|
الشعب مطية الشرفاء وليس الامتيازات
لطفي جميل
الحوار المتمدن-العدد: 4942 - 2015 / 10 / 1 - 22:11
المحور:
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
في تصنيف بسيط للكتل السياسية التي ظهرت في العراق بعد عام 2003، يتضح أن حظ الكتل المتدينة، كان ومازال لها الحصة الأكبر في المشهد السياسي العراقي، أما الكتل ذات التوجه المدني، فهي صغيرة وليس لها أثر يذكر في أي حراك سياسي على صعيد العراق، ولم تحاول أن تغير من وضعها (السلبي) هذا، ويستثنى من ذلك الكتلة (العراقية) برئاسة السيد أياد علاوي، التي استطاعت أن تشكل لها حضورا، ترك نوعا ما أثره على واقع ذلك الحراك. وعلى خلفية التظاهرات الجماهيرية التي عمت أغلب مدن العراق، والتي رفعت شعار الإصلاح والدولة المدنية ومحاسبة كل من تسبب في انهيار العراق أمنيا واقتصاديا وسياسيا، وعلى مدى أكثر من سبعة أسابيع، وقفت تلك الكتل التي تدعي (المدنية) موقف المتفرج، من هذا المد الشعبي السلمي، والترقب أحيانا، وكأنها تتطلع إلى أن يتعكز عليها هذا المد الشعبي، لكن هذ المد الجماهيري هو أنقى من أن يصافح أي مسمى شارك في خراب العراق، وإن كان ذلك المسمى يمتطي شعار(المدنية) ولم يسجل عليه أية حالة فساد، لكنه وبالحد الأدنى كان جزءا من تلك العملية السياسية التي هدّت العراق عن بكرة أبيه. ومن هذه الكتل المتفرجة، هي كتلة السيد علاوي، تلك الكتلة التي كان يتطلع إليها عدد لا بأس بها من الجمهور العراقي، ذلك لأنها ومنذ دخولها العملية السياسية في العراق، التي صاغ كل حروف ابجديتها السيد (بريمر)، كانت تنادي أو تدعي بإقامة دولة مدنية، وحينما ارتفع صوت الشارع العراقي مناديا بدولة مدنية، اعتقدنا، وعلى وفق ما كانت تدعي به هذه الكتلة، بأنها ستكون جزءا من هذا الحراك الشعبي السلمي، إن لم تكن على رأسه من ناحيتي التوجيه أو القيادة. غير أننا تعرضنا إلى صدمة حينما أنبرى السيد أياد علاوي، في جملة مقترحات، يبتغي من ورائها (حسب رأيه) تحقيق جميع الإصلاحات التي عجز عن تحقيق جزء منها السيد رئيس الوزراء حيدر العبادي، وذلك من خلال تشكيل حكومة جديدة، وأن تأخذ الكتلة الأكبر على عاتقها تعين رئيسا جديدا للوزراء، وذلك بسبب فشل السيد رئيس الوزراء الحالي – حسب رأي السيد علاوي- من تحقيق بعض من تلك الإصلاحات التي مازال يطالب بها الشارع العراقي. لكن السيد علاوي، يبدو أنه نسى أو تناسى، أن تعيين رئيس للوزراء في العراق، يُعدّ مخاضا بحد ذاته، ونسي أن تعيين السيد حيدر العبادي، كان نتيجة لضغط دولي - أن الخوض به الآن ليس في محلة- ونسي أيضا، وفي خضم ما يتعرض له العراق الآن من تحديات خطيرة، أن أية محاولة للانقلاب على رئاسة الوزراء، تعد مخاطرة لا يحمد عقباها، علما أن هنالك من المتحقق وإن كان محدودا، يحسب لصالح السيد العبادي وحكومته، خاصة على صعيد الجبهة مع (داعش)، يضاف لذلك رعايته غير المنظورة للمد الشعبي السلمي، فضلا عن تبنيه جملة من الإصلاحات، وإن كان لم يتحقق الكثير منها، لكنه بالمقابل لا يستطيع الإفلات منها أبدا، وأن بعضها لابد أن يتحقق في المستقبل القريب، شاء السيد العبادي ذلك أم أبى، يضاف لذلك أن السيد العبادي، وهذا ليس في محل المديح له، أبداً، أنه في مخاض وتحد لم يواجه مثله من قبل أي مسؤول عراقي على صعيد تاريخ العراق المعاصر، وأن محاولاته في الإصلاح هي مثل الذي يطرق برأسه الصخر ليجد له منه منفذا، وهذا يعني، ومن