|
تحصين السيادة الحزبية مدخل لدمقرطة التعاقدات السياسية
مصطفى المنوزي
الحوار المتمدن-العدد: 4951 - 2015 / 10 / 10 - 16:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ليلة تقديم نتائج الانتخابات الجماعية، عندما هدد ادريس لشكر وحميد شباط بالطعن « سياسيا » في العملية الانتخابية/رابع شتنبر 2015 « ، حررت، فيما يشبه العصف الذهني، في تلك الليلة مقالا،" لم تفاجئني النتائج من حيث ترتيب الأحزاب ولكن من حيث حجم هزيمة الأحزاب « التاريخية » في معاقلها المعهودة. وبالتالي، لست مع التسرع في اعتماد المظلومية والتبرير إلى درجة التفكير في اعتبار أن العملية الانتخابية برمتها مطعون فيها سياسيا، إذ لطالما أكدنا على أنه فيما يتعلق بالطعن لأسباب تتعلق باستعمال المال والمناورات التدليسية، ينبغي تكليف اللجان الحزبية الخاصة داخل كل حزب بالقيام بالمطلوب أمام الهيئات المختصة وخاصة مؤسسة القضاء، ويبقى الأمناء العامون أو من ينوب عنهم في منآى عن الخوض بمقتضى تصريحات إعلامية وبلاغات شخصية، في الطعن، فكلامهم يصنف مباشرة ضمن الطعن الرسمي والسياسي في العملية الانتخابية، والحال أنه لا يكفي الحياد السلبي للهيئات المشرفة مؤسساتيا علي العمليات الانتخابية، للقول بأن العملية برمتها مطعون فيها سياسيا. وبالتالي، لم يكن من الداعي والمفيد أن يعطي بعض الزعماء فرصة الرد عليهم وعلى تصرفهم، بدروس في أبجديات التفريق بين الاحتجاج السياسي على خروقات وحالات معينة ومحددة بعينها، وبين الطعن «سياسيا» في العملية برمتها، وقد شاءت الأقدار أن يكون المقصود في الخطاب الملكي ثلاثة أحزاب، لا زال الزمن الاجتماعي يمنحها نوع التميز عن الأحزاب التي كانت الدولة مصدرا أو مساعدا في تشكيلها. وفي رأيي فالأمر لا يتعلق بعتاب أو توبيخ، وإنما هناك إشارة إلى أهمية الاحتكام للحقيقة القضائية بدل الحقيقة الإعلامية، من هنا، وفي إطار المزيد من استيعاب الدروس، علينا أن نربط بين خطاب غشت، الذي استأنفه الملك بتمجيد الذكرى وبالحسم بأن لكل زمان رجالاته، وبين خطاب الافتتاح التشريعي، الذي كانت فيه عبارة كفاية البكاء على الأطلال وضرورة تقديم نقد ذاتي رنانة وصادحة، فالخلل في الذوات وهشاشتها، والصراعات الداخلية والانشقاقات. في المقابل كانت القوة التنظيمية والانضباط حاسمين في جلب أصوات المشاركين في الانتخابات، وبذلك فأهم مؤشر هو اقتناع الناخبين بجدوى أصواتهم في العلاقة مع المحاسبة والعقاب والثقة والأخلاق حيث العقل الايماني، في ثوب الدين، كان مؤثرا، طبعا تظل الأمور نسبية، لأن المجتمع ميال الى المحافظة وتبادل المنافع الدينية والدنيوية على السواء وايجابيا يمكن خلق التوازن بالواجهات الأخرى ذات البعد الثقافي والاقتصادي، ومن هنا نستنتج بأن « مياه كثيرة جرت تحت الجسر » وأن القوة الحقيقية، من أجل الضغط والتفاوض وانتزاع الحقوق، إن كان لها محل، لا يمكن أن تتبلور في التاريخ الماضي، ولكن في الجغرافيا الحاضرة والمستقبلة. وما دمنا بصدد استخلاص الدروس، ومطلوب من « الأحزاب التاريخية » تقديم نقد ذاتي، فإنه بنفس الحماس والإرادة والصدق، مطلوب من جميع المؤسسات أن تكرس لمبدأ فصل السلطات والمؤسسات، بما يعنيه الحرص على استقلال بعضها البعض، حتى تلعب الأحزاب السياسية دورها الدستوري، وهذا لن يتأتى سوى باحترام المسافات الضرورية لصون السيادة الحزبية واستقلال القرار والتفكير الحزبيين، ولنقبل بالتناوب الانتخابي على حالته مادام لا يمس بجوهر السلطة السياسية المحتكرة مركزيا، مما يعني ضرورة ربط التغيير بالتداول الديمقراطي، الذي يعتبر توسيع قاعدة المشاركة السياسية أهم مدخل له، خاصة وأن مفهوم « التحكم » هو الذي انهزم موضوعيا أمام منطق « اللايقين »، ولنعتبر « الهزيمة » استثناء يؤكد قاعدة أن التاريخ صراع وتراكم، وأن الناس يصيرون أكثر نضجا كلما تقدموا في السن، وما أحوجنا إلى ايجابية شيخوختهم اذا كانت منتجة للحكمة والتبصر، خاصة في قضايا المصير الوطني والكينونة المشتركين، أما النفس الديموقراطي الداخلي، فلا محل له سوى بالتشبيب وتجديد النخب أفقيا وعموديا، ما دامت الانتخابات وسيلة وليست غاية، ومادام الهدف هو دمقرطة الدولة والمجتمع اقترانا وتوازيا. ليظل التحدي الأكبر هو مواصلة تدبير الصراعات السياسية والاجتماعية سلميا ووفق قواعد لعبة غير مطعون فيها أخلاقيا، تحت رقابة ومسؤولية الدولة ومؤسساتها الدستورية ذات الصلاحية والاختصاص ،،،،،فمتى نراجع سلوكاتنا وخياراتنا الاستراتيجية، ضدا على ايديولوجيا الهزيمة وديماغوجيا عدالة المنتصرين ؟
#مصطفى_المنوزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حديث الجمعة
-
لماذا أنا ضد المطالبة بالمنع؟
المزيد.....
-
الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و
...
-
عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها
...
-
نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|