أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ماجد الحيدر - داء المحاضرين مصطلح جديد لمرض قديم















المزيد.....

داء المحاضرين مصطلح جديد لمرض قديم


ماجد الحيدر
شاعر وقاص ومترجم

(Majid Alhydar)


الحوار المتمدن-العدد: 4931 - 2015 / 9 / 20 - 16:09
المحور: كتابات ساخرة
    


أمة تضحك الأمم
داء المحاضرين: مصطلح جديد لمرض قديم
ماجد الحيدر


هل سمعتم بمرضٍ اسمه داء المحاضرين Lecturers disease؟

إنه مرض قديم، قديم جدا كما سيتبين لكم أيها السادة عندما تراجعون صفاته وأعراضه التي سأذكرها لحضراتكم، لكن الغريب أنه لم يجر سابقا، على حد علمي، التطرق اليه باعتباره كيانا مرضيا محددا ومستقلا أو كما يسميه سادتنا المتخصصون (disease entity) .
ولهذا فقد تبرعت (مشكورا طبعا( بوضع هذا المصطلح الطبي الذي ينزل السوق لأول مرة راجيا من الجميع الالتزام بأخلاقيات التعامل مع هذه الحالات والاحتفاظ لشخصي المتواضع بالعلامة التجارية وذلك بتسميته (الحيدر دزيز - (Alhydar disease أسوة بالكثير ممن لم يحظوا بالمجد والخلود إلا عن طريق الصاق أسمائهم الكريمة ببعض الأمراض والعلل الجسيمة مثل المرحوم الألماني ألزهايمر (Alzheimer) الذي ما زال خالداً بيننا ، برغم موته قبل مائة عام بالضبط، فما أن يذكر اسمه حتى نتذكر داء الخرف المبكر؛ والمرحوم باركنسون الإنكليزي (Parkinson)صاحب الماركة التجارية لمرض الشلل الرعاشي؛ والمرحوم الإنكليزي طبعا داون (Down) الذي سبق العالمين الى وصف متلازمة داون التي تعرف عند الشعوب المهذبة التي تحترم مشاعر الآخرين مثل شعبنا بداء المنغوليين!

علامات المرض:

