أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح زنكنه - الخنزير ... قصة قصيرة














المزيد.....

الخنزير ... قصة قصيرة


صلاح زنكنه

الحوار المتمدن-العدد: 4957 - 2015 / 10 / 16 - 21:12
المحور: الادب والفن
    


هاهو جالس الآن على المقعد المقابل لمقعدي في الحافلة ، رجل عجوز محدودب الظهر، بشعر أبی-;-ض وصلعة عری-;-ضة تتوسط رأسه ، ی-;-ضع على عی-;-نی-;-ه نظارة طبی-;-ة سمی-;-كة العدسات، وی-;-توكأ على عكازة بی-;-ده ، ی-;-ده التي كانت تمسك بالسوط وتحمل الهراوة في سالف السنی-;-ن ، أعرفه من خلال عی-;-نی-;-ه الجاحظتی-;-ن.
الخنزی-;-ر، إنه الخنزی-;-ر الذي بحثت عنه طوال سنی-;-ن عجاف لأشفي غلی-;-لي منه ، لم أكن أتصور أبداً أن ألقاه وهو على هذه الحال ، هرماً، بائساً، تملأ التجاعی-;-د وجهه وبالكاد ی-;-وازن جسمه المتهدل ،وی-;-ده ترتعش على العكازة.
ما كانت ی-;-ده تخطئ أو تزل أو ترحم وهي تهوي بالسوط أو بالهراوة أو بالسلسلة الحدی-;-دی-;-ة على أنحاء جسمي، بغضب وحقد وتشفٍ ، كنت أمقته ، أحتقره وأنعته بالخنزی-;-ر وهو ی-;-صول وی-;-جول في غرفة التعذی-;-ب ، بقامته المدی-;-دة وعضلاته المفتولة ی-;-توعدني دوماً بالوی-;-ل والثبور، تارة ی-;-كوي جسدي ، وتارة ی-;-جلدني ، وتارة ی-;-قلع أظافري متلذذاً بألمي وصراخي ، ومازالت أثار أعقاب السجائر التي أطفأها على جسدي شاخصة ، وخطوط السوط الذي ألهب به ظهري مرات ومرات منقوشة كالوشم ، ومازلت أشم رائحة الشواء، شواء لحمي ی-;-زكم أنفي وی-;-صی-;-بني بالدوار
ی-;-ومئذ قلت له وأنا أغلي غضباً منهك القوى (سوف أنال منك ، إن بقی-;-ت حی-;-اً وأجعلك تدفع الثمن غالی-;-اً أی-;-ها الخنزی-;-ر) ها هو الخنزی-;-ر الذي غدا هرماً عجوزاً في تعتعة العمر ی-;-جلس قبالتي دون أن ی-;-عرفني أو ی-;-نتبه لي ، أتأمله عن كثب ، أتملى
في ملامحه الواهنة وسحنته البشعة وعی-;-نی-;-ه الجاحظتی-;-ن اللتی-;-ن كان ی-;-خزرني بهما آنذاك وی-;-تطای-;-ر منهما الشرر، كم كان قاسی-;-اً وشرساً وعنی-;-فاً ، وكم هو الآن مهدم ی-;-ثی-;-ر العطف والشفقة ، وهو ی-;-ستعی-;-ن بعكازته كي ی-;-ترجل من الحافلة ، قمت وأسندته بكتفي وأنزلته بهدوء ونزلت معه ، مع الخنزی-;-ر الذي وعدته وهددته بالاقتصاص والانتقام منذ أكثر من خمسة وعشری-;-ن عاماً ، أصفعه ، أجلده ، أسحله ، أهی-;-نه ، أذله كما كان ی-;-فعل معي ، وها هو الآن تحت رحمتي وأنا أقبض على ذراعه الواهی-;-ة ، وهو ی-;-كبل لي آی-;-ات الشكر والامتنان ، وبعد هنی-;-هة من الوقت قال لي :
- لا ی-;-بدو صوتك غری-;-باً عليَّ ؟
قلت له :
- أما أنا فصوتك وصورتك، مدبوغتان في ذاكرتي منذ زمن طوی-;-ل.
قال :
- من أنت ی-;-ا بني ؟ فذاكرتي متعبة وممسوحة.
قلت له :
- كنت أتمنى أن أراك وأنت أحسن حالاً وأكثر حی-;-وی-;-ة كي أقتص منك ، أقصد
من الخنزی-;-ر.
تركته وذهبت لسبی-;-لي ، قرفص على الأرض وراح ی-;-جهش في البكاء.
- لا تتركني أرجوك ، لقد عرفتك الآن ، تعال لأقبلك وأعتذر منك ، تلك
لم تكن حقی-;-قة كانت قصة ، قصة قصی-;-رة ، كما كنت تقول ، تعال أرجوك.
إلا أنني لم ألتفت إلی-;-ه ، واصلت مسی-;-ري عازماً أن أنسى الأمر تماماً.
2001



#صلاح_زنكنه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التماثيل ... خمس قصص قصيرة
- سأقتل الجنود ... قصة قصيرة
- واقع حال العراق الآن
- الظاهرة العنفية في الاسلام
- بلاد موحشة
- متواليات عراقية
- زواج عرفي
- المقدس والمدنس
- علامات خراب الدولة المدنية في العراق
- ساسة العراق الجدد
- رمضانيون بلا حدود
- الأسلام والنكاح
- وخزات في صميم الوجع العراقي
- الجنة موحشة جدا
- صلاح زنكنه
- خليل
- ((المسجد بيت الله)) قصيدة للشاعر الكردي قوبادي جلي زاده
- القمني وهزيمة المثقف الأعزل


المزيد.....




- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح زنكنه - الخنزير ... قصة قصيرة