|
مفتاح الإقتصاد لأقفال السياسية!!
عادل مرزوق الجمري
الحوار المتمدن-العدد: 1358 - 2005 / 10 / 25 - 10:12
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
في مقالتهما الهامة بعنوان "إقتصاد مفتوح.. مجتمع مغلق" يذهب جورج داونز وبروس مسكيتا إلى الاعتقاد أن تحرير الأسواق هو أول خطوة باتجاه الديمقراطية، حيث أن الانفتاح الاقتصادي يقود إلى ظهور الطبقة الوسطى المثقفة وذات العقلية التجارية، وهذه الطبقة مع الوقت سوف تطالب بالمزيد والمزيد من السيطرة على مصيرها. وإذا ما قمنا بإستثناء "الصين" لسبب بسيط وهو نمو جيل جديد من المثقفين الصينين المستبدين، والذين توصلوا إلى استراتيجية مكنتهم من التمتع بمزايا النمو الاقتصادي وفي الوقت نفسه تأجيل ظهور ديمقراطية منافسة حقيقية، فإننا نستطيع تعميم هذه الرؤية بشكل مقبول. بحسب المقالة الهامة الآنفة الذكر ليست الحياة السياسية الديمقراطية أكثر من نشاطات، مثل نشر المعلومات، وتنظيم الأحزاب وضم الناس إليها، واختيار القادة، وجمع التمويل، وعقد الاجتماعات، والمظاهرات. وهذه المجموعة من الرموز السياسية هي رهينة بالسوق في المفهوم الليبرالي الحديث، بالطبع لابد من التفريق بين الشكل المتوحش لليبرالية السوق وبين البيئة المدنية للتنافسية في المجتمع المدني الحديث.
ثنائية السياسة والإقتصاد: ببساطة، أن نتحدث عن ملف من ملفات البحرين السياسية الشائكة على شاكلة (توزيع الدوائر الإنتخابية، زيادة أعضاء مجلس النواب على حساب الشورى، الرقابة المالية وعودتها لمجلس النواب، ملف الطائفية) فإننا بحاجة إلى زخم كبير من القراءات والردود والمحادثات والتجاذبات بما يتضمن بعض الإتهامات الكبرى "الإستغلال، والتخوين، واللاوطنية، وعدم فهم التجربة، والموالاة للخارج، والطائفية، والميل نحو برامكة البحرين-مصطلح عن تلك الطبقة المستفيدة من بقاء الحال كما هو عليه في السلطات السياسية العليا من منتفعين طفيلين خاصة في أجهزة الإعلام البحرينية-". لكننا نستطيع أن نجد المئات من الوسائل الناجعة لتصحيح هذه الإشكاليات إذا ما كانت الحداثة الإقتصادية والخيار التنموي الإقتصادي هو محور همنا الوطني العام والشغل الشاغل لمجمل حواراتنا الوطنية. ثمة طريقتين نستطيع أن نصل من خلالهما لحل هذه المعوقات التاريخية في التاريخ والحاضر السياسي البحريني، الاولى أن ننطلق من خيار التنمية السياسية نحو خيار التنمية الإقتصادي، وهو الغالب على البيئة السياسية البحرينية وعلى مجمل الخطاب السياسي فيه. أما الخيار الآخر – المهمل - هو أن ننطلق من خيار التنمية الإقتصادية نحو خيار التنمية السياسية. وهذا الخيار في حقيقته ذو حدين، فإما أن تستطيع التجربة البحرينية بعناصرها الثلاثة (الحكومة، والمعارضة، والصحافة) إستثمار هذا الخيار الإستثمار الأقضل، وإما أن تتحول الصورة السياسية إلى صين أخرى (إقتصاد مفتوح.. ومجتمع مغلق). إن المنظومة الإقتصادية الحديثة في مفاهيم الليبرالية الجديدة تفترض تنظيم بيئتها الإجتماعية بشكل ذاتي، أي أن "السوق ينظم نفسه بنفسه"، وهو بهذا لا يحتاج إلى مزيد من التدخل والنقاش والحوار والتجادل بين القوى المشاركة في تجربة السوق، مذ خرجت أطروحات "ديفيد ريكاردو" و"آدم سميث" لتفترض أن السوق يسير بمفهوم عقلاني وينظم أموره بعقلانية خلافاً لما كان يتجه فيبر في