محمود عبد الرحيم
الحوار المتمدن-العدد: 4949 - 2015 / 10 / 8 - 13:57
المحور:
الادب والفن
إنها الأربعون
شعر/محمود عبد الرحيم
إنها الأربعون..
ربما قبلها قليلا
تدرك، فجأة،
أن العمر يمضي
أسرع من قطار يعدو
بإتجاه محطة وحيدة
أخيرة
يثب سريعا..
لا يعرف التوقف،
أو التلكؤ،
ولا يبالي بأحد.
إنها الأربعون..
الحكمة، كما يقولون،
والنبوة
واقع الأمر، مرآة الحقيقة
التي تعريك
من إدعاء البطولة،
وزهو الفتوة
إنها الأربعون..
حيث تُفض بكارة براءة
طالما وصمتك بالسذاجة
تصيبك لعنة السأم
وواقعية ليست أقل نذالة
ووقاحة
من قواد مخنث،
أو ديكتاتور يثرثر بشعارات الديمقراطية
في هلوساته التليفزيونية شبه اليومية
إنها الأربعون..
حيث تدرك فجأة
أن ليس بمقدورك تغيير العالم،
كما اعتقدت طويلا،
تلوينه بما يليق بحلم صبية أنقياء،
بما ينصف فقيرا ينهشه الذل،
جعله رحبا وأخضر
كروح شاعر
أو ثائر
إنها الأربعون..
حيث تدرك فجأة
أنك أكثر وهنا مما تظن..
لا تقدر حتى
على هزيمة ..
كلب ينبح في وجهك كل صباح
مدير يعمل مخبرا ليس سريا
زميل يترقى أكثر، لكونه غبيا
ويجيد جدا..
تعاليم الانبطاح الوراثية
مثقف ينافس المومسات
ذوات الألوان المبهرجة الزاهية،
يحترف، باقتدار، "الدعارة السلطوية"
وجارة متدينة المظهر،
لاتمل الثرثرة واختراق الخصوصية.
إنها الأربعون..
حيث تدرك فجأة
أن الحياة أكثر من "مسرح بيكت" عبثية،
وبما يفوق "دراما شيكسبير" مآساوية
لا تمهلك لتتأمل بهدوء،
وتعيش في سلام كفاقدي الذاكرة
أو حديثي الولادة،
لا تدعك..
ترقص منتشيا بلا صخب،
تمارس طقوس اللذة القديمة،
تكتب شعرا رومانسيا،
أو ايروتيكيا
لفتاة عشرينية
متمردة كمهرة برية
بينما تطل عليك ساخرة
أدوية الضغط المرتفع،
التهاب المفاصل..
تذكرك بشيخوخة مبكرة
قاسية، بلا تردد، ومهاجمة
(ضعف أبصار تدريجي،
آلام ظهر،
بعض من أعراض الزهايمر،
نوبات أرق متكررة،
كرش متدلي،
وصلع مصحوب بشعيرات بيض تتوغل)
إنها الأربعون..
حيث الوجع يستوطن طويلا،
والمزاج المتقلب،
السوادوي معظم الوقت
التوحد مع الحزن كرفيقين حميميين،
وذاكرة مسكونة
بالخيبات،
ومشاهد سوداء
بمذاق الخسائر
والجنازات.
إنها الأربعون..
إنها الأربعون...
7 أكتوبر 2015
#محمود_عبد_الرحيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