ينبغي أن ننبه قبل كل شيء الى أن اسم المرض لا يعني ان يكون المصاب به استاذا او ان يكون قد وقف يوما موقف المحاضر، لكنه يعني أنه يتقمص شخصية المحاضر لا غير.
تبدأ علامات المرض في مراحل مبكرة من العمر لأسباب عديدة منها الاستعداد الوراثي؛ ومنها الجو الاجتماعي الذي يسهل فيه التفيقه ولا يستوي فيه الذين يعلمون والذين لا يعلمون (بغلبة الأخيرين بالطبع!) علاوة على الجو الأسري الذي تكثر فيه عبارة (إنجب) الخالدة للرد على أي طفل يحاول التعبير عن رأيه؛ أو ربما نتيجة تأثر مبالغ به بشخصية ذات طبيعة كارزمية قد تكون الأب أو المعلم أو القائد السياسي الخ.
المصاب بهذا الداء يتخيل العالم برمته قاعة كبيرة للدرس يقف هو على دكتها فيما يجلس الناس جميعا بين يديه مثل طلبة مجدّين حبّابين يصغون بإعجاب الى الدرر والنفائس التي تتناثر من فمه الكريم.
إنه يتصور نفسه حكيماً من حكماء القرون الوسطى الملمين بكل علوم عصرهم من لغة ونقد وتاريخ وحديث وفقه وفلسفة وكيمياء وطب وتنجيم (يعني بكل عزه لطام) .
إنه لا يكاد يطيق صبرا اذا سمع اثنين يتحدثان في موضوع ما، فيقتحم الحديث في بسالة عز نظيرها، ويا ليته لجأ في هذا الى أسلوب معهود عند أهل الظرف والكياسة. كلا، إنه يدخل الموضوع دون استئذان فيخطئ كل الاطراف وبنظرة ساخرة متعالية يتفضل بشرح نظرياته العظيمة حول كل شيء. وهو يتصور تشبيهاته السمجة ونكاته المكررة روائع خالدات وينزعج كثيرا لان من حوله لا يحملون اوراقا وليفكسات وكامرات يسجلون فيه كلماته وحركاته وسكناته وعطساته و..
إنه يتخيل نفسه غوغلاً يمشي على قدمين. لديه في مخه هوائي يلتقط أية علامة استفهام في نطاق يقدر العلماء نصف قطره من 13 الى 26 مترا (حسب شدة المرض)
من أشهر المصابين به في العصر الحديث صدام حسين، القذافي، أبو مـ.(وهو فلاح ربع مثقف تعرفت عليه في التسعينات وكان يحلو له ابتكار جمل تخلب ألباب أثمان المثقفين مثل التشيؤ الوجودي في خضم الصراع الطبقي، ثم وزير خارجية إحدى دول الشرق الأوسط (لن أقول اسمه).
ولا يفوتني أن أذكر على سبيل المثال حالة أحد أصدقائي السابقين؛ فقد كان يمتاز بطريقة فذة وهي أن لا يتدخل مباشرة بل يظل صامتاً أو يعبث بشواربه وهو يبتسم ابتسامة رثاء أو احتقار تستفز المقابل وتجبره أحياناً على إخلاء ساحة الحديث أمامه ليبدأ بإحدى المقدمات التقليدية: ولو آني حالف ما أتدخل بهيجي مواضيع. أو : إنتو كلكم متوهمين. وعندما ينتهي يلقي من جديد نظرته تلك ولسان حاله يقول والله انتو خطية اشكنتو تسوون لو مو اني؟! او يطلق حسرة كبيرة وكأنه يقول: الهي، لماذا ابتليتني بالعيش بين هؤلاء الحمير؟
وكانت جرأته على اقحام نفسه في كل المواضيع تدهشني وتعقد لساني: كان يعتقد مثلا ان شهادته في طب الاذن اليمنى تتيح له ان يتفضل علينا بالقول الفصل في آفاق النزاع العرقي في جمهورية الكونغو الديمقراطية، أو أن الماجستير التي يحملها أخوه في هندسة النفط تجعله خبيرا لا غنى عن آرائه عند الحديث عن تاريخ الكنيسة الانجليكانية، أو أن الشهادة التي حصل عليها ابن عمه المعمم في موضوع غسل الجنابة يستطيع أن يخرس بها أي مختص في الإضاءة السينمائية!
أما السياسة فيا ويلك وسواد ليلك إن كتبت تعليقا محايدا أو إشارة عرضية الى رأي ما: إنه لينصب كالبركان الهادر فيقذف عليك حممه ويسفه آراءك جملة وتفصيلا حتى لو لم تكن غير صورة أبديت إعجابك بها في الفيسبوك لطفل يبيع حب الشمس!

العلاج
من الملاحظ ان المصاب بهذا المرض لا يشعر بمرضه بل ينكر إصابته به من الأساس وهذا ما يزيد من صعوبة اقناعه بالعلاج وجدواه. هناك عدة ستراتيجيات للعلاج جميعها في طور التطوير والتجريب وهي:
-تركه لحاله (في الحالات الميؤوس منها)
-ربطه الى شباك العباس أو أي ضريح مقدس تستطيع الوصول اليه.
-السماح له بالتنفيس عن رغبته الجامحة بإلقاء المحاضرات وذلك بأن نخصص له قاعه مناسبة واقناع عدد من المتطوعين (يفضل أن يكونوا هم أيضا من المصابين) بالحضور والانتباه العميق والتأثر البالغ بما يقول ولا مانع بمقاطعته عدة مرات بالتصفيق. هذا الاسلوب يسمى بأسلوب (الرزّة المزدوجة) ويمكن تكراره مرة في الاسبوع او مرة في الشهر حسب شدة الحالة.
-تشجيعه على أن يكون (أدمن) لصفحة أو مجموعة انترنيتية تختص بالأسئلة والأجوبة حول كل شيء ويفضل أن يكون اسمها شكو ماكو.
-كخيار أخير (إن لم تنجح هذه الطرق) فإن علينا اللجوء الى طريقة (رعد الفضاء) وهي طريقة مضمونة لكنها مكلفة وله آثار جانبية لا على المصاب ولكن على الخلق الآخرين وتتلخص بتعيينه نائبا في البرلمان أو وزيراً للخارجية او محللا سياسيا على أقل تقدير.
والله المشافي المعافي!

