|
المسكوت عنه والمقموع في النص الأدبي
سعاد جبر
الحوار المتمدن-العدد: 1356 - 2005 / 10 / 23 - 10:58
المحور:
الادب والفن
دراسة تطبيقية في نص شهاب للكاتب إبراهيم الداقوقي يعد النص القصصي ، مساحة واسعة الإسقاطات الأديب اللاشعورية على النص ، وعوالم واسعة لبث المكبوتات ، ولغة المسكوت عنه والمقموع ، وهنا يرتقي النص الأدبي في لغة التعبير ضمن مساحات أوسع من لغة الثقافة المباشرة ، و تدور تباعاً فنيات الوصف القصصي في إبداعية التعبير عن المسكوت عنه والمقموع ، وملحمة صراع الخير والشر في الحياة ، و تتشكل في أتونها عمومية الأيدلوجية من اللوحة التفكيكية للواقع في تناثرات لغاتها الجزئية على النص في ظلال التفرد الإبداعي ، وتسليط الأضواء على الخاص ، في اختزالات الأديب للحظات مقتنصة من لوحة الواقع ، وتتنوع صورتها الفنية بين مساحات المتخيل في الماضي البعيد أو القريب أو الآن الحاضر ، وهنا تنبعث جذورها في ظل رؤى ايدلوجية للكاتب في الوجود والإنسان والحياة ، بحيث تتشكل في لوحة فنية إبداعية ، تصقل جمالياتها إبداعية التصوير الفني ، والمتتبع للروائع الأدبية يجد خطوطا متنوعة في فنيات التصوير الفني في القص ، التي تنقل القارئ ببراعة إلى مساحات الحدث المتخيل واستشعار كافة حراك اللحظات هناك ، في مقطع جزئي من لوحة المجتمع ، ولاتعد تلك الفنيات المبذولة لتشكيل تلك اللحظة حياة على النص مسألة عبثية ، وانما تعد مسألة جوهرية في النص و تحمل جذور رمزية في لغة التعبير، وبالأخص في تشكيل لوحة المسكوت عنه في النص ، لذلك نجد شارلز ديكنز في قصصه يأخذ القارئ إلى وصف دقائق الموقف بحيث لا يترك جرة ملقاة على الأرض أو قطة كانت منكمشة إلى جانب أحد السجناء ، بل انه يصف للقارئ نكهة الرائحة في الأزقة بحيث تنتقل معه إلى جو قصصه بجاذبية مطلقة وليس ذلك لغاية الحياة في النص فحسب ، بل لرؤى مخبأة يسعى الكاتب لإظهارها عبر المكان والشخوص وربما ما لانعيره اهتماماً في حياتنا ، في حين أن تولستوي يتسارع مع القارئ على هدير موجات بحرية متلاحقة ، فيجري بك جريا في وصفه ، فهو لا يكاد يقف بك في مكان واحد ، ولعله يسارع إلى وصف أنماط من البشرية يمثل لها ببعض الشخصيات ، ويهمه أن يصف لك ما يتعلق بالشخصيات اكثر من اهتمامه بوصف الأماكن ، وفي كلا الخطين هنا جوهرة واحدة تتناغم بينهما ، وهي التقاط الخاص من العام ، في رؤية تفردية إبداعية ، ولكن جذورها الكلية تعبر عن ايدلوجية عامة تؤطر الواقع وتبث رسالته في منظور فرداني ، تتشكل فيه رؤى الكاتب ومساحات اسقاطاته على النص في ظل لغة المسكوت عنه ، وربما مساحات الاستبداد التي تعتري عالمنا العربي ، أججت الإسقاطات التي تمكن الأدب عبر أجناسه الأدبية المتنوعة و بجداره من بث معالمها ، في حين أسرت الثقافة العربية في معتقل التدجين ولغة الصمت ، وهذه البؤرة التجريدية التي سلطت الضوء حولها ، تؤكد اجتياز الأدب مساحات واسعة في بث لغة المسكوت عنه والمقموع في لوحة الواقع الفسيفسائية المتضادة . ويشكل نص ( شهاب ) للكاتب إبراهيم الداقوقي ، لوحة تفردية في عكس الرؤى الأيدلوجية للمجتمع في ظل اختزال لحظة تاريخية مكثفة ، في لغة السرد ، ويسيح النص في ظل معطيات ثقافة المقاومة التي تجتاح مساحات الاستلاب ، وتعلن ذاتها بإباء ، في ظل لغة سردية اتسمت ببراعة فنيات الوصف للشخوص المتحركة حياة على السطور ، وتنوعت الشخوص في النص في ظلال ملحمية ، تؤطر لغة الصراع بين الخير والشر ، والاستلاب والمقاومة من جهة ، وبين شخصية شهاب المركزية التي شكلت البؤرة المغناطيسية للنص ، والتي التفت حولها جميع الشخوص في كافة خطوطها نحو خدمة الفكرة الأم في النص ، والتي تشكل الرؤية المجسدة لثقافة المقاومة ورفض القمع ، والانطلاق من قيود المسكوت عنه ، نحو الحرية وبث الكرامة هيبة على السطور ، والتي تؤول في نهاية النص استشهادا على أبواب الحرية الحمراء . وتتشكل منظومة الرؤى