|
حول الإصلاح التّربويّ
رضا كارم
باحث
الحوار المتمدن-العدد: 4934 - 2015 / 9 / 23 - 00:55
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نصّ للمعلّم الفاضل :الرّزقي برايكي كتبه سنة 1974و كلّفه 6سنوات "نفيا خارج قلعة سنان". ________________________________________
حول الإصلاح التربويّ
أطلعتنا مجلة « Conjoncture »التي تصدرها وزارة الاقتصاد بإحصائيّة مدهشة حول التعليم بالجمهورية التونسية بعد 17سنة من الاستقلال . الإحصائية تقول بأن من بين 100تلميذ يدخلون السنة الاولى للمدرسة الابتدائية يصل إلى الجامعة 3. أين ذهب 97% ؟ طبعا سيعزّزون سوق البطّالين المقهورين . و هذا ما جعل السيّد بورقيبة الابن يقول لجريدة La presse : « Notre école nous donne des chômeurs à col blanc » و كذلك السيد محمد مزالي يقول بأن المنظومة التربوية عرجاء و أيضا وزير التربية السيد إدريس قيقة لم يخف استياءه و يقول بأن المنظومة التربوية جوفاء... يبدو أن قطاع التربية في بلادنا يعاني من غياب التصور الصحيح لوظيفة المدرسة في المجتمع مثلها مثل البلدان السائرة في طريق النمو و لو بدرجات متفاوتة و ذلك لهيمنة الدول الامبريالية في المجالات الحساسة كالاقتصاد و القطاعات الاجتماعية و في أولها التربية. و كما يعلم الجميع أن أي نظام تابع اقتصاديا لا يستطيع ان يضع مخططا تربويا قادرا على تمكين كل التلاميذ من مزاولة دراستهم في المؤسسات العمومية و توفير الشغل المناسب لجميع المتخرّجين منها أو المنقطعين عنها... هذا ما أدّى إلى انتشار الشعور بالخوف و عدم الاطمئنان على المستقبل في نفوس المزاولين لتعلمهم في كل المستويات خاصة أننا نرى و نحسّ بالتّخلّف العلميّ و التكنولوجي و قلّة ذات اليد و التبعيّة المقيتة المفروضة علينا و أغلبنا يعي بهذه المشكلة العويصة . و إنّني أرى كمربّ إمكانية حلها عمليّا و لو بالتّدرّج في نطاق خطّة طويلة المدى و لو بإصلاحات طفيفة أوّليّة فتجعلها مكسبا . "وعمل الالف ميل يبدأ بخطوة". كما أنّنا نعرف أنّ لكلّ بناء جديد أسسا مرجعيّة يرتكز عليها للابتعاد عن المنظومة التربوية التي شرّعها لنا المفكر الفرنسي « Jean de pièce »سنة 1956 و التي ظهرت عيوبها الآن واضحة جليّة. و الشّيء المؤكّد حاليا الذي ينبغي أن نناضل من أجله و يتجسّم في النظام التربويّ كلّه هو الدّيمقراطيّة في محتوى التدريس و مناهجه و أن نبتعد عن برنامج محو الأمّية ، بل نمكّن الفرد من تكوين علميّ مركّز و متين و متحلّيا بأخلاق الإسلام السمحة العالية و روح اجتماعيّة متضامنة ليكون عضوا نشطا في المجتمع دون ميز أو انتقاء، محبّا لوطنه و مجتمعه و لأمّته العربيّة الإسلاميّة. و هو ما لا يتمّ إلّا بإعطاء المدرسة قدرة فعليّة على تكوين الأجيال فتسلّحهم بالفكر العلميّ و تحبّبهم في وطنهم فيظلّون متعلّقين بشعبهم واعين بمشكلاته و قضاياه ، لا أن يكونوا رعايا يجمعهم الطّبل و تفرّقهم العصا. و إذا أردنا حلّا جذريّا لمشكلة التّعليم في تونس اليوم لا بدّ من: 1-الترفيع في ميزانيات الوزارات السّاهرة عليها(وزارة التربية القومية، وزارة التعليم العالي و البحث العلميّ، وزارة الشباب و الرياضة ، وزارة الثّقافة ، وزارة الشّؤون الاجتماعيّة) خاصّة و أنّ المقبلين على التّعليم في ازدياد متواصل . 2-خلق توازن بين الإمكانيّات و الحاجات حتّى لا تصبح المؤسّسات التربويّة محتشدات لقلّة القاعات و عدم قدرة المربّي على القيام بعمله على أحسن ما يرام ، و لا يضطرّ في الآخر غلأى البذل على قدّ المرتّب أو على قدّ الكساء يمدّ رجله. 3-تقوية الاقتصاد و تطويره و الملاءمة بينه و بين حاجات الشّعب ، و لا يكون ذلك إلّا بالقطاعين الفلاحيّ و الصّناعيّ و تعصيرهما و العدل الاجتماعيّ بين الجهات. 