|
مجتمع الذباب / مسودات - مركز البحوث العلمية
جوان خليل عكاش
الحوار المتمدن-العدد: 4933 - 2015 / 9 / 22 - 16:28
المحور:
الادب والفن
الجناح الأول كان مخصصاً لجهاز علاجيم الثورة ومكنة حقن الأذرع البعثية، وقد خصص هذا المختبر لحل قضايا ضعيفي الولاء وكشف أصحاب العيب الوراثي من المصابين بمتلازمة الصرخات الاعتراضية، الأجهزة التي تم التعاقد عليها مع القادة العسكريين في كوريا الشمالية وصلت مع مطلع السبعينات لكن ضعف الكادر العلمي أعاق توسع الأبحاث لعدة سنوات، الطائرات العملاقة التي أعادت المتعاقدين مع جهاز المخابرات العامة أعطت المشروع المجنون لرفعت الأسد دفعاً نحو المرحلة العملية، فالآلاف الذين تم اتهامهم بالصراخ اللاإرادي نقلوا على عجل إلى دحبل وهناك شكلت أجسادهم وادمغتهم المادة الواسعة للتدريب دون أية مخاوف من المسؤولية القانونية، فالمحاكم الميدانية قد حكمت عليهم بإسقاط الصفة البشرية والمسخ المؤبد. بمجرد وصول المحولين إلى مركز دحبل تم التركيز على تحطيم كل حقائبهم على رؤوسهم، وحشر القبضات الصلبة في أفواههم، ومن ثم تم وضعهم في البرادات التي تتيح التجميد المؤقت لدمائهم وخفض سوية الدورة الدموية في رؤوسهم، سمير توركو كان أول الواصلين برفقة رغيد الططري، ولذكائهما الغريب تم تكليفهما بإدارة القسم الخاص باستبدال رؤوس الذباب وتبادل الأجساد.
رغيد بدأ بأول تجاربه على ذبابتين تطوعتا من الفرقة الحزبية لمنبج حيث أدار دياب الماشي آلاف الشبكات من سفهاء المنطقة الشرقية، الذبابتان الزرقاوان كانتا قد تطوعتا في البداية في فرقة الرجم لزناة الفلسفة الليبرالية، من بين تلك الفرق من المتطوعين تم اختيارُ النُخبة الساقطة لتطبيق الدراسات الفكرية والعصبية التي ركزَّت على الجينات والبنية العصبية، وقد أعدّت شعبة المخابرات العسكرية تقريراً قاد القيادة الفطرية إلى جملةٍ من الاقتراحات بنشر سلالة مهجنة من فطر العفن الأسود لتندمج مع حركة المد على سواحل اللاذقية.
أرسلت أولى البعثات من خريجي دورات القفز المظلي إلى ريف الحسكة، 500 رجل وامرأة من عميان البعث جمعوا على أولى ساعات الفجر، عراةً إلا من حمالات الصدر، ووضع الفطر داخل المهبل وحقنت به الخصى، وبعد جرعةٍ مركزة من عصير الجنسنغ المخلوط ببول البعير، مارس الجميع الجنس عشوائياً، كل النسوة فقدن الحياة بأشنع طريقة، ففي اليوم الأربعين من الحمل كست اسنانهن ألواحٌ عاكسةٌ من الفضة وسقطت أصابعهن بعد يومين، انتفخت أرحامهن حتى سدت البلعوم والحنجرة.
وصل رفعت الأسد على رأس قوةٍ من ثلاثمائة رجلٍ، رددوا شعر الأطفال في زرائب العلجوم الحزين: "أطرى من الصخر فانكحه"، وعلى رتلٍ أحادي حملوا النساء إلى المروحيات التي انطلقت عبر الصحراء الشاسعة، فوق كل مدينة ألقي بكل سبعٍ سوياً، المسافة بين المساء والأرض منحتهن الفرصة للاندماج في امرأة مهولة، شهقت كل الهواء وأخرجته من قفاها دفعةً واحدة فاحمرت الغيوم، وانقلبت الشمس لتشرق من الغرب، القارات الصغيرة ابتلعتها الريح العاتية، أما الضائعة أطلنتس فقد نهض من ركامها آلاف الهياكل العظمية وبدأت تقتلع عظامها وتطحنها تحت ضربات حجارة الصوان باحثةً عن الكره الذي غزاها بعد مئات السنين من الموت المريح.
