طلال ابو شاويش
الحوار المتمدن-العدد: 4931 - 2015 / 9 / 20 - 22:27
المحور:
الادب والفن
لا قداسة مطلقة للمقاومة !!
ما أن يحاول أحدٌ إبداء رأيه في قضية ما ، أو انتقاد أي حدث أو موقف ، حتى يشهرون في وجهه مفردة المقاومة ، ويكيلون له الاتهامات بالتخاذل والانبطاح ومحاولة المساس بمكانة المقاومة وقدسيتها !
مخطئ من يعتقد أن للمقاومة قداسة مطلقة ... ومن يسقط في وحل هذه الخرافة ، عليه التأمل قليلاً في معظم النماذج والتجارب التاريخية في مختلف أصقاع الأرض !
فكم من حركة مقاومة ، ضربتها الإزاحات الدراماتيكية وانزلقت وهوت ليصبح مكانها على قارعة التاريخ بعد أن تخلت عن برامجها وحاضنتها وجمهورها ، وارتبطت مصالحها بجهات إقليمية أو دولية معادية لمصالح شعوبها المقهورة ؟!!!
وفي حالتنا الفلسطينية الفريدة ، والتي تزداد تعقيداً حقبة بعد أخرى ، دفع الفلسطينيون أثماناً باهظة مقابل احتضانهم لمشروع المقاومة ... غير أن الواقع الراهن بعد الانقسام البغيض راح يخلق تناقضات وتعارضات خطيرة بين المقاومة وجمهورها خصوصا بعد أن أصبحت خيارات المقاومة وممثلوها لا تنسجم مع خيارات حاضنتها الشعبية سواء أكان ذلك في قرار المواجهة والحرب أو في قرار السلم والتعاطي مع المشاريع السياسية ... ففي الحالتين تصبح المقاومة في واد وشعبها في وادٍ آخر !
ووسط هذا الشقاق تنمو طفيليات النفاق وتكبر وتتمدد لتصيب قلب المجتمع وعقله ... وتصاب التركيبة المجتمعية بالأزمات والأمراض الخطيرة ويتوحش الفساد ويتغول الفاسدون ... ووسط هذا المشهد / الموزاييك المضطرب نستطيع أن نرى وبوضوح شعباً حائراً خائفاً يمجد المقاومة ويهتف لها في العلن ، وفي داخله تعوي ذئاب الحقد والنقمة عليها وعلى نهجها وعلى قادتها أيضاً !
فالمقاومة هي حالة وطنية أصيلة ذات ثقافة عميقة وقيم نبيلة ... المقاومة هي أن تتصرف بطريقة تدفع الناس لحبك واحتضانك وأن تقدم نماذج التضحية والإيثار في كل شيء ، لتهيئ الجماهير معنوياً لدفع ثمن احتضانها لها طواعيةً وبإرادة حقيقية صادقة وليست مكرهة أو مجبرة لانعدام الخيارات ...
المقاومة هي نهج حياة يعلي قيمة العدالة ويضرب بقوة كل أشكال الفساد والإفساد دون تردد ... وليس تكريساً لنظام الحزب الواحد بالقوة المسلحة التي تتحول تدريجياً نحو النظم الفاشية ...
نعم .. لا قداسة مطلقة للمقاومة إن نزل فرسانها للشوارع لقمع تحركات جمهورها الساعي – سلمياً – لتحقيق قضايا مطلبية مشروعة !!!
#طلال_ابو_شاويش (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