4-إحداث معهد لعلوم التّربية لتخريج أخصائيّين في الميدان التربويّ حتّى يضطلعوا بالتحليل العلمي المستمرّ للواقع التّربوي في البلاد من النّواحي السوسيولوجيّة و النّفسيّة و البيداغوجيّة. 5-الاتبعاد عن الطّريقة القروسطيّة القائمة على الكمّ لا على الكيف ، لأنّها لا تنجب سوى أذمغة كسيحة عاجزة عن التّفكير السّليم المبدع و الخلّاق. 6-تقييم المتعلّم على جهد بذله طيلة سنة كاملة لا على فرصة ظرفيّة محدودة في الزمان و المكان . و لئن كنت مقتنعا بأن المصلحة الوطنية تقتضي الحرص على المستوى المقبول في الامتحانات ، فإنّ من أوكد الواجبات تجاه أبنائنا ، أن نجعل الامتحانات تقوم على أكثر ما يمكن من الموضوعية و العدالة و هو ما لا يمكن تحقيقه إلّا بإجرائها كلّها في ظروف عادية مماثلة في نطاق المراقبة المستمرّة... و في ظلّ تواصل عدم إيجاد الحلّ النّاجع و عدم وجود منظّمات ديمقراطيّة يبقى الشباب عامّة و المتمدرس خاصّة لا يستطيعون أن يعبّروا في رحابها عن آرائهم و مواقفهم بكلّ حرّية حتى تبقى المدرسة معقلا للعلم و المعرفة ، لا مدجنة تتحفنا بأدمغة كسيحة و عاجزة ، و شباب نافر مهمّش منزوع الهويّة و الوطنيّة و الأمور الأخلاقيّة توّاقا إلى الجريمة محبّا للرّذيلة غير مبال بأي شيء مهما كانت العواقب. و ما رفع شعار:" تقرأ ولا ما تقراش، المستقبل ما فمّاش." إلا دليل واضح على صحّة ما تقول و قتل التّلميذ محمّد الرّزقي أمام باب الولاية (ولاية الكاف) من طرف ضابط شرطة ، شذرة عبرة لمن يريد الاعتبار. الرّزقي برايكي معلّم بمدرسة الرّبيبة -قلعة سنان 5ماي 1974
#رضا_كارم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فوضى الأسئلة و مشروع السّؤال
-
امرأة مهمّشة ،إنسان مستعبد
-
بورقيبة التاريخي لا بورقيبة المفبرك في معامل الإديولوجيا
-
الجبهة الشّعبيّة بحاجة إلى -فضيلة القتل- أو عليها انتظار-رذي
...
-
المثلّث الخبري المعرفيّ : من يملك الحقيقة يسيطر على التّاريخ
...
-
23أكتوبر في مقاهي الهزيمة القرار، و الهزيمة المختارة
-
العشرون من مارس 56: بنود -استقلال دولة- أو شرعنة احتلالها؟من
...
-
لماذا هي كتابات أخرى؟ و لماذا يعلو الصّوت؟
-
التوافقات الطّبقيّة تشكيل من خارج دائرة الحرمان لموجبات عناص
...
-
لكن الكاميرا سقطت
-
المعركة عميقا ، الصّراع متواريا ، المقاومة هناك أيضا
-
17 ديسمبر يا 20 فبراير:معركتنا واحدة يا جماهير التغيير اللاط
...
-
فري كربول، فري عبد المجيد الشرفي
-
أيّ مشروع لأيّة صيرورة؟
-
ما معنى العمل بين الجماهير لتحريضها و تحريرها؟
-
الأول من ماي: ذاكرة الحرّية.
-
إرهابي بقناع قاض، إرهابي بمهنة بوليس
-
ثم صاح بأعلى صوته: حرّية، حرّية ،حرّية
-
الخبز و الماء أو نشيد الجوعى في محفل المقاومة.
-
السّياق و أزمة التّغيير
المزيد.....
-
أحمد الشرع يتعهد بتحقيق السلم الأهلي وإتمام وحدة الأراضي الس
...
-
إطلاق سراح ثماني رهائن إسرائيليين وتايلانديين من غزة، مقابل
...
-
ترامب حول إمكانية قبول مصر والأردن فلسطينيين من غزة: قدمنا ل
...
-
بيسكوف: لا اتصال بين بوتين وترامب بشأن حادث تحطم الطائرة في
...
-
القائد -الظل-.. من هو محمد الضيف؟ وما هي أبرز محطات حياته؟
-
إقبال كبير على المنتجات الروسية.. روسيا تشارك في معرض ليبيا
...
-
مبعوث ترامب: إعادة إعمار غزة قد تستغرق 10 إلى 15 عاما
-
الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة أم روابة بشمال كردفان
-
تقرير يكشف معلومة -غريبة- عن حادث مطار رونالد ريغان الكارثي
...
-
-الشبح- الذي طاردته إسرائيل لعقود.. من هو محمد الضيف؟
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|