أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد النور إدريس - الوعي بالكتابة في الخطاب النسائي















المزيد.....

الوعي بالكتابة في الخطاب النسائي


عبد النور إدريس
كاتب

(Abdennour Driss)


الحوار المتمدن-العدد: 4945 - 2015 / 10 / 4 - 10:07
المحور: الادب والفن
    


الوعي بالكتابة في الخطاب النسائي
بقلم الدكتور عبد النور ادريس
أصبحت كتابة المرأة في الآونة الأخيرة ظاهرة تثير الاهتمام، لأن شغف الكتابة الإبداعية عند المرأة جعلها تتناول كل القضايا المرتبطة بها على جميع المستويات، ولم ينل هذا النشاط الأدبي بالرغم من اختلاف مستويات الإشادة به اهتمام النقد – ماعدا الانطباعي المشمول بأحكام القيمة- للبحث عن مكامن الجمال في المتخيل الأدبي للمرأة وخصوصية كتابتها، وهكذا اصطدم الإبداع النسائي بقارئ لم يألف للمرأة سوى الصورة العجائبية التي عملت على ترسيخها أنتروبولوجية الاستعمار بالعالم العربي وبعض الكاتبات العربيات، ومنهن: نوال السعداوي وفاطمة المرنيسي، اللتان قدمتا للغرب نفس الصورة التي يستهويه الاستمتاع بها على شاكلة صورة المرأة "الفنطاستيك" في حكايا ألف ليلة وليلة .
أما حقيقة القارئ العربي فكانت تشي باهتمام ينصب على ما قد تثيره المرأة الكاتبة في كتابتها من حالات نسائية جريئة، وخاصة المتعلقة بالجانب الإباحي الذي تستطيع فيه الكاتبة الدخول إلى أعماق الجسد والتقاليد والأعراف لتشريح المجتمع الذكوري وكشف عوراته، ونلمس ذلك من خلال هذه الشهادة لوداد سكاكيني عندما قالت :" لولا أن للقلم تعبيرا به يمكن أن أكشف عن سري المرهف وشعوري المكبوت الذي يسمى حبّا، لما تجاسرت على تصويره بالكتابة، إذ ليس من عاداتنا أن نستبيح ذكر هذه الكلمة، لأن الحب في مصطلح عاداتنا وتقاليدنا عيب وذنب، فأنا أخط هذا اللفظ بقلمي ولا أحرك به فمي" ( ). إن القارئ هنا قارئ انتقائي يحاول ترصد وصف الكاتبة للمشاهد الجنسية والأيروتيكية التي تشرح العلاقات الحميمية بين الرجل والمرأة وتكسيرها للقيود الاجتماعية، كي يطالبها عند نهاية الاستمتاع بالقراءة بتخليق الكتابة ويضعها تحت المساءلة والقيود الأخلاقية والاجتماعية، وهي قيود مرتبطة بكينونة الكاتبة كأنثى والتي يعمل المجتمع على تعزيزها بشكل آلي. إن المرأة المبدعة تجتاحها ثلاث قيود تقف حاجزا أمام تفتحها:
1)- فهناك الخوف من مستقبل يسيطر فيه الرجل على ركائز الإبداع كشكل من أشكال المعرفة.
2)- وهناك من تقيِّدُها الأنوثة وتلتزم بها ومن خلالها تتقيد بالارتكان لسلطة المجتمع .
3)- وهناك الإذعان والخوف من الصورة التي ينتجها المجتمع عنها ككاتبة، ويُصنفها في صف أدب السيرة الذاتية وأدب الاعتراف والأدب الإباحي.
ويأتي اهتمام المرأة بالكتابة من خلال مواجهتها لطريق مسدود حَدَّدَتْ هَنْدَسَتَهُ الثقافة الذكورية السائدة التي عملت على وضع كينونتها على هامش المجتمع، وبذلك اجتاحت كتابة المرأة نزعة امتلاك الوعي بالذات الكاتبة، بالإضافة إلى امتلاك شرط الحرية في التعاطي مع هذه الممارسة الثقافية، فأصبح للكتابة وظيفة مزدوجة تنتقل من فك الأغلال الخارجية إلى تحرير القيود الداخلية، فانفتحت الكتابة "على لغة اللاوعي، حيث يعتبر"المواء" رمزا لعويل الذات" ( )، واعتُبر فعل التخييل عند الكاتبة عاملا من عوامل استعادة الأنثوية وانتشالها من منظومة الخطاب العام، ورافدا من روافد الرجوع إلى موقع السؤال والمبادرة، وقد تأتي هذه المواجهة بإعادة تركيب العالم على المستوى الجمالي في نسيج لغوي حالم ينبثق من الصمت ليفجر السكون، ويمارس بطلاقة عملية خروجه عن السائد، أو عملية الدخول إلى مغامرة تتحول فيها المسلمات إلى تساؤلات والبديهيات إلى إشكاليات.
