أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - الأدب والسياسة_ثرثرة من الداخل














المزيد.....

الأدب والسياسة_ثرثرة من الداخل


حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 1356 - 2005 / 10 / 23 - 10:58
المحور: الادب والفن
    


خلال طفولتي وشبابي المبكر, استهلكت كغيري من السوريين, ثقافة الخطاب الواحد والصوت الواحد واللون الواحد والبعد والواحد, وما تشمله عبارات(الكليات) كل شيء سياسة, كل شيء صراع, كل شيء جنس...., وفاتنا أن تلك الكل شيء لا تختلف عن اللا شيء, سوى في العلاقة المحددة بين قائلها ومستهلكها أو متلقيها, وهكذا سادت عبارات: الوطن فوق الجميع, نكون أو لا نكون, لا صوت يعلو على صوت المعركة, الحياة وقفة عزّ.., وهي بمجملها لا تختلف عن وهم المعرفة في عبارة:كل إنسان فان.. سقراط إنسان..سقراط فان, وهكذا وبعبارة صوتية واحدة نختصر المعرفة والحياة والإنسان, مع الفارق النوعي بين وعي معرفي مؤسس, تفصله عشرات القرون عن وعي سحري خامل, يقوده يقين صادر عن فكر أجوف, مفرّغ من جوّانيته العاطفية والإبداعية, والوجود بمجمله مختصر إلى عدو ينبغي استئصاله و أنا أو نحن..بانتظار التحقق خارج الزمن, وخارج شروط الوجود الموضوعي باختلاف مستوياته.
تلك الثنائية الفقيرة, ما تزال تحكم حياتنا, من الداخل أولا حيث, فراغ عاطفي قفر ومقفر, ومن الخارج تاليا حيث, دورة مغلقة من المؤسسات التي تبدأ باللغة والأدب وتنطبق في القانون والقضاء, مجوّفة هي الأخرى من المضمون والتفاصيل, تتعذر على الفهم والقبول وتبتعد باستمرار عن إمكانية المتابعة أو الإصلاح أو التحديث, قانون التراكم الأساسي هو المفقود بين الجدل والصراخ, ليحول الزمن النفسي والاجتماعي إلى دائرة مغلقة, فيها البداية هي النهاية واليوم هو الأمس, ولا جديد سوى الفضائح ودرجة الصوت.

*
ما زلت أعتقد أن التناقض في شخصيتي مصدره العالم الخارجي, بنفس الدرجة مع تضاريس حياتي الشخصية, ونقطة التماس الانفجاري من الداخل والترويحي في الخارج دوما امرأة من طرطوس أو جبلة أو بيروت أو جدة أو..., تؤنث المكان وتصلحه للعيش والحب, تحضر بدون توقع أو انتظار وتختفي كذلك.
خط المأساة يشمل حياة البعض ويختصرها وخط الحظ الطيب يشمل حياة البعض الآخر, القلة النادرة من تدور حياتهم بمجملها في نقطة التقاطع وأظنني منهم.
أعتقد أن الشخصية(مع الاعتراف بضبابية المفردة) تتحدد بشكل تقريبي من خلال المراجع التي تسبق الفرد بالتزامن مع المحاور التي تشكل فضاؤه, وهي بترتيب دائري: الغرائز, الضمير, الواقع الموضوعي, بالنسبة للغرائز مجمل أنشطتها تدور في الظلام بعيدا في الأغوار العميقة خارج الوعي والإرادة, وجودها مستقل وان اختلفت شدتها بين فرد وآخر, تبقى خارج الثنائيات والتصنيف والتقييم.
بين الضمير والواقع الموضوعي تدور مختلف النزاعات الفردية والمشتركة المعلنة, في الأدب والسياسة والفكر والفنون, ومع ما بينها من تداخل وتقاطع, توجد بعض حالات الفصل الواضح والصريح, وتصل إلى درجة القطع أو القطعية حسب موقع الفرد داخل جهاز السلطة أو خارجه. كما حدث في سوريا طوال العقود الأربعة التي عشتها, احتلّت السلطة الواقع بمجمله على حساب الضمير وتمثّلاته في العدالة والنزاهة والحقوق, على النقيض من المعارضة التي تأسست في خسارة الواقع وفقدانه إلى حد كبير, فارتدّت بشكل متطرف إلى القضايا الأخلاقية وحاولت احتكارها. التطرف في المعارضة أو الموالاة, الإفراط في اليقين بعبارة أوضح هو ما أبعدني عن الموقعين, إلى الهامشي والمختلف وصولا إلى النقدي. كلمات خسارة أو ربح أو كسب لا تعبر عن تجربتي, فأنا فعليا بعيد عن مراكز السلطة والثروة, كما أني بعيد بنفس الدرجة بعيد عن الرضا الاجتماعي وفي المركز منه جماعات المعارضة بمختلف الجهات.
هكذا وجدت نفسي على الدوام, لا من جدّي بخير ولا من جدتي بخير, لكنه كان خياري بالدرجة الأولى: النساء, الأدب المختلف, الشراب, التدخين, الولع بكل ما هو غريب ومجهول, هناك غاياتي ومتعي, أبني قصورا في الهواء, أوافق أو أعترض حسب مشيئتي ورغبتي فقط. لا أؤمن بالمستقبل وأعتقد أن الماضي حكايات تجددها الحاجة والرغبات, وكل يوم يصلني هو البداية والنهاية.


