|
خرافاتنا الى اين؟
امير عبد عباس
الحوار المتمدن-العدد: 4941 - 2015 / 9 / 30 - 21:44
المحور:
كتابات ساخرة
احبتي .. اسرد لكم هذه القصة نقلاً عن لسان جدتي .. وأعتقد ان القصة جديرة بالملاحظة والاهتمام لانها تحاكي جزءاً مما يعانيه مجتمعنا من تراث اسطوري وخرافي وهمي ، وقانا الله واياكم شره , وقد يقول قائل ان مثل هكذا قصص لاتؤثر على عقول (العوام ) ، وانا من جانبي يمكن ان ارد واقول ، ان مثل هذه القصص هي احدى عوامل عقم العقول وتغييبها بل أجزم بانها ذو فاعلية واثر لايستهان به على عقول العوام , فلو توخينا الدقة لوجدنا بان تقديس بعض (القبور والمراقد) ناتجة عن تأثير هذه القصص الملفقة ناهيك عن مدى صحة هذه القبور ، فمن المؤكد ان اغلبها قبور ومقدسات وهمية وليس لها اساس من الصحة ، والامثلة كثيرة لايسعني المجال هنا لذكرها.على كل حال ساسرد لكم القصة واترك الحكم لكم. تقول الحاجة وهي تروي قصتها ان هناك شابا في مقتبل العمر كان يريد ان يتزوج فذهب لخطبة عشرات الفتيات الا ان كل محاولاته باءت بالفشل فاعتراه حزن شديد واعتمر قلبه الاسى والحزن وكاد ان يموت مما حدى بامه ان تذهب الى مرقد ( سيد ) وكان معروف باستجابته للدعاء وانه لايرد اي طلب للناس التي تتبارك بزيارته من كل حدب وصوب. وطلبت منه ان يساعد ابنها على الزواج ، وتعهدت ( نذرت ) بان تهدي له كنتور (خزانة ملابس ) اذا ما لبى السيد طلبها .. وبالفعل فقد وافق اهل أول بنت ذهبوا لخطبتها على الشاب و (صارت القسمة) وعلى عجل تمت مراسيم الخطبة والزواج على احسن مايرام . لكن الذي حصل ان والدة الشاب تقاعست عن بالايفاء بالنذر الذي عاهدت عليه ( السيد) واكتفت بالشكر والعرفان لهذا السيد الجليل لتحقيقه لها مرادها . لكن الصدمة غير المتوقعة التي اصابت المراة كانت عندما رجعت الى البيت ودخلت الى غرفة ابنها ولم تجد ( الكنتور ) في مكانه .. يالللمصيبة ! ياللهول! وبعد بحث مضني عن الكنتور المفقود .. جاءت المفاجئة الاكبر والتي صعقت المرأة ( الناكثة ) للنذر هي انها وجدت كنتور ابنها داخل مرقد السيد الجليل صاحب الكرامات ومحقق المراد فلم تستطع المرأة تحمل الصدمة فراحت تجهش بالبكاء والنحيب وصاحت باعلى صوتها ( دخيلك يالسيد بعد مااسويها ) .. كانت جدتي تحكي القصة بقناعة مطلقة وكأنها تعيش تفاصيلها او كأنها كانت احد الشهود عليها .. كانت تحكي هذه الدراما وهي في حالة من الخشوع والتجلي ، مسلمة امرها لهذا السيد الجليل. كنت أضحك في سري وانا استمع لحديث جدتي الحماسي .. جدتي التي اصبحت زيارة هذا السيد طقساً شهرياً ثابتاً في حياتها بعد ان حصلت هذه الواقعة العجيبة .. بعد ذلك استاذنت منها بان اوجه لها سؤالاً ، فوافقت ، قلت لها لو سلمنا بان هذه القصة صحيحة ! وانها حصلت فعلاً .. الا يحق لنا ان نعتبر ان هذا ( السيد ) هو بالاساس سارق ( حرامي ) من طراز عجيب وان ما قام به يعتبر سرقة مفضوحة ؟ .( ها شتكولين .. حجية ) .. كانت كلماتي مستفزة لها الامر الذي جعلها ترمقني بنظرة غاضبة ثم قالت لي (انت صدك متصيرلك جارة .. دير بالك على نفسك هذا السيد عنده (شارة) . مناسبة هذه القصة ، اننا نلاحظ بان مجتمعنا اصبح اسير لقيم متخلفة ومفاهيم مغلوطة غير ابه لما وصلت اليه البلدان المتقدمة من رقي وتطور على جميع الاصعدة ومما يساعد على انتشار هذه الظاهرة ، ان الكثير من تجار الدين والمرتزقين منه يؤيدون هذا الفكر وينعتون كل من يرمي سهام نقده بانه (خارج عن الملة) حسب تعبيرهم . اقولها والالم والحزن يعتصرني بان الحياة على وشك التعفن والجمود والاهتراء بسبب هذا الفكر المتخلف .. لذلك اناشد كل المعنيين بالشان الثقافي والفكري بضخ افكار ودماء جديدة في مجتمعنا الراكد لكي نزيل منه ادران هذا الفكر الخرافي الظلامي , ونسعى الى معالجة فكرنا على ضوء الدراسات العلمية الحديثة ، بدلا من ذلك الاسلوب العقيم الذي لانهاية له ولاجدوى منه بحيث نضع كل مسلماتنا ومقدساتنا في غربال المنهج العلمي لناخذ الصالح منها وننبذ الطالح في سلة المهملات .
#امير_عبد_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المرض النفسي( 2_2)
-
المرض النفسي (1_2)
-
ايهما احق
-
التمهيد للدولة المدنية
-
تسييد العقل
-
غرس النارنج
المزيد.....
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
-
-المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية
...
-
أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد
...
-
الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين
...
-
-لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
-
انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
-
مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب
...
-
فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو
...
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|