طوني سماحة
الحوار المتمدن-العدد: 4946 - 2015 / 10 / 5 - 02:46
المحور:
الادب والفن
مبروك "إيدينا".
ظهرت صورة إيدينا الى جانب المتخرجين من حملة إجازة في العلوم الاجتماعية من جامعة قادش في إسبانيا، مع العلم أن إيدينا لم يكن مسجلا في الجامعة، لم يتابع الدراسة فيها، لم يقدم امتحانا ولم يعلم أن صورته سوف تكون على لائحة الشرف. كيف تم ذلك؟
إيدينا هو كلب من فصيلة اللابرادور. كان يرافق صاحبه المكفوف يوميا الى الجامعة ويعينه في تنقلاته. لدى اقتراب موعد التخرج، اقترح التلامذة على ادارة الجامعة ضم إيدينا الى لائحة المتخرجين، وهكذا كان. وفي يوم التخرج برزت صور المتخرجين على لائحة الشرف، إضافة الى إيدينا الذي ارتدى ثوب المتخرجين الاسود وقلنسوتهم.
أتخيل إيدينا واقفا في صف المتخرجين وهو ينظر الى الحضور يصفقون له. أتخيله وقد اصابته الدهشة. ربما كان يرى في اولئك الناس مجانين فقدوا عقولهم. أو ربما يتساءل عن سبب التصفيق وهو لم يقم بأي بطولة تذكر. قد يستغرب إيدينا تقدير الناس لوفائه لسيده. فهو يظن أن الوفاء ليست سمة الكلاب فقط، بل والناس ايضا. أو ربما يظن أن الناس تصفق لسيده وأن لا مكان له في كل هذا الهرج والمرج. على أي حال، ها هو إيدينا وقد تخرج من جامعة محترمة حاملا شهادة جامعية يحلم الكثيرون بها. ولا يجوز لنا بعد اليوم ان نناديه "إيدينا" بل أستاذ " إيدينا" على أقل تقدير.
مبروك للأستاذ "إيدينا" ومبروك للأستاذ "دياز أرتورو" صاحب الكلب. أن يتخرج ضرير من جامعة يبقى ذلك أمرا طبيعيا ويستحق صاحبه التقدير. أن يتخرج كلب من جامعة، وهو لم يقرأ يوما كتابا أو يخط سطرا، يبقى أمرا غريبا وإن كان الكلب يستحق التقدير هو أيضا. لكن الحياة تبقى غريبة، غريبة بأهلها، غريبة بأحداثها، غريبة بمفاجآتها.
#طوني_سماحة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