الزلزال الذي ضجت به سوريا لم يكن وليد بطن الأرض بل كان ارتجاجا من السماء التي انكمشت على نفسها من الرائحة الزرقاء التي رافقت تبعثر العفن الوليد على كل الأرض السورية، أذاع التلفزيون الرسمي نبأ الإعصار القادم من باطن الأرض وطالب المواطنين بالاحتماء حول تماثيل الأب الكبير، نمت التماثيل التي ملأت كل ساحات ومبانِ المدن وتضخمت رؤوسها لتأخذ حجم يقطينٍ من قصص الغيلان، الآلاف الذين هربوا إلى الحدائق العامة أصابتهم غفوةٌ أقصر من رمشة العين، لينهض الجميع على طباع الذباب الذي أصبح فيما بعد الدين الرسمي لجمهورية الذباب.
أعراض التسمم بالعفن بدأت في وزارة النفط التي تحولت إلى وكالة تمويلٍ للبحث البعثي، وقد شهد العديد من الناجين كيف قفز الموظفون من النوافذ، وكيف أدخلت امرأةٌ كامل عمود الإنارة في فرجها لتمنع الحمل الناشئ في وجهها من الوصول إلى رحمها، بقي رأسها حياً لعامٍ كامل وهو يردد أغانٍ بلغة حان وقان، أما الشحاذ الذي كان يعد كل يومٍ قطرات الديزل التي تنتهي في سويسرا فقد ترجم كلماتها إلى لهجة سكان العامرية وأطلق النار على رأسه بعد أن صمتت كل الرؤوس المعلقة في ساحة باب الفرج والمرجة.
البعثة اليابانية التي كانت تنقب عن النفط في ريف الحسكة وجدت بقايا من النساء المتفجرات، أما الأُخطبوط الكبير الذي شوهد بالمكشاف الحراري فقد دوَّن عنه رئيس البعثة في برقيته الأخيرة: "نمت له عشرون مليون ذراعاً اجتمعت كلها في رأسٍ من البازلت، إنه يأكل بنهمٍ من السائل الشوكي لضحاياه، الأنابيب الشفافة التي تضخ الماء الأصفر إلى الراس تشف عن قطعٍ من الأدمغة وبعض الخصى بالإضافة إلى أن ما يخيف أن شكل المبيضين وارتفاع البروجسترون ينذران بأن هذا الكائن على وشك الولادة، ليرحمنا الله أغلقت كل النوافذ وصببت الغرفة وجدرانها بالفولاذ، أفضل الموت على أن أصاب بعدوى البعث أو أن ينكح دماغي إخطبوط السوريين".
#جوان_خليل_عكاش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حالات تقمص – تلال
-
فنتازيا السجن الانفرادي – أشبار وأصابع
-
فنتازيا السجن الانفرادي - تروتسكي
-
حالات تَقَمُص – كائنات الشواش*
-
حالات تَقَمُص – فتحة وكسرة
-
فنتازيا السجن الانفرادي – كوزيت
-
دروس رهبنة – الاصحاح السابع
-
فنتازيا السجن الإنفرادي - احتلام صديدي
-
فنتازيا السجن الإنفرادي - أرواح طائشة
-
فنتازيا السجن الانفرادي - مهبل أفروديت
-
فنتازيا السجن الانفرادي - مساحة الشرق
-
فنتازيا السجن الانفرادي - الحلم الراقص
-
فنتازيا السجن الانفرادي
-
اللغم اليوناني ...يبتر حلم السوريين نحو أوروبا
-
د . ماريا كاللي: العالم تعامل مع المآسي البشرية كنوع من البز
...
-
أوهام حرية الخلافة -على نهج مهدي عامل-
-
سجن حلب المركزي : سجناء الرأي والسجناء السياسيون - من حقنا ا
...
-
غاليسيا ... كاتالونيا .... الباسك- للخوف والعزلة فيلقٌ في أو
...
المزيد.....
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
-
تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر
...
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
-
-المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية
...
-
أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد
...
-
الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين
...
-
-لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
-
انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
-
مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|