في شخصية شهاب المركزية على النحو الأتي : ـ يعد مقطعا من رحلة الكفاح والكدح في مواجهة الظلم وكافة لغات الإقطاعيات في المجتمع ـ تمثل جيل الشباب الساعي نحو التغيير ورفض كافة لغات الاستلاب في الواقع ـ تؤكد على النهايات المشرقة في ظلال وحي الاستشهاد حفاظاً على المبادئ السامية في الحياة أما مساحات رؤى الشخوص الثانوية في النص فتؤكد تنوع الرؤى لتلك البلورة المشرقة في سجل شرف الحياة ( شهاب ) وبين آدمية باردة الإحساس تجاهها وبين تماهيات جنون في تنظير الفلسفة هستيرياً على أعتاب الحياة . وتتنوع الشخوص الثانوية في أطياف إبداعية في النص ، حيث صقلت مساحات التشويق فيه ، في ظلال عفوية ( زهرة ) وارتسامتها وردة تنبض بالحياة على السطور ، بحيث رصد النص حرراة شحناتها الانفعالية بكافة تجلياتها على النص ، وشخصية ( جاسم ) في سرد الحكمة جنونا ورفضا في الآن ذاته ، ورؤى المجتمع في أوراق شخوصه المبعثرة بين جمعية مطلقة تعشق الحرية ورفض الاستلاب وبين فردانية تحققت في أعلى تسامياتها في ظلال شخصية شهاب . وتتشكل إبداعية الكاتب في النص عبر فنيات الوصف القصصي وحرية حراك الشخوص في النص ، في ظلال العفوية والفكرة الأم في النص ، بحيث تركت الحرية للسياق ليعبر عن ذاته ، بعيدا عن سيطرة واقتحام رؤى الكاتب النص ، مما نفى التكلف والتصنع في النص ،و أشرقت تباعا عفويته على السطور ، ومضت الشخوص لتعبر بعفوية وانطلاق عن اجوائها الرافضة وكافة أطياف ما تحمله من لغة المسكوت عنه والمقموع على مسرح النص ، في ظلال جماليات الوصف القصصي من جهة ، وواقعية العرض من جهة أخرى . وانسكبت النهايات في النص في ظلال لغة الشرف و التفاني من اجل القيم والمبادئ السامية في الحياة ، ورفض حالة الاستلاب في كافة صورها ، وهناك ثنائية تختبئ خلف كواليس النص بين الماضي البعيد والحاضر في ظلال لغة الاستلاب في المشهد العراقي ، وهنا تمتدد مساحة شهادة شهاب في النص لتغادر في رمزيتها بعدها الفردي إلى مسرح المشهد العراقي في الماضي البعيد والآن الحاضر ، ليغدو السرد في شهاب هو حكاية الكل في الوطن والحلم في الحرية ومساحات الوطن في الوطن الحالم حرية وإباء على النص . ولايسعني في نهاية مطاف عبور مساحات إبداعية فنيات الوصف القصصي وروائعها الأدبية إلا أن احيي إبداع الكاتب د. إبراهيم الداقوقي وكل إبداع وانت متتاليات إبداع لاتنتهي في سماءات الأدب الأصيلة .
#سعاد_جبر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الثقافة والإبداع
-
ندوة العولمة وتغيير المناهج في العالم العربي
-
الديمقراطية والإصلاح السياسي في العالم العربي
-
همسات صحفية 8 : ثقافة الحوار وخرفان بانورج
-
ماهية الحياة في الرؤية السيكولوجية للأدب
-
ثنائية - موسيقى النص ، تيار الوعي - في النص الأدبي
-
سيكولوجية الحرب في مجموعة عطش الماء
-
رؤية نقدية للواقع من منظور نيتشه وجاسبرز
-
رؤية نقدية لواقع الإعلام العربي في ظل معادلة الإبداع
-
رؤية نقدية في المشهد الثقافي السياسي في عالمنا العربي
-
فنيات القص في ادب رابلية / اضاءات على روائع الأدب الفرنسي
-
المرأة والأبداعية الأدبية
-
تماهيات الأدب في لغة السياسة
المزيد.....
-
فيلم ’ملفات بيبي’ يشعل الشارع الاسرائيلي والإعلام
-
صرخات إنسانية ضد الحرب والعنف.. إبداعات الفنان اللبناني رودي
...
-
التراث الأندلسي بين درويش ولوركا.. حوار مع المستعرب والأكادي
...
-
الجزيرة 360 تعرض فيلم -عيون غزة- في مهرجان إدفا
-
من باريس إلى عمّان .. -النجمات- معرض يحتفي برائدات الفن والم
...
-
الإعلان عن النسخة الثالثة من «ملتقى تعبير الأدبي» في دبي
-
ندوة خاصة حول جائزة الشيخ حمد للترجمة في معرض الكويت الدولي
...
-
حفل ختام النسخة الخامسة عشرة من مهرجان العين للكتاب
-
مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” ..
...
-
مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|