إن هيمنة الذكورة في مجال الإبداع حال بين المرأة الكاتبة وتمثلاتها لذاتها، كما أحال بينها وبين فعل الكتابة، وتبقى النتيجة الأساسية لهذه الهيمنة الأيديولوجية كون الأنثى الكاتبة أصبحت مأخوذة بسحر الصورة المهيمنة للمرأة في متخيل الذكر، تقول سعاد المانع: " الصورة المهيمنة في الأدب عن الأنثوية - هي أيضا- نابعة من خيال ذكوري وعلى هذا ظلت الكاتبات محرومات من حقهن في خلق صورة الأنثى وبدلا من هذا كان عليهن أن يبحثن ما يؤكد المعايير البطريركية المفروضة في الأدب " ( ).إن صورة المرأة تلك في نظر سعاد المانع لا تستبعد المرأة فقط من النسق الاجتماعي، بل تقصيها من إمكانية أن تكون "ذاتا" أي يشتمل هذا الاستبعاد وعيها بذاتها، وتحت الإرغامات الاجتماعية التي لا تسعفها في اكتساب هويتها، خاصة وأن المرأة تتعرض مند نعومة أظافرها إلى عملية غسل دماغ غايته إقناعها بضعف عقلها إذا قيس بعقل الرجل، وتوجيهها على أنها في الحقيقة مخلوق عاطفي بالدرجة الأولى، وبالتالي تكون العقلانية عندها نوعا من "الإسترجال" امتدادا للصورة السائدة عنها باعتباره معطى مباشر لتداول هذه الصورة بين النساء الكاتبات حيث تضيع السمات الحقيقية للذات الأنثوية، كما أكدت ذلك سيمون دي بوفوار في كتابها الجنس الثاني، عندما ربطت صورة المرأة بتعلمها النسج على المنوال:" أنا لا أولد امرأة، لكنني أتعلم أن أكون كذلك "، وبذلك يعتبر المنطق الذكوري:" أن الإنسانية في عرف الرجل شيء مذكر، فهو يعتبر نفسه يمثل الجنس الإنساني الحقيقي ... أما المرأة فهي في عرفه تمثل الجنس" الثاني" ( ).
إن تحطيم الصورة التقليدية للمرأة التي يتبناها المجتمع دفع بالمرأة الكاتبة إلى استعادة الذات الأنثوية مع رفض الهيمنة الأبوية الشيء الذي جعل المرحلة الأولى من الخطاب النسائي تتسم ببناء نفس العلاقة التسلطية اتجاه الآخر/الرجل والذي رجعت له الذات النسوية للتعرف على ذاتها: "فالذات هي إذن حال الكائن الفردي عندما يعي نفسه مختلفا عن هذا الآخر واعيا في الوقت نفسه وجود هذا الأخير والمترتبات التي يفرضها عليه هذا الوجود المغاير" ( )، الشيء الذي يدعو إلى القول بان ما يحكم الهوية في علاقتها بالثقافة والسلطة هو سياق الاستمرارية الضرورية للوعي بهذه الهوية، تلك التي يجد فيها الفرد نفسه داخل البنى الاجتماعية القائمة، ويجد فيها أجوبة لمطالبه، وبموقع ووظيفة معينة يقوم بها داخل جماعة الانتماء ضمن منظومة علاقة القوى الرمزية في المجتمع، بحيث- وهذا أساسي-ألاّ تقوم هذه الهوية على أساس بيولوجي أو طبيعي أو نفسي، وقد أنتج رفض المرحلة الأولى في وعي الخطاب النسائي شخصية أنثوية منشطرة الهوية بفعل الازدواجية الفكرية المتشكلة من طموح التصورات التي تنطلق منها الرائدات الأوائل للحركة النسوية .
فكيف يكون الجسد حلقة وعي أساسية من أوعاء الخطاب النسائي؟
بقلم الدكتور عبد النور ادريس
[email protected]
المقال عبارة عن جزء من الفصل الأول من كتابنا" النقد الأدبي النسائي والنوع الاجتماعي(الجندر) تمثلات الجسد الأنثوي في الكتابة النسائية"، سلسلة دفاتر الاختلاف، الطبعة الاولى ، مكناس،المغرب، سنة 2011، من ص:49 الى ص: 54,

