أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الغابة العذراء














المزيد.....

الغابة العذراء


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 4950 - 2015 / 10 / 9 - 09:28
المحور: الادب والفن
    


على طرف الغابة، تلاقى اثنان من الدببة. كلاهما، كان قادماً من جهة مختلفة.
ذلك المتبختر بضخامته ووبره المائل إلى اللون البنيّ، قال للآخر على سبيل جسّ النبض " يسمونني الدبّ الأوراسي. لقد قطعتُ مسافة طويلة كي أصل إلى هنا. لدينا الكثير من الأقاويل عن هذه الغابة. فمثلاً يُقال عندنا، أنّ من يصل إلى الغابة العذراء لن يعرف النحسَ ". الدب الأصغر حجماً، والمتدثر بفراء أشقر، تمنى عندئذٍ في سرّه لو أنه كان أكثر حذراً فكمَنَ خلف صخرة أو شجرة لحين مرور هذا المخلوق الغريب، الأخرق.
" تسرّني معرفتك! "، أجاب الأشقر أخيراً. ثمّ أردف قائلاً دونما أن يتخلى عن حذره: " أما أنا، فأدعى الدب المطاربي. ولكنني نادراً ما أغادر مكاني. إنّ النحسَ، في عُرْفنا، يستبطن الأماكن الغريبة ". على الرغم من هذه المجاملة، فإن الغريبَ لم يفته ما بين سطورها من تبرّم. على ذلك، قرَّ لديه ألا يتقدم خطوة إلى الأمام قبل أن يتعرّف بشكل أفضل على موقع قدميه. رفعَ رأسه إلى الأعلى، متشمماً بانتعاش النسيمَ الرخيّ: " ما أروع الحياة هنا. صيفٌ حقيقيّ! "، قالها دونما أن ينظر إلى الآخر.
" أفهمُ من كلامك، أن موطنك يقع في منطقة باردة؟ "، تساءل الدب الأشقر متجنباً أيضاً التحديق بعينيّ مُحاطبه. هز الدبُ الغريب رأسَهُ موافقاً، ثم أجابَ بشيء من الفتور: " هوَ كذلك. أوراسيا، موطنٌ للصقيع والجوع والضياع ". لما لحظَ أنّ ملامحَ الأخر لا تقل فتوراً، فإنه أضاف هذه الجملة بصوت أكثر رصانة وصرامة: " إلا أن مواطني غابتنا، من ناحية أخرى، يتميزون بالكرم والإلفة والضيافة.. وأيضاً بالشهامة والقوة وإغاثة الضعيف! ". الجملة الأخيرة، حقَّ لها أن تفاقِمَ من قلق مواطن الغابة العذراء. فتحَ فمه بعد وهلة تردد وقال بنبرة غامضة " المياه المقدسة، هيَ حاميتنا؛ هيَ من يحفظ الجذورَ والبذور ".
" نعم، لقد لحظتُ كيفَ أن الجدول يلتف حول الغابة محوّلاً إياها إلى شبه جزيرة "، قال الدبّ الأوراسي فيما هو يتقدم خطوةً إلى الأمام. إذاك، كان الآخر يُتابع الإشارة المتجهة نحوَ ذاك الجدول: " الغابة العذراء، تتنفّسُ أريجَ الجدول ونسيم الجبل "، قال للغريب. هذا الأخير، بدا مثابراً على استقراء ما في قسمات الآخر من تعبيرٍ، أكثر مما يندّ عن لسانه. وإذاً، عنَّ له أن يطرحَ سؤالاً فيه بعض الاستفزاز: " قلتَ، الدب المطاربي؟ يا له من نعتٍ عجيب! ". ثمّة، في عينيّ الأشقر، اشتعلت جذوة الغيظ. أطرق قليلاً في الأرض، أين حاميته المقدسة تسري عميقاً، قبل أن يبادر مجيباً: " نحن أيضاً لدينا أساطيرنا. وبحَسَب إحداها، فإن الدب المطاربي هوَ من أفقدَ هذه الغابة عذريتها ". في اللحظة التالية، وقبل أن يتسنّى للدب الأشقر إغلاقَ فمه أو رفعَ رأسه، كان الآخر قد انقضّ عليه بكامل هامته الهائلة.
" ولكن، في آخر المطاف، بقيَ اسْمُها كما من قبل: الغابة العذراء؟ "، قالها الغريبُ بلهجةٍ تجمَعُ معاً الجدَّ والخفّة.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زجاجة مكياج
- الجرف
- الرئيس ونائبته
- كان ليبياً أفريقياً
- كان غريباً وغامضاً
- مجنون الجنائن
- مجنون المخيم
- مجنون المال
- النملة الحمراء
- فريسة سائغة
- خطوط حمراء وساحة حمراء
- مجنون الأرقام
- مجنون المقام
- مجنونة المدينة
- مجنونة الملجأ
- مجنونة الندم
- الببغاء
- مجنونة المهربين
- مجنونة المقبرة
- بشاركو ونتنياهو


المزيد.....




- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...
- تهديد الفنانة هالة صدقي بفيديوهات غير لائقة.. والنيابة تصدر ...
- المغني الروسي شامان بصدد تسجيل العلامة التجارية -أنا روسي-
- عن تنابز السّاحات واستنزاف الذّات.. معاركنا التي يحبها العدو ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الغابة العذراء