باب إنصاف الرجل، فأنه بحاجة إلى وقت لتحقيق مطالب الجمهور العراقي. وعلى وفق مقترحات السيد أياد علاوي الأخيرة، التي لا نجد لها أي مبرر واقعي، سوى رائحة بكاء غير ملحوظ، على ما خسره وسيخسره السيد علاوي وغيره من امتيازات المنصب جراء حزمة الإصلاحات الأولى التي تقدم بها السيد حيدر العبادي، فضلا عما ستسببه تلك المقترحات من فوضى سياسية، قد تؤدي بالبلاد إلى طريق مجهول، ذلك لأن الشارع العراقي لم يعد مثلما كان قبل عام، أبداً، أنه شارع بحلة جديدة من الوعي والنضال والصبر والسعي لتحقيق أهدافه في إصلاح العملية السياسية ومحاسبة كل فاسد إن كان غولا أم حَّملاً. وكان الأجدى بالسيد علاوي، وهذا ما كنا نتوقعه، بأن يشد على يد السيد العبادي، ويكون المعين له، فضلا عن ذلك أننا توقعنا أيضا أن نجده في ساحة التحرير وهو يردد هتافات شرفاء العراق، ويسعى بكل ما أوتي من مكانة لتحقيق تلك المطالب. إن أي سياسي، أو من ركب السياسة منذ عام 2003، أرجو أن لا يعتقد، أو لا يحلم، بأن هذا الحراك الشعبي ممكن أن يلتف عليه، أو التحايل عليه، ذلك لأنه قد علم وأدرك بوعي، اللعبة التي لعبتها الحكومات السابقة، وادرك وبوعي أيضا، ما كانت تهدف إليه تلك الحكومات وما سعت على تحقيقه من مكاسب شخصية وفئوية، على حساب العراق وأمنه وسيادته. وليدرك كل سياسي من ساسة الصدفة، سواء أكان منهم الحالم أو غير الحالم، أن ثورة الإصلاح، التي فيما إذا تعرضت في يوم لا قدر الله إلى (النعاس أو الملل)، فإن هناك مرجعية مصرة على إقامة دولة العدل والعدالة، وهي المسؤولة على نفخ روح العزم والإصرار في روح أي مواطن قد يتعرض للكسل أو الملل. وأن المرجعية الشريفة، واعية أيضا، بأن الوصول إلى دولة العدل والعدالة، ليس سهلا، بل معبد بكل أشكال الجريمة المنظمة وألوان الفساد القذرة.
#لطفي_جميل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عائشة الدبس للجزيرة: المرأة السورية سيكون لها دور مهم في سور
...
-
مين اللي سرق الجزمة.. استمتع بأجمل اغاني الاطفال على قناة ون
...
-
“بسهولة وعبر موقع الوكالة الوطنية للتشغيل”… خطوات وشروط التس
...
-
الشرع يرفض الجدل بشأن طلبه من امرأة تغطية شعرها قبل التقاط ص
...
-
-عزل النساء- في دمشق.. مشهد يشعل الغضب ويثير الجدل
-
سجلي الـــآن .. رابط رسمي للتقديم في منحة المرأة الماكثة في
...
-
طريقة التسجيل في منحة المرأة العاملة في السعودية .. عبر المو
...
-
سوريا.. إدارة الشؤون السياسية تخصص مكتبا لشؤون المرأة يعنى ب
...
-
تعيين أول امرأة في الإدارة السورية الجديدة
-
لا اعتراف بأمومتكن.. أهلًا بكنّ في “برمانا هاي سكول”
المزيد.....
-
جدلية الحياة والشهادة في شعر سعيدة المنبهي
/ الصديق كبوري
-
إشكاليّة -الضّرب- بين العقل والنّقل
/ إيمان كاسي موسى
-
العبودية الجديدة للنساء الايزيديات
/ خالد الخالدي
-
العبودية الجديدة للنساء الايزيديات
/ خالد الخالدي
-
الناجيات باجنحة منكسرة
/ خالد تعلو القائدي
-
بارين أيقونة الزيتونBarîn gerdena zeytûnê
/ ريبر هبون، ومجموعة شاعرات وشعراء
-
كلام الناس، وكلام الواقع... أية علاقة؟.. بقلم محمد الحنفي
/ محمد الحنفي
-
ظاهرة التحرش..انتكاك لجسد مصر
/ فتحى سيد فرج
-
المرأة والمتغيرات العصرية الجديدة في منطقتنا العربية ؟
/ مريم نجمه
-
مناظرة أبي سعد السيرافي النحوي ومتّى بن يونس المنطقي ببغداد
...
/ محمد الإحسايني
المزيد.....
|