أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - الحسين فرحت - حين ينطفيء العقل














المزيد.....


حين ينطفيء العقل


الحسين فرحت

الحوار المتمدن-العدد: 4947 - 2015 / 10 / 6 - 20:00
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أتى على أمتنا زمن تعطل فيها العقل، وانطفأ نوره، وانحسرت فعاليته، وتراجع فيه الاهتمام بمختلف مجالات العلم الكوني والطبيعي والمعرفة الإنسانية، ولوحظ فيه جزر كبير في الإنتاج والعطاء في هذا الجانب، نتيجة هيمنة عقلية تقليدية جامدة، وسيادة فكر كلاسيكي عتيق، لا يرى العلم والمعرفة إلا في شقه الفقهي أو في ما يسمى ب” العلوم الشرعية ” ومن منظور سطحي وضيق، لا يرقى إلى مستوى أن تكون هذه العلوم قاطرة نهضة علمية عامة، ولا يؤهلها لتكون رافعة انبعاث معرفي شامل، يرفع الأمة ويسمو بها إلى مصاف الأمم المتقدمة والشعوب المتحضرة، والتي حققت وتحقق إنجازات جليلة ومكاسب عظيمة للإنسانية جمعاء.

لقد ظل علماؤنا في غالبيتهم، وإلى الآن، سجيني النصوص في حرفيتها وبنيتها السطحية وحبيسي قوالبها اللغوية، بعيدا عن سياقاتها التاريخية وشروطها المعرفية والنفسية والحضارية، ودون استحضار لروحها الكوني ودلالاتها العميقة وأبعادها الشاملة ومقاصدها الإنسانية..

هذا الخلل الذي أصاب فكر المسلم، والذي بدأ في الأمة منذ قرون، لا شك أن امتداداته وتداعياته ستطال كافة أصعدة حياة المسلم ومستوياتها، وخاصة قدراته وطاقاته الذهنية، وقد تجلى ذلك واضحا في العقم الذي أصاب عقله في المسك بجوهر أزمة الأمة ومخرجاتها ومدخلات إصلاحها، وكذا في إدراك أبعاد الدين – الذي يعتقده ويؤمن به – الإنسانية والحضارية..

إننا نعيش في عالمنا العربي والإسلامي ما يمكن أن نسميه بانطفاء العقل، وتعطل، أو تعطيل، أداة من أدوات إنتاج العلم والمعرفة، حتى علاها الغبار وأصابها الصدأ، وحين ينطفيء العقل:

يصاب الفكر بالكساح، إن صح التعبير، وبالصلصلة والتحجر، ويفقد الحياة والاستمرارية والنشاط…

ويسود الاتباع والتقليد والاستنساخ، والاغتراب في الماضي والعيش في ملاجيء التاريخ، ويمحي الإبداع والاختراع والتجديد..

وتسيطر المرجعيات الشخصانية، فتغيب القناعات الفردية والاستقلالية الفكرية، وتذوب ذاتية الفرد وتنحل، فتؤول الحالة إلى ما يمكن أن نسميه “الصنمية الفكرية”..

وتتوقف أو تغيب آلية من آليات النقد والمراجعة والتقييم والتقويم، فيعاد إنتاج الأخطاء والتجارب الفاشلة، والحصيلة حصاد الهشيم والأشواك ..

وتتحكم، أوتحكم، العاطفة والانطباعية في التحليل والتقييم والحكم واستخلاص الخلاصات والنتائج، فتفتقد الرزانة والعقلانية والنظر السديد والمتوازن في بلورة الرؤى والتصورات وصياغة البرامج والخطط والاستراتيجيات…

لكن، ورغم هيمنة الفكر النكوصي وطغيان العقلية التقليدانية على ثقافتنا، فقد ظهرت في العقود القليلة الأخيرة أصوات وأقلام تؤسس لاتجاه عقلاني جديد في الفكر الإسلامي المعاصر، يحاول أن يحلحل ويخلخل العديد من الثوابت والمسلمات التي تعتبر من الأسس المرجعية في ثقافتنا الإسلامية، ويخز العقل المسلم، ويستفزه بالكثير من الأسئلة ذات الطابع الإشكالي وذات الأبعاد المعرفية العميقة، والتي تحفزه للبحث الرصين والدراسة العلمية. كما يرنو هذا الاتجاه إلى قراءة تراثنا الديني قراءة نسقية وتاريخية، تستحضر السياقات المعرفية والسوسيولوجية المتحكمة في النصوص وارتباطاتها المختلفة والشروط التي ساهمت في إنتاجها، وتحللها على ضوء مقاصدها ومآلاتها، وذلك اعتمادا على النظر العقلي، وتوسيع دائرته ومساحة اشتغاله التي حوصرت وقزمت حتى أضحت صورة التدين في حياتنا مشوهة ومليئة بالأعطاب الفكرية و السلوكية، وباتت آراؤنا الدينية معاقة وحبلى بالكثير من الثقب التصوربة.. ألا ما أحوجنا إلى هذا المسلك في البحث والدراسة .. مسلك النقد والسؤال، إذ العلم أقفال مفاتيحها السؤال.. مسلك المراجعة والتجديد، إذ الحياة لا تحلو في ظل الرتابة والجمود..



#الحسين_فرحت (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- كان يتربص تحت سيارة.. عملية توصيل بيتزا تأخذ منعطفًا خطيرًا ...
- وزير الري المصري يكشف أهم أسباب استيراد بلاده القمح
- زاخاروفا: محاولات أوروبا -إلقاء الكرة في ملعب روسيا- هدفها ت ...
- الحكومة اللبنانية تقر سلسلة تعيينات أمنية وعسكرية
- DW تتحقق: أخبار مزيفة أيضا حول أحداث العنف الأخيرة بسوريا
- البنية التحتية المتهالكة في ألمانيا.. فجوة استثمارية بمئات ا ...
- إسرائيل تعلن عن إرسال مساعدات إنسانية للدروز في سوريا
- موسكو تواصل تقدمها في كورسك وتشترط على واشنطن بشأن الهدنة
- كاتس يجدد رسالته إلى الشرع ويتوعده بتحليق الطائرات في سماء س ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر فيديو استهداف -مقر للجهاد الإسلامي- في ...


المزيد.....

- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - الحسين فرحت - حين ينطفيء العقل