بوزيد الغلى
الحوار المتمدن-العدد: 4953 - 2015 / 10 / 12 - 00:02
المحور:
الادب والفن
رفع يديه إلى السماء متضرعا : اللهم أبرد صيفنا ،وسجّر شمس خريفنا ... عجب من دعائه . حدجه بنظرة مريبة ، ولم يعقب. فهم من جهامة وجهه شيئا من جهالة ، فأفهمه : إذا اشتد حرّ الخريف ، تحلبت أفواه السماء ، و هطلت الأمطار مدرارا ، و تفجرت الأرض أنهاراً.
تبوءا من المحلة مكاناً سنياً . أنعامهما سائمة في السهب تقضم ما أبقاه الجدب من عشب. تنطعت عنيزات فنفشن في دالية نضج تينها . جاء الحارس نافخاً أوداجه . راغ إلى العنيزات . هش عليها بعصا غليظة . أصاب إحداهن بكسر في رجل أوهن الهزال عظمها . أبصر صاحب العنزة قادما متهجماً . أطلق ساقيه للريح . جرى الآخر خلفه . أمسكه من دبر عند حافة الجرف . وكزه . ردّ الوكزة بأخرى . اندلقت رجله إلى الحافة . خرّ صريعاً.
سرى الخبر في المحلة . هدّأ الشيخ النفوس الغضبى . ألزم أخا القاتل بالدية . حاول التبرم . تمتم : لقد أثقل كاهلي هذا الكَلّ... كسر سن فلان ، فدفعت الأرش . أضرم النار في نخل بني علان ، فعقرت لهم ناقتي بعد أن قطع منها العرقوب. .. إنه منحوس منكوس ! .
لبثوا مليّا يتداولون ويتبادلون أطراف الكلام ، همّ ببنية أو حيلة . قال لهم : إن أمارة شؤمه تجافيه عن الرزق و تعاميه عن مواطن الخير . أبصروه من بعيد بعد برهة . التمس من أحدهم محفظة نقوده . رماها في طريقه . عجبوا من صنيعه . لاذوا بصمت الاستغراب . اقترب حتى أضحى صوته مسموعا . وضع يديه على عينيه . خاطبهم بأعلى صوته : كم ستعطوني إذا أتيتكم مغمض العينين!.
#بوزيد_الغلى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