ساكري البشير
الحوار المتمدن-العدد: 4928 - 2015 / 9 / 17 - 21:17
المحور:
الادب والفن
من يدري؟ لعل الصراخ نتيجة لعدة أسباب قد طغت على المجتمع منذ زمن، وترسخت في أذهاننا بقوة لتصبح عقيدة زيادة عن العقائد التي نعرفها، فالأب يصرخ والأم تصرخ، المعلم يصرخ وإمام المسجد يصرخ، والولد في الشارع يصرخ، والفتاة على الهاتف تصرخ، والبائع والمشتري، والفقير والغني، والفلاح والوزير والرئيس ، والإعلاميون كلهم يصرخون، بدون إستثناء ولا وتعب.
الصراخ عندهم عبادة، من لم يؤدها فقد ألغى فريضة من ديننا، لا تعب ولا عياء، الأب يصرخ لأنه لا يدرك بأن الصراخ في وجه إبنه إهانة، بل يثق بأنه في قمة التربية، والأم تصرخ لأنها لا تدرك بأن الصراخ إهانة، ظنا منها بأن الصراخ هو قمة الحنان والأمومة، والمعلم يصرخ لأنه لا يعلم بأن العلم وليد الحكمة، والحكمة لا تستلزم الصراخ بقدر الوعي والفهم ظنا منه بأن الصراع هو وسيلة لكسب العلم، وإمام المسجد يصرخ لأنه لا يعلم بأن الصراخ لا يأتي من وراءه ثمرة ولا تصل من خلاله رسالة ولا تقبل من ناحيته نصيحة ظنا منه بأنه يحرص على نقل تعاليم الإسلام للفلاح بدمعة صارخة، والولد يصرخ لأنه لا يعلم بأن للحوار أدب، ومن الأدب التعقل، ومن التعقل ألا يصرخ في وجه محاوره ظنا منه بأن الصراخ دليل وحجة، والفتاة تصرخ لأنها لا تعلم بأن الأنوثة تكمن في الصوت المنخفض حفاظا لحرمتها وحياءا ظنا منها بأن الصراخ يحفظ لها كرامتها ، والبائع يصرخ لأنه لا يدرك بأن الأرزاق مقسمة وأن للبيع فنون تمكنه من ربح زبائنه و و و...إلخ
في بلادي الصراخ عبادة!
الصراخ مولود فينا، ومنا أتى الصراخ للواقع، فكيف يمكن لنا أن نتجنبه و الجميع يصرخ بلا إستثناء، فمتى نتعلم أن الصراخ لا ينفع بقدر ما يضر...
متى نتعلم لغة الصمت؟
#ساكري_البشير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