أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيء ناصر - الجسد إكتشاف إغريقي















المزيد.....

الجسد إكتشاف إغريقي


فيء ناصر

الحوار المتمدن-العدد: 4941 - 2015 / 9 / 30 - 20:55
المحور: الادب والفن
    


كمال الجسد في منحوتات الحضارة الإغريقية، معرض في المتحف البريطاني

حين ولجتُ باب القاعة الأولى لمعرض )تعريف الجمال( في المتحف البريطاني، كأني دخلتُ الى عالم سحري لا يمت بأية صلة الى العالم خارج هذه القاعات، وكأنما بوابة مغارة جمال منسية قد فُتحت لزوار هذا المعرض المدهش.
يكشف هذا المعرض جذور الهوس المعاصر بجمال الجسد وفتوته وتناسق عضلاته في مجتمعاتنا الحديثة، حيث منحوتات الجمال الأغريقية تؤكد هذا الهوس التاريخي بالجسد وإبراز مفاتنه في جميع مراحل الحياة وفي شتى تفاصيلها.
150 عملاً فنياً بين فخاريات ومنحوتات من المرمر والبرونز بعضها من مقتنيات المتحف البريطاني وبعضها من مقتنيات شخصية، مثل تمثال أفروديت وهو من مقتنيات الملكة إليزابيث الثانية، وكذلك إستعارات من متاحف عديدة. كل الأعمال المعروضة إبتداءاً من القرن الخامس قبل الميلاد تؤكد قدرة الفنان الإغريقي على تغيير مفاهيم الجمال الجسدي، بل قدرته على القيام بثورة في تمثيل الجسد البشري بإعتباره جوهر ومجرى ديمقراطية أثينا (أول مجتمع ديمقراطي في العالم)، كان الإغريق يحتفون بالجسد البشري بتمثيل طبيعته الفطرية المثالية، العري الذكوري دليل على الصفاء والحكمة والقوة، فعندما يخلع رجل إغريقي ثيابه في حلبة المصارعة أو حلبة الألعاب الرياضية فأنه يرتدي لباس الصالحين والمكتملين. ونتيجة لهذه الفطرة الإغريقية التي تنشد الكمال، التجرد من الثياب بالطبع، وهذا جليّ في منحوتات المعرض التي تبرهن هذا السلوك الإغريقي الإستثنائي والأصيل لتمثيل الجسد الذكوري فنياً وبخلاف كل الحضارات القديمة الأخرى مثل الحضارة الآشورية والفرعونية التي تقرن العري بالخزي والإستكانة والخضوع، كان الإغريق يقرنون العري الكامل بالبطولة والتباه والنضوج الإنساني والإستعداد للحرب. لذا فأن التقييم الجمالي للجسد في عصرنا الراهن يرتكز ويستلهم قيمه من منحوتات الفن الإغريقي المرمرية والبرونزية وفخارياته التي أصابت زوار المعرض بالدهشة لدرجة الإتقان التي تمتع بها الفنان الاغريقي وكذلك أفق الحرية المشرّع لفكره وفنه بلا حدّ، لكي يبدع هكذا منحوتات . الإنسان هو مركز العالم في الحضارة الإغريقية وهو حر بإختياراته وفكره وجسده خير تمثيل لهذه الحرية، وكما قال بروتاغوراس الفيلسوف الشكاك اليوناني:( إن الإنسان هو مقياس كل شئ، الموجود وغير الموجود).
أبرز منحوتات المعرض هي:
إفروديت الرابضة وهي تتأهب لحمامها، التمثال بحجم أكبر من الحقيقي، يعود تاريخه الى القرن الثاني الميلادي وهو تقليد روماني للأصل الإغريقي. التمثال من المقتنيات الشخصية للملكة إليزابيث الثانية. أول تمثال يفتح مغارة الجمال الإغريقي ، إفروديت التي تعطي ظهرها لزوار المعرض، تجعل من يقترب منها يشعر بروعة هذه القطعة الفنية وإستثنائيتها، كأنه يقع في خطر الإقتراب من آلهة الجمال، ظهرها الصقيل المسطح ورأسها المائل بنظرة قوية من فوق كتفها الأيمن وذراعها اليمنى تستلقي فوق كتفها الأيسر، كأنها تستفز جميع حواسنا وتغوينا بالإقتراب، فندور حولها عدة مرات نتأمل دقة وبراعة النحت الإغريقي، هذه المنحوتة تغوي بالترحيب لكن بعد تفحص لملامحها ندرك إن نظرتها تحذيرية وليست ترحيبية.