الهوامش:
- سكاكيني وداد " الحب المحرم" دار الفكر العربي،مصر، سنة 1952، الصفحة 57.
2- فرج أحمد فرج " التحليل النفسي للأدب"، المجلد الأول عدد2 يناير 1981 ج 1 مجلة فصول، الهيئة العامة للكتاب ص:33.
3 - المانع سعاد، " النقد الأدبي النسوي في الغرب وانعكاساته في النقد العربي المعاصر" المجلة العربية للثقافة، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، عدد: 32 ، مارس1997، ص: 80.
4 - دي بوفوار سيمون،" الجنس الثاني"، ترجمة محمد علي شرف الدين، المكتبة الحديثة للطباعة والنشر، بيروت ، سنة 1979، ص: 6.
5- رومانسون انطوان " الذات ومقوماتها ، مساهمة نظرية في تعريف المفهوم" دراسات عربية، عدد:3 ، سنة 19 ، يناير 1983 ، ص:49.



#عبد_النور_إدريس (هاشتاغ)       Abdennour_Driss#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكتابة النسائية بين النسق الثقافي والجسد المؤنث
- الخطاب القصصي عند الزهرة رميج
- إفران وأنخاب باخوص ( تابع النخب الرابع)
- الفلسفة بين الوعي الداخلي والوعي الخارجي:طقوس لمعرفة الحقيقة
- إفران وأنخاب باخوص ( تابع النخب الثالث)
- إفران وأنخاب باخوص
- النظام والربيع العربي
- نور الدين قاسمي ,,ميلاد شاعر أبى إلا أن يهمس للقمر
- ربيع عربي.. شطرنج وقرنبيط
- أدبية الجسد الأنثوي في حكايا ألف ليلة وليلة بقلم الدكتور عبد ...
- جدلية الذات والموضوع في ترميز الأدب -قراءة في قصص ادريس عبد ...
- اللغة تكتب المؤلف قراءة في المجموعة القصصية -جمجمتي ,,وأنا - ...
- الوعي التقني التعليمي الثورة الصناعية: نحو مستقبل جديد- بقل ...
- حلم شهريار
- دراسة في وعي الثقافة الأمازيغية
- أسرار الكائن الرمادي: قراءة سيميائية في -أوراق ميت- بقلم د, ...
- بين الأنا الشعري والأنا الصوفي :قراءة سيميائية في ديوان -الع ...
- عندما ينتمي الاشتهاء إلى دوائر الصمت : قراءة جندرية في ديوان ...
- نساء القصيدة الرقمية : قراءة في ديوان -تمزقات عشق رقمي -للشا ...
- قراءة سيميائية في ديوان معلقة باريس للشاعر عبد الله الطني


المزيد.....




- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد النور إدريس - الوعي بالكتابة في الخطاب النسائي