السياسة أفسدت الأدب والأدب بدوره أفسد السياسة, بهذه النتيجة ابتدأت بتدوين هذه الثرثرة, وأكملها اليوم مع إعلان دمشق وتقرير لجنة ميليس وما أثير حولهما من لغط, لا يعنيني بشيء. ما يقلقني ويحزنني زعل صديقتي.
*
برودة أول الخريف لذيذة ومنعشة, تختلف عن مزاجي العميق. في زياراتي المتباعدة للجبال, للجورة, دوما يغمرني شعور مزدوج في هذه الأنحاء, الفجيعة حدثت وهي ما تزال على وشك الحدوث عبر شخصيات جديدة, لكن على نفس المسرح وبنفس الزمان والمكان, مع شعور التواصل العميق, الذي لا يمكن قطعه, بروح الأسلاف ومغامراتهم عبر شخوص وحيوات يجهلونها تماما, المثل والأصل في لعبة مرايا لكنها حقيقية, فيها دم أحمر طازج وأنين يجرح الهواء, فيها الطموح والغدر وحساب دقيق, المفجع فيه أنه لا يخطئ .
يتكرر هذا الشعور مثل الصورة أحاول تذكّرها لأبعد شبح الكآبة.
رغب بمتابعة الصحو لأبعد مدى, ما هي سوى لحظة لتتغير الموجة والانسياب.
فيبدو الحب والعشق حديث آخر وبلغة أخرى لا افهمها, يتخامد الغضب بدوره إلى اهتزاز بطيء, يكون مسليا بالفعل في هذا الطور.
ما الذي يتبقى في هذا المنزل بعدما أغادره بشكل نهائي, ما الذي سأحمله من هذا المنزل بعدما يمتلأ بأناس جدد, ليأتي غيرهم إلى نفس المكان؟
هي موجات متلاحقة تطرد الأخرى سابقتها بلا كلل أو جدوى.



#حسين_عجيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا الآخر السوري
- اللاقانون _ثرثرة من الداخل
- وردة الكينونة_ثرثرة من الداخل
- دخان ويوغا_ثرثرة من الداخل
- اللاطمأنينة_ ثرثرة من الداخل
- ظلال منكسرة_ثرثرة من الداخل
- الغضب والعزلة
- الأوهام_ثرثرة من الداخل
- مأساة هدى أبو عسلي_مأساة سوريا
- العين الثالثة_ثرثرة من الداخل
- ابن الكل_ ثرثرة من الداخل
- ثرثرة من الداخل(2) تحت الشخصية
- الآخر السوري_ثرثرة من الداخل
- لو أن الزمن يسنعاد
- الزيارة
- الذكاء العاطفي السوري(الكنز المفقود)
- محنة النساء في سوريا
- نساء سوريا الغبيات
- على هامش مهرجان جبلة الثقافي
- المهرجان والوعد


المزيد.....




- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
- -المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية ...
- أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد ...
- الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين ...
- -لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
- مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب ...
- فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو ...
- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين عجيب - الأدب والسياسة_ثرثرة من الداخل