فصله بين المجتمع المادي والعقلاني، كان خيار السوق الحرة والنظم الإقتصادية المفتوحة هو الخيار الأمثل والأسرع في نمو التجارب السياسية سواء على الصعيد الداخلي –داخل هذه الأسواق الناشئة-، أو داخل المنظومة الدولية في تموضع هذه الدولة داخل النظام الإقتصادي العالمي. إتفاقية التجارة الحرة: لابد من التنبه إلى أن إتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة والبحرين، ستمثل زاوية تاريخية في الحياة السياسية البحرينية، وليست تلك المناقشات في الكونجرس الأمريكي حيال توقيع الإتفاقية سوى فصل أول من مسرح سياسي قادم قد تتعدد مشاهده إن أحسنت القوى السياسية والنقابية والعمالية البحرينية فهمه وإستثماره. البحرين في خضم سعيها لإعادة شيء من مركزها التجاري المفقود، والذي سرقته الجارة الشقيقة "دبي" ستحتاج إلى العديد والعديد من الإجراءات والإتفاقيات الإقتصادية الإقليمية والدولية. هذه الإتفاقات والشراكات الإقتصادية تشترط نظماً عمالية ونقابية ذات أبعاد سياسية معروفة دولياً، تضمن على المدى البعيد ضمان إستراتيجية بقاء هذه الإستثمارات وديمومة مردوداتها على المدى البعيد، وهذا ما يشكل تدخلاً مباشراً في الشأن السياسي البحريني ومستويات حراكه الداخليه. وهذا ما يضمن على المدى البعيد تحقيق العديد من المطالبات والأمنيات التي من الصعب الخوض فيها أو تحليلها او تفكيكها في خضم العمل السياسي الكلاسيكي.
قراءة من العلية: جورج داونز "أستاذ السياسة وعميد كلية العلوم السياسية في جامعة نيويورك" يميل إلى الإعتقاد بأن الأمر يرتبط ببعدين هامين لابد من التنبه لهما، أولهما أن الإصلاحات السياسية العربية "الرمزية" في الدول العربية لا تشكل نمواً ديمقراطياً حقيقياً ما بقت عاجزة عن إدراج فلسفة التغيير، وهذه الزاوية بالتحديد هي فلسفة السوق المدنية. وثانيهما، أن بدأ عجلة الإصلاحات الإقتصادية دون نمو الجانب السياسي في عملية متوازنة ومتقابلة ينبأ بفشل التجربة الإقتصادية مهما بلغت قوتها في المراحل الأولى، خاصة أن الإستثمارات لا تتبع سلوكاً عقلانياً في الغالب إلا بعد خيارات تبيئتها، فالإستثمار مهووس بالإختراق والهجرة، إلا إذا كانت فرص النمو في البقاء مغرية. وهذا ما يتطلب منا خوضاً أكثر تخصصيه في البعد الإقتصادي البحريني، ومن هنا يبدأ الإقتصاديون، ويصمت الإعلاميون.
#عادل_مرزوق_الجمري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نعم للإصلاح بالخارج..
-
يسترقون السمع!!
-
الصحافة المدنية..ضمانة لحقوق الإنسان ونمو إقتصاده..
-
قناة الحرة وإذاعة سوا .. إجابة خاطئة!!
-
صحافة .. وسخافة!!
-
كيف تستفز الصحفيين!!
-
التسويق السياسي من خيار التأسيس لهوس المدافعة!!
-
المقهى - بوصفه مكانا آمنا للحب
-
المقاطعة بوصفها فعلا سياسيا لا عيبا تاريخيا
-
خفيفة في تاريخ البحرين ثقيلة على مستقبلها..
-
ما بعد الإمبراطورية الأمريكية
-
الصحافة المدنية والصحافات الأخرى
-
عقوبة واشنطن !!
-
!!الأمريكيون.. بطعم الشوكولا
-
نعم.. لمطرقة الإصلاح بالخارج.
-
التشكيل السياسي الأمريكي -تحت المجهر-:
-
ما يمنع الصحافة أن تتأدب؟
-
يتلاعبون بالإعلام والصحافة
-
من خيارات الإرهاب إلى المدنية العجوزة..
-
الولايات المتحدة، الإعتباطية المنظمة!!
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|