أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زهير الخويلدي - اللاّوعي الديني للجماعات السياسية عند ريجيس دوبريه














المزيد.....

اللاّوعي الديني للجماعات السياسية عند ريجيس دوبريه


زهير الخويلدي

الحوار المتمدن-العدد: 4951 - 2015 / 10 / 10 - 13:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


" لقد أخفت السياسة عني لوقت طويل السياسي"1
يبدو أن أساس السياسي عند "ريجيس دوبريه" في كتابه "نقد العقل السياسي" هو الديني بمعنى الرمزي والمتعالي والمقدس والمعتقد. إنها النتيجة التي توصل إليها عالم الاجتماع الفرنسي في نقده الطويل للحياة السياسية ولقد تعاكس في ذلك مع كارل ماركس الذي سبقه في تثبيت الاقتصاد وبدقة أكبر علاقات الإنتاج والقوى المادية للإنتاج والطبقات الاجتماعية الركيزة الضرورية والبنية التحتية التي تحدد كل من السياسة والثقافي والديني ومعظم مكونات البنية الفوقية وجميع الأجهزة الإيديولوجية للدولة مثل القضاء والتعليم.
يبدأ دوبريه كتابه بنقد معنى الايديولوجيا والكشف عن ضمنيات البدائل وخلفيات التنظيمات ووظائفها الحقيقية والمصالح المستهدفة من تشكلها ويقوم بتشريح الوهم غير الإجرائي الذي يحجب الواقع وينادي بالكف عن الاعتقاد في تبني إيديولوجيا عقلانية خالصة والتخلي عن الزعم بامتلاك قراءة موضوعية للواقع الاجتماعي ويكشف على أن الايديولوجيا هي عاطفية ومرتبطة بأمر الانتماء إلى مجموعة إنسانية.
يدرس ريجيس دوبريه شروط تشكل التنظيمات الهووية وقيام الأحزاب السياسية ووظيفة المجموعات البشرية الثابتة ويكشف الروابط المتينة التي يمكن أن تقوم بين قوة المعتقدات الإيمانية وصلابة الأفكار الدينية واستقرار الكيانات وانسجام المجموعات التي تتبنى تلك الأفكار التحشيدية والرؤى الإيمانية. لكن لماذا يرى دوبريه حتمية وجود معتقد داخل كل جماعة ؟ كيف تكون طبيعة الجماعي دينية ضرورة؟
يحاول دوبريه الاجابة على هذا السؤال الضروري بواسطة مفهوم اللاامتلاء واللااكتمال ويفسر ذلك بقوله:" مع مفهوم اللااكتمال أعمم على النظام السياسي ما تقوله قاعدة غودل في نظام المنطق التي تبين بأنه لا يمكن لأي نسق أن يؤسس حقيقته دون الرجوع الى عامل خارج عنه، بمعنى آخر لا يوجد أي نسق برهاني في ذاته ، أحاول أن أوضح على ضوء هذا النسق الاجتماعي ماهية إذن هذا العنصر الخارجي".
من طبيعة النسق الاجتماعي أن يترك المجال الى وسيط خارجي يتحمل مسؤولية التنظيم وتحقيق التناغم ويسمح بتأسيس الحقيقة وبالتالي لا تدرك المجموعة هويتها إلا عبر تمثلات أو أفضل بواسطة كاريزما. وبالتالي تبقى المجموعة مدينة للوسيط الخارجي باستمرار هويتها وبقاء وحدتها الكلية مصانة ومحفوظة.
بهذا المعنى تحتاج الجماعة السياسية إلى الديانة الطبيعية قصد التغلب على اللاإكتمال وسد أبواب النقصان ولا يمكن التعامل مع الديني هنا كنسق من المعتقدات وإنما يتم أخذه كمعطى لتصريف المقدس الاجتماعي. هذه الطبيعة الدينية للجماعي تفرض على كل المجتمعات خصوصياتها بما فيها المجتمعات التي تزدريها.
يشكل المعتقد عنصرا طبيعيا للجماعي ويتحول إلى أرتدوكسية ودوافع عميقة عميقة توجه الفعل السياسي وتحدد مصير الجماعي وتمثل بالخصوص نسق مقاومة ودفاع ضد كل اعتداء خارجي وكل تفكك داخلي.
يبرهن دوبريه على هذا التلاحم باستعصاء قسمة الوحدة المفهومية التي تكون السياسي والديني والعسكري ويرى أن الايديولوجيا الدينية تؤدي وظيفة الجهاز الاجتماعي وتمنح التنظيم الذاتي وتتفادى الانقلابات وتضمن الاستقرار والانسجام وتتدارك فترات الفراغ والانتقالات الفجئية وتحقق توازن اثني وهووي.
لا مجال للاعتقاد اذن بأن ملاحظة المجتمعات البشرية الحديثة تأذن بمصادفة مجتمع بلا ايديولوجيا وبلا منظومة إعتقادية تؤدي وظيفة اجتماعية وتضفي المعنى على العالم الذي يعيش فيه أفراد ذلك المجتمع.
ما فتئت السياسة تجعل الناس حمقى ومجانين ولاعقلانيين وخطرين وباحثين عن الانتقام والثأر وطامعين في المجد والسلطة والثروة وهذا ما يقوله الحس المشترك ويؤيده المنهج التحليلي الجدلي لريجيس دوبريه.
لاشيء يحدث للمرء دون سبب معلوم وتوجد جملة من العلل جعلت الناس يقعون ضحية اللاّعقل ويتبعون الأهواء وربما سؤال دوبريه الهام هو الآتي: لماذا يفقد الناس عقولهم من أجل أن يعيشوا في مجموعات؟
يتطلب معالجة المشكل واجب الصعود إلى شروط إمكان انبثاق الهذيان الجماعي والهوس الإيديولوجي وعلى هذا الأساس يشرع دوبريه في امتحان مكونات الخطاب السياسي وذلك بتحليل لغة الهذيان الجماعي وتشريع الايديولوجيا الثاوية وتفحص البنية المنطقية التي تسمح بتشكل جماعة سياسية مستقرة ومنسجمة.
يحدد لاإكتمال المجموعة المغلقة استعمالها الممكن لقابلية أفرادها للفعل والتنظم الجماعي، ولا تعمد إلى إتباع مسارات ايديولوجية كثيرة وفق سرعات متفاوتة بل تختار مسار اعتقادي واحد وفق سرعة منتظمة.
غير الطبيعة الدينية للوجود الجماعي تتبلور بطريقة مادية وتشكل اللاوعي السياسي للبشرية وتعمل على تنظيم اللاّمتغيرات والدوال الثابتة في سلوك الأفراد وفي تحديد العلاقات بين العناصر المكونة للسياسي.لكن اذا كانت الأحزاب السياسية العصرية تضمر خلفية دينية أين العجب في أن تحمل الجماعات الدينية مواقف سياسية؟ ألا يجب أن تخرج الطبيعة الدينية من ظلمات اللاوعي إلى أنوار الوعي ؟
المصدر:
Régis Debray, critique de la raison politique, éditions Gallimard, Paris , 1981.