الكلمة معناها:
*إنجب (بالجيم الثلاثية) وتعني إخرس ولا تفتح فمك وربما كانت مشتقة من الإنكباب على الوجه!
*ليفكس (بالفاء المثلثة) حافظة للورق كنا نستعملها أيام الدراسة الجامعية لحفظ أوراق المحاضرات التي يمليها علينا أساتذتنا قبل ظهور الوسائل الرقمية للإملاء والاستملاء.
* شكو ماكو: عبارة عراقية عجيبة للسؤال عن كل شيء في الدنيا تقابلها بالكردية (جِ هه يه ج نينه) والتركمانية (نَوَر نَيوخت) ولا يوجد ما يقابلها في أغلب لغات العالم، ويقال أنها من أسباب انهيار موقع غوغل!



#ماجد_الحيدر (هاشتاغ)       Majid_Alhydar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من قال إن مزبلة التاريخ ليس فيها مكان للشعراء
- من الأدب الكردي المعاصر-مرحى ولعنات- قصيدة للشاعر هزرفان
- بانتظار آلة الزمن التي ستعري كل شيء
- أمة أضحكت الأمم-بين شعارات تظاهراتنا وشعارات المقامة الساسان ...
- من الأدب الساخر-المقامة الدرنفيسية
- من شعر كارل ماركس - عازف الكمان
- من الأدب الكردي المعاصر - ضجر - قصة قصيرة لصبيح محمد حسن
- بوسترات شعرية - شعر دلبرين هالو - ترجمة ماجد الحيدر
- بشراك كردستان.. سأفوز بعرب آيدول
- أنا والناس والمدينة - شعر بدرخان السندي ترجمة ماجد الحيدر
- داعش وآذان داعش - شعر مؤيد طيب - ترجمة ماجد الحيدر
- الفخ - قصة قصيرة كردية بقلم عصمت محمد بدل
- من الأدب الكردي المعاصر- خورشيد الكاتب - قصة قصيرة لعبد الخا ...
- من الأدب الكردي المعاصر - حسن ابراهيم - التاج الذهبي- قصة قص ...
- من الأدب الكردي المعاصر - محسن عبد الرحمن -قصتان قصيرتان جدا
- عن البطل العاري وبندقيتيه - قراءة في رواية عبد الكريم يحيى ( ...
- زبيب - قصة قصيرة من الأدب الكردي
- لوي ماكنيس - قصيدة شمس الحديقة
- ثمة دائماً حرب قبل أخيرة - شعر ماجد الحيدر
- من الأدب الكردي- مكالمة هاتفية - قصة قصيرة


المزيد.....




- مخرج يدافع عن فيلم كتبه الذكاء الاصطناعي بعد رفض عرضه
- تحديث:قصيدة مهداة الى النقاومة الفلسطينية ،بعنوان(صديقى المق ...
- الغاوون ،قصيدة مهداة الى النقاومة الفلسطينية ،بعنوان(صديقى ا ...
- الفنانة كندة علوش تكشف عن مبادرة إنسانية من النجم محمد صلاح ...
- الفنانة كندة علوش تكشف عن مبادرة إنسانية من النجم محمد صلاح ...
- حاول الاستعمار طمسها.. هل تستعيد اللغة العربية مكانتها في غر ...
- “المؤسس عثمان Kurulus Osman الموسم 6” موعد عرض مسلسل قيامة ع ...
- إذاعة أولى حلقات مسلسل محمد الفاتح الموسم الثاني مترجمة للعر ...
- شاومينج بيغشش.. تسريب امتحان اللغة الأجنبية الثانية ثانوية ع ...
- تابع HD.. أحداث مسلسل قيامة عثمان الحلقة 165 مترجمة للعربية ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ماجد الحيدر - داء المحاضرين مصطلح جديد لمرض قديم