عزيز الحاج
الحوار المتمدن-العدد: 1357 - 2005 / 10 / 24 - 10:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم يكن متوقعا أن يتغير موقف عمرو موسى من العراق وأن تتغيرعقليته المشبعة بالشوفينية العربية والطائفية ومعاداة القيم الديمقراطية. لقد أخطأ الحساب جميع من كانوا يأملون أي خير من زيارة هذا الرجل للعراق، وأن يتحسس وهو على الأرض بمعاناة شعبنا الطويلة وطموحه نحو حياة ديمقراطية جديدة، بعد أن حرر الجيش الأمريكي هذا الشعب المنكوب من النظام الفاشي، نظام المقابر الجماعية، والتمييز الطائفي والعنصري، ونهب ثروات البلاد.
السيد عمرو موسى، الذي كان قد استقبل بعد تحرير العراق مباشرة وفودا من ضباط مخابرات سابقين ومفضوحين دوليا وكأنهم هم ممثلو العراق وباسم معاداة أمريكا، لم يجد في بغداد ممثلين للشعب غير هيئة علماء المسلمين البعثية وتكتل صالح المطلق، الذي كشف الرئيس جلال طالباني حقيقته جهارا كأحد المسؤولين البارزين في عهد صدام. إن هذه العناصر والقوى هي التي يريد عمرو موسى عقد مؤتمر تحضيري لها تحت شعارات "معارضة الوجود الأجنبي"، و " المصالحة الوطنية".
لم يجد هذا السيد المبجل، الذي لم يخف عداءه للعراق الجديد منذ 9 نيسان، يوم التحرير، من عدو غر القوات متعددة الجنسيات، التي تحمي البلد من شرور وجرائم الإرهابيين، القادمين من دول عمرو موسى، والذي لم يجد كلمات تعاطف مع ضحايا المقابر الجماعية وضحايا الإرهابيين السفلة منذ سقوط النظام السابق.
لقد أصبح شعار "المصالحة الوطنية" شعارا مشبوها، حيث حقيقته هي عودة النظام المنهار بوجوه جديدة. ولا نعتقد أن السيد المبجل يجهل ذلك، ويجهل أن هذا الهدف مرفوض شعبيا. إن البعثيين من غير المتورطين في الجرائم لا يزالون يشغلون الكثير من الوظائف المدنية بل وتسلل بعضهم مع الأسف للأجهزة الأمنية. وقد وقفت القوى الديمقراطية واللبرالية العراقية بمنتهى الحزم ضد تيارات الثأر والانتقام، وضد الممارسات الدموية العمياء لبعض المليشيات المشبوهة في البصرة في الخطف والقتل بحجة أن الضحايا بعثيون سابقون. إن مثل هذه الممارسات هي ضد القانون وضد العدالة، لأن كل متهم بالجريمة يجب التحقيق القضائي معه ومحاكمته عند الضرورة. أما الحملات العشوائية، التي تمتزج فيها الدوافع الشخصية والطائفية، فليست مما يشرف العراق الجديد.
ليس عجيبا "ثبات" عمرو موسى على مواقفه المعروفة من العراق هو العجيب. كلا! وإنما كان سيكون أعجب العجب لو أنه غير مواقفه على الأقل جزئيا.
كنت ممن انتقدوا شعار " لا مكان لعمرو موسى في العراق"، ولكنني اليوم أعتقد أنه كان لذلك الشعار ما يبرره.
#عزيز_الحاج (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