كاتب فلسفي



#زهير_الخويلدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثقافة بين الانغلاق في التراث والانفتاح على العالم
- الهوية والذاتية والإبداع
- الفلسفة بين سكون الليونة وعزم الصلابة
- النظرية التربوية الكانطية والتأسيس البيداغوجي
- إلى أين تذهب الهرمينوطيقا في الثقافة الراهنة ؟
- علامات على التصور البوبري للفلسفة
- شذرات في الصميم
- التسوية وحرب المواقع والثورة السلبية عند أنطونيو غرامشي
- حال تدريس الفلسفة في العالم العربي
- باراديغم المحاكاة بين الواقعي والتراجيدي
- مفهوم الجميل بين المعطى الطبيعي والبعد الفني
- العدالة الإجرائية والمساواة الديمقراطية عند جون رولز
- المنعرج التداولي للفلسفة المعاصرة مع يورغن هابرماس
- أولانية دراسة الوضع البشري
- ميلاد الفنون الجميلة ودلالاتها
- المقاربة الفنومينولوجية للسياسي عند حنة أرندت
- تأرجح الكائن بين اللاوعي والوعي عند سغموند فرويد
- الإنسان المنتج عند كارل ماركس
- ماهو الفعل الإبداعي في الذوق الفني؟
- كيف يتحقق العيش المشترك في ظل التصادم بين الحضارات؟


المزيد.....




- القائد العام لحرس الثورة الاسلامية: قطعا سننتقم من -إسرائيل- ...
- مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
- ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زهير الخويلدي - اللاّوعي الديني للجماعات السياسية عند ريجيس دوبريه