في القاعة الأولى أيضاً يستقبلنا تمثال إغريقي برونزي بالحجم الطبيعي لمبارز عارٍ بالحجم الطبيعي ينظف جسده بأدة معدنية بعد التمرينات الرياضية وقبل الإستحمام، إنتُشلَ هذا التمثال عام 1999من البحر على ساحل مدينة (لوشين/ Loš-;-inj) في كرواتيا وهو يعرض لأول مرة في المملكة المتحدة.
تمثال لإله النهر ( نهر إيلسيز/ Ilissos) يعود تاريخه الى (438-432) وهو أحد تماثيل معبد البارثينون في إكروبوليس أثينا، وهو تمثال إغريقي أصيل على خلاف أغلب منحوتات المعرض الأخرى التي هي نسخ رومانية عن الأصل الإغريقي المفقود. تمثال بلا رأس، مكتمل الفتوة مستلق كأنه يريد رفع نفسه على صخرة، حركة الجسد والعضلات خير تمثيل على إنسياب الماء وموج النهر المرواغ . من يقترب من هذا التمثال، يستنشق حيويته، نحت عجيب، رشيق ولدن من مرمر بارد، حُوِلَ الى جسد مشدود ينز حيوية ودفء وينزلق من ذراعه ردائه الذي يتحول الى موجات مياه منسابة للناظر اليه من الخلف.
تمثال من البرونز ل (زيوس) كبير آلهة الأولمب بإرتفاع عشرين سنتمتر يعود تاريخه بين القرنين الأول والثاني الميلادي، هذه المنحوتة قطعة إستثنائية غنية التفاصيل فهي تصور زيوس بجسد مفتول العضلات وبملامح قائد حكيم وشعر كث، يحمل صولجاناً ويجلس على قاعدة نحاسية مع أيحاء إيروتيكي لجمال الجسد الذكوري. التمثال من مقتنيات المتحف البريطاني وقبل ذلك كان من مقتنيات الفنان الفرنسي دومينيك فيفان دينون أول مدير لمتحف اللوفر.
تمثال لفتى رياضي يعود تاريخه الى القرن الأول الميلادي وهو من مقتنيات المتحف البريطاني وهو تمثيل لفكرة التناغم بين الجمال الجسدي والحكمة الإخلاقية والإنغماس بتساؤلات الوجود. هذا التمثال هو نسخة عن الأصل الإغريقي الذي يعود تاريخه الى زمن سقراط، يخيل لي إن هذا الفتى الحالم أحد تلامذة المعلم سقراط، يغرق في تساؤلاته بعد مجادلة مع معلمه. العري في هذه التماثيل يبتعد تماماً عن الإيروتيكية، فهو فضيلة العودة الى الذات وإرتداء الجسد المجرد وهذا واضح جداً من خلال ضمور الأعضاء الجنسية.
بخلاف العري الذكوري، كانت النساء الإغريقيات يرتدين الملابس الشفافة غالباً والتي تحكي عن الجسد وتوحي به أكثر مما تظهره، وهذا ما سيلاحظه الزائر حينما يقترب من تمثال الراقصة وهو تمثال برونزي باذخ التفاصيل لراقصة ملثمة وبرداء فضفاض لكن إنحناءات الجسد والرداء فوقه تظهر دقة ورهافة النحات الإغريقي، الرداء الفضاض على الجسد الإنثوي له دلالات إيروتيكية صريحة على خلاف العري الذكوري.
منحوتة لجذع بشري من مقتنيات متحف الفاتيكان والتي يعود تاريخها الى القرن الأول قبل الميلاد، ويعتقد إنه يمثل جذع البطل الإغريقي هرقل، كان لهذا التمثال تأثير كبير على مايكل إنجلو نحات عصر النهضة الإيطالي حينما طلب البابا منه تكملة الجذع بإضافة رأس وذراعين، لكن مايكل إنجلو رفض لأنه إعتقد إن التمثال مكتمل بشكل لا يضاهى بوضعه الحالي وهو يحوز كل المفاهيم المثالية لفن النحت الإغريقي، وقد إستلهم مايكل إنجو هذا التمثال الإغريقي في لوحته (خلق آدم).
تمثالان صغيران لسقراط ، تمثال لإله النبيذ ديونيس يجتمع فيه بالتساوي جمال الذكر والإنثى، ورأس مرمي للإسكندر المقدوني وفخاريات وأقداح نبيذ مختلفة الأشكال منقوشة من خارجها وباطنها. جمع هذا المعرض منحوتات خالدة لأعظم الفنانين الإغريق مثل فيدس وميرون وبوليكيتوس، كان لها أعظم الأثر على فناني عصر النهضة وما تزال تشيع الجمال والفن لكل من يراها. شخصياً شعرت انني أكثر ذكاءاً وجمالاً عند إنتهاء زيارتي للمعرض بل إن هذه التماثيل والفخاريات العجيبة جعلتني أكثر فطنة وإحساساً بجمال الجسد الإنساني والذكوري خاصة، وأحسب إن جميع الزائرين إنتابهم ذات الإحساس.



