس الا... تقول ستسوكو:اذا تسنى لي أن اكون في حب مع شخص ما هذه الايام فمن المحتمل أن اطلب منه ان يموت معي...وعندما تنتحر المذكورة طاعنة نفسها بسيف على جذع شجرة،فالاحالة لنظريات جورج باتاي بالرغم من كل شيء ليست قوية... والنتيجة ان اوشيما كان عليه ان يحقق امبراطورية الحواس تأكيدا،خاصة اذا كانت هذ الافكار مسيطرة عليه فكان عليه ان ياجأ الى الابتذال والصراحة في التوضيح . مع الكثير من الكنايات السياسية التي يتخللها ابعادا درامية مكثفة غاية في الخصوصية والسوداوية والروعة يختم اوشيما فيلم الطقوس كالتالي: TERUMICHI يوجد منتحر لأنه كما يقول في وصيته المرشح الوحيد لقيادة العائلة فقتل نفسه حتى يتسنى لهذه الامبراطورية ان تكمل مسارها بينما ريتسوكو تنهي مسار حياتها بالانتحار ايضا.. ان قلنا ان العائلة هي الأمبراطورية،فلماذا يضع ماسو اذنه على الارض مسترجعا مشهد طفولته وهو يسترجع صوت اخيه الباكي من تحت التراب...؟! بلال سمير الصدّر 16/3/2015
#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرجل الذي وضع وصيته في فيلم 1970(ناغيسا أوشيما):الاحتجاج ال
...
-
ليل وضباب فوق اليابان 1960 (ناغيسا اوشيما):النموذج الاحتجاجي
-
الموت شنقا 1968(ناغيسا أوشيما):R في مرحلة التكوين المعرفي ال
...
-
عن ناغيسا اوشيما وpleasure of flesh 1965
-
كوربورال المراوغ 1964:عودة مقصودة تقريبية الى الوهم الكبير
-
رقصة الكانكان الفرنسية 1954 والينا ورجالها 1956جين رينوار:هل
...
-
قواعد اللعبة 1939(جين رينوار):بدعة القرن العشرين في التوجيه
...
-
الوهم الكبير 1937(جين رينوار):رينوار يصيغ وهما كبيرا
-
انقاذ بودوا من الغرق 1932(جين رينوار):السخرية والتهكم على وا
...
-
العاهرة،أو أليست الحياة عاهرة 1932(جين رينوار):حكاية الرجل ا
...
-
عن جين رينوار والسينما الصامتة والمغتابون:1894-1979
-
Madadayo ليس بعد1993 أكيرا كيراساو:في وداع كيراساو...دفء الم
...
-
لحن في آب 1991(أكبرا كيراساو):اشكالية التعايش
-
أحلام 1990 أكيرا كيراساو:فيلم عن الصورة نفسها
-
ران 1985(أكيرا كيراساو):هل الحياة تستحق منا كل ذلك
-
ظل المحارب 1980(أكيرا كيراساو):شيء ما عن الفكرة عندما ترسخ ف
...
-
ديرسو أوزلا 1974(أكيرا كيراساو):عن الطبيعة وعن الصمت وعن شخص
...
-
دوديسكادن 1970:حتى لانظلم كيراساو
-
اللحية الحمراء 1965(أكيرا كيراساو):عن طبيب يعالج المرضى من خ
...
-
الحارس الشخصي 1961:عن الفيلم الأكثر شهرة في تاريخ اليابان
المزيد.....
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
-
تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر
...
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
-
-المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية
...
-
أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد
...
-
الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|