#فيء_ناصر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أودري هيبورن في معرض فوتوغرافي شامل
- (شباك) بينالي الثقافة العربية في صيف لندن
- المعرض الفني الصيفي في أكاديمية الفنون الملكية البريطانية
- فريدا كايلو إيقونة الأزياء
- عن (توستالا) المجموعة القصصية لعبد الهادي سعدون
- رامبرانت الهولندي المدهش
- مان راي رسام الفوتغراف
- الفكاهة سلاحاً ضد الكراهية
- حنوش -يغزل خيوط النور- في لندن
- لقد أحَطتُ بما لم تحط به
- أعطني متحفاً وسوف أملؤه
- عن معرض الفنان علي جبار الأخير
- أرشيف فرجينا وولف وجماعة بلومزبري
- هل من عودة أيها السندباد ؟
- ميزان لموظفي الدولة
- سعداوي يُعيد بناء الحياة الجحيمية للعراقيين... سرداً.
- الفلم السينمائي كقصيدة، برايت ستار نموذجاً
- قمرٌ واحدٌ في كل القصائد
- ريح من لامكان _الشاعرة الأمريكية انتوني فلورنس


المزيد.....




- بوتين يستضيف قمة في قازان لإظهار عدم عزلته المفروضة من الغرب ...
- محمد بن زايد يدون باللغة الروسية: الإمارات مهتمة بتعزيز العل ...
- لماذا ينبغي على الأطفال مشاهدة التلفاز مع الترجمة النصية؟
- طفل روسي يلقي التحية ويتحدث باللغة العربية مع الشيخ بن زايد ...
- روسيا تدخل اللغة العربية إلى امتحان الدولة الموحد
- السنوار.. أديباً ومؤلفاً ومترجماً وفناناً!
- “عيش مع الطبيعة” تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك نايل سات 2024 ...
- الفنانة ميرنا بامية تقدّم معرض -حامض- في باريس
- -قازان- من أقدم وأجمل المدن الروسية.. إليكم جولة على أهم معا ...
- الفيلسوف إيمانويل تود الذي يتنبأ بهزيمة الغرب كما تنبأ بسقوط ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فيء ناصر - الجسد إكتشاف إغريقي